الأخبار

عن مأساة أبوزعبل مرة أخرى

12

فى 18 أغسطس الماضى تم قتل 38 مسجونا ــ معظمهم من الاخوان ــ خلال ترحيلهم إلى مجمع سجون أبوزعبل بعد قيام بعض افراد الشرطة بإلقاء قنابل مسيلة للدموع داخل السيارة التى كانت تقلهم.

الشرطة تصر على أن المساجين حاولوا الهرب،وجماعة حقوقية تقول إن الشرطة انتهكت القانون، وتصرفت بطريقة كارثية قادت إلى هذه المأساة.

منذ ذلك اليوم وحتى اسبوع مضى كدنا نتصور أن «الموضوع نام أو تم الطرمخة عليه»، حتى فوجئنا بإحالة النائب العام المستشار هشام بركات لاربعة ضباط بينهم نائب مأمور قسم مصر الجديدة للمحاكمة الجنائية بتهمة قتل المساجين.

وكالة رويترز قالت إن مصدرا أمنيا ابلغها أن النيابة حققت منذ وقوع الحادث مع سبعة ضباط شرطة فى ثلاث جلسات خاصة.

ثم أفرجت عن ثلاثة منهم أقل رتبة ووجهت للأربعة الآخرين تهمة الاهمال والقتل، بعض الجماعات الحقوقية تطالب بتعديل الاتهامات إلى القتل العمد، وضم وزير الداخلية إلى لائحة المتهمين.

فى هذا المكان انتقدت مرارا أداء وزارة الداخلية، خصوصا فى هذا الحادث، وقلت بعد وقوعه مباشرة انه لا يمكن تبريره بالمرة.

ومازلت عند رأيى.

نعم الداخلية بذلت جهودا جبارة خلال الشهور الماضية، لكن ذلك لا يعطيها رخصة للقتل العشوائى.

أغلب الظن أن قلة التدريب والكفاءة والخبرة والامكانيات تلعب سببا مباشرا فى هذه الكوارث التى شهدناها فى الشهور الثلاثة الماضية، لكن حادث ابوزعبل تجاوز كل حدود والمنطق.

جيد أن يتم إحالة متهمين للمحاكمة ما يعنى وجود بارقة أمل، لكن لماذا تأخرت النيابة كل هذا الوقت خصوصا أن اجهزة الامن تقبض الان على الاخوانى ليلا وتحيله إلى المحاكمة صباحا؟!!.

اما السؤال الجوهرى الذى نوجهه إلى قادة وافراد وزارة الداخلية ولكل الحكومة فهو: إذا كان هذا الحادث وغيره فرديا وليس مخططا ــ كما تقولون ــ فلماذا كل هذا التأخير فى التحقيق والكشف عن تفاصيله؟!!.

ما الذى يضير وزارة الداخلية والنيابة والحكومة بأكملها أن تحيل ضابطا ولو كان برتبة لواء إلى المحاكمة طالما اخطأ؟!.

إحالة أى ضابط متهم يعنى بالفعل أن خطأه كان فرديا اما العكس فيعنى محاولة للسكوت عليه فى اطار سياسة عامة.

سيكرر كثيرون أن رجال الشرطة يعملون تحت ظروف عصبية بالغة القسوة وانهم يواصلون الليل بالنهار ويتعرضون لاستفزازات كثيرة، ونقول لهؤلاء حتى لو صح ذلك فهل يبرر لهم القتل العشوائى؟.

لو أن كل رجل أمن تعرض للاستفزاز قتل المواطن أو المتهم الذى يستفزه، لتعرض الشعب بأكمله للفناء خلال بضع سنوات!.

نحيى ونشد على ايدى كل رجل شرطة أو جيش يؤدى عمله بأمانة ويسهر على حماية الامن والاستقرار ويطارد البلطجية والمخربين والارهابيين وكل الخارجين على القانون، لكن القتل العبثى على غرار ما حدث فى ابوزعبل لا يمكن الدفاع عنه تحت اى مبرر، بل ينبغى محاكمة كل من تورط فى الحادث بتهم كثيرة منها الغباء، عندما تم الزعم عقب وقوع الحادث مباشرة أن هناك ملثمين خرجوا من الزراعات لتحرير المساجين بالقوة، ولم نر ولو مصابا واحدا فى هذه المعركة، ثم تبين أن كل ما حدث تم داخل مجمع السجون!.

مرة أخرى نرجو أن تراجع وزارة الداخلية نفسها ومعها الحكومة فى تطبيق «إستراتيجية الثور الهائج فى متجر الخزف الصينى»!

الشروق

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى