الأخبار

الغزالى حرب: إذا لم يقدم «الإخوان» حلولاً وسطاً سيلقون «مصير مبارك»

 

 

حذر الدكتور أسامة الغزالى حرب، رئيس حزب الجبهة الديمقراطية عضو جبهة الإنقاذ الوطنى، من أن سياسات جماعة الإخوان وحزبها والرئيس محمد مرسى ربما تؤدى لاندلاع موجة جديدة من الثورة ضدهم، وقال: إنهم ربما يلاقون نفس مصير النظام السابق إذا لم يقدموا حلولا توافقية.

وأكد، فى حوار لـ«الوطن»، أن البديل لـ«الإخوان» حال سقوطها سيكون «الجيش» أو ائتلافاً مدنياً، ورأى أن جبهة الإنقاذ الوطنى ليست كيانا متماسكا، وأن كثرة عدد أعضاء الجبهة تهدد مستقبلها.

* كيف قرأت نتائج المرحلة الأولى من الاستفتاء على الدستور؟

– السمة الأساسية للاستفتاء هى انقسام الشعب، ولسنا تجاه نتيجة محسومة لطرف معين، وهذا الأمر يمكن تقبله فى الظروف العادية، إنما فى ظروف ما بعد الثورة وفى ظل سلوكيات الهيمنة والغطرسة لحزب الحرية والعدالة وجماعة الإخوان، وتعاملهما مع المشهد السياسى بشكل عام، يحمل الأمر احتمالات سيئة، خصوصاً فى ظل غياب الحكمة من بعض الأطراف.

* من المسئول عن الانقسام؟ وما أخطاء جبهة الإنقاذ فى تلك الأزمة؟

– المسئول هو السلطة الحاكمة، والرئيس بالتحديد والحزب المنتمى له، لكن من العدل أن نسأل أنفسنا: هل هم فقط من يتحملون المسئولية؟ والإجابة ستكون: «لا»؛ لأن المعارضة التى توحدت فى كيان واحد، وهو جبهة الإنقاذ، تتحمل جزءا من المسئولية، لكن الرئيس والسلطة هما من يملكان الحلول الوسط وعليهما مسئولية تحقيق التوافق، وهذا لم يحدث من حزب الحرية والعدالة أو مؤسسة الرئاسة.

* لكن فى رأيك.. ما أخطاء جبهة الإنقاذ؟

– جبهة الإنقاذ ليست كياناً متماسكاً بمعنى الكلمة؛ فهى مجموعة من الأحزاب توافقت حول عدد من المواقف المحددة، تتمثل فى رفض تصرفات وسياسات حزب الحرية والعدالة، لكن هل قدمت البديل بدلاً من الاكتفاء بالمعارضة، أو وضعت مشروعا آخر للدستور على سبيل المثال؟

* هل تعتقد أن تحل «الإنقاذ» نفسها بعد انتهاء أزمة الدستور؟

– طبعاً يمكن أن تحل جبهة الإنقاذ نفسها بعد انتهاء الأزمة؛ فهى ليست تنظيماً أو حزباً سياسياً، ولا تستهدف الوصول للسلطة، هى تشكلت لمعارضة الإخوان والحزب الحاكم، أكثر منها جبهة تقدم سياسات بديلة.

* لكن البعض يريد استمرار «الجبهة» حتى الانتخابات البرلمانية؟

– الأمر ما زال مطروحاً، ويتوقف على قدرة أعضائها على تشييد تحالف سياسى حقيقى، وأعتقد أن تعدد أطراف الجبهة قد يهدد مستقبلها؛ لأن بها كل الأحزاب والحركات السياسية والمجتمعية، وأعتقد أن هناك أهمية أن تستمر الجبهة سياسياً وانتخابياً، لكن هناك اتجاهاً آخر أن تعود الأحزاب، ومنها مثلا حزب الوفد، إلى العمل منفردة بعد انتهاء الأزمة.

«جبهة الإنقاذ» كيان غير متماسك.. وكثرة المشاركين فيها تهدد مستقبلها

* هل ترى أن «مرسى» يتصرف بشكل لا يتفق مع كونه رئيساً لكل المصريين؟

– هذه هى القضية التى أثيرت منذ اليوم الأول، وأنا شخصياً كنت متفائل بالرئيس مرسى، رغم دعمى للفريق أحمد شفيق أثناء الجولة الثانية من الانتخابات الرئاسية، وكتبت مقالاً أحدد فيه 10 نقاط مطلوبة منه، واعترفنا به بحكم الديمقراطية، والرئيس نفسه وعد بأن يكون رئيساً لكل المصريين، إنما ما حدث فعلياً من ممارسات وسياسات أوحى للمصريين، سواء خطأ أو صواب، بأنه لا يتصرف بهذه الصفة، إنما يتصرف بالأساس كعضو بجماعة الإخوان وكشخص يدين بالولاء لها، أو أن الجماعة تتصرف أكثر مما يتصرف هو، وهذا يمثل عنصر سلب وليس عنصر إيجاب. ويبدو واضحاً أن جزءاً كبيراً من القرارات يخرج من مكتب الإرشاد ومن القيادات الكبيرة بالجماعة، وأن كثيراً من التصرفات بدا وكأن الجماعة منغمسة فيها بشكل أو بآخر.

* ما رأيك فيما أعلنته الرئاسة من تمرير الدستور حال حصوله على «50% + 1»؟

– كيف يُعقل أن يكون التعديل فى الدستور يتطلب الثلثين للموافقة داخل البرلمان، فيما سيقر الدستور نفسه بنسبة «50% + 1»؟ والدستور بحكم التعريف ينبغى أن يكون وثيقة توافقية، تجمع الغالبية العظمى من الأمة، وعندما يمرر دستور بنسبة 60% مثلاً، فإن هذا بالقطع يطعن فى أهليته كدستور، لا يمكن الحكم بدستور يرفضه 40% من الشعب، وهذا أحد الأخطاء الأساسية للإخوان؛ فهم لم يتمهلوا حتى يمكن الوصول لمشروع دستور يخلق توافقا، وكان يمكن وقتها أن يكون الاستفتاء نوعا من الإجراءات الشكلية، لكن للأسف كان المسار مخالفاً لذلك، وأنا أعزو ذلك لضعف الخبرة الشديدة للجماعة؛ فهم ليس لديهم أى خبرة فى إدارة شئون البلاد.

* هل هذا يعنى أن عمر الدستور -حال إقراره- سيكون قصيراً؟

– طبعاً، لا يوجد نقاش فى هذا، البابا تواضروس، بابا الإسكندرية الجديد، له تعبير يقول فيه: «إن صلاحية الدستور قصيرة ومحدودة»، وأعتقد أن هذا تعبير دقيق، وفى أول فرصة سياسية يمكن الطعن فيه أو تعديله أو تغييره.

* لكن البعض يرى صعوبة تحقيق توافق حول الدستور فى ظل انقسام الساحة السياسية.. فما رأيك؟

– السياسة هى فن الحلول الوسط، والذى لا يفلح فى إيجاد حلول وسط يصبح غير سياسى، والسياسة وسيلة لتحقيق حياة كريمة للمواطن، وليست لما يحدث الآن.

* وما تعقيبك على أعمال العنف الحالية؟ وهل ستتطور؟

– حذرت منذ فترة كبيرة من العنف، وذكرت كلمة «حرب أهلية»، ورفضها كثيرون حين ذاك، وهى تتردد الآن.. نرفض ما حدث عند مدينة الإنتاج الإعلامى، أو الاعتداء على مقرات الصحف والأحزاب، فهذا ليس من الديمقراطية، ومن الممكن أن يستدعى هذا عنفاً أكثر، وما حدث عند قصر الاتحادية واقتحام الإخوان لخيام المعتصمين كان سبباً فى زيادة العنف، ويجب أن يكون هذا كله محل رفض من جميع القوى السياسية؛ لأن الديمقراطية صراع سياسى سلمى.

صلاحية الدستور «محدودة».. و«الحرية والعدالة» تعامل مثل «الوطنى المنحل» بعد وصوله للسلطة

* ما ردك على الاتهامات الموجهة للجبهة بأنها تعمل لـ«إسقاط مصر»، واتهام بعض رموزها بـ«التخابر والتآمر»؟

– هذا كلام فارغ، وعندما يبدأ النظام الحاكم باتهام معارضيه بأنهم خائنون وعملاء ويحاولون إسقاط النظام، علينا أن نعرف حينها أن السلطة لا تطيق الديمقراطية، ونفس هذه العبارات كان يقولها مبارك وحزبه الوطنى المنحل تجاه المعارضين، يجب أن يستوعب الجميع فكرة الحكومة والمعارضة، والحسم فى النهاية لصندوق الانتخابات.

* ما ردك على اتهام جبهة الإنقاذ بأنها تستعين بـ«الفلول» لزيادة الحشد؟

– غير صحيح إطلاقاً.. ولم يدع أحد أنه حشد الجماهير، أنا رأيى أن الغالبية العظمى جاءوا مثلما خرجت الملايين فى ثورة يناير بعفوية، والجبهة لا تعطى أوامر للجماهير بالاحتشاد.

وإذا وصفنا كل من شارك فى الحياة السياسية فى النظام السابق بـ«الفلول» يبقى الإخوان هم «أبوالفلول»؛ لأنهم امتلكوا 88 مقعدا فى آخر برلمان، وكانوا يجلسون مع أطراف وقيادات النظام السابق، ومعترفا بهم، وهناك تعامل بين الطرفين؛ فالمعارضة جزء لا يتجزأ من النظام السياسى.

* هل ترى أن استمرار الأزمة الحالية وتصاعد المعارضة يمكن أن يكونا مقدمة لثورة جديدة ضد الرئيس وجماعته؟

– هذا احتمال وارد، ربما تسير الأمور والتداعيات لهذا الاتجاه، المشكلة أن حزب الحرية والعدالة حين تقلد الحكم تصرف مثل الحزب الوطنى المنحل، ليس كجزء من العملية الديمقراطية مثله مثل باقى الأحزاب، لكنه بدا وكأنه جاء ليسيطر على الحياة السياسية ويشكل كل شىء فى الدولة والمجتمع، وهذا ولّد قوى معارضة تجاههم.

* هل تكون النهاية واحدة ويلقى الإخوان نفس مصير نظام «مبارك»؟

– احتمال وارد أن يلقوا نفس المصير، إذا لم يفلح «الإخوان» فى تقبل الحوار والنقد، وتقديم حلول وسط، وحل المشكلات مع المعارضة.

* ما البديل إذا سقط «الإخوان»؟

– الحياة السياسية مليئة، يمكن أن يكون البديل القوات المسلحة، أو ائتلافا من القوى المدنية.

* لماذا ذكرت «الجيش» فى المقام الأول؟

– القوات المسلحة رمز للدولة، وهى المؤسسة التى ما زالت تقف متماسكة، وإذا سادت حالة من الفوضى الشاملة فى البلاد، يصبح نزولها للشارع واجبا وطنيا. ومن يتصور أن هذا مستبعد فهو واهم.

* «الإخوان» تتهم المعارضة بأنها تسعى لإعادة القوات المسلحة للمشهد من جديد رغبة فى الإطاحة بالرئيس!

– كونى أتنبأ بعودة القوات المسلحة هذا ليس معناه دعوة للتدخل مرة أخرى، أنا أتحدث برؤية تحليلية.. المدهش أن أكثر قوة تعاونت مع القوات المسلحة هم الإخوان أنفسهم. وأعتقد أن الأمور تسير فى اتجاه موجة ثانية من الثورة؛ لأن المواطن لم يعد كما كان.

* كيف رأيت أزمة الرئاسة والسلطة القضائية؟

– هذا الأمر هو أكثر ما يهدد شرعية النظام بأكمله فى الصميم، ويدل على سوء التقدير السياسى، وإحدى المفاجآت هى موقف السلطة القضائية وتماسكها فى مواجهة النظام.

* ولماذا قدمت استقالتك وعزفت عن الكتابة بجريدة الأهرام؟

– لم تكن استقالة، بل كانت امتناعاً عن الكتابة فى هذه الفترة، وأنا ما زلت موجوداً بالمؤسسة، وهو احتجاج منى على تحيز «الأهرام» وخروجها عن خط المؤسسة المعروف بالموضوعية والمعالجة، سواء للأخبار أو الآراء تجاه الإخوان والسلفيين، وتجاهل الأحداث الرافضة لسيطرة الجماعة مثل أحداث نادى القضاة، وحوار حسنين هيكل، وأخبار القوى الثورية، ورسائل الدكتور البرادعى.

 

 

الوطن

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى