الأخبار

بيان الإخوان المسلمين

27

 

عند قراءة هذا المقال يوم الخميس 23 يناير 2014، نكون قد اقتربنا جدا من الاحتفال بذكرى ثورة 25 يناير الثالثة. وأتوقع أن تمر بخير كما مرت أيام الاستفتاء، رغم تهديدات التحالف من أجل الشرعية وغيره.

قرأت عند كتابة هذا المقال بيانا من الإخوان المسلمين بتاريخ الثلاثاء 21/1/2014 بعنوان: بيان من الإخوان المسلمين بمناسبة الذكرى الثالثة لثورة يناير العظيمة.

مقدمة البيان تقودنا إلى أن نقرأ فى فقرته الأولى، إشادة بالثورة العظيمة والشعب المصرى البطل. ولا يخفى على كل عاقل أن الإخوان لم ينزلوا الميدان رسميا إلا يوم 28 يناير، حتى إن شبابهم الذى نزل الميدان يوم 25 يناير تعرض للفصل من الجماعة أو على الأقل التعذير.

ويتحدث البيان عن الفترة الانتقالية فيقول: «وقع انقلاب عسكرى فاشى دموى يحكم بالإرهاب والنار، وأعاد البلاد لحالة أسوأ مما كانت عليه قبل ثورة 25 يناير 2011». طبعا لا يزال الإخوان ينظرون إلى أن ما حدث فى 30 يونيو 2013، كان انقلابا عسكريا فاشيا دمويا ويحكم الآن بالإرهاب والنار». قراءة خاطئة كالعادة.

هذه الرؤية ناتجة عن ضبابية، ومحاولة تضليل الشعب مرة أخرى، ولن يستمع إليهم الشعب ولا إلى تلك الرؤية الضبابية، بعد أن رأى منهم الشعب ما رأى، من عنف وتكفير على منصة رابعة وتحالف مع الإرهابيين، وهم الذين كانوا يدينون العنف من قبل.

يتحدث البيان كذلك عن مؤامرات دولية وإقليمية ومحلية استغلت الأخطاء التى وقع فيها جموع ثوار يناير. لا يريد الإخوان حتى اليوم أن يعترفوا بالأخطاء الكارثية التى أوقعتهم فيها قياداتهم العنيفة، التى تؤمن بالعمل السرى أكثر من العلنى حتى بعد ثورة 25 يناير العظيمة. قالوا فى البيان إنهم «أحسنوا الظن بالمجلس العسكرى». ولربما كان المجلس العسكرى هو الذى أحسن الظن بهم أو وقع تحت ضغط أمريكى حتى جاءوا إلى السلطة، فأساءوا، وهم فيها، إساءات بالغة لا تليق بثوار يناير ولا غيرهم. أين المؤامرات التى كشفوها للشعب؟

لا تزال لغة أو خطاب بيانات الإخوان تحمل هجوما وتشكيكا فى القضاء والإعلام الذى يصفونه بالكاذب «سحرة فرعون»، ونسوا أنهم كانوا يسيطرون على الإعلام القومى وكان عندهم وزير إعلام، ومستشار إعلامى للرئيس المعزول، لم يفعلوا شيئا يذكر.

يزعمون فى البيان أن الشعب العظيم قاطع استفتاء الدم والخراب، ونسوا أن عدد ونسبة الذين احتشدوا فى الطوابير للإدلاء بأصواتهم كانوا أكبر عددا ونسبة من الاستفتاء السابق فى عهد «مرسى» على الدستور. خرج فى عهد «مرسى» 32% من مجموع الناخبين، وخرج فى هذا الاستفتاء -الذى يزعمون أن الشعب قاطعه- أكثر من 38% من مجموع الناخبين.

يتحدثون عن الفراعنة العسكريين المغامرين، ونسوا أن «مرسى» هو الذى اختار القيادة ووزير الدفاع وزعموا يومها أن الفريق السيسى من أسرة إخوانية، يشيرون بذلك إلى الإخوانى العظيم الحاج عباس السيسى، رحمه الله تعالى، وأين هؤلاء اليوم من الحاج عباس السيسى الذى كتب «الدعوة حب»، وكان دائم الابتسام والعمل للدعوة والتربية وليس للسلطة. الإخوان اليوم صدقوا ما قيل لهم فى رابعة من أحلام ورؤى رغم أن الإمام البنا يقول فى الأصل الثالث من «أصول الفهم العشرين»: «ولكن الإلهام والخواطر والكشف والرؤى ليست من أدلة الأحكام الشرعية، ولا تعتبر إلا بشرط عدم اصطدامها بأحكام الدين ونصوصه».

نسى هؤلاء المنتسبون إلى الإخوان -ظلماً وعدوانا- أن قطاعا عريضا من الشعب المصرى خرج ضدهم وضد سياساتهم الخرقاء وهم فى قمة السلطة، وذلك لأول مرة فى التاريخ، أى تاريخ الدعوة، منذ 85 سنة مضت وحتى اليوم.

وفى فقرة أخرى يدعون إلى استمرار الثورة، وقد دعوتهم لذلك فى 2011، مرارا وتكرارا فركزوا على البرلمان وتركوا الميدان. قلت لهم يومها، لو أن حسن البنا كان حياً لما وسعه إلا أن يأخذ بطانية ويذهب إلى الميدان يرشد التائه، ويناقش المستقبل مع الثوار، لا ينعزل عنهم أبدا، لأن الاستمرار فى الثورة ليس انتهازية ولا طمعا فى السلطة. يحلم الإخوان اليوم بعد حظر الجماعة واعتبار الجماعة جماعة إرهابية، بما يسمونه فى البيان، كسر الانقلاب ودحره، وأنا أقول لهم، إن لم تكونوا أدركتم، حتى الآن، أن 30 يونيو ثورة عظيمة قامت لتحقيق أهداف ثورة يناير التى هجرتموها فى الوقت الحرج جرياً وراء السلطة، فلن تجدوا مكانا فى السياسة بعد أن انحرفتم عن الدعوة الوسطية.

الشىء الوحيد الذى تمناه الشعب أنكم كنتم -كما تقولون عن المستقبل- أدرتم الوطن من خلال مشاركة حقيقية من كل أطياف الشعب لا تستثنى أحدا ولا تقصى أحدا ولا تحتكر الحقيقة، ولا تتحكم فى توزيع صكوك الوطنية بالهوى. ولكن هذا الشعب المؤمن يعلم أنه لا ينبغى أن يلدغ من جحر مرتين، ولن يثق فى دعوة من خدعوه بالوعود المعسولة، فلم يفوا بما وعدوا، خصوصا أنهم ساروا فى طريق المغالبة وليس المشاركة.

 

الوطن

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى