أخبار مصر

«لم يفترقا»

بدأ الحديث فى المقالة السابقة «من نصيبنا» عن القديس «البابا كيرلس السادس»، ومدى محبته الشديدة لله حتى إنه ترك العالم ملتمسًا حياة الملائكة الأطهار، فى أصوام وصلوات وارتباط بالله، مرددًا دائمًا: «لأنه ماذا ينتفع الإنسان لو ربح العالم كله وخسر نفسه؟ أو ماذا يعطى الإنسان فداءً عن نفسه؟»، فسارت حياته بجملتها أنشودة حب لله، وقد تزايدت تلك المحبة فى حياة القديس «البابا كيرلس السادس».

محبة للقديسين

نشأ القديس «البابا كيرلس السادس» فى عائلة متمسكة بتعاليم الكنيسة، مواظبة على الصلوات والأصوام، مُحبة للقديسين، فيذكر أ. حنا يوسف، شقيق «البابا كيرلس السادس»: «والمتعة العائلية سهرة يلتف فيها الأبناء حول والدهم، يقرأ لهم فى (الكتاب المقدس) ويقص عليهم سيَر القديسين.. وكانت سير القديسين حُلوة فى أفواههم، وصورهم التى تملأ أركان البيت ماثلة أمام عيونهم، فيقدسونهم ويحفظون مواعيد أعيادهم ويحتفلون بها إما بكنائسهم أو بالمنزل. ويحرصون على زيارة كنيسة العذراء ببلدتهم طوخ النصارى فى 21 بؤونة من كل سنة، وبكنيستها ببلدة العطف بالبحيرة فى 15 مسرى، وكذا عيد الشهيد العظيم مار جرجس». إلا أن عيد «الشهيد مار مينا العجائبى» كانت له محبة خاصة فى قلوب الأسرة، وأحب الأعياد إلى قلب «عازر» (البابا كيرلس السادس)، فكانت الأسرة تذهب إلى «إبيار» بالغربية، وتظل فى رحاب دير «مار مينا» أسبوعًا، وقد أثمرت عن هذه الزيارات محبة عميقة شديدة ربطت بين الشهيد «مار مينا» و«عازر» امتدت لرحلة العمر كله.

وعند سيامة «عازر» راهبًا، تسمى «مينا» ليصبح «الراهب مينا البَرَاموسى»، الذى عندما اختار حياة الوحدة بنى كنيسة باسم الشهيد «مار مينا» بزهراء مصر القديمة، ونسخ سيرة الشهيد بخط يده. وحين صار «الراهب القمص مينا المتوحد» بطريركًا بنى دير «مار مينا» بمريوط، فذكر فى عدد من خطاباته أنه يرغب فى إعداد هذا الدير ليعيش فيه بقية أيام حياته. ويذكر «الراهب القمص رافائيل آڤا مينا» تلميذ القديس «البابا كيرلس السادس»: «وعندما أُرغم على ترك الطاحونة، شيد كنيسة على اسمه (اسم مار مينا) فى (مصر القديمة). ولكن هذا لم يكُن كافيًا ليشفى غليل محبة البابا لشفيعه (مار مينا)، فعشِق أن يعيش فى رحابه بمريوط، فأرسل يطلب من مصلحة الآثار التصريح له بالسكن فى حجرة تحت كنيسة (مار مينا) الأثرية. وطال انتظاره وهو يرسل الاستعجالات، حتى جاء الرد بالموافقة بعد ظهور القرعة باختياره بطريركًا. وكانت هذه بشرى جميلة وإعلانًا سمائيًّا أدرك البابا مغزاه.. أنه لن يسكن فى حجرة ألحَّ فى طلبها وهو راهب، بل سيعمر المنطقة كلها بعد أن أصبح (بابا الإسكندرية)». وفى سنة 1959م وضع «البابا كيرلس السادس» حجر أساس «دير مار مينا العجائبى»، وبدأ البناء الذى استمر سنوات، حرص البابا فيها على متابعة سير العمل لإتمامه.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى