الأخبار

حلم الحرية النابض في سجن «العقرب»

19

** كرمته ألمانيا على نبوغه الطبي في مجال الأوعية الدموية.. وعاقبته مصر بالحبس في سجن واحد مع الجماعات التكفيرية

** حلم بالحرية وبناء مستشفى خيري لعلاج البسطاء.. فحكم عليه بالحبس لمدة عامين بتهمة تكدير السلم العام

** شقيقته لـ”التحرير”: “قالي فى آخر زيارة: لو خدوا من عمري سنتين ظلم مش هبطل أدافع عن حق الشهداء”

“خليهم ياخدوا من عمري سنتين ظلم بدون ذنب، بس مش هبطل أفكر الناس بالشهداء والجرحى والمعتقلين وهفضل أدافع عن حقهم لحد أما أموت”، كانت تلك الكلمات أخر ما قالها د. أحمد سعيد، الذي يقضي عقوبة الحبس لمدة عامين بتهمة المشاركة في مظاهرات وتكدير السلم العام في سجن العقرب “شديد الحراسة”، في كلماته لشقيقته لمياء سعيد أثناء زيارتها الأخيرة له.

لم تلق صرخات نجله “محمد” البالغ 9 سنوات، واستغاثات وشكاوى أسرته التي طرقت كافة أبواب الجهات المعنية بالقضية، آذانًا صاغية لدى أحد والتي ضرب بجميعها عرض الحائط، ليجد سعيد نفسه مقيدًا ومكبلًا وعاجزًا عن الحركة أو الحديث، وممنوع عن كافة مناحي الحياة بدءا من الأغطية التى تحميه من البرد القارس مرورا بالكتب والمراجع الطبية وصولا للورقة والقلم.

سعيد، الذى لطالما بالحرية لكل أبناء جيله منذ أن كان يوما طبيبا ميدانيا فى أحداث “محمد محمود” يداوي جروح المصابين والجرحى الذين خرجوا حالمين بالحرية، ويحاول اسعاف أرواحهم قبل أن تفارق الحياة، وتعلق حلمه في بناء مستشفى خيرى على أرض مصر لنقل تخصصه النادر في علاج الأوعية الدموية للبسطاء في مصر

لم يكن يتوقع “سعيد”، البالغ من العمر 33 عاما والذى تم تكريمه من كبرى المستشفيات وفى الكثير من المحافل الطبية بألمانيا بسبب قدراته الطبية النابغة كجراح متخصص فى مجال الأوعية الدموية بمستشفى فرانكفورت بألمانيا، يوما أنه سيجد نفسه حبيس 4 حوائط فى سجن واحد يجمعه مع رموز الجماعات التكفيرية والجهادية، بعد إلقاء مباحث وأفراد أمن قسم عابدين القبض عليه من أحد المقاهي بعابدين عقابا له على مشاركته في مظاهرة سلمية صامتة في الذكرى الأخيرة لشهداء محمد محمود فى 29 نوفمبر الماضي، بعد حضوره فى إجازة قصيرة من ألمانيا.

لم تثنِ العقوبة التى تلقاها سعيد بالحبس لمدة عامين، استمراره فى مطالبته بالحرية وتذكر الشهداء والجرحى والمصابين من أجل مستقبل أفضل لهذا الوطن.

وتروي لمياء شقيقة الدكتور أحمد سعيد، لحظات الألم القاسية التى يعيشها شقيقها في سجن العقرب، مؤكدة أنه يعيش أسوأ لحظات حياته، حيث منع عنه كل شيء سواء الأغطية والكتب والمراجع الطبية، قائلة “طرقنا أبواب المسئولين، وتقدمنا بالعديد من الشكاوى لنقابة الاطباء وحقوق الإنسان من أجل بحث حالته.

وقالت لمياء “مش عارفين نعمل إيه، أخويا اللي اتكرم فى أكبر المحافل الطبية في ألمانيا دلوقتي بينام على الأرض في عز البرد جنب بتوع داعش والجماعات التكفيرية والجهادية”.

وتُكمل لمياء كلماتها،”بنحاول نعمل استشكال على المحاكمة لأننا مش عارفين هو بيتحاكم بناءً عليه، خاصة أن القضية ملفقة من مباحث عابدين، والأغرب أن المادة “21” من قانون التظاهر بتقول أن الغرامة من 10 إلى 30 ألف جنيه والحبس فى حالة تكدير السلم العام، ولا نعلم ما الذي اقترفه سعيد ليتم حبسه”، مؤكدة أن “القضية مسيسة”.

وتضيف لمياء، “أحمد لم يقبض عليه فى مظاهرة أو وقفة، ولكن تم القبض عليه من قهوة فى ميدان عابدين، وتم تلفيق تهمه له على يد ضباط مباحث عابدين، بأنه شارك فى مظاهرة قطعت الطريق والسلم العام، وهيئة النقل العام قالت كده رغم أن الوقفة كانت سلمية وراقية”، رغم أنه تم إلقاء القبض عليه بعد المظاهرة بـ4 ساعات كاملة.

واستطردت شقيقة سعيد، أن الزيارات ليست ممنوعة عن شقيقها، ولكن الزيارة مقتصرة على رؤيته لمدة 20 دقيقة كل 15 يومًا، وبصعوبة بالغة تحت إشراف المخبرين وأمناء الشرطة، مشيرة إلى أن الحكومة المصرية تلقت استغاثات عديدة من رئيس الجمعية الطبية الألمانية، وتحدث البرلمان الألماني عنه، إلا أنه لاحياة لمن تنادي – بحسب تعبيرها.

وأشارت إلى أن سعيد محروم من كافة حقوقه القانونية كمسجون وإنسان مقيد حريته، حيث حرم من الملابس الشتوية وأغطية التدفئة، ويعاني من قسوة الجو شديد البرودة، ويفترش الأرض لعدم وجود أسرة للنوم، كما حرم من حقه في التراسل والاتصال بمقابل مادي، وحظرت عنه المراجع الطبية ودخول المكتبة العامة للمسجونين بل حتى الورقة والقلم درج في قائمة المحظورات، كما حرم من الأنشطة الرياضية، والأخطر في الأمر أنه سُجن مع مسجونين يقضون عقوبات المؤبد والسجن المشدد في جرائم خطرة بالمخالفة لمبدأ عزل فئات المجرمين م ٨٥ بحجة أن جنحة التظاهر بدون إخطار جريمة سياسية.

وتساءلت “بأي منطق وأي عقل وأي سياسة عقابية تهدي إلى حبس شباب إحياء ذكرى محمد محمود مع المسجونين في قضايا إخلال بالأمن القومي وأصحاب الأفكار التكفيرية والجهادية ممن يقضون عقوبات المؤبد والسجن المشدد”.

وتضيف لمياء، “أحمد نابغ ومتخصص في مجال نادر، ولا ينتمي لأي حزب سياسي، وكان عايز يفتح مستشفى خيري في مصر عرفان بفضل بلده عليه، وكان يعمل عمليات متتعملش في مصر، ومكرم من أكثر من مستشفى وجامعة، إزاي يعيش فى سجن واحد مع جماعات تكفيرية، وإزاي يحرم من المراجع الطبية العلمية؟، ليه بيحصل كل ده للشباب؟”.

 

 

 

التحرير

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى