الأخبار

الحل العسكرى فى أزمة سد النهضة

85

ما بين تفاصيل المشهد المرتبك فى الشرق الأوسط، فى ظل أزمة مكتملة الأركان بين السعودية وإيران، يبقى موقف مصر واضحاً، يحسمه وزير الخارجية السفير سامح شكرى بالتأكيد على أنه لا يمكن أصلاً أن يتم طرح الفكرة عن موقف القاهرة الواضح من مساندة الدول العربية.

والحديث مع «شكرى» يأتى هذه المرة مختلفاً، جزء من الاختلاف أنه يأتى مع أول زيارة لدولة خارجية بعد اكتمال خارطة الطريق، وبدء جلسات البرلمان، وهو ما استغله «شكرى» جيداً فى لقاءاته بدوائر صنع القرار فى ألمانيا، والوزارات المهمة فى التعاون المصرى الألمانى، وجزء يتعلق بكونه يأتى بعد سلسلة اتصالات مصرية ترتبط بالموقف فى الشرق الأوسط، عادت فيها مصر إلى مشهد اللاعب القوى فى المنطقة.

وزير الخارجية لـ«الوطن»: التحالف الإسلامى يناهض التطرف وليس ضد الشيعة.. و طهران تعلى النعرة الطائفية.. وتبادلنا الرسائل معهم وما وصلنا منهم يحمل تناقضاً

عن الزيارة لألمانيا، والموقف من الصراع بين الرياض وطهران، ومفاوضات سد النهضة، وحقيقة موقف السودان، ومستقبل العلاقة مع تركيا، تحدث وزير الخارجية سامح شكرى لـ«الوطن»..

وإلى نص الحديث:

■ نبدأ بالملف السعودى الإيرانى.. هل تسير الأمور نحو التهدئة أم التصعيد؟

– نحن نراقب الموقف ونتواصل مع شركائنا فى دول الخليج، الإمارات والبحرين باعتبارهما من الدول المتأثرة بالتدخلات الإيرانية خلال المرحلة الماضية، وبينها بالطبع الاعتداء على السفارة السعودية وما تبعها من مواقف كرد فعل، عموماً المؤشرات ليست فى درجة تجعلنا مطمئنين إلى أن المنحنى يسير نحو التهدئة، لكن سياستنا دائماً هى العمل على احتواء الأزمات والعمل من خلال الحوار والتوصل إلى ما يحقق المصلحة العربية، وبالتأكيد التهدئة لا تأتى على حساب المصلحة العربية، إنما تأتى بتفاهمات لتصحيح أوضاع استمرت لزمن طويل وكان لها آثارها غير الإيجابية والمدمرة فى بعض الأحيان إذا ما نظرنا إلى المشهد فى سوريا أو اليمن.

■ هل ترى أن جزءاً من التوتر انعكاس لعدم اطمئنان السعودية للاتفاق الأمريكى الإيرانى؟

– الموقف السعودى تطور بالنسبة لهذا الاتفاق، كان أكثر سلبية فى البداية وبعد التطمينات والاجتماعات التى عقدت على مستوى رفيع فى كامب ديفيد، تحول الموقف السعودى، وأصبح أكثر قبولاً، لكن طبعاً تطورات المشهد الإقليمى بصفة عامة ومن الاتفاق النووى وتقييمه ومراحل تنفيذه، والأحداث المرتبطة بالانقضاض على الشرعية فى اليمن، والتعقيدات الخاصة فى سوريا وتصاعد التوتر، والضغوط التى تمارس والتدخلات فى الشئون الداخلية للدول العربية ومحاولة فرض الإرادة والنفوذ، كلها أدت إلى هذه النقطة من التصعيد، وربما اتخاذ مواقف إيجابية فيما يتعلق بالاختلاف السياسى والنعرة الطائفية وهو من الأمور التى نؤكد على ضرورة الابتعاد عنها.

مصر تنأى بنفسها عن الدخول فى توترات عسكرية خلال هذه المرحلة.. وعضويتها فى مجلس الأمن تفرض عليها مسئولية الحفاظ على السلم والابتعاد عن الحلول العسكرية.. ونتداول المعلومات مع المبعوث الأمريكى بشأن سد النهضة ونحيط شركاءنا العرب بالتطورات

■ الطرفان وقعا فى نفس الخطأ؟

– بالطبع هناك طرف ادعى مسئوليته وحميته لطائفته لمجرد أن غالبية شعبه ينتمى لهذه الطائفة، لا بد أن نضع الأمور فى نصابها ونأخذ بالأسباب، وبالتأكيد هناك مسئولية واضحة تقع على الطرف المتدخل فى الشأن العربى.

■ البعض يرى أن «التحالف الإسلامى» تسبب فى إعلاء نعرة الطائفية؟

– لا، التحالف الإسلامى مناهض للتطرف، وحتى من يصور الأمر على أنه صراعات طائفية، فإن التنظيمات الإرهابية فى غالبيتها تنتمى، أو تدعى انتماءها، للطائفة السنية؛ فبالتالى هذا تحالف معظم أعضائه من الدول الإسلامية السنية التى تواجه محاولة التنظيمات الإرهابية أن تصور نفسها فى مظهر طائفى أو مذهبى وأنها المدافعة عن المصالح السنية لكنها فى نهاية الأمر كلها تنظيمات لها أهداف سياسية وتتخذ من عباءة الطائفية أو المذهبية غطاء لها لاستقطاب المؤيدين وطرح رؤية وتفسير مغلوط للدين الإسلامى.

■ لكنه ليس تحالفاً ضد الشيعة؟

– لا، بالتأكيد ليس تحالفاً ضد الشيعة.

■ لكن الكلام عن دوره الحاسم جاء بعد التأييد الباكستانى للموقف السعودى؟

– لا أعتقد أن هناك ربطاً مباشراً بين هذا التحالف والغرض الذى أنشئ من أجله، بالإضافة إلى أنه حتى الآن لم يتم بلورة التفاصيل، وتوزيع المهام بين الدول، فما زالت مبادرة نظرية، وعلى الدول المشاركة أن تصوغ إطار عمل مشترك فى كل جوانبه، وبالتأكيد حينما يتم تحديد المهام سيظهر أنها تقتصر على مقاومة التنظيمات الإرهابية وليس لها دور سياسى أوسع بقدر ما هو دور لمقاومة ظاهرة الإرهاب والمخاطر التى تتعرض لها دول التحالف.

■ وُجهت انتقادات لمصر بسبب تأخر إعلان موقفها.. فما طبيعة الدور المصرى حالياً، هل تتدخلون للتهدئة، وهل تتدخلون لدى السعودية فقط؟

– أكدت من قبل أن مصر ليست طرفاً وسيطاً بين طرف عربى وطرف غير عربى، مصر داعمة ومتضامنة مع أشقائها العرب ولا ترى أنها وسيط، لكن هذا لا يمنع، بحكم وزن مصر ودعمها لأشقائها، أن تعمل على صياغة موقف مشترك للدول العربية التى لها الأهداف نفسها والمصير نفسه، وهذا يتم وفقاً للتشاور مع أشقائنا فى دول الخليج والمملكة والتشاور مع أعضاء المجتمع الدولى والدول الفاعلة روسيا أمريكا ودول أوروبا الغربية، وقرار مجلس الجامعة العربية الذى صدر بتشكيل لجنة من مصر والأردن والمملكة والإمارات والبحرين لرسم الخطوات المقبلة وتحديد إطار العمل المشترك لمواجهة هذه الأزمة، فدورنا باعتراف وتقدير أشقائنا دور حيوى وسنستمر فى لعب الدور الذى نراه فى مصلحتنا المشتركة وفى مصلحة المنطقة.

■ لكن هل تؤيد مصر اتجاه التهدئة دون الإضرار بالمصلحة العربية؟

– الفكرة أنه ليس من المصلحة أن نستخلص توجهاً جديداً من خلال حماية الأمن العربى ومنع أى دولة من التدخلات وهذا هو المراد.. هدفنا أن تكون هناك علاقات جوار طبيعية دون أن يكون هناك اعتداء أو نفاذ إلى الساحة العربية من دول غير إقليمية فى المفهوم العربى تكون ضاغطة أو تحاول أن تكون موجهة للسياسات العربية بما يخدم مصالح هذه الدول على حساب مصالح الدول العربية.

ليس لدىّ علم بوجود مفاوضات «مصرية – تركية» ولم يطرَح الأمر خلال زيارتى للسعودية.. ولم يحدثنى أحد فى ألمانيا عن إدماج الإخوان أو قانون التظاهر

■ هل مصر يمكن أن تتحاور مع إيران حتى لو عبر وسيط فى هذه الأزمة؟

– مصر لديها مكتب رعاية مصالح فى طهران وقسم رعاية مصالح فى القاهرة ونلتقى مع وزير الخارجية الإيرانية فى المنتديات والمحافل الدولية وهناك دائماً مجال لفتح قنوات اتصال عند الحاجة لذلك.

■ هل تم فتح قنوات اتصال فى الأزمة الحالية؟

– هناك دائماً قدرة على هذا، ولدينا رسائل متبادلة تم تداولها فى هذا الشأن.

■ هل لمستم سعيهم للتهدئة أو استعدادهم لها؟

– هناك رسائل متناقضة أتت، وبالتالى من الصعب أن نحكم فى هذه المرحلة على حقيقة النيات، وعموماً نحن نقيم هذا الأمر.

■ السؤال الآن فى الشارع إلى أى مدى يمكن أن تتضامن مصر مع السعودية.. هل يمكن أن تدخل مصر هذه الحرب؟

– مصر دائماً تنأى عن الدخول فى التوترات أو العمل العسكرى فى هذه الآونة، وعضوية مصر فى مجلس الأمن تفرض عليها مسئولية للحفاظ على السلم والأمن العالمى والابتعاد عن الحلول العسكرية فى الأزمات السياسية، بالإضافة إلى أن مصر وقواتها المسلحة مهمتها الأساسية الدفاع عن الأراضى المصرية والسيادة المصرية ولا ننخرط فى مجازفات إلا إذا كان الأمن القومى المصرى مهدداً، لكن لكل تطور يحدث أسلوباً فى مواجهته، ونحن دائماً لا نسعى لاستباق الأحداث، أو الإيحاء باللجوء إلى منهج نحن نعمل بكل جهد إلى عدم بلوغه.

■ البعض بدأ يلمح إلى عبارة الرئيس «مسافة السكة» وأنها يمكن أن تؤدى إلى تضامن عسكرى مع السعودية؟

– «لكل تطور رد الفعل المناسب له»، لكن فى هذه المرحلة أستطيع أن أقول إن التضامن بالوجود كتكتل عربى موحد لديه من القدرات ما يردع الآخرين، نشكل تضامناً وتوافقنا كدول عربية لتحقيق مصالحنا واستعداد لإظهار هذا التضامن فى أشكال مختلفة سواء سياسية أو من خلال تكثيف التواصل والمشاركة فى قواتنا المسلحة، وهذا من ضمن الأهداف الرئيسية لـ«القوات العربية المشتركة»، وفى حد ذاته هو عمل يردع الآخرين ويجعلهم يحسبون حساباً دقيقاً لأى نوع من الاعتداء أو التفكير فى النفاذ إلى المصلحة العربية.

■ هل تتوقع أن تنتهى الأزمة بالتهدئة؟

– البوادر والتحركات فيها نبرة من التصعيد، وهناك استكمال لإطار متعدد متصل باجتماع منظمة التعاون الإسلامى المقبل للتضامن مع المملكة ودول الخليج، وتحركات فى إطار مجلس الأمن. لكن لا أريد التكهن فيما يتعلق بهذا، بقدر ما أؤكد العزم على احتواء الموقف دون التفريط فى الحقوق العربية.

■ ماذا عن سد النهضة؟ هناك كلام كثير حول المفاوضات الأخيرة، وقلق فى الشارع؟

– المفاوضات، كما هو الحال دائماً، بناء متأنٍّ يؤسس لعلاقة وتفاهم مشترك، وهذا لا يتم فى لحظة، إنما هو حصاد لمحطات مختلفة واختبارات مختلفة، وتقدير إلى أى مدى يمكن الخروج من التباين إلى التوافق، وهذا يتم تقييمه من خلال جميع مراحل التفاوض ومراحل اللقاءات وأيضا يؤثر فى مكونات أخرى، مكونات فى إطار العلاقة الثنائية، فى إطار تبادل المصالح، فى إطار العلاقات مع دول أخرى يكون لها إسهامها وتأثيرها، فالبناء ما زال قائماً وهناك اهتمام دائم بالإقرار بالمصلحة المصرية لكن ليس بأن تكون المصلحة المصرية أو المصرية السودانية على حساب مصلحة أخرى، هذا يؤدى إلى اختلال فى العلاقة، إنما الهدف أن يكون هناك دائماً تبادل فى المصالح متساوٍ متكافئ لا يهدر المصلحة المصرية فى حدها الأدنى ولا يتجنى على المصلحة السودانية أو الإثيوبية بأى شكل من الأشكال.

■ لماذا لم يتوقف البناء حتى تنتهى المفاوضات؟

– هذا قرار يرجع إلى إثيوبيا، الأمر يتعلق بالمشروع والارتباطات الخاصة بالشركة التى تنفذه والاحتياج الإثيوبى بالنفاذ فى الوقت الذى يحقق لها المصلحة ويوفر الطاقة الكهربائية التى تتولد عن السد وتصب فى مصلحة المواطن الإثيوبى.

■ مصر لم تطلب إيقاف البناء حتى انتهاء المفاوضات؟

– لم نطرح ذلك بشكل مباشر، إنما طُرح فى شكل غير مباشر، من حيث الاهتمام بأن يكون هناك احترام للدراسات خلال المراحلة المختلفة للدراسات، وهنا الأمر مرتبط بالمراحل والانتظار بالتوقيت الزمنى الخاص بصدور الدراسة.

الشك حول موقف السودان من المفاوضات أمر مؤسف.. وإثارتهم لقضية حلايب فى الأمم المتحدة تسجيل موقف.. ونحن أيضاً نسجل موقفنا بعمل مماثل.. وطرحنا على إثيوبيا بشكل غير مباشر وقف بناء سد النهضة لحين انتهاء المفاوضات.. والدراسات تنتهى أواخر 2016 بحد أقصى

■ هناك مخاوف من أنه بانتهاء المفاوضات يكتمل بناء السد؟

– هذا غير عملى بالنسبة لمراحل البناء والمشروع والحيز الزمنى الخاص بصدور الدراسة، الدراسة على حد أقصى مقدر لها أن تصدر فى 12 شهراً، ومن الممكن أن تنجز الشركة الشق الخاص بآثار المياه خلال 7 أو 8 أشهر.

■ هل تتحدثون مع الأمريكان فى هذا الأمر؟

– بالتأكيد هناك مبعوث أمريكى معنى بقضايا المياه والعلاقات فى القرن الأفريقى وهناك تداول واطلاع فيما بيننا بالنسبة لتقدير ورؤية كل بلد بالنسبة للأسلوب الأمثل فى تناول هذه القضية.

■ وهل هناك وساطات عربية أيضاً؟

– لا توجد وساطات عربية لكن هناك اهتماماً من مصر دائماً أن تحيط شركاءها وأشقاءها العرب بتطورات هذا الموضوع لأنه موضوع له أهميته، وبالتالى من الأهمية أيضاً أن تطلع الدول العربية على تطوراته لأن لها أيضاً علاقات ثنائية مع إثيوبيا والسودان تجعلها مهتمة بمصالحها فى دولة إثيوبيا وإلى أى مدى تتأثر هذه المصالح بمستوى العلاقة القائمة بين مصر وإثيوبيا والسودان.

■ هناك جدل كبير حول دور السودان هل هو مساند لمصر أم غير ذلك؟

– فى الحقيقة السودان دولة شقيقة تربطها بمصر علاقات خاصة مميزة، لا تربط أى دولتين ببعض حتى الدول العربية، ومن المؤسف حقاً أن نصل إلى مرحلة يكون هناك شك فى الموقف السودانى، السودان تدرك تماماً مصالح مصر وتدرك تماماً المصالح المصرية السودانية كدولتى مصب، وزير خارجية السودان حين التقى السيد الرئيس أكد أن السودان لا تقبل بأى شك أن تمس أو تضر مصر فى مواردها المائية، وأن السودان ملتزمة التزاماً مطلقاً بمعاهدة 59 فيما يتعلق بحصة مصر والسودان فى مياه النيل، وليس هناك أى مجال للتشكيك فى الموقف السودانى، وفى الوقت نفسه فإن السودان ليس بالضرورة أن يكون منظورها مطابقاً لموقف مصر، الاختلاف فى الطبيعة، السد بالنسبة لهم ربما لا يشكل الضرر نفسه الذى يشكله لنا، والاختلاف القائم بين موقفى مصر والسودان هو اختلاف واقعى يرجع لاختلاف طبيعة البلدين لكنه لا يعنى أن هناك أى نوع من عدم الاهتمام أو العمل الذى لا يصب فى التضامن المصرى السودانى.

■ بالتأكيد موضوع حلايب له تأثير؟

– وزير الخارجية السودانى فى زيارته للقاهرة كان واضحاً وطرح الأمر فى شكل به كثير من الموضوعية، ودون إثارة، عندما قال إن كل من هو مصرى يعتبر حلايب مصرية، وكل من هو سودانى يعتبر حلايب سودانية، والأمر سيتم حله فى الوقت المناسب بين البلدين فى إطار التعاون القائم بينهما، وإن الإجراءات التى تتخذ، تتخذ لتسجيل موقف، أى خطاب للأمم المتحدة الهدف منه تسجيل موقف ونحن أيضاً نسجل موقفنا بعمل مماثل.

■ هل هناك سيناريوهات بديلة فى حالة فشل مفاوضات سد النهضة؟

– بالتأكيد لا نريد أن نتوقع الفشل إنما علينا أن نعمل لأن ننجح جميعاً، هذا هو المنظور، لكن -لا قدر الله- إذا حدث تعثر فى هذه المفاوضات، فيجب أن نكثف جهودنا للتوصل إلى تفاهم وتواصل لأن رئيس الوزراء والسيد الرئيس أكدا أكثر من مرة أنه إذا فشلنا فإنه فشل يعم على الجميع ومضاره ستكون على الجميع، وإذا نجحنا فإننا ننجح ونستخلص المصلحة للجميع، إنما لكل مرحلة تفاوضية ظروفها وملابساتها وأسلوب التعامل معها وما يُطرح من بدائل حتى نستمر فى تسيير هذه العلاقة بشكل يعود بالمصلحة.

■ هل من ضمن هذه البدائل الحل العسكرى؟

– هذا غير وارد إطلاقاً.

■ ما دلالة اجتماع الرئيس مع وزير الدفاع ورئيس المخابرات العامة لمناقشة أمر سد النهضة؟

– الرئيس يجتمع بالوزارات السيادية والقوات المسلحة والمخابرات العامة والخارجية والعدل، وحتى تشكيل مجالس الدفاع الوطنى والأمن القومى.. هذا دورنا وهذه الأطراف لها صلة مباشرة بكل القضايا القومية المرتبطة بالأمن القومى المصرى.

■ هناك معلومات تتسرب عن مفاوضات بين مصر وتركيا، بوساطة سعودية، وأن تركيا تريد مصالحة وأن مصر اشترطت طرد الإخوان وإغلاق القنوات؟

– لست على أى علم بمثل هذه المفاوضات، ولم نتطرق إلى هذا الأمر عندما زرت المملكة مؤخراً، لكن هذا لا يمنع أنه فى مراحل عديدة كنا دائماً نتحدث مع الشركاء الأوروبيين والشركاء فى المؤتمر الإسلامى لتوضيح الأمور. وهناك ممارسات من قبل تركيا لا تتسق مع العلاقات الدولية ولا تتسق مع عدم التدخل فى الشئون الداخلية، ومن ضمنها رصد القنوات الفضائية المحرضة التى تنطلق لاحتضان قيادات الجماعة الإرهابية، وإقامتهم ندوات واجتماعات تنسيقية فيما بينهم بغرض زعزعة الاستقرار فى مصر.. كل هذا طالما دعونا تركيا أن تكف عنه باعتباره أعمالاً غير إيجابية، وفيها تدخل فى الشئون الداخلية المصرية، ونتوقع أن تتوقف عنها تركيا لخروجها عن قواعد العلاقات الدولية، لكن لا يوجد اتصالات مباشرة على المستوى السياسى.. أنا التقيت مع وزير الخارجية التركى على هامش اجتماعات سوريا وليبيا لكن لم يحدث أى حديث موضوعى فيما بيننا.

■ نأتى إلى زيارة ألمانيا فى هذا التوقيت الحرج، ما الإنجاز المباشر الذى تحقق من الزيارة؟

– التأكيد على الدور المحورى وأهمية مصر فى تحقيق الاستقرار والتأكد من أن هذا هو الانطباع الذى أصبح سائداً لدى دوائر صنع القرار على مستوى الحكومة الفيدرالية أو على مستوى أعضاء البرلمان، وكان دائماً الحديث المتكرر هو أن هناك إدراكاً متزايداً من الاضطراب القائم فى الشرق الأوسط، الظواهر والتهديدات سواء كانت إرهاباً أو هجرة غير مباشرة أو جريمة منظمة، وهناك اهتمام بدعم الاستقرار فى مصر لتأثيره على كل مجريات الأمور، ومن هنا تأتى القابلية لاستكشاف مزيد من مجالات التعاون السياسى والاقتصادى مع مصر.

توقيع البروتوكول الأمنى بين مصر وألمانيا قريباً أثناء زيارة وزير داخليتهم للقاهرة.. وهناك تفهّم حول دور المنظمات وأن يكون دورها وفقاً للقوانين المصرية.. وشكرت ألمانيا لنهجها بعد حادث الطائرة الروسية.. والعلاقات بين البلدين عادت لإطارها المتكامل والطبيعى

■ فى المجر، سألتك عن رأيك فى زيارة الرئيس السيسى لألمانيا فقلت لى «دعنا نتابع ما يحدث الفترة المقبلة».. هل ترى الآن تقدماً فى العلاقات؟

– بالتأكيد، التقدم بدأ منذ أول لقاء تم بين الرئيس والمستشارة الألمانية، كان واضحاً أن هناك اهتماماً بالاستماع إلى وجهة النظر المصرية التى طرحت بشكل فيه كثير من المنطق والشفافية، وحظيت باهتمام المستشارة وظلت اللقاءات التالية ترسخ هذا الانطباع، فالزيارة الناجحة فى الصيف الماضى لألمانيا ولقاءاته الموسعة مع العديد من دوائر صنع القرار والبرلمانيين، عزز من هذا الانطباع ورسخ منه وهذه الزيارة تزيد تأكيد هذا.

■ الألمان كانوا يتحدثون عن دمج الإخوان فى العملية السياسية والشباب المحبوسين ومثل هذه القضايا؟

– فى أمر الإخوان أصبح واضحاً طبيعة هذا التنظيم، واليوم مع نتيجة الانتخابات البرلمانية وما تم إنجازه من اكتمال مؤسسات لم ألمس أى نوع من الحديث المتكرر فيما يتعلق بموضوع الاندماج.. هناك اهتمام لدى دوائر عديدة بقضايا حقوق الإنسان والحريات وبعض الأمثلة لما يعتبرونه تأثر بعض النشطاء واحتجازهم وتم توضيح أن كل ذلك يتم فى إطار من القانون، وأنه ليس هناك بمصر أى محاصرة أو أى محاولة للحد من حرية التعبير أو الممارسة السياسية إنما ربما فئة من النشطاء بتجاوزهم القوانين خضعوا للمساءلة القانونية.

■ وقانون التظاهر؟

– لا، لم يُثِر أحد قانون التظاهر.

■ لكن موضوع عدم الكلام عن اندماج الإخوان يعتبر تراجعاً منهم لأنهم عادة يتحدثون فيه؟

– لم تتم إثارة الأمر نهائياً خلال محادثاتنا.

■ هل ترى أن الموقف الآن أفضل فى ظل أول زيارة خارجية بعد عقد البرلمان؟

– بالتأكيد له أثر إيجابى جداً، فاكتمال خارطة الطريق والدور الذى لعبته مصر على مدار العام الماضى وانخراطها الكثيف فى القضايا الإقليمية وانتخابها فى مجلس الأمن بهذه النسبة الكبيرة جداً فى الجمعية العامة، كل هذا عزز من إعادة الانطباع الخارجى بأن مصر دولة لها تقديرها فى المحيط الإقليمى ولها قدرتها على التأثير الإيجابى فى حل الأزمات والصراعات ومقاومة الإرهاب والتحديات الأخرى التى تواجه العالم.

■ هل تحدثت مع وزير الداخلية عن عودة السياح؟

– بالتأكيد طرحنا الموضوع، وهذا أتى فى أعقاب أحداث إسطنبول والضحايا الألمان فى الأعمال الإرهابية، وكان هناك اهتمام يوضح الشفافية التى تعاملنا بها فى قضايا استهداف السياح، مع توفير أكبر حماية للسائحين.. وشكرت الوزير الألمانى على الأسلوب والمنهج الذى اتبعته ألمانيا بعد حادث الطائرة الروسية من تناول موضوعى لم يكن به إثارة أو تضخيم ولم يتم إجلاء السائحين الألمان من المقاصد السياحية المصرية، والاكتفاء بالتنسيق مع السلطات المصرية للتأكد من سلامة الإجراءات وتعزيزها، وهذا ينم عن الاهتمام بالعلاقات الثنائية وتقدير للمواطن المصرى ومصالحه وتعامُل فيه كثير من المسئولية فشكرته على هذا الموقف، وطرحت عليه أيضاً التعامل بشفافية مع كثير من الشركاء الأوروبيين، بمن فيهم المسئولون الألمان الذين زاروا مصر مؤخراً واطلعوا على الإجراءات الأمنية المختلفة فى المطارات المصرية وعلى الجهود المصرية فى تعزيز هذه الإجراءات، وتوفير الحماية فى المقاصد السياحية، وكان بصفة عامة راضياً عن هذا الجهد وأهمية متابعته والاستعداد لتوفير المعدات أو التدريب الذى يعزز من قدراتنا على تحقيق المصلحة المشتركة. ومن الأمور المهمة التى تسهم فى تعزيز العلاقات موافقة الجانب الألمانى على إعادة تفعيل لجنة التسيير بين البلدين برئاسة وزير الخارجية.

■ لماذا توقفت؟

– لانتظار اكتمال خارطة الطريق، توقفت بعد 30 يونيو، وآخر مرة اجتمعت كانت فى أواخر 2012، بعد التطورات التى حدثت فى مصر ربما جعلت الجانب الألمانى ينتظر استقرار الأمور، وحين طرحت على الوزير إعادة تفعيل هذه اللجنة لأهميتها، كان هناك استعداد فورى، وهى لجنة برئاسة وزيرى الخارجية وعضوية كثير من الوزراء على الجانبين.

■ يمكننا القول إن العلاقات بين مصر وألمانيا عادت مكتملة؟

– بهذه اللجنة نقدر أن نقول إن العلاقات عادت فى إطارها التنظيمى المتكامل الطبيعى، ولا نخفى أن هناك اهتماماً ألمانياً بموضوع المؤسسات الألمانية، وتم تناولها فى إطار من الصداقة والشراكة وتفهم للاعتبارات التى أثارت هذه القضية، وأن الحكومة المصرية الحالية لم تكن طرفاً مباشراً فى هذه القضية لكن هناك اهتماماً بأن نثير علاقة تلبى احتياجات الطرفين. بدون شك لمصر أن تستفيد مما تقدمه هذه المؤسسات من تعزيز القدرات المصرية وفقاً للأولويات المصرية ويجرى الآن بلورة إطار ينظم هذه العلاقة بشكل يلبى احتياجات مصر وأولوياتها وأيضا يجعل نطاق عمل هذه المنظمات وفقاً للقوانين المصرية وبشكل منظم وخارج المجال التنظيمى.

■ بمعنى أنه لا يوجد لها نشاط سياسى مثلاً؟

– تحديد المجالات سيكون وفقاً لما يحدده المجتمع المصرى والحكومة المصرية أو فى إطار التواصل والتعرف من قبل الحكومة المصرية لدى دوائر المجتمع المصرى لهذه الاحتياجات، لكن هناك رغبة مشتركة لأن نزيل الشوائب المرتبطة بتطور هذه القضية مباشرة بعد ثورة 25 يناير.

الوطن

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى