فى ذكرى ميلاد عماد حمدى..«فتى الشاشة الأول» توهج فنى ونهاية مأساوية (ملف خاص )
مشوار حافل وإرث فنى كبير تركه فتى الشاشة الأول، الفنان الراحل عماد حمدى، والذى حلت ذكرى ميلاده أمس الأول، إذ يتزامن يوم 24 نوفمبر 1909، وتوفى «حمدى» فى 28 يناير 1984، بعدما قدم مجموعة من الأعمال تعد علامة فى تاريخ السينما المصرية. نشأ محمد عماد الدين عبدالحميد حمدى، فى محافظة سوهاج،
وكان طالبًا فى مدرسة التوفيقية الثانوية، ثم تخرج فى كلية التجارة، وتقلد وظيفة حكومية ليعمل كاتبًا فى مستشفى لمدة 3 سنوات، قال عنها فى أحد لقاءاته التلفزيونية إنها أكسبته خبرة كبيرة مع الأطباء ليجيد بعدها تجسيد دور الطبيب فى الكثير من أعماله ثم تقدم باستقالته، ليبدأ مرحلة جديدة فى حياته الوظيفية فى ستديو مصر، كرئيس حسابات، ولكن عشقه للتمثيل كان مسيطرًا عليه سواء من خلال مشاركته فى جمعيات للهواة، أو من خلال فرق التمثيل المختلفة فى المدرسة، وكان يتوجه من منزلهم فى منطقة شبرا حتى يتسنى له مشاهدة النجوم الكبار آنذاك مثل يوسف وهبى، وحسين رياض، وغيرهما من الفنانين.
الصدفة منحته أول بطولة مطلقة فى «السوق السوداء»
مشهد من فيلم «السوق السوداء»
من الافتقاد إلى الوسامة السينمائية إلى لقب فتى الشاشة الأول، هكذا بدأ الفنان الراحل عماد حمدى، عمله، داخل ستديو مصر، لمدة 8 سنوات، وفى تلك الفترة لم يقم أحد باكتشافه أو حتى أن يشارك بأى عمل فنى، لتلعب الصدفة دورها الكبير فى بداياته الفنية ومرحلة توهج فنى كبير لم تكن فى حساباته.
ذهب إلى زيارة أحد أصدقائه بالمصادفة، ليلتقى بالمخرج كامل التلمسانى، والذى بدوره كان يبحث منذ فترة عن وجه جديد، وحينما سأل الصديق المشترك بينهما رآه عنده.
وقال «حمدى» عن تلك الفترة إنه لم يكن يجد أحدًا يشغله أو يكتشفه رغم أن جميع المخرجين أصدقاؤه.وأضاف: «المخرج قال لى تحب تشتغل، قلت له آه، واشتغلت أول فيلم ليا وكان بطولة مطلقة».
وأوضح «حمدى» أن الفيلم كان باسم «السوق السوداء» ودربه المخرج، ولكن الفيلم سقط سقوطًا يؤرخ به فى تاريخ السينما المصرية، حسب تعبيره، لافتًا إلى أن الجمهور أعجبوا بدوره ولكن الفيلم لم ينجح، ورغم أنها أول بطولة مطلقة له فإن «حمدى» ظهر قبلها من خلال فيلم «عايدة» فى بداية الأربعينيات.
وكان ثانى أعماله «دايمًا فى قلبى»، ولكنه نجح بشكل كبير، بينما الثالث «سجى الليل» جعله فى مصاف النجوم، لأنه أول فيلم شرقى لا يعتمد إطلاقًا على الغناء كعادة الأفلام فى تلك الفترة.
«بين الأطلال».. أحب أدوار الرومانسية إلى قلبه
مشهد من فيلم «أم العروسة»
رغم تقديمه أكثر من 150 فيلمًا فى دور فتى الشاشة الأول، والتى تخللها الكثير من الأفلام الرومانسية الشهيرة، وكذلك عدد النجمات اللاتى شاركهن فى أعماله الفنية، من بينهن فاتن حمامة، شادية، مديحة يسرى، سميرة أحمد، واللاتى تشابهن فى كثرة عدد الأعمال، حيث قدمن معه أكثر من 10 أعمال.
وعن أحب الأفلام إلى قلبه رغم أنه لم يكن البطل المطلق قال خلال أحد لقاءاته التلفزيونية مع الإعلامية الكبيرة فريال صالح من برنامج «صفحات من حياتى»، إنه «بين الأطلال» لكنه يحبه ويعتبر نفسه «فتى أول» به.
واعتبر لقب الفنانة فاتن حمامة بـ«سيدة الشاشة العربية» لم يكن من فراغ، وأنها رغم نجوميتها، لم تغلق حياتها الخاصة عليها، وتتسم بالانضباط لتجدها قبل التصوير قرابة الساعتين فكانت تحترم ذاتها وظلت هكذا. واعتبر أن الأفلام فى الأربعينيات كانت بدون استثناء رومانسية خاصة قبل الحرب العالمية الثانية، وأن المجتمع كان مستريًاح ولم تكن لديه إشكاليات؛ لذا لم تكن هناك أفلام «جنس أو عنف» فى تلك الفترة، مثلما تلاها فى مراحل متقدمة؛ لذا كانت الأفلام رومانسية أو اجتماعية أو أسرية، ولكن نظرًا لتغير الحياة الاجتماعية، والاقتصادية تغيرت الموضوعات التى تُطرح فى السينما. واعتبر أن على الفنان والتلفزيون مسؤولية كبيرة تجاه الفن والمجتمع، حيث إن الفنان يستطيع كسب شهرة كبيرة من خلال السينما، ولكن من الواجب الاتصال بالأسرة عبر التلفزيون، خاصة أننا نفتقد شريحة كبيرة وهى الأطفال بدءًا من السنوات الثلاث الأولى وحتى مرحلة المراهقة؛ لذا يجب مراعاة نوعية البرامج والأعمال التى يتم تقديمها لأن التلفزيون وسيلة خطيرة تقتحم البيوت شئنا أم أبينا، وعلى الفنانين أن يبقوا فى ذاكرة الجمهور وفى درجة قريبة منهم من خلال الشاشة الصغيرة.
«الصيد.. والكلمات المتقاطعة».. أحب هواياته
الفنان عماد حمدى
لم تكن موهبة التمثيل فقط التى يمتلكها الفنان الراحل عماد حمدى، ولكن تعددت مواهبه، والتى كان أحبها إليه صيد السمك، والتى قال عنها إنه يحب أن يقضى أوقات فراغه فى أشياء مفيدة، وكانت تلك الهواية أحبها إلى قلبه والتى من الممكن أن يظل لساعات طويلة دون أن يشعر بالتعب، واصفًا إياها بأنها أنقى هواية مفيدة كونها صحية بسبب الجلوس أمام البحر واستنشاق الهواء على ضوء الشمس، بينما تردد أن الفنانة الراحلة شادية هى من علمته موهبة صيد السمك حينما كانا متزوجين وهى تعلمتها منذ كانت طفلة. كذلك حل الكلمات المتقاطعة، هواية أخرى فى جُعبة الفنان الراحل، والتى يقول عن عشقه لها إنها هواية مرضية، وإذا لم يستيقظ ويقم بعملها يتبلد عقله، وأنه يرى من خلال تلك الهواية أن شخصًا يقف أمامه ويتحداه بتلك الأسئلة فيجب أن يواجهه بحلها.
وهوى الفنان عماد حمدى الرسم، بشكل كبير، وعشق كرة القدم، حيث قال إنه فى عُمر 13 عامًا كانوا يقفون على الحبال لمشاهدة المباريات، وكان ذلك منذ عام 1925، وكذلك الطبخ الذى كان أيضًا من مواهبه المتعددة.
٥ نجوم اعتبرهم الأفضل والأقوى فى تلك المرحلة
مشهد من فيلم «بين الأطلال»
اعتبر الفنان الراحل عماد حمدى أن العلم أهم من الفن نفسه، لافتًا إلى أنها مرحلة مهمة جدًّا للفنان وأن هذا يكوّن الفنان أخلاقيًّا وثقافيًّا فى مهنة الفن ويساعده على الابتعاد عن الأخطاء.
وأضاف خلال أحد لقاءاته مع التلفزيون الإماراتى إن بدايات الفنانين جميعهم لم تكن فى التمثيل، ولكن كان لديهم نزعة أو هواية للفن أشبعوها وهم طلاب داخل فرق التمثيل بالجامعات، ومن يحب التمثيل يستمر ويستكمل المسيرة.
وبعد انتهاء مرحلة الشباب وانتقاله إلى مرحلة أكبر ظهر فى تلك الفترة عدد من النجوم الذين لمعوا فى ذلك الوقت، قال حمدى عنهم إنه يعتبر أن هناك 4 فنانين هم الأفضل والأقوى بالنسبة له فى تلك الفترة وجميعهم يتشابهون بأنهم خريجو كليات ومثقفون ومحترفون، وهم محمود ياسين، حسين فهمى، نور الشريف، سمير صبرى.
وقال إن الفنان محمود ياسين كان حقوقيًّا وأيضًا درس فى معهد العالى للفنون المسرحية، وكذلك حسين فهمى محترف ودرس الإخراج فى كاليفورنيا، ومعيد فى معهد السينما، ولكن لوسامته احترف التمثيل أيضًا، وكذلك نور الشريف الذى تخرج فى معهد الفنون المسرحية ويراه ملتزمًا ومثقفًا، وكذلك سمير صبرى، الذى تخرج فى الجامعة الأمريكية، وعمل مقدم برامج، واصفًا إياه بأنه لبق وعلى مستوى عالٍ، وكذلك محمود عبد العزيز، الذى حصل على ماجستير فى الزراعة، معتبرهم جميعًا يتقاسمون أدوار الفتى الأول فى تلك المرحلة.
محطات فى مسيرته الفنية
مشهد من فيلم «سواق الأتوبيس»
تخللت حياة الفنان الراحل عماد حمدى، مراحل صعود وهبوط فنى سواء فى بداياته، أو من خلال أعمال وصفها بأنها أضاعت وقته.
ورغم أن فيلم «السوق السوداء» مثل انطلاقته فى البطولة المطلقة، وأول أدواره فى السينما، صاحبه الفشل الذريع على حد وصف الفنان عماد حمدى، لأن الفيلم رغم أنه نجح فى بطولته بشهادة الجمهور إلا أن الفيلم بشكل متكامل لم يحظ بالنجاح بشكل كبير، كذلك اعتبر أن من أفشل الأعمال التى قدمها مسرحية تحت عنوان «كله عايز من كله» والتى باءت بالفشل بسبب حبه للصيد، حيث توجه هو وصديقه الفنان بدر الدين جمجوم، للمشاركة فى العرض المسرحى فى الإسكندرية، ولأن هواية الصيد هى نقطة ضعفه فوافق على السفر وجلسا لوقت طويل فى الصيد، ولكن اعتبر أن المسرحية «فضيحة» وأن الرجل عرض عليهم السفر لمدة شهرين ولكن لم تنجح ولام نفسه عليها.
وعن أنجح وأحب أعماله المسرحية قال إنها «خان الخليلى» للأديب نجيب محفوظ، وإخراج حسين كمال، والذى اعتبر أنها أفضل العروض المسرحية التى قدمها فى أوائل دخول التلفزيون، وقتما كان يتم تشغيل 10 فرق تقدم عروضًا مسرحية، وتلتها مسرحية «شاهين ما مات»، ولكنه اعتزل المسرح بعدها لأنه يحتاج مجهودًا أكثر من السينما والتلفزيون.
كذلك اعتبر أن من العلامات فى حياته أول دور قدمه فى مرحلة ما بعد أدوار الرومانسية، وكانت «ميرامار»، و«ثرثرة فوق النيل»، و«المذنبون» والذى حصد جائزة عليه.
«إنت مش ابنى».. قصة أصعب صفعة على وجه عبدالحليم حافظ
مشهد من فيلم «الخطايا»
تسببت «الصفعة» التى وجهها الفنان عماد حمدى إلى الفنان الراحل عبدالحليم حافظ، خلال أحداث فيلم «الخطايا»، والتى وصفها بأنها كانت الأصعب- فى فى ردود فعل كبيرة بعدها.
وحكى عنها الفنان الراحل عماد حمدى، خلال أحد لقاءاته مع الإعلامى مفيد فوزى، قائلًا: «الصفعة أخدت ملو الكف إلى وجه عبدالحليم، وكان بيبكى، وبالفعل قفزت دمعته من عينيه إلى البدلة الخاصة بى، كان قلم حقيقى وهو الذى طلب ذلك».
وروى أنه من المفترض أن يصفعه بشكل صريح من تأثير شدة غضبه ضمن الأحداث مع عبارة «إنت مش ابنى»، لافتًا إلى أن عبد الحليم حافظ رقيق الجسم ولكنى قلت له لا تضعنى فى موقف حرج مع الجمهور ليرد «ملكش دعوة» وأصر على تنفيذ الموقف، وبالفعل قمت بتوجيه الصفعة وكنت بداخلى أتوقع أن يحدث له شىء جراء ذلك لكنه استكمل المشهد بدون توقف.
وعن ردود الفعل بعد هذه الصفعة، قال: وجه جمهور عبد الحليم حافظ، فى الشرق الأوسط كله، اللوم والعتاب بسبب تلك الصفعة، خاصة أنه «معبود الجماهير»، وثارت الناس عليه فى كل مكان.
وعن رأيه فى «عبد الحليم» قال إنه كان مطربًا أكثر منه ممثلًا، وممثلًا أكثر منه مطربًا، ولديه صدق فى التمثيل قل أن يراه فى غيره.
اللحظات الأخيرة فى حياته .. رحيل شقيقه التوأم ثم اكتئاب ولقاء مع «الشعراوى»
عماد حمدى وشقيقه التوأم
رحلة معاناة جديدة تسطرها حياة الفنان عماد حمدى، بعد رحيل شقيقه التوأم عبدالرحمن، والذى كان يشبهه بدرجة كبيرة، حيث تسببت وفاته فى تأثر «حمدى»، بشكل كبير، لتسيطر عليه الأحزان والعزلة وتزداد حالته الصحية سوءا يومًا بعد يوم.
وقال الماكيير محمد عشوب، خلال برنامجه «ممنوع من العرض»، إن العلاقة التى كانت تربطه وشقيقه كبيرة جدًّا؛ لذا كانت ضربة قاضية بالنسبة للفنان.
وأوضح نجله نادر عماد حمدى أنه حينما توفى عمه ظل والده مقيمًا فى منزله قرابة 3 سنوات، ليدخل فى مرحلة جديدة من المعاناة والاكتئاب.
وحرص الشيخ محمد متولى الشعراوى على مؤازرته ودعمه نفسيًّا للخروج من تلك الحالة، لكن سرعان ما تدهورت حالته ودخل فى إضراب عن الطعام حتى وفاته. كانت زوجته السابقة ووالدة نجله الفنانة فتحية شريف، تقوم على رعايته رغم انفصالهما، حسبما صرح نجله فى أحد لقاءاته التلفزيونية.
زيجات فنية فى حياة عماد حمدى.. أطولها مدة نادية الجندى
حمدى وشادية
لم تكن حياة الفنان عماد حمدى الخاصة ناجحة نفس نجاح أفلامه الرومانسية والتى من خلالها لُقب فتى الشاشة الأول، حيث تزوج ثلاث زيجات فنية، كانت الفنانة فتحية شريف، والدة نجله نادر، أول زوجة وتزوجها فى بداياته ولكنهما انفصلا بعد ثلاث سنوات من الزواج، ولم تتزوج مرة أخرى وكرست حياتها لتربية ابنهما.
كانت الزيجة الثانية فى حياة الفنان عماد حمدى، الراحلة شادية، التى تزوجها عام 1953، واستمرت 3 أعوام ولم ينجبا وانفصلا. يليها زواجه من الفنانة نادية الجندى، والذى استمرت 13 عامًا، وأنجبا خلالها ابنهما «هشام»، وبعدها انفصلا. وعن زيجاته، قال الماكيير «عشوب» خلال برنامجه: «إنه التقى بالفنانة شادية، ونشأت بينهما قصة حب، وخلال تصوير أحد الأفلام اصطحب نجله نادر معهما، لتحتضنه شادية، خاصة أنها لم تنجب فاعتبرته ابنها». وتعد فترة زواج شادية وعماد حمدى هى الأجمل رومانسية وحبًّا، ولكن بسبب غيرته لم يستمر زواجهما ولكنها ظلت على علاقة بنجله، وفى حديث تليفزيونى لـ«حمدى» ذكر انه كانت فى بداية حياته زيجة من خارج الوسط الفنى لم تستمر سوى ٢٤ ساعة.
almasryalyoum
