الأخبار

الموت يسبق التلاميذ إلى مدارسهم

46

“الدرس انتهى لموا الكراريس، بالدم اللي على ورقهم سال”.. كلمات منى الكثيرون أنفسهم أن يتناسوها، بمجرد انتهاء الحدث الأليم الذي كتبت فيه، إلا أن ذهن المصري يستحضر تلك الكلمات مرات ومرات، مع كل حادث يسيل خلاله دم لطفل بريء على أوراق كتبه، فتارة يذهب ضحية الدهس في الطريق أمام مدرسته، وأخرى يرسله صاعق كهربائي إلى أهله جثة هامدة.

“شهر الدماء على الورق”.. لقب ربما يليق بـ”مارس”، الذي شهد انفطار قلوب عشرات الأسر المصرية بمحافظات مختلفة حزنا على أبنائها، فما إن حل صباح يومه السابع، حتى كانت اللهفة والصراخ عنوانا لـ14 منزلا بمحافظة أسيوط، علموا بنبأ انقلاب أتوبيس يحمل صغارهم إلى روضتهم، وما هي إلا دقائق حتى تبين أن الحادث وقع بسبب قيادة السائق للأتوبيس بسرعة جنونية، أدت لعدم تحكمه في عجلة القيادة واصطدامه بسيارة أخرى، ما أسفر عن مصرع طفل لم يكمل عامه الخامس، وإصابة 13 من زملائه.

لم يمض أسبوعان على حادث “أسيوط”، حتى تسلمت الدقهلية شارة نعي التلاميذ، فها هي الصورة تنتقل إلى التلميذ “إياد أمير السعيد”، يحمل حقيبته الممتلئة بكتبه التي صاحبته طوال يوم طويل من الدراسة، يخرج من مدرسته قبل ثوان من عبوره لطريق قري من منزله، ليصطدم بسيارة تحوله في لحظات إلى أشلاء متناثرة على الطريق، الذي طالما شهد الموتى والإصابات بسبب ذلك النوع من الحوادث، لتجاهل بناء مطب صناعي يقي العابرين من الدهس تحت عجلات السيارات.

“رحمة”.. كان لها نصيب وافر من اسمها، فربما كانت رحمة الله أحن على التلميذة “رحمة محمود جمال”، التي لم تكمل عامها الثالث عشر، بعد أن سقطت صريعة أمام مدرستها إثر سقوط سلك كهربائي عار صعقها في الحال، في أثناء خروجها من مدرسة الشهيد محمد عبدالرؤوف الابتدائية بسوهاج، ما أدى لتفجير بركان غضب في قلوب أهالي المحافظة، وتوجيهم اتهامات لوزارة الكهرباء بالإهمال، لترد الوزارة بأن “ديك رومي” هو سبب وفاة التلميذة، بعد قفزه على السلك الكهربائي وإسقاطه، ليتحرك محافظ سوهاج أخيرا ويزور مدرسة التلميذة الراحلة، ويطلب تقريرا مفصلا عن الحادث.

أمل جودة، المحامية والمدربة في مجال دعم حقوق الطفل، حمّلت جهات مختلفة مسؤولية وقوع الكوارث بحق الأطفال من التلاميذ، مؤكدة أن الأسرة عليها دور مهم لا بد منه، لمنع وقوع الحوادث، لأنه ليس من المنطقي ترك طفل يخرج وحيدا من مدرسته، ويتعرض لعبور الطريق والموت دهسا، لعدم وجود أحد من أسرته معه أو علمه بموعد خروجه من المدرسة لاصطحابه لمنزله.

الجهة الثانية التي ينبغي أن تتعرض للمحاسبة بشكل حاسم لتجنب وقوع مثل تلك الحوادث، هم سائقو أتوبيسات المدارس بحسب “جودة”، لافتة إلى أنهم يقودون سياراتهم بسرعة فائقة، تتسبب في وفاة عدد كبير من الأطفال، مشددة على أن السبب وراء تكرار الظاهرة، هو ارتياح السائقين لعدم وجود العقاب الحقيقي حيال ما يقترفونه من أخطاء قاتلة.

المحامية في مجال دعم حقوق الطفل، أشارت إلى أن هيئة الأبنية التعليمية طرف أصيل في فقدان المزيد من الضحايا من التلاميذ، لأنها المسؤولة عن تأمين المدارس والمباني المحيطة بها من الخارج، ومراجعة أوضاع أعمدة الكهرباء في محيط المدرسة تجنبا لوفاة تلميذة صعقا، مؤكدة أن الإهمال أدى إلى وفاة طالبة بسبب سقوط باب مدرستها عليها من قبل.

تفعيل “لجان الحماية”، المنصوص عليها في البند الثامن من القانون 126 لسنة 2008، الخاص بحقوق الطفل، سيؤدي لحلول حقيقة للعديد من مشكلات الأطفال من التلاميذ وغيرهم وفقا لـ”جودة”، لأن اللجان عبارة عن ممثلين من جميع الوزارات، و2 من أعضاء الجمعيات الأهلية المعنية بحقوق الطفل، ما يترتب عليه حل كافة المشكلات الخاصة بالطفل لدى جميع الوزارات والجهات الحكومية، موضحا أن اللجان كانت قاب قوسين أو أدنى من التفعيل في العام 2010، وتعطلت بسبب ثورة يناير.

الوطن

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى