الأخبار

مراتى زعيمة عصابة

51

 

يشير عقرب الساعات إلى التاسعة صباحا مع صعود الرجل الثلاثينى صاحب الهندام المنمق والوجه المشرب بصفرة الحزن درجات السلم المتهالك لمحكمة الجيزة لشئون الأسرة.

يشق الشاب النحيل بأنفاس متسارعة موجات الزحام المتلاطمة، وبعد عناء يستقر أمام غرفة مثبت فى منتصف بابها لافتة صغيرة مدون عليها نيابة الأسرة، يلتقط الزوج الثلاثينى كرسيا خشبيا أمام منضدة، يتناثر عليها اقلام وأكوام من حوافظ مستندات مرصوصة كالبنيان.

تتوسط الحجرة، ويسقط عليه بجسده المنهك، ليبدأ سرد حكايته مع زوجته المسجونة بتهمة تكوين تشكيل عصابى تخصص فى سرقة المواطنين بالإكراه لأعضاء النيابة، ويعدد لهم أسباب طلب تسليم ابنته ذات الـ4 سنوات لوالدته.

يقول الزوج الثلاثينى فى بداية روايته:” تزوجتها رغم معارضة أهلى لهذه الزيجة، فكانوا يرون أنها من طينة غير طينتنا، فنحن تنتمى لأسرة ميسورة الحال.

عريقة الأصول والنسب، وأنا اعمل مهندس بترول باحدى الشركات الكبرى، أما هى فليست سوى فتاة بسيطة، لم تحظ بقسط وفير من التعليم، ومن أسرة فقيرة، ووالدتها تعمل عاملة نظافة بإحدى المدارس، ولكنى لم أكن أراها كذلك ربما لأننى كنت مبهورا بطموحها ومسحورا بجمالها وشخصيتها القوية وكلماتها الموزونة بميزان العقل وحنيتها الزائفة، وربما لأنها كانت تجيد التلاعب بعقول الرجال، فلم أصدقهم حينما أقسموا لى أنها لن تصون عشرتى، وأن ذلك الزواج مصيره الفشل، وأغضضت بصرى عن فارق المستوى الإجتماعى بيننا، ولم أتصور وقتها أننى كنت بالنسبة لزوجتى مجرد وسيلة تتخلص بها من فقرها المدقع وتنتقل من شقتها المتواضعة إلى بيت قابع فى أحد الاحياء الراقية بالجيزة”.

يواصل الزوج الثلاثينى حديثه بنبرة منكسرة:”لكن بعد الزواج وتعاقب الأيام، بدأت اتأكد من صدق كل كلمة تفوه بها المقربون منى وأهلى بحق زوجتى، وبدأت أشعر بالفارق الكبير بيننا فى التفكير وأسلوب المعيشة، ومع ذلك كنت دائما أحاول التأقلم مع طباعها الحادة ولسانها السليط من أجل استقرار البيت والطفلة التى لا ذنب لها سوى أننى اساءت اختيار والدتها، لكن مالم أتحمله هو رائحة الطمع التى باتت تفوح من تصرفاتها، ومحاولاتها المستمرة للإستيلاء على راتبى وممتلكاتى، وطلباتها التى لاتنتهى، ومسألة اختفاء مبالغ مالية من البيت فى غيابى إضافة إلى دأبها على اختلاق المشكلات مع شقيقاتى وأمى.

تحولت حياتنا إلى جحيم، وبات صوت الشجار لاينقطع من بيتنا، وفى آخر مرة لنا معا نشب خلاف بيننا، فتركت البيت حاملة طفلتى وطلبت الطلاق، نفذت لها رغبتها، وتعهدت بدفع مصروفات للصغيرة 2000 جنيه شهريا”.

ينهى الزوج الثلاثينى روايته بصوت منخفض وكأنه يتحدث لنفسه ويلومها على اختيارها:”استمر الحال كما هو عليه حتى فوجئت بخبر إلقاء القبض على زوجتى بتهمة تكوين تشكيل عصابى يتخصص فى سرقة المواطنين بالإكراه، نزل الخبر على وقتها على كالصاعقة، فكيف لى لم اكتشف حقيقتها ووجهها القبيح من قبل.

ويكمل الزوج.. بدأت أفسر أسباب اختفاء المبالغ المالية من بيتى، صدر حكم بجسن زوجتى، وانتقلت الحضانة إلى والدتها بموجب القانون، واستمريت فى دفع نفقات الصغيرة،لكنى اكتشفت أن جدة الطفلة تستولى على الأموال التى ارسلها لها شهريا، وتنفقها على ابنتها فى سجن القناطر، وأنها تتركها عند جيرانها أثناء فترة عملها، مما عرض الصغيرة للخطر، والأهم من ذلك كيف لسيدة “زعيمة عصابة” أن تربى طفلة تربية صالحة، ولأن القانون قد وضع الأب فى ذيل قائمة الحاضنين،تقدمت والدتى بطلب تسليم الصغيرة لها لعدم امانة جدتها لأمها عليها”.

 

صدي البلد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى