الأخبار

رداً علي الداخلية: الاختفاء القسري ظاهرة …

52

ما زال زوار الفجر يقومون بمهماتهم على أكمل وجه، لازالوا يروعون الآمنين، ويقتحمون البيوت ويختطفون المواطنين من بين أسرهم دون سابق إنذار أو جريمة تستلزم الإعتقال.

لازالت الغرف السوداء شاغرة، وعصّابات الأعين مشدودة، والتعذيب والتنكيل مستمراً، تلك هى حكاية الإختفاء القسري الذي تعانى منه أسر كثيرة،حيث تعتقل قوات الأمن من تشتبه في معارضته للنظام الحالى، ويختفي بعدها عن الأعين والأسماع، وتنقطع أخباره عن العالم، وتبدأ أسرته فى دائرة البحث المفرغة عنه والتى لاتنتهي.

واليوم تبدأ بوابة يناير بعرض بعض مآسي ذوي المختفين قسرياً:

ونبدأ بما روته “إيمان أحمد على” عن أزمة اعتقال زوجها “أبو الفتوح عبدالجواد أبو الفتوح” بألم يمتزج بالعجز قائلةً “جاءت قوات الأمن فى الأول من سبتمبر الماضي إلى منزلنا في حلوان وقام أفراد الشرطة باعتقال زوجى واختطافه من بيننا دون التصريح بسبب ذلك أو بمكان احتجازه ،بحثت عنه بعدها فى كل أقسام الشرطة المحيطة بمسكننا، قسم حلوان والمعادى دون جدوى، درت بين أبواب المشرحة و مجمع المحاكم و مصلحة السجون و أرسلت تلغرافات لرئاسة الجمهورية والنائب العام ووزير الداخلية لكن لم أعثر على أسمه ولم اهتدى لخيط يدلنى على مكان احتجازه”.

وتتعجب “إيمان” من اعتقال زوجها الذي تقول أنه لم يشارك فى أى تظاهرات منذ ثورة يناير ولم تكن له أى ميول سياسية تجاه أى تيار أو فريق سياسي ، كان يعمل كهربائي حر يسعي ليلاً ونهاراً لطلب الرزق ولم ينشغل بغير ذلك ،متسائلة “ماذا فعل زوجى ليتم اختطافة من بين أسرته وتحرم بناته من رؤيته أو الإطمئنان علية لمدة شهرين كاملين وحتى الآن”.

وختمت زوجة المختفي قسرياً “أبو الفتوح عبد الجواد” كلامها قائلةً “الحياة بدونه صعبة مريرة، زوجى مظلوم ،و نحن في أشد الحاجة إليه ،أتمنى أن تفرج السلطات عنه وأن تسمح لى بمعرفة مكانه و الاطمئنان عليه”.

وفى سياق متصل، اعتقلت قوات الأمن بنفس الطريقة 3 أشخاص من نفس المنطقة بشكل متتابع، بدأت باعتقال “أسامة حسنين” فى 15 أغسطس الماضي، ثم “محمود السيد شكرى” فى 30 من الشهر نفسه، ثم “أبوالفتوح عبدالجواد أبوالفتوح”فى 1 سبتمبر وأخيراً “محمد محمود عبدالرحمن” في 9 سبتمبر وجميعهم اعتقلوا بنفس الطريقة ودون الإعلان عن مكان احتجازهم.

أما “إيناس حسين أمام” فتتذكر ليلة اعتقال زوجها “محمد محمود عبدالرحمن” من بيت والدها فجراً بمزيج من الألم والحسرة حيث تقول: “مر56 يوماً على اعتقال زوجي دون أن أعلم مكان احتجازه، فقد أتت قوات الأمن على منزلنا فى الثانية فجراً وقامت بتقييده و أخذه فى سيارة الشرطة وانقطعت عنا أخباره منذ ذلك الحين ،ولا أعلم ماذا أقول لبناتى الثلاثة حين تسألن عن والدهن”.

وأضافت إيناس “يعمل زوجى مدير حضانة ولا علاقة له بالسياسة ولا حتى بالنقاشات حولها، بحثت عنه فى كل الأقسام وفى مشرحة زينهم ومصلحة السجون ولم أجده ، غير أنه وصلتى معلومات من محتجز سابق بالأمن الوطنى أن زوجى كان محتجزاً معه منذ شهر ونصف ولم أستطع بعدها معرفة أى أخبار عنه”.

وتروى ابنة الأستاذ “مصطفى محمد حسن” تفاصيل اختفائه ل”بوابة يناير” فتقول خرج والدى الأستاذ مصطفى وشهرته “مصطفي أبو شريفة” وهو عضو مجلس شورى سابق عن محافظة الأقصر ، هو وثلاثة من أصحابه وهم “سيف المغربى”، محافظة قنا ، و”على مصطفى” ،و” محمود عبد المقصود” موجه إعدادى ،يوم 25 أكتوبر الماضى، فى رحلة علاجية إلى القاهرة ، وتم إختفائهم جميعا ، ولم نعرف عنهم أى شئ حتى الآن.

ويروى أحد شباب مدينة نصر ل”بوابة يناير” قصه اختفاء زملائه عمرو وهيثم عبد الرحيم فيقول أنه تم اعتقالهما يوم 3 أكتوبر ، من منزلهما ، ولم يعرف أحدا عنهما شيئا إلى الآن، بالإضافة أن هيثم فى الثالثة عشر من عمره ، وتم فصله من المدرسه بسبب الغياب.

وذكر “الشاب” أن زميله عبادة أحمد جمعة ، طالب بالصف الثانى الثانوى تم إعتقاله للمرة الثانية ، بعد أن أعتقل فى 28 يناير 2014 ، وتم إتهامة بحيازة زجاجات حارقة وتكدير السلم العام والإعتداء على ضباط الشرطة ، مضيفا أنه فى تلك المرة تم إتهامة بحيازة أسلحة نارية، وتصنيعها فى أحد المخازن بمدينة نصر ، وأنه تم إخفاؤه عدة أيام بعد اعتقاله ليلة أول أيام عيد الفطر، وبعد فترة ظهر وعليه أثار التعذيب والتنكيل للإعتراف بالتهم الموجهة إليه، مؤكدا أنه أمضي فترة الإعتقال بين تجديد وآخر حتى تم اخلاء سبيله في عيد الأضحي ،واختفي بعدها ثانية ولم نعرف سبيله حتى الآن.

ويروى (إ .م) قصة جاره أحمد هانى ، 18 عاماً، طالب بالثانوية العامة، فيقول بدأت قصة “أحمد” بأن جاء إلى والده مواطنون بزى مدنى فى مكتبته بمنطقة العجمى بالإسكندرية ، وأجبروه على الإتصال ب “أحمد” ليحضر إلى المكتبة ، وبالفعل جاء وقاموا بإحاطته، وأخذه إلى جهة غير معلومة، وظل 20 يوماً مختفياً.

جار أحمد ذكر ل”بوابة يناير” أنهم عندما أخذوه وعدوا أهله أنه ليس عليه شئ وسوف يخرج ، وبعد فترة ظهر فى قسم منتزه ثانى ، ورئيس المباحث قال لأهله: “مشكلته مع الأمن الوطنى وهو عندنا فى حالة إيداع”، متابعاً أنه بعد ذلك تم تلفيق قضية تظاهر له وتم إخلاء سبيله بكفالة 5 آلاف جنيه، ولكن بعد إخلاء السبيل رفض الأمن الوطنى خروجه، وتم نقله إلى قسم ثانى شرق الإسكندرية، وتم عرضه اليوم “السبت” على الأمن الوطني، ورحل إلى قسم باب شرق بوسط الإسكندرية.

هذا وقد استنكر المحامى الحقوقي “حليم حنيش” عضو المفوضية المصرية للحقوق والحريات و عضو هيئة الدفاع عن إسراء الطويل إحدى أشهر المختفيات قسرياً فى مصر والتى اتهمت أخيراً ببث أخبار كاذبة تستهدف تكدير السلم العام والانضمام لجماعة إرهابية على خلاف القانون،استنكر ارتفاع نسب الاختفاء القسري في الفترة الأخيرة حيث صرح لبوابة يناير أن المفوضية رصدت 215 حالة اختفاء قسري خلال شهرى أغسطس وسبتمبر الماضيين ،لكن لم يظهر منهم على ذمة قضايا سوي 63 حالة فقط ،ويختفي الباقي فى متاهات الأمن الوطني.

ويوضح “حنيش” أن أغلب أهالى المختفين قسرياً يخشون عمل محاضر غياب و مسائلة الشرطة عن اختفائهم خوفاً من التكنيل بذويهم وإلصاقهم بتهم لم يرتكبوها ،وأضاف المحامى الحقوقي “الدولة تحاول تقنين الاختفاء القسري وفق ما جاء في قانون الإرهاب في المادة 40 منه والتى تنص على “أن لمأمور الضبط القضائي لدى قيام خطر من أخطار جريمة الإرهاب ولضرورة تقتضيها مواجهة هذا الخطر الحق في جمع الاستدلالات عنها والبحث عن مرتكبها والتحفظ عليه لمدة لا تجاوز أربع وعشرين ساعة. وللنيابة العامة أو سلطة التحقيق المختصة لذات الضرورة المنصوص عليها في الفقرة الأولى من هذه المادة وقبل انقضاء المدة المنصوص عليها فيها أن تأمر باستمرار التحفظ لمرة واحدة مدة لا تجاوز سبعة أيام ويصدر الأمر مسببا من محام عام على الأقل أو ما يعادلها”أى أن الدولة تعطى الحق بذلك للنيابة العامة والشرطة باحتجاز أى مشتبه فيه لمدة 8أيام دون الإعلان عن مكان احتجازه أو توجيه تهم له.

وطالب “حنيش” الأهل بضرورة تقديم بلاغات للنيابة العامة بشأن اختفاء ذويهم ،ومحاولة الضغط إعلامياً و نشر قصة الإختفاء للرأى العام ،لأن الظاهرة أصبحت فى ازدياد ،بل يصل الأمر فى بعض الحالات بالأمن الوطنى لإعتقال مواطن واخفاؤه قسرياً ثم الإفراج عنه بعد فترة ،ثم اعتقاله مرة أخرى فى خلال عدة أشهر دون إبداء أسباب الإعتقال فى المرتين أو حتى محاكمة.

وختاماً نتسائل ألم يتعهد الجهاز الشرطى بإيقاف كافة أشكال العنف والتعذيب و الاختطاف والتنكيل بالمواطنين والتى كانت متبعة قبل قيام ثورة 25 يناير؟

فما الذي حدث و أعاد المشهد لسابق عهده بل بشكل أسوء ؟،لماذا يعاود النظام تكرار نفس أخطاء الماضي الجسام والتى كانت سبباً رئيسياً فى الإطاحة بنظام مبارك؟، ولماذا أصبح الاختفاء القسري منتشراً بهذه الصورة الفجه بحيث تظهر كل يوم عدة أسماء جديدة تُضم لقائمة الإعتقال دون إبداء أسباب أو الإعلان عن مكان الإحتجاز؟، هذا ما ستجيب عنه الأيام المقبلة خصوصاً مع التطور السريع للمشهد السياسي المصري بالتزامن مع حكم محكمة النقض الأخير برفع أسماء كبار قيادات جماعة الإخوان من قائمة الإرهاب.

12193504_512856418888921_4392779278264837258_n

12189162_512856348888928_2820365349380885300_n

12208771_512850168889546_3118594813402042217_n (1)

11138105_512850252222871_7377130190589036726_n

التحرير

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى