أخبار مصر

الحرب الروسية الأوكرانية.. كيف نتفادى الآثار النفسية لـ”صدمة الأسعار”؟ .. 9 خطوات لعبور الأزمة

ما ذنبنا في الحرب الدائرة بين روسيا وأوكرانيا، ولماذا يتأثر اقتصادنا وترتفع أسعار بعض السلع في مجتمعنا؟ تساؤلات تدور في ذهن المواطن المصري بعد اندلاع الحرب الروسية الأوكرانية وتأثر المجتمع المصري بذلك عقب ارتفاع أسعار بعض السلع فضلًا عن الأخبار الدائرة على مواقع التواصل الاجتماعي والتي تزيد من هول الوضع الراهن وتعقيده فتقدم اليأس والإحباط والخوف والقلق إلى المواطنين في مناخ يبدو مناسبًا لقبولهم والتفاعل معهم .

وقد يكون التفاعل مع القلق والخوف سلوكًا طبيعيًا من البشر خاصة عندما يتعلق الأمر بارتفاع أسعار سلع غذائية أساسية في احتياجاته وهل يُقلِق الإنسان شيئًا أكثر من عدم تأمين احتياجاته الأساسية للعيش؟

وهذا ما أكده الأخصائيون النفسيون لـ”بوابة الأهرام” بأن الحرب الروسية الأوكرانية قد ألقت بظلالها الاقتصادية السلبية على مجتمعات كثيرة ومصر واحدة منها وطبيعي أن يصاحب ذلك تأثيرات نفسية ضاغطة على المواطن باعثة في نفسه الخوف والقلق على مستقبل موارده ولكن هناك حزمة من الإجراءات يمكن اتباعها لمواجهة هذه التأثيرات نفسيًا واقتصاديًا وعبور هذا الممشي الضيق أو الخروج من عنق الزجاجة دون إصابات أو خدوش عميقة .

لماذا تأثرت مصر بالحرب بين روسيا وأوكرانيا ؟

وقبل المواجهة النفسية لارتفاع أسعار بعض السلع الغذائية توضح “بوابة الأهرام” أن الحرب بين روسيا وأوكرانيا التي يعاني منها العالم اقتصاديًا بعد فرض الغرب متمثلًا في الولايات المتحدة عقوبات على روسيا ليست الأزمة الاقتصادية الأولى التي يواجهها العالم ففي العام 2018  واجه العالم أزمة الأسواق الناشئة ثم واجه أزمة “كورونا” في 2020 فضلًا عن الحرب التجارية التي كانت دائرة قبلها بين الولايات المتحدة الأمريكية والصين فكان العالم في طريقه إلى التضخم لتأتي الحرب بين روسيا وأوكرانيا فتعمق من هذا الأثر .

وتأثر مصر بهذه الأزمة الاقتصادية العالمية رغم كونها ليس طرفًا فيها يعد طبيعيًا لأنها منفتحة على العالم ولديها علاقات تجارية واقتصادية مع طرفي الأزمة روسيا وأوكرانيا فتستورد منها مواد غذائية حساسة يأتي في مقدمتها القمح الذي يعتبر الغذاء الرئيسي لكثير من شعوب العالم لا ينافسه في هذا المجال إلا الذرة والأرز حيث يتقاسم القمح غذاء البشر على وجه الأرض.

ولأننا أمام تضخم مستورد من الخارج بسبب ارتفاع أسعار القمح والذهب والبترول الذي يدخل في صناعة الملابس والمنسوجات وتوليد الطاقة والزراعة فضلًا عن النقل فطبيعي أن ينعكس ذلك على ارتفاع بعض السلع ومن ثّم فإن السؤال الآن لا يجب أن يكون : ما ذنبنا نحن في الحرب الدائرة بين روسيا وأوكرانيا ؟ وإنما يجب أن يكون : كيف نتعامل مع الأضرار الواقعة بحكم كوننا جزء من العالم المتضرر من هذه الحرب ؟

وفي إطار تقديم “بوابة الأهرام” إرشادات للدعم النفسي تساعد المواطنين على مواجهة التحدي الاقتصادي الذي فرضته حرب روسيا وأوكرانيا على الكثير يقول الدكتور وليد هندي استشاري الصحة النفسية إن التأثير الاقتصادي السلبي الذي طال مجتمعات كثيرة من اندلاع الحرب بين روسيا وأوكرانيا لاشك أنه سيطول شعوب كثيرة ويؤثر في أفرادها نفسيًا خاصةً عندما يفاجئون بتضاعف أسعار السلع الأساسية لحاجتهم اليومية بدون مقدمات .

ويضيف استشاري الصحة النفسية أن ما يزيد من تعميق هذه الآثار الاقتصادية وتبعاتها النفسية هو استغلال البعض من منعدمي الضمير وأثرياء الأزمات والباحثين عن الكسب غير المشروع على حساب جيوب المواطنين واستنزاف مواردهم فنجدهم يستبيحون أفراد المجتمع برفع أسعار بعض السلع أكثر وهو ما يؤثر على الحالة النفسية للمواطن فيصيبه بالإحباط وتنتابه متلازمة القلق ومشاعر التوتر والخوف من المستقبل وتضطرب لديه العمليات العقلية وعلى رأسها الموائمة بين الموارد والاحتياجات .

9 خطوات لمواجهة التحديات الاقتصادية

وتقدم الدكتورة ماري جرجس استشاري الصحة النفسية وتعديل السلوك بجامعة عين شمس حزمة من الإجراءات الاحترازية للوقاية من هذه الآثار السلبية فتنصح المواطنين بالتالي:

– دخلت مصر كغيرها من الدول في تداعيات اقتصادية للحرب الروسية الأوكرانية فتأثرت بعض السلع بارتفاع الأسعار وعلينا التعامل نفسيًا مع هذا الوضع بأن نتقبله ونتعامل معه على أنه وضع مؤقت وعلينا إقناع النفس بذلك حتى نتمكن نفسيًا من التعايش معه بدون ضغط وتوتر .

–  بعد إقناع النفس بأننا نعيش وضع مؤقت علينا اتباع ثقافة ترشيد الاستهلاك بمعنى عدم استهلاك كميات كبيرة من بعض السلع الغذائية بهدف تخزينها مثلًا أو بهدف الاعتياد على تناولها فلو كنا نعيش وضعً مؤقتًا من غلاء أسعار بعض السلع بسبب الحرب الدائرة بين روسيا وأوكرانيا فلماذا لا نرفع سلاح البدائل إلى أن تنتهي هذه الفترة المؤقتة وعلى سبيل المثال إذا كنا قد اعتدنا تناول البروتين فيمكننا التقليل منه مؤقتًا وتعويضه بالإكثار من بعض الخضروات أو الفواكه .

–  يمكننا الإعراض عن السلع التي يستغل “تجار الأزمات” الظرف الحالي ويرفعون أسعارها لأن تكالبنا عليها في ظل رفعهم لأسعارها يزيدهم استمرارية في إصدار هذا السلوك أما عندما نعرض عن شرائها ونبحث عن بدائل لها تمنحنا نفس القيمة الغذائية سيكون سلوكنا هذا سلاحًا نشهره في وجه “تجار الأزمات” يجبرهم على تعديل سلوكهم وعدم استغلال المواطن بالتربح على حساب وضعه الاقتصادي .

–  إلى جانب سلوكيات المواطنين فإننا بحاجة إلى تفعيل الدور الرقابي على الأسواق والمتاجر الغذائية والتموينية للكشف عن “تجار الأزمات” وعدم السماح لهم باستغلال المواطنين وهذا يدعم تحفيز المواطن نفسه بالإبلاغ عن هؤلاء التجار عند اكتشافهم مما يؤثر بنسبة كبيرة في حصرهم وتمكن الدولة من ردعهم .

–  إلى جانب ترشيد الاستهلاك في السلع الغذائية علينا أيضًا ترشيد الاستهلاك في أمور كثيرة قد تبدو لنا غير ضرورية لكنها في الحقيقة ضرورية لحماية وضعك الاقتصادي في هذه الفترة المؤقتة التي تعيشها مجتمعات كثيرة ومنها مصر وعلى سبيل المثال يمكننا غلق أضواء المنزل في الأماكن التي لا نستخدمها لأن مثل هذه السلوكيات البسيطة عندما نعتاد عليها تصبح سببًا في تقليل الإنفاق الشهري مما ينعكس على الراتب وقدرته على سد احتياجات الأسرة .

–  في هذا الوضع المؤقت نحن بحاجة لأن نكون إيجابيين فعندما نتعامل بثقافة ترشيد الاستهلاك وتفعيل البدائل وإقناع النفس بأن هذا الوضع استثنائي وسوف ينجلي سنجد أنفسنا نتصرف بإيجابية بل إن السلبية ومشاعر الخوف والإحباط لن تتمكن من نفوسنا .

–  بدلًا من أن نتحدث عن الحرب بين روسيا وأوكرانيا أمام أطفالنا وما تبعها من تداعيات اقتصادية سلبية أدت لغلاء أسعار بعض السلع في مجتمعنا يمكننا التحدث عن سبب الحرب ولماذا تأثرت مصر لأنها جزء من العالم وأن علينا تعديل سلوكنا في هذه الفترة المؤقتة لمواجهة التغيرات الطارئة كترتيب أولوياتنا من احتياجاتنا الشخصية وما شابه ذلك .

8–  علينا أن نبتعد عن الشائعات التي تنجح بكل سهولة في إحباط النفس وتصدير الخوف والقلق والتوتر لها عندما تكون الشائعة متعلقة بغلاء الأسعار مثلا وأن هذا الغلاء سوف يدوم بل وسوف يتصاعد لأن الاستماع لمثل هذه الأخبار سيزيد من حدة الخوف والقلق النفسي وبالتالي يمكننا تناول المعلومات من المصادر الموثوقة كمواقع الأخبار الرسمية للدولة وليس صفحات الفيس بوك مجهولة المصدر .

–  إذا كنا نتعامل مع الوضع الحالي على أنه وضع مؤقت لن يدوم فعلى الأفراد الذين يحظون بوضع اقتصادي أفضل مساندة الآخرين من الأقارب والجيران وتقديم الدعم المالي لهم إذا تطلب الأمر “على سبيل السلفة” لأن هذا السلوك يزيد من التماسك والترابط بين الأفراد ويكسوهم بمشاعر الهدوء والسلام النفسي التي يخلفها وراءه العطاء.

الدكتور وليد هندي استشاري الصحة النفسيةالدكتور وليد هندي استشاري الصحة النفسية
الدكتورة ماري جرجس استشاري الصحة النفسية وتديل السلوكالدكتورة ماري جرجس استشاري الصحة النفسية وتديل السلوك
بوابة الاهرام

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى