الأخبار

فهمي: مبادرة روسيا أنقذت المنطقة

11

 

قال وزير الخارجية نبيل فهمي إن السفير المصري لن يعود لتركيا حاليًا، مضيفًا أن مصر لازالت تنتظر مواقف محددة من تركيا تعكس تراجعها عن موقفها الذي لم نر له أي مبرر أو منطق.

وأعرب فهمي، في حوار مع وكالة “نوفوستي” الروسية عشية زيارته لموسكو، عن سعادته بتحرك روسيا بشأن المسألة السورية، قائلاً: “لا توجد دولة أخرى بالعالم كانت تستطيع أن تحرك المسار الدبلوماسي غير روسيا”.

وأضاف: “قيام روسيا بهذا الأمر مفيد للشرق الأوسط، وعلى المستوى الدولي أيضًا، وآمل أن يكون هذا التحرك أساسا لحل سياسي للأزمة بعيداً عن العمل العسكري، وإذا نجحت المبادرة الروسية فستكون عنصراً جوهريا في حماية المنطقة من مخاطر التقسيم”.

وأشار إلى أن هناك تحسنًا واضحًا في مستوى الاستقرار الأمني خلال الأسابيع الأخيرة مقارنة بالأسابيع الماضية، كما أن مناطق التوتر تنحصر بمراكز المدن وسيناء، أما المراكز الساحلية فتخلو من أي توترات، ونسبة السياحة فيها أعلى من غيرها من مناطق الداخل، وذلك بفضل تضافر جهود المؤسسات الأمنية والمواطن المصري العادي الواعي.

ولفت إلى أن خارطة الطريق تم وضعها للمجتمع المصري بأكمله دون إقصاء لأحد طالما أن الأطراف جميعًا ملتزمة بنبذ العنف، وملتزمة بالعمل السياسي السلمي، والخارطة مدتها تسعة أشهر، بدأت من يوليو وتنتهي مع نهاية الربيع من العام القادم.

وتابع: “أنجزنا منها مجموعة خطوات منها تشكيل الحكومة من شخصيات تعمل بمهنية واستقلالية، ومنها لجنة العشرة وهي مجموعة خبراء فنيين مهمتها مراجعة الدستور القديم، وقد انتهت من عملها، إضافة إلى لجنة “الخمسين” التي تمثل التوجهات السياسية للشعب، وقد بدأت عملها أول أمس، وهي تشمل ليس فقط من يسمون بالعلمانيين أو الليبراليين، إنما التيار الإسلامي أيضا، ممثلاً في حزب “النور”، فيما لم يشترك فيها حتى الآن “الإخوان المسلمين”، رغم أن الدعوة كانت مفتوحة لهم مثلما كانت الدعوة مفتوحة لهم للاشتراك في الحكومة، وهناك مساعٍ للتحاور مع التيارات الدينية الإسلامية بشرط التزامهم بالسلمية”.

وحول مستقبل الإسلام السياسي بمصر في ضوء الأحداث الأخيرة، قال: “إذا نظرنا إلى دول أخرى، حتى غير الإسلامية خصوصًا أوروبا، نجد أن النظم الديمقراطية أقيمت كرد فعل على توغل دور الكنيسة في الحكم.. ما نشهده الآن أن ثمة بعض الأحزاب السياسية في أوروبا ذات جذور دينية مسيحية، لكنها طورت نفسها، وأصبحت تتعامل بمنظور مدني.. وهنا لا أستطيع أن أقول إن الإسلام السياسي انتفى من الساحة، لكن ينبغي عليه -كي يتواصل- أن يطور نفسه بمنظور سياسي متحضر، قائم على المبادئ العامة للدين، وليس على تفسير تفصيلي لإجراء محدد من منطلق ديني”.

وأضاف: “إذا شاهدنا تطورا للإسلام السياسي في مصر لا يسعى إلى إقصاء أحد فسيكون له دور، وبخلاف ذلك سيكون مثله مثل أي حزب يتجمد في لحظة تاريخية معينة ويقضي على نفسه بنفسه، وهذا السؤال ينبغي أن يوجه إلى التيار الإسلامي السياسي نفسه”.

وحول انتقاد بعض الدول لمصر بعد 30 يونيو، وتهديدها بمراجعة علاقتها مع مصر، ورد القاهرة بأنها ستراجع أيضا علاقاتها مع هذه الدول، قال: “مراجعة الخارجية المصرية للعلاقات لم تكن رد فعل، بل من منطلق الرغبة ببناء علاقات خارجية مصرية جديدة في ضوء ثورتين خلال عامين ونصف، ومن منظور المستقبل ورفع كفاءة الأداء، لأن التغيير الذي شهدناه في مصر ليس تقليديا بل هو ثورة، وهناك صحوة شعبية تعكس رغبة شعبية في المشاركة وفي محاسبة الحكومة، وهذا ما يفرض علينا بالتالي العمل بكفاءة أعلى”.

وتابع: “نحن ننظر فعلا إلى إعادة تقييم العلاقات سياسيًا واجتماعًيا واقتصاديًا، وقد أعدنا توجيه السياسة الخارجية المصرية في أقل من شهرين، فأول زيارة خارجية لي كانت للسودان ولجنوب السودان، والثانية إلى رام الله وعمان، وذلك كإشارة سياسية إلى أن الأولويات المصرية هي لدول الجوار، وسأسافر إلى موسكو، وزيارتي لروسيا ليست من منطلق استبدال بلد آخر بروسيا، فموسكو أهم من ذلك، وبل هناك حاجة لتنمية العلاقة بين مصر وروسيا بصرف النظر عن علاقاتنا مع الدول الأخرى.

وأوضح أن علاقتنا بروسيا ذات جذور طويلة، ولها أيضا مستقبل جيد، وهناك دور مهم لروسيا في العالم، وهناك تطلع مصري لتنمية هذا الدور، وما نسعى إليه هو زيادة الخيارات المصرية وليس استبدال طرف بطرف آخر، وهذا الموقف انعكس في موقفنا من سوريا، لأن الأمن القومي المصري محصن بالمنظومة الدولية، فنحن لسنا أطرافا في أية تحالفات، إذاً ما يحمي مصر على المدى الطويل هو النظام الدولي العادل والقانون الدولي الذي يمنح الحق لكل الدول بنفس القدر، وهذه منطلقات جديدة.

وحول تقييم العلاقات مع إيران، ووجود تقارب بين البلدين في الفترة السابقة، قال: “لم يكن هناك تقارب في العلاقة مع إيران بل تضارب، بمعنى.. يوم في تقارب ويوم في معارضة… بداية كان هناك قدر من الانفتاح، لكن بعد أن اتخذ الرئيس الموقف من سوريا تحول الموقف إلى سلبي، لكن بالعموم إيران دولة مهمة بالشرق الأوسط ونحن مهتمون بالتحاور مع كل الدول في الشرق الأوسط ،إنما الجديد في مواقفنا في الخارجية المصرية أننا لا نتحاور بشعارات إنما بمطالب ومواقف وحسابات محددة”.

واستدرك، قائلاً: “الحوار بيننا وبين إيران سيستأنف كحوار سياسي، ومضمون الحوار السياسي رفع العلاقات بيننا أو استمرارها على مستواها الحالي. وهذا المضمون لن يشمل فقط العلاقات الثنائية، إنما أيضا الوضع في الخليج العربي والمشرق العربي، كل هذه أمور محل نقاش..هناك حكومة جديدة في إيران وهناك حكومة جديدة في مصر ونحن نتطلع لتحسين العلاقات إنما الأمر مرتبط بالوضع الإقليمي العام وليس فقط بالقضايا الثنائية.

وردًا على سؤال حول وجود ملصقات وصور الرئيس بوتين في شوارع مصر، وعلاقة ذلك بإمكانية عودة العلاقات المصرية الروسية إلى قوتها كما كانت في العهد السوفيتي، قال: ” العودة إلى ما مضى لن تحصل.. نحن نريد الاستفادة مما مضى، ونريد أن نرفع مستوى العلاقة مع موسكو في مجالات متعددة أمنية وسياسية واقتصادية”.

وتابع: “أنا سعيد للغاية حينما أزور شواطئ البحر الأحمر وأجد محلات عليها لافتات بالعربية والروسية وهذا تطور بحد ذاته، ونحن نريد أن نعود بمستوى التميز بالعلاقة لكن هذه العلاقة ستكون مختلفة، فالمنظور الروسي اليوم مختلف والمنظور المصري مختلف أيضا عن سابقه، وتنمية العلاقة هي في مصلحة البلدين، وهذا هو سبب طلب زيارتي إلى موسكو الآن”.

وأوضح أن هناك اهتماما شعبيا ورسميا لاستضافة مسئولين روس على أعلى مستوى في الوقت الذي يناسبهم، وأنا سأؤكد دعوة الرئيس الروسي وكبار المسئولين الروس لزيارة مصر في الوقت الذي يناسبهم، وهي دعوة رسمية وشعبية، ومنذ أسابيع قليلة كانت هناك إشاعة بأن الرئيس الروسي سيزور مصر بعد يومين وأنه يظهر في ميدان التحرير، وقد سألت وزير الخارجية لافروف تليفونيا الثلاثاء الماضي عن هذه الإشاعة ممازحا، فأجاب: من قال هذا؟ وهذه الإشاعة إن دلت على شيء فإنها تدل على “اهتمام شعبي”.

وحول تغير الموقف المصري تجاه القضية السورية بعد 30 يونيو، قال: “بلا شك..الرئيس المعزول أعلن أنه يريد الجهاد في سوريا، أما نحن فلا نقيم الجهاد في سوريا، و”هذا الكلام فارغ” ولا يتماشى مع مصالحنا القومية.. نحن نريد الوصول إلي حل سياسي على أساس مبادئ جنيف-2 لنحافظ على الكيان السوري”.

وقال: “ليس لنا الحق ولا نسعى للحفاظ على حكومة معينة أو تغيير حكومة معينة، فهذا القرار سوري بحت. بالمقابل نحن أيدنا الثورة السورية، بمعنى أننا أيدنا تطلعات الشعب السوري لحياة أفضل، حياة حرة وديمقراطية تشمل الجميع، وقد نددنا أيضا بالكثير من ممارسات الحكومة السورية، لكننا لسنا مع تقسيم سوريا على أساس طائفي، ولا يوجد حل عسكري لما يدور في سوريا”.

بوابة الأهرام

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى