الأخبار

بِشر ودراج الأكثر تطرفا داخل الإخوان

1

 

القيادى الإخوانى السابق الدكتور عبد الستار المليجى، كان واحدًا من أنشط أعضاء الإخوان فى العمل النقابى، حتى أصبح أمينًا عامًا لمجلس نقابة العلميين وعضو بمجلس شورى الجماعة، لكنه ما إن خرج من الجماعة حتى حاربوه فى انتخابات مجلس النقابة عام 2011، حين نزل على منصب النقيب، كانت بدايات تمرده عبر وثيقة نشرها علنا عام 2007، ينتقد خلالها عدم الشفافية فى حركة أموال الجماعة. المليجى عضو مجلس إدارة نادى أعضاء هيئة التدريس بجامعة قناة السويس، وأستاذ فسيولوجيا النبات بكلية العلوم. المليجى يحلل «الكابوس» الذى تحياه جماعة الإخوان حاليا، ويفصّل أسباب نكستها، ومكامن شرها، فى الحوار التالى:

■ ما مستقبل جماعة الإخوان فى ظل هذه التطورات كلها؟

– أولا الجماعة عملت منذ إنشائها خارج الإطار الوطنى، وكان نمط عمل حسن البنا ومن حوله باستمرار على خلاف المشروعية القانونية، وبعد انكشاف أمر الإخوان وجماعتهم لم يعد لهم مستقبل فى مصر، لأن هناك متغيرًا جديدا لم يكن موجودا فى أى وقائع صراع سابقة، وهو أن الشعب المصرى اتخذ قرارًا بالاستغناء عن الإخوان جماعة وجمعية، وأصبح ينظر إليهم كأنهم شياطين مصر، فالصورة الذهنية عن الإخوان لدى المواطن العادى صورة سيئة للغاية بل رأيت وسمعت من يقول «الاحتلال الإخوانى لمصر» وبالتالى مستحيل أن يعبر بعضهم إلى المستقبل.

■ وما مصير المجموعات التى ستتبقى من الإخوان؟

– المجموعة التى ارتكبت جرائم وتضم غالبية أعضاء الجماعة مصيرهم يحدده القضاء، وهناك قلة من الطيبين الذين غرر بهم أمامهم، وساروا فى ركب الجماعة أمامهم حل وحيد هو أن يعلنوا أنهم مصريون أولا، وأنه لا علاقة لهم بالتنظيم الدولى على الإطلاق، وأنهم مجموعة مصرية كانت مريضة وشفيت من فكر ضال، وعليهم أن يعلنوا كذلك توبتهم عن التاريخ الماضى كله، ويقدموا اعتذارًا صريحًا للشعب المصرى، ثم يكتبوا مراجعات فكرية يعلنون فيها أن حسن البنا مجرد رجل اجتهد له من الأخطاء أكثر مما أصاب.

■ البعض من جماعة الإخوان قالوا إنهم ضد العنف التطرف.. هل نضع لهم شروطًا للعودة للمجتمع والحياة السياسية؟

– أولا هؤلاء قسمان، قسم صادق وقسم كاذب، القسم الصادق هم قلة هرستها الجماعة هرسًا وصادرت أموالهم وأعمالهم ومن كان منهم شريكا فى مطبعة تابعة للإخوان أخذوا فلوسه.. وارتكبوا جرائم مادية ومعنوية كثيرة جدا والحمد لله أننا صبرنا وفرحنا كثيرا بثورة 25 يناير، لأنها أدت الدور وزيادة فى هدم هذا الكيان الإجرامى.

القسم الآخر وهم الكاذبون، الذى يفرق هنا بين الكاذب والصادق هو أوراق مباحث أمن الدولة، الذين شاركوا فى تنظيمات الإخوان تحديدا منذ عام 1996 حتى يومنا هذا كاذبون جميعًا لأنهم كانوا مجتمعين على جريمة بدؤوها بانتخاب مرشد ببيعة المقابر (انتخاب المرشد مصطفى مشهور عقب تشييع جنازة المرشد الذى سبقه محمد حامد أبو النصر، وينظر إلى مشهور باعتباره مؤسس التنظيم السرى للإخوان فى الأربعينيات مع عبد الرحمن السندى وساروا فى طريق الشر حتى وصلنا إلى هذه النتيجة السيئة.

مصطفى مشهور خرج من السجن عام 1974 ومعه مجموعة منظمة على نفس الفكر التكفيرى الانتقامى الحربى هذا.. وحرص الإخوان على أن لا يصل هذا الشخص إلى سدة الإدارة العليا فى الجماعة، لكنهم فاجؤوا الجميع باختياره فى ما سمى ببيعة المقابر، حيث نظموا مظاهرة كبيرة فى أثناء تشييع جنازة المرشد السابق عليه محمد حامد أبو النصر وبايعوا مصطفى مشهور علنا ففرض على الإخوان فرضًا ثم أعمل سكينة ومبضعة فى الصف الإخوانى فقطع منه كل من لا يتوافق مع أفكاره من هذا التاريخ، وقام بتصفية الجماعة لحساب التنظيم السرى، هذا كله مسجل عند مباحث أمن الدولة، من عمل كمسؤول أسرة، أو رئيس محافظة أو عضو مجلس شورى الجماعة، هؤلاء لا يمكن أن يقبلوا فى المجتمع المصرى تحت أى مسمى، لأن ما نحن فيه الآن جريمة أُعِدَ لها من زمن وحشد لها أفراد ورصدت لها أموال حتى وصلنا إلى درجة الصدام المسلح.

■ هل وصلوا إلى هذا الحد بسبب عيوب فكرية أم تنظيمية؟

– التنظيم سهل حله، لكن هذه عيوب فكرية.. هذه مجموعة ترى فى نفسها شعب الله المختار مثل اليهود.. أنقى دمًا وأحسن فكرًا وأفهم للدين وكل هذا كذب.. بالتطبيق العملى سنجد أن كل ما فعلوه على خلاف الدين والشريعة وعلى خلاف الرحمة.. هؤلاء مرضى لا يعترفون بمرضهم، فيستحيل أن يندمجوا وأخص منهم بالذكر محمد على بشر وعمرو دراج اللذين تتفاوض معهما بعض أجهزة الدولة حاليا.. هؤلاء أشد توغلًا فى الفكر التكفيرى من غيرهم، إنما ليس لديهما قدرات قتالية بحكم طبيعتهما الشخصية، لكنهما يغطيان على القادرين على القتال ويحسنان صورتهم ويقدمونهم للمجتمع فلا يجب أن نقع فى أى إشكالية مع أحد كان له دور تنظيمى داخل هذه المجموعة ونتصور أنه حمل وهو ذئب.

■ أنت تحذر تحديدا من التفاوض عمرو دراج ومحمد على بشر.

– نعم.. فكل من تولى المسؤولية فى تنظيم جماعة الإخوان لا مصير له إلا السجن والمحاكمة الآن، لأن ما حدث ليس قليلًا، فالحرائق التى أثارت الذعر وأرعبت المجتمع والعنف الذى زاد على كل الحدود، شىء وحشى للغاية.. والسؤال: هل شجب بشر أو دراج ما حدث؟ لم يتكلما فى هذا، لأنهما يوافقان عليه، ويقولان إنهم مظلومون، هذان (بشر ودراج) أكثر الناس مرضًا فى الإخوان.. أنا أتعجب مثلا أن أسمع رئيس الوزراء يقول «إحنا مش بنحل جماعات إحنا نوفق أوضاع»، وأنا أربأ بالدكتور الببلاوى أن يقول مثل هذا الكلام.. لا بد أن يدرك أنه رئيس وزراء ثورة قامت، ولازم يلتزم بوجهة نظرها.

■ ربما يكون الدكتور الببلاوى يقول هذا الكلام كنوع من المواءمة؟

– لا يجوز المواءمة فى هذا الموضوع.. هذا أمر داخلى ليس له علاقة بالسياسة الخارجية، وأمريكا لا بد من حسم المسألة معها، أنا سمعت كلام الرئيس عدلى منصور وكان واضحًا حين قال الشؤون الداخلية لا نسمح لأحد بالتدخل فيها.. الآن الاتحاد الأوروبى يرسل واحدًا يتفاوض مع عمرو دراج ومن وقاحة المبعوث الأوروبى يقول لا بد من الحفاظ على جماعة الإخوان وحزب الحرية والعدالة.. أقول له «خذهم يعملوا جماعة وحزب عندك».. وأسأله: لماذا تصدرون لنا البلاء دائما؟.. لماذا تبلوننا بشىء يعطل حياتنا؟ وأقصد هنا إسرائيل والإخوان.. كنتم تكرهون اليهود وأقمتم لهم دولة على أرض فلسطين.. لا بد من وقفة مع الجانب الأوروبى والأمريكى فى هذه المسألة، هذا شأن داخلى، والمصريون أعلم وأدرى بما يساعدهم فى مسيرة المستقبل.. التدخل الغربى واضح وألمح أشياء مريبة.

■ مثل ماذا؟

– مثلما حوصر مسجد الفتح فى ميدان رمسيس، وكان معروفًا قائد المجموعة وهو المدعو صلاح سلطان الذى كان موجودًا فى المسجد، وهو من أمر بالحرائق، وأعلنوه بالاسم ولم يقبضوا عليه أين ذهب؟ هذا أمر مريب للغاية.. عصام العريان أين هو؟ لا أتوقع أن أجهزة الأمن لا تعرف مكانه حتى الآن.

■ هذا الكلام قيل أيضا على محمد البلتاجى لكن الشرطة قامت بضبطه فى النهاية.

– عامل الزمن مهم.. التباطؤ فى الإجراءات بهذا الشكل يجعل الشعب ينقلب على الحكومة، لأن الناس لم تعد تطيق الانتظار.. أيضا هناك نموذج للفوضى فى حى كبير مثل التجمع الخامس، لماذا لا يتم وقف المظاهرات الصبيانية التى تجرى هناك؟.. هؤلاء الصبية يصورون مظاهراتهم ويرسلونها إلى دول العالم لتمنع سائحيها من زيارة مصر فتصدر أمرًا.

■ هل علينا واجب ما تجاه شباب الجماعة فى ما يتعلق بإدماجهم فى المجتمع؟

– الواجب هنا موزع على عدة مؤسسات فيه مؤسسات عليها التأديب والتهذيب والردع.. وهذه مسؤولية الشرطة.. هذه الأجهزة تتعامل مع جريمة مادية تقع فى عرض الطريق.. واحد بيحرق أو يضرب قنبلة هذه ليست مسألة فكرية عند التنفيذ.. أما واجبنا إحنا هو أن نحصن الأجيال من أن تقع فى مثل هذه الأخطاء.. ويجب أن يفرد لهذا الموضوع أهمية خاصة بحيث لا تتكرر أخطاء الجماعات الإسلامية أو تشكيلاتها أو تكويناتها مرة ثانية فى المجتمع المصرى كى يصبح المجتمع محصنًا، لأن الأفكار التكفيرية مثل الإنفلونزا والأمراض الوبائية يلزم تحصين الناس منها حتى لا يصابون بها.. التحصين لا بد أن يكون تعليميا، يعنى أنا أرى أن هذا واجب المرحلة المقبلة ولدينا خبراء جيدون فى هذه المجالات لا سيما أنه للأسف الشديد أن جميع قادة التطرف فى العالم مصريون، هاربون من هنا، أولا المجتمع لفظهم لم يستطيعوا الحياة فى مصر، لكنهم نبتوا فى هذه التربة يعنى أخذوا الأفكار التكفيرية من هنا، إذن نحن نحتاج إلى أن ننظف التربة المصرية من كل بذور الشر هذه، ونحصن أولادنا وأجيالنا المقبلة فى مواجهة هذه الأفكار هذا واجب.

■ أمريكا لم تحزن على أحد كما حزنت على الإخوان ما تفسيرك؟

– لأنه تبين لأمريكا والغرب أن العسكريين عندهم خطوط حمراء فى ما يتعلق بالأمن القومى المصرى، لذلك وضعت أمريكا خطتها بشأن المستقبل على أساس وجود هذه الجماعات الدينية التى لا تعطى أى قيمة للوطن من ناحية وتستطيع أن تتنازل عنه وأن تبيعه.. وبالتالى أمريكا رأت فى الإخوان والجماعات الدينية أسهل الطرق لإنفاذ السياسة الأمريكية، خصوصًا من ناحية تقسيم الشعب إلى متدينين وعلمانيين، أو مسيحيين ومسلمين أو شيعة أو سنة، وهذا التقسيم تبنى عليه أمريكا خطة تدخلها فى المنطقة هى لا تستطيع أن تحدثه بنفسها لكن من خلال جماعات بعينها، ولم يعد الموضوع يحتاج إلى أن نبحث عن مستنداته، فقيادات التنظيم الدولى تعلن بصراحة ووضوح أنها فى تواصل يومى مع القيادة الأمريكية لتضغط على مصر حتى تعيد الرئيس المعزول والجماعة المنبوذة، وهذا كلام خطير.. لا الرئيس المعزول هيرجع ولا الجماعة هترجع، لأنها تحقق فى النهاية الهدف الأمريكى والحالة الثورية فى مصر الآن لن تسمح بتحقيق الأهداف الأمريكية.. الآن اتجهوا إلى سوريا للانتقام من مصر هناك.. هم يريدون الضغط علينا من سوريا.

■ لكن عمليًّا هل تستطيع أمريكا أن تبقى على جماعة الإخوان حتى لو فى المعارضة؟

– لن يستطيعوا هم يمارسون ضغوطًا وسيفشلون لأن القوات المسلحة أعلنت أنها تشرف على كل شىء، وأعتقد أن الجيش سيصمد لأن وراءه شعبًا يؤيده ويحترمه.

■ هل تموت ذيول الإخوان وأطرافها أو فروعها فى غزة وتونس وغيرها من الدول فى حالة موت الجماعة الأم فى مصر؟

– هذا حتمى، إذا مات جزع الشجرة لا بد أن تموت الشجرة، والمصريون لديهم قدرة على إزالة هذه الشجرة الخبيثة من مصر، وأعتقد أن تونس تسير على نفس خطانا فى مصر، وفى اليمن فشل الإخوان فى عمل أى شىء.. حزب الإصلاح فشل.. وفى سوريا تعثروا وأغرقوا البلد معهم، وأعتقد أن انتصار سوريا على الإخوان والجماعات الإسلامية الإرهابية سوف يساعد مصر وستتشكل نواة جديدة يمكن أن تحاصر كل الحرائق فى المنطقة، لا سيما فى ليبيا، وأعتقد المستقبل سيكون أفضل، وأن الدول هذه ستضع أقدامها على رأس طريق جديد وصحيح ومشروع وقانونى ويحترم الدين كذلك.

■ هل ترى المعركة طويلة أم قصيرة؟

– طبيعة هذه المعارك أنها طويلة ممكن تمتد 5 أو 10 سنوات، لأنها عملية كبيرة ليست بسيطة.. مصر دولة كبيرة وتتعامل مباشرة مع خطر الوجود الأمريكى فى المنطقة وتقف فى وجهه ومصر بقيادة القوات المسلحة تقود الأمة العربية على هذا الطريق، وأعلم أنه بعد ذلك ستتقاطر الدول العربية خلف مصر، وإن كان هذا يلزمه جهدًا سياسيا وجهدًا شعبيا كذلك وثقافة عامة عند الشعب المصرى والنخبة فيه خاصة أنها لازم تتواصل مع هذا الموضوع وتعطى له أهمية فى ثقافتها وفى تصرفاتها، فاللعبة الأمريكية أصبحت مكشوفة، لأنه حتى الآن عموم الناس يقولون نفس التمثيلية التى حدثت فى العراق يكررونها فى سوريا والآن المخابرات الروسية تعلن فى كل مكان أن القطع الملوثة بالمواد الكيماوية التى قيل إنه تم ضبطها فى سوريا.. هذه قطع كلها لصواريخ أمريكية وضعت فى المعامل ولوثت وهى فى معاملها.. اللعبة أصبحت مكشوفة والمواجهة مع أمريكا أصلًا فى موضوع البلطجة على العالم، لم تعد خفيفة الوزن.. الشعوب والدول تتدخل الآن، الكل يريد أن يُرجِع هذا الطاغوت إلى حجمه الطبيعى، ولذلك أمريكا تعيش حاليا مرحلة ما قبل السقوط فى منطقة الشرق الأوسط والتصرف السعودى كان فيه رائحة هذا السعودية مبكرًا بتقول مصر هى زعيمة العالم العربى، وأنا أتمنى أن تستثمر هذه اللحظة التاريخية فعلا لتثبيت العلاقة مع المملكة العربية السعودية وطمأنتها، وتقديم مصر لنفسها على أنها بالتعاون بينها وبين السعودية يمكن أن تحل المشكلة السورية.. هذا ممكن يعنى لو أطلقت يد المصريين قوات مسلحة وأجهزة شعبية للذهاب إلى سوريا ولقاء الأسد ستحل جميع المشكلات.

 

التحرير

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى