الأخبار

محمد سلماوي يكتب: أى وفاق وأى سياحة؟!

3513

هى صفعة على وجه المجتمع المصرى كله، وليس على وجه حكم الإخوان وحده، فقد أعلن مهاتير محمد، الذى جاء إلى مصر بدعوة من الإخوان، أن ماليزيا قطعت شوطاً طويلاً فى رفع مستوى معيشة أبنائها، وأن إحدى أهم وسائلها فى ذلك كانت السياحة التى تزايدت معدلاتها حتى وصلت لما يقرب من 26 مليون سائح سنوياً، أى بمعدل سائح لكل مواطن.

وحين يقال هذا الكلام فى أغنى بلاد الأرض بالتاريخ والآثار والمناخ الطبيعى وجميع وسائل الجذب السياحى التى لا تتوفر لبعض الدول السياحية الأخرى، بما فى ذلك ماليزيا نفسها، فإن رئيس الوزراء الماليزى السابق يكون قد رفع المرآة أمام وجهنا لنرى ما نفعله بأنفسنا إن كان مازال عندنا نظر.

لقد أوضح ضيف الإخوان أن دخل الفرد فى ماليزيا، الذى كان لا يتعدى 350 دولاراً فى السنة، تخطى الآن 8 آلاف دولار، بينما ينهار الاقتصاد المصرى يوماً بعد يوم دون أن تلوح فى الأفق أى بوادر لإنقاذه بخطة واضحة المعالم، ويتناقص رصيد الاحتياطى بشكل متزايد وترتفع نسبة البطالة التى قال مهاتير إنها أخطر آفات المجتمع لأنها أساس الصراعات الاجتماعية، حيث تؤدى إلى زيادة معدلات الجريمة، فما بالك إذا كانت البطالة عندنا تتزايد والأمن فى الشوارع غير قائم؟!

إن رسالة مهاتير محمد لمضيفيه من أعضاء جماعة الإخوان كانت واضحة، وهى أن السياحة هى مفتاح التقدم والتنمية، وقد وضع لها شروطاً تؤدى إلى استقرار المجتمع، الذى بدونه لا تأتى السياحة، وأول تلك الشروط هو التوافق الوطنى الذى أثبت الإخوان أنهم يناصبونه العداء من اليوم الأول لاعتلائهم منصة الحكم.

لقد كانت البلاد مهيأة لمثل هذا التوافق المجتمعى الذى تحدث عنه مهاتير محمد حين انتخبت محمد مرسى بدلاً من أحمد شفيق، باعتباره ممثلاً لمرحلة جديدة فى حكم مصر، بينما ينتمى «شفيق» للمرحلة التى أسقطتها الثورة، ولقد تماهى «مرسى» مع هذا الاتجاه والتقى ممثلى القوى الوطنية وأكد لهم أنه سيكون رئيساً لكل المصريين، وأنه سيشكل حكومة ائتلاف وطنى وسيعين لرئاستها شخصية وطنية لا خلاف عليها، وأنه سيعيد تشكيل الجمعية التأسيسية للدستور، وأنه فى جميع الأحوال لن يطرح للاستفتاء دستوراً مختلفاً عليه.. إلى آخر ما التزم به أمام ممثلى المعارضة البريئة فى فندق «فيرمونت» قبل الانتخابات بأيام.

لكن ما إن وصل الإخوان إلى الحكم حتى استفردوا به وأقصوا كل من عداهم، فلم يشكل «مرسى» حكومة ائتلاف وطنى، ولا اختار تلك الشخصية الوطنية التى لا خلاف عليها لرئاستها، وأبقى على الجمعية التأسيسية للدستور كما هى، وطرح دستورها للاستفتاء خلال 24 ساعة من الانتهاء منه رغم الخلاف الذى دار حوله.

باختصار، لم يكن محمد مرسى رئيساً لكل المصريين، وهكذا اندلعت المظاهرات والحركات الاحتجاجية وزادت الاضطرابات وسط تصريحات متكررة من جميع فصائل الإسلام السياسى حول السياحة الكافرة، ولم تسلم عناصر الجذب السياحى التى تنفرد بها مصر من الهجوم باعتبارها أصناماً وأوثاناً(!!)، بل لم تسلم من الاعتداء الفعلى عليها، كما حدث مع تماثيل طه حسين وأم كلثوم، أو طمس معالمها، كما حدث مع تماثيل الإسكندرية الأثرية أثناء مؤتمر للسلفيين، أو التهديد بتحطيمها كما صرح البعض فى وسائل الإعلام بخصوص الأهرامات وأبوالهول.

فعن أى وفاق يتحدث مهاتير محمد وعن أى سياحة، بينما مستمعون صم بكم لا يسمعون إلا أوامر مكتب إرشاد الجماعة؟!

المصري اليوم

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى