الأخبار

النائبة زينب سالم.. ضربوها كما لو كانت مواطنة عادية

انشغلت مصر منذ صباح الجمعة، بواقعة اعتداء ضابط بقسم شرطة مدينة نصر على النائبة زينب سالم، بعد مشادة كلامية بينهما بسبب توسط النائبة للإفراج عن قريب لها كان مقبوضا عليه.

نواب أدلوا بتصريحات، وأعلنوا عن استجوابات لوزير الداخلية، وأخبار عن اتصالات متبادلة بين الوزير ورئيس مجلس النواب، الدنيا كلها تتحدث عن الواقعة كأنها الأولى التي تحدث في بلادنا، وكأن اعتداء فرد داخلية على مواطن ليس بالأمر العادي، وكأننا لا نتابع كل يوم وقائع مشابهة لكنها لمواطنين عاديين ليس لهم أقارب نواب، أو مسئولين كبار.

الواقعة تأتي بعد يومين على اعتداء حسام حسن المدير الفني للنادي المصري، وما نشر عن قول حسام أمام النيابة: “ماعرفش إنه فرد شرطة، وماعرفش إن فيه أشخاص تبع الداخلية ممكن يتواجدوا في الملعب للتصوير”، كأن ضرب مواطن عادي، غير تابع للشرطة أمر عادي ويمكن أن يمر، والحقيقة أن هذا بالفعل يحدث، فلو كان مواطنًا عاديًّا، مصورًا صحفيًّا مثلا لما تحدث أحد، مثلما لو كان الذي ضربه ضابط قسم شرطة مدينة نصر، مواطنًا عاديًّا وليس عضو مجلس نواب، كان الأمر سيمر مرور الكرام، ولن ينشغل أحد به، وحتى لو انشغل أحد، فالأمر لن يتجاوز حدود السب والشتيمة على مواقع التواصل الاجتماعي، وبمرور الوقت سينسي الجميع ليتحدثوا عن واقعة أخرى.

فحتى اللحظة لم ينشغل أحد بسبب المشاجرة التي حدثت بين النائبة والضابط، وكل ما قاله زملاء النائبة إنها كانت في قسم الشرطة لمتابعة تفاصيل «شجار بين نجل شقيقتها، 14 عاما، مع آخرين في محاولة لإبرام الصلح بينه وبين الطرف الآخر إلا أن الضابط اعتدى عليها، وذهبت إلى مستشفىمصر الجديدة للكشف والحصول على تقرير طبي بما وقع عليها من اعتداء».

غضب عدد من النواب بسبب الواقعة، ورغم اعتذار مدير أمن القاهرة وضابط المباحث بالقسم، وفقا لرواية زملاء النائبة، إلا أن عددا كبيرا من النواب لا يرى الاعتذار كافيًا، مما يجعل القضية تسير في اتجاه «قبلي» بين «قبيلة النواب» و«قبيلة الشرطة»، ويتوارى دائما كما يحدث تطبيق القانون، وربما ينتهي الموضوع بجلسة صلح عرفي بين «النواب» و«الضباط» على غرار جلسات الصلح العرفي التي تحدث في الأحداث الطائفية أو بين القبائل والعائلات بسبب الثأر في الصعيد.

للمجتمع حقوق في هذه الواقعة، فمن حقه معرفة ما إذا كانت النائبة حاولت استغلال منصبها البرلماني في مصلحة خاصة لإخراج نجل شقيقتها من مشكلة وقع فيها؟ أم أنها ذهبت بصفتها مواطنة دون صفتها كبرلمانية؟

وزارة الداخلية أعلنت أنها تحقق في الواقعة، وأن إدارة التفتيش بالوزارة تحقق مع الضابط المتهم بالاعتداء على النائب، مما يطرح سؤالا لوزارة الداخلية؛ هل كنت ستظهر نفس رد الفعل إذا حدث الاعتداء مع مواطن عادي؟ وإذا كنتم ستظهرون نفس الرد الفعل فالأمر يحدث يوميا مع مواطنين كثيرين في عدد مختلف من أقسام الشرطة، وفقا لشهادات عدد كبير من منظمات حقوق الإنسان.

وهل على كل مواطن لكي يستطيع الحصول على حقه، أو لينأى بنفسه عن أي اعتداء أو انتهاك لكرامته كإنسان وحقه كمواطن أن يبحث له عن «قبيلة» تكون قوية ومؤثرة تستطيع الدفاع عنه كما فعل النواب مع زميلتهم؟ وماذا يفعل إذا لم يكن أمامه فرصة للانتماء لـ«قبيلة» قوية.

السؤال المهم الذي يطرح نفسه الآن؛ كم مواطنا يحدث معه ما حدث مع النائبة وكم حالة يتم التحقيق فيها؟

التحرير

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى