الأخبار

أول سباحة مصرية تتأهل لكأس العالم

130

 

بينها وبين كأس العالم فى سباحة المعاقين أيام قليلة.. تسبح خلالها فى أحلام وآمال من نور، هى فراشة النيل الذهبية.. تطير وتحلق فى سماء البطولات.. عمرها 15 عاماً.. لذا تعد آية الله أيمن عباس أصغر سباحة من ذوى الاحتياجات الخاصة تشترك فى هذه البطولة لأول مرة فى التاريخ.. عيونها التى تشع إصراراً تحمل أشعاراً فى حب أمها التى ضحت بكل غالٍ على طريق مستقبل باهر كان فى انتظارها «مهنياً» وسخرت كل ما تملك فى سبيل العبور بطفلتها إلى شاطئ الأمان.

منذ ولادتها عرفت بطلتنا طريق الألم.. لكن الأمل فى الله لم ينقطع لدى الأم والأب اللذين لم يدخرا وسعاً فى قطع مشوار لم يعلما نهايته كان عمرها 7 أيام فقط حين أجريت لها جراحتان خطيرتان فقد ولدت آية بعيب خلقى فى العمود الفقرى وارتفاع سائل فى المخ مما استلزم تركيب «جانت» لتصريف المياه الزائدة إلى المعدة.. ومن وقتها وهى تجرى أشعة كل عام لزيادة طول الخرطوم كلما زاد طول الفتاة، التى لا يوجد بساقها سوى عضلة واحدة فى الساق اليسرى مما يجعلها تقفز إذا سارت وغالباً ما تتحرك بكرسى متحرك.. قالت آية: أنا لا أفكرفى أى معاناة.. لأن الله تعالى منحنى نجاحاً فى كل خطواتى، فى دراستى حصلت على الشهادة الإعدادية من إحدى مدارس اللغات الخاصة بمجموع 92٪ لكننى أنوى الاجتهاد أكثر وأكثر لأحق أمنية جدى ضابط الشرطة الذى تمنى على أن ألتحق بكلية الطب وأصبح طبيبة إن شاء الله.

وهنا تدخلت الأم بحنان فاض من عينيها وقالت أنا مع آية حتى تحقق كل أحلامها على مستوى الدراسة والرياضة أيضاً، فآية موهوبة ومنحها الله تعالى الصبر والمثابرة.

> لكن بالتأكيد طريق البطولات والنجاح كان به أشواك؟

– بصراحة.. وتضحيات.. نظرت الأم الشابة نيفين سعيد إلى ابنتها وقالت: كلما نظرت فى عينيها ازددت إصراراً على الوصول بها إلى ما تريد.. فعندما رزقنى الله بآية كنت أحضر دراسات عليا فى آداب علم نفس وفلسفة تركت الماجستير وأنهيت بيدى طريقى المهنى والأكاديمى.. لأن آية كانت بحاجة إلى كل وقتى وصحتى.. وبدأت أفكر كيف أسعدها وأحول إعاقتها إلى نجاح وتفوق.. وهنا قالت آية.. كنت أحب المياه جداً وأظل ساعات طويلة سواء فى البحر أو حمام السباحة.. فالسباحة هى الوقت الوحيد الذى أحس فيه إننى زى كل الناس، ومش ناقصنى حاجة.

الأم: عندما أيقنت عشق آية للسباحة بحثت فى النوادى بدموعى.. وللأسف كان الاهتمام فى السباحة فى معظم النوادى بالإعاقات الذهنية فقط لكنى وجدت فى نادى الشمس تدريباً من عمر 7 سنوات رغم أن البطولات من 8 سنوات وحصلت آية على أول الجمهورية وعمرها 9 سنوات وعندما أجروا تصفيات فى نادى 6 أكتوبر سافرت آية ومثلت مصر فى إسبانيا وتأهلت منها إلى كأس العالم الذى سيقام فى بريطانيا العظمى يوم 9 يوليو الحالى، يعنى بعد أيام قليلة وهى تتدرب مع منتخب السباحة كابتن عمرو عبدالقادر والمدرب العام كابتن عصام زيدان، وآية هى أول سباحة مصرية تتأهل لكأس العالم لأول مرة فى تاريخ الاتحاد المصرى للمعاقين وتحصل على الرقم التأهيلى.

وبكل صدق فإن الاتحاد واللواء صبيح يقدم لنا كل الدعم فهناك أربعة أبطال تأهلوا لكأس العالم والتدريبات مكثفة فى الشهور الأخيرة.

سألت آية عن المعاناة فى التدريبات فقالت، وقد ملأ وجهها ابتسامة وحماس: أنا أحلم برقم تأهيلى لـ«ريودى جانيرو» أولمبياد 2016 ولذا أتحمل عناء التدريب طوال أيام الأسبوع ساعتين صباحاً وساعتين مساء 3 أيام فى الأسبوع وكل الأيام المتبقية من الأسبوع أتمرن ساعتين صباحاً يومياً.

سألت آية عن مثلها الأعلى فى السباحة، فقالت: الكابتن أحمد واصف الذى استطاع أن يقهر المانش ويثبت للعالم كله أن الإعاقة لا تقف ضد تحقيق طموح إنسان لديه إرادة وقوة ونفسى أعبر المانش مثله لأرفع اسم مصر عالياً كما هو دائماً.

معاناة

رغم التفاؤل والأمل الذى يحيط بالبطلة آية وأمها إلا أن الطريق إلى تحقيق الأحلام ليس سهلاً.. حكت لنا الأم عن معاناتها فى إلحاق ابنتها بالمدرسة وعن الدراسة نفسها، بداية لم أفكر فى المدارس الحكومية لأن آية بحاجة إلى رعاية خاصة جداً والمدارس غير مؤهلة للتعامل مع مثل حالات آية فألحقتها بمدرسة خاصة أجريت لها اختبارات قبل قبولها.

آية تقاطع أمها قائلة: أنا ما أسيبش حقى والتعليم حق لى ولكنى أصرخ حرام عليكم وأنا فى هذه الحالة أطلع الدور الرابع لا يوجد أسانسير ولا مطالع خاصة لذوى الاحتياجات الخاصة.

> وكيف تتعاملين مع هذا الوضع؟

– لما كنت صغيرة ماما كانت بتشيلنى إنما حالياً أظل واقفة فى انتظار زملائى ليحمل أحدهم عنى الحقيبة وإحدى زميلاتى تقف أمامى وأخرى خلفى خشية أن أنزلق وأنا أصعد مستندة إلى عكازى.

وهنا تقول الأم: كنت أتمنى أن أجنبها عناء ومشقة وألحقها بالـg. G بعد الإعدادية وأجرت الاختبارات الخاصة بذلك ونجحت لكن المشكلة أن البطولات تستلزم السفر كثيراً وأخشى أن يؤثر ذلك على نشاطها وطموحها الرياضى لكن إن شاء الله ستنجح وتتفوق وتحقق حلم جدها فى أن تصبح طيبة مشهورة وناجحة، وتضيف الأم: ابنتى هى نور عينى وكذلك ابنى محمد 19 سنة وهو بطل رياضى أيضاً وطالب فى كلية الهندسة.

ورغم كل النجاحات التى تحققها آية بمعاونة ودعم أسرتها سواء أمها أو أخيها أو أبيها رجل الأعمال الذى يسخر كل وقته وجهده لتحقق آية أمنياتها ويصحبها فى رحلاتها إلى البطولات العالمية.. رغم كل ذلك إلا أنك تلمح الحزن فى عيون الابنة التى تخشى ألا تستطيع الالتحاق بكلية الطب بسبب إعاقتها.

وبوعى شديد تقول آية: أشعر بعدم الاهتمام بالمعاقين من ناحية توفير كود الإتاحة فى الشوارع والمواصلات والمؤسسات وكذلك تواجهنا صعوبات شديدة فى التعليم حتى فى النوادى باستثناء نادى الشمس الذى يوفر الأنشطة لذوى الاحتياجات الخاصة لكنى على مستوى الاتحاد والبارالمبية  فجميع المسئولين يدعمونا بكل قوة وخاصة اللواء صبيح الذى يدعمنا بكل ما نحتاج وهناك 4 أبطال تأهلوا لكأس العالم والحمد لله أصبح الآن هناك وعى بأهمية الرياضيات لذوى الإعاقات الحركية الذين أثبتوا أنهم قادرون على تحقيق بطولات محلية ودولية.

سألت والدة آية عن شعورها وابنتها على أعتاب بطولة كأس العالم، فقالت: أنا سعيدة جداً بإرادة آية وأشعر بأن ربنا كافأنى بها ورغم حالتها فهى أختى وصديقتى وابنتى التى تساعدنى حتى فى شئون البيت وكنت من قبل تعرضت لإجهاض ففوجئت بها تزحف على ركبتيها لتنقذنى وتساعدنى شعرت وقتها بسعادة كبيرة وإن الله تعالى رزقنى بنعمة كبرى أحمده عليها ليل نهار، وهنا أود أن أقول لمجتمع كله إن ذوى الإعاقات الحركية منحهم الله قدرات فائقة وأرجو أن يهتم الإعلام بهم ويعطيهم حقهم.

سألت آية: عن أكثر شىء يضايقها فقالت: لا أحب نظرات الاندهاش والاستغراب فى عيون الناس ونظرت الشفقة لأنى أرى أننى بنت عادية ولا ينقصنى شىء حتى إننى ألعب مع أخى الكرة.

> وأنت الآن على بعد خطوات من تمثيل مصر فى كأس العالم ما هو شعورك؟

– كل أملى تحقيق رقم تأهيلى للأولمبياد، ومهمتى الآن تجميع النقاط لذلك من خلال ثلاث رحلات وبطولات خارجية لأصل إلى التأهيل لـ«ريودى جانيرو 2016» والحمد لله لأننى أول سباحة مصرية تتأهل لكأس العالم فى تاريخ الاتحاد المصرى للمعاقين وأرجو من الله أن يوفقنى لأصل إلى أعلى البطولات لأرد إلى أمى وأبى بعضاً مما بذلاه من أجلى ولتفتخر بى بلادى التى أعشق ترابها.

 

 

 

 

 

الوفد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى