الأخبار

تعرف على أسباب انهيار قطر

30

 

صدر حديثاً عن دار النشر التابعة لجامعة “أوكسفورد”، للخبير فى شئون الشرق الأوسط، وتحديداً دول مجلس التعاون الخليجى، كريستيان كوتس أورليخسن، تحت عنوان: “قطر والربيع العربى”.

كان أول كتاب يحاول أن يفهم المكان الذى أصبحت قطر تحتله حالياً بعد انتهاء موجة الاضطرابات التى بدأت منذ نهايات 2010، حتى 2013، كانت هناك كتب سابقة، تحاول أن ترسم شكل تلك الإمارة الصغيرة التى قفزت فجأة إلى دائرة الاهتمام العالمى بتحركاتها، واستفزازاتها، إلا أن هذا الكتاب كان يحاول أن يصل إلى نتيجة كل ما سبق.

وجد “تميم بن حمد” نفسه حاملاً إرثاً من الكراهية، والعداوة والشك إزاء قطر، من جيرانها فى دول التعاون الخليجى، ومراكز القوة فى العالم العربى مثل مصر، والجزائر، وعالم يغلى بالسخط على قطر التى اعتبرها عامل تخريب فى مالى وليبيا وسوريا وشمال أفريقيا، ورهاناً خاسراً على كارت أصبح محروقاً اسمه “الإخوان”، كان أبوه ووزيره يلعبان به بكل تهوّر، حاسبين أن ذلك التهور جرأة، ليصبح السؤال الذى يواجه الأمير الجديد حالياً هو ماذا يفعل مع ما “جناه” أبوه، وليس كيف “يجنى” ثمار سياساته؟!

يبدأ الكتاب البريطانى بالقول إنه يسعى للكشف عن الدور الذى لعبته قطر خلال اضطرابات الفترة التى عُرفت فيما بعد باسم «الربيع العربى»، والأهم أنه يريد أن يعرف تأثير القرارات التى اتخذتها قيادة قطر فى هذه الفترة، كأن تلقى بثقلها كله وراء الإخوان مثلاً، على صورتها ومستقبلها الآن، كما يحاول الإجابة عما إذا كانت كأس العالم المنتظر إقامتها فى قطر عام 2022، ستكون، على العكس مما كان يتصور قادة قطر، سبباً يؤدى إلى مزيد من الاضطرابات فى داخلها، والإحراج الدولى لها أمام العالم، كما يحدث لكل دولة صغيرة تتعرّض لتركيز الاهتمام والانتقاد العالمى، بشكل يفوق قدرتها على التعامل أو الاحتمال، بشكل قد يحول هذا الحدث العالمى الذى طالما سعت قطر إلى استضافته، إلى كارثة إضافية عليها.

يقول المؤلف، إن قطر كانت هى الدولة الوحيدة بين دول الشرق الأوسط، التى نظرت إلى اندلاع الاضطرابات فى مصر وتونس وليبيا، على أنه “فرصة” لا بد من اقتناصها، وليس تحدياً لا بد من احتوائه ومواجهته، لعبت قطر دوراً محورياً ليس فقط فى صياغة الشرارات الأولى للاحتجاجات عبر قناة “الجزيرة”، ولكن أيضاً فى تحريك وحشد الدعم العربى للتدخّل الدولى بقيادة حلف الناتو فى ليبيا فى مارس 2011، ولاحقاً لعبت قطر دوراً أساسياً فى فرض العزل الدبلوماسى على نظام الرئيس السورى بشار الأسد، بسبب تصاعد حدة الصراع الأهلى فى سوريا.

ويواصل الكتاب: “مساهمة قطر الكبيرة فى الإطاحة بالديكتاتور الليبى معمر القذافى بعد 42 عاماً من حكمه ليبيا، شملت مزيجاً من التدخّل العسكرى الواسع غير المسبوق، إضافة إلى جهود قطرية ملحوظة فى الوساطة بين الأطراف الليبية المختلفة، وجهود إعادة الإعمار، كما أن مشهد العلم القطرى وهو يرفرف على أطلال قصر “القذافى” فى باب العزيزية بأيدى (ثوار) ليبيا، يعتبر مشهداً حافلاً بالدلالات والمعانى، ويعكس من دون شك دور الدوحة البارز، فى التخطيط لتغيير النظام فى طرابلس”.

ويمكن القول، كما يتابع الكتاب، إن ليبيا كانت نقطة تحول درامى للأحداث ولموازين القوى فى المنطقة، ففى وقت شهدت فيه المنطقة حالة من الاضطراب الإقليمى غير المسبوق، قدّمت قطر نفسها فى صورة مركز الاستقرار والرخاء فى المنطقة، حتى عندما وصلت اضطرابات الربيع العربى إلى حدود دول مجلس التعاون الخليجى المجاورة لها، بدا أن الهدوء فى قطر نفسها يؤكد أن الدوحة “تختلف” عن العواصم العربية الأخرى المجاورة، الأمر الذى أسهم فى الترويج لصورة قطر أمام العالم، ومنح الأمير السابق حمد بن خليفة ورئيس وزرائه حمد بن جاسم، دفعة قوية من الثقة، لكن ما حدث بعد ذلك من تعقُّد اضطرابات الربيع العربى، وفشل الحكومات المتعاقبة فى مصر وتونس حتى 2013 فى مواجهة تحديات عملية الانتقال السياسى، كلها كشفت عن أن المنطقة مقبلة على واحدة من أشد فتراتها اضطراباً وغموضاً، وأن الضغوط الاقتصادية ستُلقى بظلالها على السياسات الإقليمية فى السنوات المقبلة.

ويتابع: “الواقع أن قطر ليست منيعة، ولا تتمتع بحصانة خاصة ضد كل هذه التحديات التى تواجه المنطقة بأسرها، إضافة إلى أنها تواجه حالياً تحديات أخرى تتعلق بعملية انتقالها إلى قيادة جديدة، على أن التحدى الأصعب الذى يواجه قطر وقيادتها على وجه التحديد، هو حتمية تعاملها مع نتائج وتداعيات القرارات التى اتخذتها قيادتها السابقة خلال فترة الربيع العربى”.

ويواصل الكتاب: “كثير من المراقبين لأوضاع المنطقة، صاروا يرون أن قطر حاولت أن تلعب دوراً فوق قدراتها، أو أنها “قضمت ما يفوق قدرتها على الهضم”.

فى الفترة السابقة، كانت الإمارة الصغيرة قد نجحت فى أن تلعب دوراً إقليمياً ملحوظاً، وأن يكون لها تأثير واضح على الساحة العالمية، لكن فى الوقت الذى صارت فيه السياسة القطرية أكثر اتساعاً وامتداداً وطموحاً، صارت تواجه فى الوقت نفسه، خطر وجود فجوة تفصل بين ما ترغب فيه الإمارة، وما تقدر عليه فى الواقع، بين ما تريد فعله، وما يمكنها القيام به بالفعل”.

ويضيف: “بدأت بوادر هذه الفجوة فى الظهور فى مجال التحركات الدبلوماسية القطرية، وكذلك فى المجال الذى نجحت فيه فى صنع دورها كلاعب إقليمى ودولى، وهو مجال الوساطة بين الأطراف المتنازعة، وبدأت هذه الفجوة فى الظهور حتى قبل اضطرابات الربيع العربى، وعلى امتداد الثلاثين شهراً التالية التى عملت فيها السياسة الخارجية القطرية فوق ما يفوق قدراتها وطاقاتها، والأهم أن القيادات العليا فى دائرة صُنع القرار القطرى، تلك الدائرة الصغيرة التى تضع القرار بين أصابع محدودة، ظهرت عليها علامات التشتُّت والارتباك أمام تعقُّد الموقف فى سوريا، وتحول الروابط القوية التى تربط قطر بالإخوان إلى عبء على السياسة القطرية وليس ورقة رابحة لها”.

 

 

 

 

الوطن

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى