أخبار مصر

ماذا كانت تنتظر إثيوبيا من الجامعة العربية؟.. الخارجية ترد على الادعاءات والافتراءات

سنوات من المفاوضات التي لا جدوى منها فى أزمة سد النهضة، ومصر أعلنت طوال تلك السنوات أنها داعمة لكل حقوق أثيوبيا للتنمية وأن الماء هو أمن قومي لا يمكن المساس به وأنها تسعى بشتى الطرق للوصول لاتفاق ملزم بينها وبين أثيوبيا والسودان بشأن ملء وتشغيل سد النهضة.

ويحرص الرئيس عبد الفتاح السيسي، في كل المحافل أن يعرض وجهة نظر مصر ويؤكد أنها تفتح أيديها للسلم والتنمية وحريصة على علاقتها الطيبة ومساعدتها لكل دول الجوار والدول الأفريقية، وأن أثيوبيا تتعنت بشدة في أن تلتزم بقواعد لملء وتشغيل سد النهضة إلى أن وصلنا للملء الرابع الذي من المفترض أن يكون في شهر يوليو القادم.

مصر تعرض قضية سد النهضة في القمة العربية

وعرضت مصر قضية سد النهضة في القمة العربية الأخيرة لجامعة الدول العربية، وأصدر مجلس جامعة الدول العربية على مستوى القمة عددًا من القرارات خلال قمته، التي عقدت في مدينة جدة السعودية، التي من بينها قرار بشأن سد النهضة الإثيوبي، أكد خلاله أن الأمن المائي لكل من مصر والسودان جزء لا يتجزأ من الأمن المائي العربي، رافضا أي عمل يمس بحقوقهما في مياه النيل.

بيان الخارجية الأثيوبية بشأن قرار الجامعة العربية 

واعتبرت وزارة الخارجية الإثيوبية،  “محاولات مصر للضغط على أديس أبابا في ملف “سد النهضة” الإثيوبي عبر الجامعة العربية تعكس عدم حسن نيتها”.

وذكرت الخارجية الإثيوبية، في بيان لها، أن “إثيوبيا تتابع بقلق القرار الذي اتخذته القمة العربية الأخيرة لجامعة الدول العربية، والذي ردد الخطاب المصري العدائي بشأن سد النهضة الإثيوبي الكبير”.

وأضافت أن “إثيوبيا تعمل وستواصل العمل باحترام مبدأ الاستخدام العادل والمعقول لمياه النيل، والادعاء بأن إثيوبيا قد اتخذت تدابير أحادية هو وصف خاطئ متعمد”، مشددة على أن “محاولات مصر للضغط على إثيوبيا باستخدام جامعة الدول العربية تعكس عدم حسن نيتها، وانتهاكها لاتفاق إعلان المبادئ الذي أبرمته مع إثيوبيا والسودان”.

وتابع البيان: “تعتبر الخارجية الإثيوبية هذا القرار إهانة للاتحاد الأفريقي والدول الأعضاء فيه، الذين يعملون على التوصل إلى حل تفاوضي ودّي لمسألة سد النهضة”، مشيدة بالدول الأعضاء في جامعة الدول العربية التي حذرت من محاولات مصر تصعيد الأمر.

ودعت إثيوبيا، في ختام بيانها، مصر إلى “التخلي عن مطالبتها غير القانونية باحتكار نهر النيل، والتفاوض بحسن نية والتوصل إلى نتيجة مربحة للجانبين”.

بيان الخارجية المصرية للرد على الادعاءات والتضليل الأثيوبي

وعلى الجانب المصري اعتبر السفير أحمد أبو زيد المتحدث الرسمي باسم وزارة الخارجية، أن بيان وزارة الخارجية الإثيوبية الصادر يوم الإثنين 22 مايو الجاري تعقيباً علي قرار القمة العربية الأخيرة بدعم موقف مصر والسودان فى قضية سد النهضة، مضللاً ومليئاً بالمغالطات ولى الحقائق، بل ومحاولة يائسة للوقيعة بين الدول العربية والإفريقية، من خلال تصوير الدعم العربي لموقف مصر العادل والمسئول باعتباره خلافاً عربياً أفريقياً.

وأعرب المتحدث باسم الخارجية عن أسفه لما حواه البيان من ادعاءات غير حقيقية بأن الدول الثلاث، مصر واثيوبيا والسودان، اتفقت بالفعل خلال المفاوضات على حجم المياه التي سيتم تخزينها وفترة ملء خزان السد، وأن لجوء مصر والسودان لطلب الدعم العربي يُعد انتهاكاً لاتفاق المبادئ، بل والادعاء بأن الدول العربية الأعضاء في الاتحاد الإفريقى لا تدعم القرار العربي الصادر عن القمة الأخيرة بالإجماع.

وأردف، أن تاريخ مصر الداعم لحركات النضال الوطنى والتحرر من الاستعمار فى إفريقيا، وما تبذله من جهود وترصده من موارد لدعم برامج التنمية الاقتصادية والاجتماعية وبناء السلام فى القارة، لا يتماشى مطلقاً مع ادعاءات واهية بأن مصر تحشد الدول العربية ضد المصالح الإفريقية. وأضاف بأن كون إثيوبيا دولة المقر للاتحاد الأفريقي لا يؤهلها للتحدث باسمه او دوله الأعضاء بهذا الشكل، للتغطية على مخالفاتها لقواعد القانون الدولي ومبادئ حسن الجوار.

واختتم المتحدث باسم الخارجية تصريحاته مفنداً ادعاء إثيوبيا بأنها راعت شواغل مصر والسودان، مشيراً إلى أن ذلك يتناقض مع حقيقة استمرار المفاوضات لأكثر من عشر سنوات دون جدوى، ودون أي التزام او اعتبار لحقوق دول المصب.

مطالباً الجانب الإثيوبي بالتوقف عن التذرع المغرض بما تسميه بـ”الاتفاقيات الاستعمارية” للتحلل من التزاماتها القانونية التي وقعت عليها وهى دولة كاملة السيادة، وواجبها الأخلاقي بعدم الإضرار بدول المصب، والتوقف عن إلقاء اللوم على الأطراف الأخرى لمجرد مطالبتها بالالتزام بالتوصل للنتيجة الطبيعية للمفاوضات، وهى اتفاق قانونى ملزم يراعي الشواغل الوجودية لدول المصب، ويحقق التطلعات التنموية للشعب الإثيوبي.

تفنيد البيان الإثيوبي وكشف الإدعاءات

وبهذا الشأن علق الدكتور عباس شراقي، أستاذ الموارد المائية بجامعة القاهرة، على بيان إثيوبيا مفندا افتراءات اثيوبيا في ردها على قرار الجامعة العربية:

قال عباس شراقي رد إثيوبيا على قرار جامعة الدول العربية (جدة 2023) بشأن سد النهضة فى بيان أصدرته الخارجية الإثيوبية يكسوه العديد من الافتراءات والادعاءات ، وأعربت فيه عن خيبة أملها إزاء ذلك القرار العربى الذى يدعم الحقوق المائية لمصر والسودان، ويدعو إلى عدم اتخاذ قرارات أحادية، والتأكيد على أهمية التفاوض للوصول إلى اتفاق قانونى عادل ومتوازن وملزم.

وأضاف أن  الخارجية الاثيوبية أوضحت أن القرار العربي الخاص بسد النهضة يعد إهانة للاتحاد الأفريقي ودوله الأعضاء التى تسعى جاهدة للتفاوض على حل ودي لمسألة سد النهضة، وأن القرار يتعارض مع التاريخ والقيم المشتركة لشعوب إفريقيا والعالم العربي.

وتساءل هل كانت تنتظر إثيوبيا من الجامعة العربية تأييدها في اتخاذ قرارات أحادية، وإضرارها بالحقوق المائية لمصر والسودان حتى تصاب بخيبة أمل في القرار؟.

وتابع “كما أن مناقشة قضية سد النهضة في الجامعة العربية لا يتعارض مع الاتحاد الأفريقى أو أي منظمة دولية أخرى، وسبق أن تم مناقشة تلك القضية في مجلس الأمن مرتين 2020 و 2021، والعديد من المرات في الجمعية العمومية للأمم المتحدة في خطابات الرئيس السيسي، وفي الجامعة العربية، وبرعاية الاتحاد الأفريقي منذ 2020 حتى الآن، وفى العديد من المحافل الدولية”.

وأوضح أنه كما ذكرت الوزارة أنه في عام 2015 ، وقعت مصر وإثيوبيا والسودان اتفاقية إعلان المبادئ، وذكرت أنها تنص بوضوح على أن بناء السد يجب أن يستمر إلى جانب المفاوضات حول المبادئ التوجيهية والقواعد الخاصة بالملء الأول وتشغيله.

لا ينص أي بند من البنود العشر في اتفاق المبادئ على بناء سد النهضة إلى جانب المفاوضات، لكنه في البند الخامس الخاص بالتعاون في الملء الأول وإدارة السد نص على:  “الاتفاق على الخطوط الارشادية وقواعد الملء الأول لسد النهضة والتي تشمل كافة السيناريوهات، بالتوازي مع عملية بناء السد” وكذلك بالنسبة للتشغيل، والنص يربط بين الاتفاق ومواصلة البناء ولكن لم يحدث اتفاق على قواعد الملء الأول أو التشغيل حتى الآن، وكان مقرراً اجراء بعض الدراسات الفنية عن طريق المكتب الفرنسي (BRL) خلال 12 شهر للاستعانة بها في وضع تلك القواعد والارشادات، إلا أن إثيوبيا عرقلت عمل أي من هذه الدراسات في نوفمبر 2018 حتى الآن.

وأشار إلى أن  الخارجية الاثيوبية ذكرت أيضا أنه قد تم الاتفاق على تفاصيل ملء السد، بما في ذلك الحجم والمدة، من قبل خبراء الدول الثلاث.

وهذا ادعاء كاذب لأن المفاوضات فى واشنطن (نوفمبر 2019 – نوفمبر 2020) شملت العديد من الموضوعات الفنية منها مراحل الملء الأول وصاغت أمريكا والبنك الدولى الاتفاق، إلا أن إثيوبيا تغيبت يوم التوقيع مما يعنى رفض جميع البنود المتفق عليها واعتبارها كأن لم تكن، فكيف يعتد بجزء منها ولا يعترف بباقى بنود الاتفاق؟.

وتابع “أوضحت الخارجية الاثيوبية أن إثيوبيا ظلت تراعي مخاوف مصر والسودان طوال المفاوضات لم يتضح ذلك من خلال التخزينات الثلاثة السابقة حيث كان العامل المحدد الرئيسي هو مدى الانجاز الهندسي في السد حتى وقت وصول الفيضان بدقائق حيث ترفع المعدات ايذاناً بعبور المياه حاجز الممر الأوسط، فكانت التخزينات مختلفة في الكم والمدة الزمنية عن ما كانت تعلن اثيوبيا عنه إعلاميا، مثل ماحدث في التخزين الأول وقطع المياه عن السودان ومصر لمدة 21 يوم في يوليو 2020 مما أدى إلى إنخفاض مياه النيل الأزرق في السودان وخروج بعض محطات مياه الشرب عن الخدمة، كما حدث أيضاً  فى التخزين الثاني الذى أرادت فيه إثيوبيا تخزين 13.5 مليار م3 إلا أنها وقت الفيضان لم تستطع تخزين أكثر من 3 مليار م3 مما تسبب فى ارتباك فى ادارة السدود السودانية وفى خطة الزراعة المصرية.

ولفت إلى أن  إثيوبيا في بيانها أكدت أنها سوف تواصل احترام مبدأ الاستخدام العادل والمعقول لمياه النيل، ونفت بأن إثيوبيا اتخذت إجراءات أحادية الجانب، ووصفتها بأنها سوء فهم متعمد، ولكن لم يتم الاتفاق على الاستخدام العادل والمعقول حيث أن هذا البند في جميع الاتفاقيات يتعلق بالمياه التي يوفرها المشروع الجديد مثل ماحدث بين مصر والسودان 1959 بالاتفاق على ماوفره السد من مياه كانت تتدفق نحو البحر المتوسط، وحيث أن سد النهضة لايوفر مياه فإن على إثيوبيا استخدام المياه في انتاج الكهرباء دون التأثير على تدفقات النهر الطبيعي إلا بالتوافق بين دولتي المصب المتضررتين بأي نقص.

أما عن نفى إثيوبيا بعدم اتخاذها إجراءات أحادية فحدثنا عن عدم الاتفاق على تصميم السد، والتخزينات الثلاث، وتشغيل التوربين الأول ثم الثاني وفى الطريق التخزين الرابع، وغيره من الخطوات القادمة.

وقال إن الوزارة الاثيوبية ذكرت بأن إثيوبيا تعمل جنبا الى جنب مع السودان بما يخص سد النهضة وهذا غير صحيح لأن السودان متضرر أيضا ويعترض على القرارات الأحادية وعدم اجراء الدراسات وتبادل المعلومات وخير دليل توقف محطات مياه الشرب عن العمل يوليو 2020 ، والارتباك في إدارة سد الروصيرص من حيث التفريغ والتخزين المعتاد سنوياً، واشترط السودان ووافقت مصر في ابريل 2021 في كينشاسا على عدم اتخاذ قرارات أحادية، ووجود أطراف دولية فعالة في المفاوضات ورفضت إثيوبيا تلك المطالب، والمفروض هو العمل جنبا إلى جنب بعد الاتفاق مع مصر والسودان معاً.

وأضاف أن الخارجية الاثيوبية وضحت  بأن إثيوبيا تشيد بموقف بعض الدول العربية التي حذرت من محاولات مصر تصعيد الأمر، وذكرت الخارجية الإثيوبية بأنها على ثقة من أن أعضاء الجامعة، ولا سيما الدول الأعضاء في الاتحاد الأفريقي، سوف تنأى بنفسها عن هذا البيان، وذكرت أيضا أنه يجب عليهم منع مصر من إساءة استخدام الجامعة، مما قد يؤدى إلى حدوث صدع في الصداقة والعلاقات التاريخية العربية الأفريقية الدائمة، وكان هناك إجماع عربي على دعم حقوق مصر والسودان، وهذا ليس القرار الأول للجامعة العربية بل سبقه عدة مرات، وأن تحفظ السودان وطلب الصومال بعدم شملها في القرار بحجة التهدئة كان منذ عامين.

وتساءل ألا تعلم إثيوبيا أن أحد الأهداف الرئيسية من إنشاء الجامعة العربية وهو الحفاظ على الحقوق العربية؟ وأن العلاقات المصرية والعربية الأفريقية علاقات تاريخية وقوية؟ وأن مصر شاركت في تأسيس منظمة الوحدة الأفريقية (أصل الاتحاد الأفريقي 2002) وأول قمة أفريقية كانت في القاهرة 1963؟ وأن مصر هي التي جعلت مقر الاتحاد الأفريقي في أديس أبابا؟

وأكد أنه في  البيان الأثيوبي اثيوبيا تحث مصر بالتخلي عن مطالبتها غير القانونية باحتكار نهر النيل، مستشهدة بالاتفاقات الاستعمارية البائدة والموقف القائم على العقلية الاستعمارية، وأنه يجب على مصر التفاوض بحسن نية والتوصل إلى نتيجة مربحة للجميع، ووضع الأساس للأجيال القادمة في جميع دول حوض نهر النيل لتنمية الصداقة والتعاون على أساس الاحترام المتبادل رغم أن مطالب مصر قانونية بتنفيذ قواعد القانون الدولي، والأعراف الدولية والاتفاقيات السابقة خاصة المبرمة مع اثيوبيا منذ 1891، 1902، 1906، 1925، 1993.

وأخيراً اعلان مبادئ سد النهضة 2015، وهى اتفاقيات دولية مسجلة في الأمم المتحدة، ولايبطلها أنها تمت في فترات استعمارية رغم إن إثيوبيا لم تكن مستعمرة في تلك السنوات وأن القيادات الاثيوبية هي التي وقعت عليها، ومنها حديثا اتفاق 1993 الذى وقعه مبارك وزيناوى، ولايجوز إلغاء هذه الاتفاقيات من طرف واحد، واتفاقية 1902 تشمل ترسيم الحدود بين السودان واثيوبيا وإعطاء اثيوبيا منطقة سد النهضة (بنى شنقول)، في مقابل عدم إقامة منشآت مائية تضر مصر والسودان، الإلغاء يعنى عودة الأرض للسودان.

وتابع أن مصر مطلبها الدائم هو عودة المفاوضات للوصول إلى اتفاق قانونيا عادل وملزم يراعى مصالح الدول الثلاث، وليس هناك اثبات أفضل من حسن نوايا مصر من التوقيع بالأحرف الأولى على صياغة اتفاق واشنطن 2020 الذى قبلته إثيوبيا والسودان أثناء التفاوض وتراجعت اثيوبيا يوم التوقيع.

ولفت إلى رد الخارجية المصرية اليوم وأنه بيان جيد يرد على أهم الأكاذيب والادعاءات الاثيوبية في ردها على قرار القمة العربية في جدة.

 

صدى البلد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى