الأخبار

بالفيديو..”الطب البديل” وسيلة للعلاج أم متاجرة بالمرضى

49

انتشر فى السنوات الاخيرة مصطلح الطب البديل، ويقصد بها العلاج بـ “الأعشاب الطبية”، وأصبح -في أغلب الأحيان- وسيلة لاستغلال أحلام المرضى في الشفاء ويبيعون لهم الوهم.

وقد كان كثير من الناس يتناول خلطة الأعشاب كعلاج لكل داء وبعض الناس يعتبرون الاعشاب الطبية الملاذ الآمن والبديل المناسب للطب الحديث، فقد عالج القدماء المصريون والعرب قديماً جميع أمراضهم باستخدام الأعشاب.

وهناك 50 ألف عشب في العالم لا يستخدم منها في العلاج سوي 5 آلاف عشب ولكن الفوضي والاستخدام العشوائي لهذه الأعشاب جعل الكثير من الناس يتساءلون عن العلاج بالأعشاب هل هو حقيقة أم وهم ؟ وهل لة آثار جانبية ؟ وما هى الامراض التى تعالج بالاعشاب ؟ اسئلة عديدة تتكرر فى ذهن المواطن البسيط الذى يتوجه الى العطار هاربا من غلاء الدواء، خاصة وأن بعض “الفهلوية” يروجون للشعار ويغلفون به منتجات تداعب أحلام البشر وتزعم أنها تحل مشكلاتهم المرضية في وقت قياسي، لم تفرق بين الصلع والعقم والسكر بل والسرطان أحيانا، وزعموا أن الطبيعة هي مصدرهم الذي لا يمكن أن يؤدي إلي مضاعفات بدعوي أن ما لا ينفع لا يمكن أن يضر! في هذا الملف نطرح قضية تجارة الأعشاب.. التي أكد الكثير من المتخصصين أنها تجارة بأمراض البسطاء وتلاعب بآلامهم.. المتهمون كثيرون يعيشون بيننا دون أن يجدوا من يحاسبهم علي أخطائهم التي تصل أحيانا إلي حد.. الجريمة.

صدى البلد” قام بجولة ميدانية على اشهر محلات الاعشاب الطبية والمناطق الشعبية لتقصي الحقيقة.. فى البداية تحدثنا مع عدد من المواطنين لمعرفة آرائهم فى تناول الاعشاب الطبية كعلاج بديل للدواء، فتقول الحاجة لوزة ربة منزل وتعول ثلاثة ابناء بمراحل مختلفة ان ابنتها دنيا كانت تعانى من تساقط الشعر وبالصدفة اشترت من احد العطارين علبة بها خلطة من مجموعة اعشاب طبيعية وبالفعل جاءت بنتيجة ايجابية، مؤكدة ان العلاج بالاعشاب يستخدم لبعض الامراض مثل امراض الجلدية والرشح والصداع والبرد، اما الامراض المزمنة فيجب أن نتوجه الى الطبيب والصيدلى خوفا من استخدام اعشاب خطأ.


ويحكي على حسن 50 عاما قصته مع الاعشاب الطبية قائلا: منذ سنوات كثيرة استخدم احد اقاربه الاعشاب الطبية لعلاج معظم الامراض لاسرته ، وفى احد المرات كانت المريضة تعانى من آلام شديدة واتجهت الى العطار لتناول احد الاعشاب وظلت تأخد العشب دون الرجوع لطبيب، واستمرت على هذا الحال لمدة سنتين وبعد مرور الوقت تمكن المرض منها واتجهت الى الطبيب واكتشفت مؤخرا انها تعانى من مرض “السرطان” دون علم، مؤكدا انها تم استغلالها بشكل بشع فقد استولوا على أموالها مقابل وعدها بالشفاء، لذلك تنصح سهير بعدم الذهاب الى العطار دون الرجوع الى الطبيب المختص.

وتقول الحاجة سناء تبلغ من العمر 53 عاما انها تخشى من استخدام الاعشاب الطبية، ولكن تشكو من استخدام احد منتجات الاعشاب الخاصة بمرض السكر، التى يتم عرضها فى احد القنوات الفضائية واثرت بطريقة سلبية وتسببت فى ارتفاع السكر مما كاد أن يعرضني للموت، لذلك تتطالب الحكومة بمراقبة القنوات التى تدمر كثير من الناس.

وأضاف عمرو على، انه يستخدم الأعشاب الطبية منذ اكثر من خمس سنوت، مشيرا الى انها لها فائدة واضحة في علاج بعض الأمراض خاصة الجلدية والانفلونزا والصداع ، ويضيف أن لجوءه للعلاج بالأعشاب جاء بالصدفة.


ويبرر الحاج سيد يحيى أحد العطارين المشهورين اتجاه الناس للعلاج بالاعشاب قائلا: انهيار القدرة الشرائية للمواطنين وارتفاع أسعار الدواء يعتبر السبب الرئيسي وراء لجوء أغلب المرضي إلينا، خاصة بعد التأكد من مدي فاعلية هذه المستحضرات الطبيعية في علاج الكثير من الأمراض، وتخفيف آلام ومضاعفات أمراض أخرى، وأن الفترة الاخيرة شهدت نصيحة معظم الاطباء باستخدام الاعشاب الطبيعية مما جعل الكثيرون يقبلون على العلاج بالأعشاب الطبيعية بصورة أكبر من الدواء.

ويؤكد أن دوره يقتصر على إعطاء الأعشاب المناسبة للمرضى بناء على تشخيص الطبيب، ويضيف: في بعض الحالات مثل مرضي الروماتيزم والعقم أطلب منهم إجراء تحاليل وعرضها علي الطبيب قبل إعطائهم الأعشاب لتحديد الجرعات المناسبة لهم.

ويشير إلى ان بعض الأمراض لا يمكن علاجها بالأعشاب الطبيعية مثل السرطان والقلب، وفي هذه الأحوال تكون الأعشاب مكملة للأدوية الكيماوية أومخففة لمضاعفاتها.

ويوضح ان هناك أعشابا طبيعية كثيرة جداً ومتوفرة في مصر ويمكن أن يتناولها الجميع بدون جرعات محددة وعلى رأس هذه المجموعة اليانسون والنعناع والقرفة والزنجبيل والكركديه والعرقسوس، فاليانسون مفيد كمهدئ وموسع للشعب الهوائية وله تأثير على تقلصات المعدة، والقرفة والزنجبيل لهما تأثير مفيد في حالة التهابات الشعب الهوائية، خصوصاً إذا كان يصاحبها حساسية مثل النزلات الشعبية الرئوية، والكركديه مفيد جداً كمهدئ، أما عن حقيقة تخفيضه لضغط الدم، فهو في الواقع يزيل التوتر العصبي، وبالتالي إذا كان ارتفاع الضغط نتيجة توتر عصبي فسينخفض ويعود لطبيعته، والنعناع يسمي الغذاء الملكي لأن الملوك والأباطرة لا تخلو مائدتهم منه لأنه يهدئ التوترات العصبية ويزيل المغص ويساعد على إزالة عسر الهضم، ثم يأتي العرقسوس وهو مطهر للمسالك البولية ويساعد علي الارتواء ويقاوم الظمأ وبالتالي هو مفيد في فترات الصيف، كما أن الخروب مهدئ للأمعاء، والتمر هندي منعش في الصيف، وبعض النباتات الصحراوية مثل المرمرية وهو متوفر في شمال سيناء وهو عشب يساعد على التخلص من مغص الأمعاء بطريقة مريحة للمريض، ويوجد أيضاً في وادي حلفا نبات يسمي “حلفا بر” ويساعد في توسيع قنوات المسالك البولية لدرجة أنه قد يساعد أحيانا علي التخلص من بعض حصوات المسالك البولية الصغيرة، وورق الجوافة عندما يغلي يكون مفيدا جداً لمقاومة السعال، خصوصاً إن كانت نتيجة التهاب وحساسية.

ويؤكد الحاج رجب العطار يعمل في مجال الأعشاب منذ اكثر من 40 عاما، بأهمية كل عشب وأثاره الجانبية وكيفية تحضيره وتنظيفه وتعقيمه، واوضح ان هناك أعشابا تسبب أضرارا كبيرة إذا تم استخدامها بشكلها الأولي مباشرة دون تعقيم، مشيرا إلى أن حجم التجارة في الأعشاب الطبية بالقاهرة الكبرى فقط وصل إلى 9 ملايين جنيه سنويا، ويشير إلى أن عدد العطارين المسجلين في الغرفة التجارية بالقاهرة يبلغ 4 آلاف عطار.

ويحذر رجب من تناول بعض الأعشاب التي توجد بها مركبات دوائية ويشير إلى أنها موجودة ومتوافرة بأسعار رخيصة جداً، ويؤكد أن عدم الحرص في تناولها قد يسبب أنواعاً من التسمم مثل ما عشب “السلامكي” الذي يستخدم كعلاج للإمساك.

ويضيف الدكتور سالم عواد احد شيوخ الصيادلة ان الأعشاب الطبية انتشرت في كل مكان فنجدها في الشارع تباع على الأرصفة، أعشاب للإمساك والمغص وهذا غير صحي بالمرة، ونجد بعض الناس تعاني من بعض الأمراض تتجه للعطار تشكو من مرض معين ويعطيه مجموعة من الأعشاب قد تصادف أنها تعالج ولكنها دائماً غير سليمة لأنه يجب أن يفرق المريض بين الطبيب والعطار والصيدلي، فالطبيب يعالج المريض وليس المرض، والصيدلى يعطى الدواء اما العطار يخفف الآلام، لذلك إذا اشتكى أحد من صداع مثلاً فالدواء من العطار واحد لجميع الحالات اما الصيدلي فيتوفر عنده انواع كثيرة حسب عمر وتشخيص حالة المريض.

ويؤكد عواد، ان الافضل ان يكون العلاج بالأعشاب الطبية، ولكن هناك مصانع أدوية كاملة تكون الأدوية فيها من الأعشاب الطبية فقط، وهناك فرق كبير بين هذه الأدوية والأعشاب التي تباع عند العطار أو على الرصيف، حيث إن هذه المصانع تصنع الأدوية من الأعشاب بعد التخلص من الأضرار الجانبية لها حتى تكون كلها فائدة وليس منها ضرر ولهذا ندعو الناس عند وجود أي شكوي التوجه إلي الطبيب ثم الصيدلى.


من جانبها تؤكد نقابة الأطباء أن اللجوء للعلاج بالأعشاب من خلال العطارين والإعلانات التليفزيونية ظاهرة خطيرة تستحق التصدي لها.. حيث يري د.أحمد شوشة عضو مجلس النقابة العامة لأطباء مصر أن لجوء المريض للعلاج بالأعشاب يعتبر جريمة من صنع المنظومة الصحية في مصر، التي يدعمها تخاذل الدولة فالأجور الضعيفة تدفع الطبيب للانحراف برفع أسعاره.. وهناك بعض الأطباء المصريين الذين يصل سعر كشفهم إلي 500 دولار، وبعضهم يتاجرون بالحالة الحرجة للمريض برفع سعر الكشف تحت مسمي “الكشف المستعجل”.

ويحمل شوشة أسعار الدواء جانبا من المسئولية مؤكدا أن ارتفاعها المبالغ فيه ناتج عن الفساد الإداري الذي يساعد في التلاعب في تسعير الدواء، حيث تقوم شركات الأدوية بتقديم تكلفة الدواء لوزارة الصحة وهي تشمل التكلفة الفعلية والأبحاث بجانب الدعاية والربح ولكن مع المبالغة في تكلفة الأبحاث والدعاية لأنها تضيف إليها الهدايا التي تمنح لبعض الأطباء لكي يصفوا الدواء لمرضاهم بصفة مستمرة، وهي تكلفة تكبدها مبالغ طائلة في معظم الأحيان، والدليل علي ذلك وجود نفس المادة الفعالة للدواء بنفس التركيز في الأسواق لكن بأسماء تجارية مختلفة وأسعار متفاوتة، ويضرب مثلا بمادة البريجبالين التي تستخدم لعلاج الصرع والتشنجات والتهابات الأعصاب وتتوافر بالصيدليات في 25 منتجا بنفس التركيز ولكن بأسماء مختلفة وأسعار تتفاوت بين 134 إلى 32 جنيها.


ويشدد د.شوشة على أن أهم الحلول الفورية للإصلاح أن تؤمن الدولة للمريض الأدوية المنقذة مثل أدوية القلب والأمراض العصبية والضغط والسكر، وأن تكون هناك مراقبة جيدة علي تسعير الأدوية بالإضافة إلي تفعيل برنامج مجلس نقابة الأطباء الجديد الذي يتضمن ضرورة سحب ترخيص المهنة من الأطباء الذين يرفعون أسعار الكشف بصورة مبالغ فيها.

ويوجه إنذارا لجميع الجهات التي تساعد في بث الإعلانات الوهمية التي تزعم قدرة بعض المنتجات العشبية علي علاج أمراض معينة، ويشير إلي أنها تضر بالمرضي وقد تؤدي إلي الموت.. فمعظمها غير مصرح بها من وزارة الصحة، وهناك من يحصل على التصريح لمنتج ما ويقدم للجمهور منتجا مختلفا.

ويشير إلي أن إعطاء تصاريح لهذه المنتجات يتنافي مع قواعد البحث العلمي لعدم وجود طريقة تداول منضبطة لها من خلال مقاييس معينة مثل الدواء، وهوما يؤدي إلي عدم التحكم في الجرعات التي يتناولها المريض.. وهوما يسبب أضرارا جسيمة للإنسان قد تؤدي للوفاة.

ويضيف: بالرغم من أن الأعشاب هي مصدر الدواء إلا أنها تحتوي علي مواد سامة أيضا، كما أن تركيز المادة الفعالة في الأوراق يختلف عن الفروع، وأيضا تتواجد أعشاب يحتم جمعها في أوقات ومواسم معينة لضمان فعاليتها، لهذا لابد من إنتاج الدواء العشبي في معامل خاصة لكي تتجنب المواد السامة وتضبط تركيز المادة الفعالة وتضيف بعض المكملات بنسب دقيقة كما تحدد الجرعة الواجب تناولها لضمان عدم وقوع أي أضرار على المريض. 

[media width=”400″ height=”305″ link=”http://www.youtube.com/watch?v=1eM0ghWhaWY&feature=g-all-xit”]

صدى البلد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى