الأخبار

الديكتاتورية المنتخبة ليست أقل سوءً من العسكرية

حذرت صحيفة الجارديان البريطانية من أن ردة الفعل الوحشية التي لا تميز على الانقلاب الفاشل في تركيا قد تشكل خطرا على القيم التي ألحقت الهزيمة بتلك المحاولة الانقلابية.

يأتي ذلك بالتزامن مع تعالي أصوات في الغرب تحذر الرئيس التركي طيب رجب أردوغان من نهج سياسة انتقامية اتجاه المتورطين في المحاولة الانقلابية الفاشلة.

وقالت الجارديان في افتتاحيتها يوم الأحد إن الديكتاتورية العسكرية واحدة من أسوأ صور الحكومات المعروفة، لكن ديكتاتورية منتخبة ليس أقل سوءً، والخطر الآن واضح في أن تركيا تتجه نحو مثل هذه الدولة، في إشارة من الصحيفة إلى “الديكتاتورية المنتخبة”.

وأضافت أن اعتقال 6 آلاف شخص والإطاحة ب2700 قاض، إشارات سيئة للغاية تأتي من نظام قام بكل ما بوسعه لتخويف المجتمع المدني عبر التحرش ومحاكمة الصحفيين.

غير أن مسؤول أمني كبير قال اليوم الاثنين إن تركيا عزلت ثمانية آلاف من أفراد الشرطة في مختلف أنحاء البلاد بما في ذلك اسطنبول والعاصمة أنقرة للاعتقاد بوجود صلات تربطهم بمحاولة الانقلاب الفاشلة التي وقعت يوم الجمعة، بحسب دويتشه فيله.

وتحتل تركيا مرتبة متدنية على مؤشر حرية الصحافة، حيث جاءت في المركز 71 من 100 في قائمة منظمة مراسلون بلا حدود الصادرة مؤخرا.

وقالت الجارديان إن تطهير القوات المسلحة أمر محتوم في أعقاب النقلاب العسكري الفاشل، بيد أن القضاة ليسوا هم من انتفضوا في وجه الحكومة المنتخبة. فالهجوم على القضاء أمر مقلق بشكل خاص في ضوء ازدراء رجب طيب أردوغان لحقوق الإنسان وحكم القانون.

وأشار الرئيس التركي الأحد إلى أنه قد لا يكون هناك تأخير في إقرار عقوبة الإعدام التي ألغتها تركيا عام 2004 وان الحكومة ستناقش الأمر مع أحزاب المعارضة.

“هذا الرجل غريب الأطوار والطموح يقف حتى الآن في موقف قوي، أو على الأقل حيث يمكنه إحداث ضرر كبير، ورغم أن هناك هوة كبيرة بين إسلامية حزب العدالة والتنمية الأردوغاني وتنظيم الدولة الغسلامية، إلا أن تأييده الضمني كان هاما للغاية في تقوية أسوأ عناصر قوات المعارضة السورية.

“في نفس الوقت، تعد تركيا عضوا هاما في الناتو، بقوات مسلحة أكبر من أي دولة حليفة أخرى عدا الولايات المتحدة. هذه العناصر من الجيش والقوات الجوية التي قاتلت بعضها البعض تعد أمرا مقلقا بشدة”.

وأضافت الصحيفة أن تصميم حكومة أردوغان على إلقاء كل اللوم في الانقلاب على شبكة إسلامية منافسة لها يقودها فتح الله غولن، رجل الدين المقيم الآن في المنفى في ولاية بنسلفانيا الأمريكية، وضع العلاقات الأمريكية التركية تحت ضغط كبير.

ويعتقد عدد قليل من المراقبين في الخارج أن مخططي الانقلاب لم يكونوا من العلمانيين في القوات المسلحة التركية، بحسب الجارديان التي أشارت إلى وزير الخارجية الأمريكي جون كيري على حق بشكل كامل في قوله إن مطالب ترحيل غولن يجب أن تدعمها أدلة مادية، ويتم فحصها في المحاكم، وهو شيء الحكومة التركية غير قادرة حتى الآن على تقديمه.

ولفتت الصحيفة إلى أن إحدى مفارقات الانقلاب وفشله هو أن أردوغان ربما يدين بنجاته منه إلى شبكات التواصل الاجتماعي اللامركزية والتي يحاول منذ سنوات وضعها تحت إرادة حكومته.

فالخططون للانقلاب، الذين بدا أنهم مجهزين جيدا لانقلاب في القرن العشرين، استولوا على التلفزيون الرسمي لكنهم تجاهلوا تأمين الانترنت. وتمكن أردوغان عبر استخدامه شبكات التلفزيون الخاصة وقوة التواصل الاجتماعي، من حشد أنصاره وإخراجهم إلى الشوارع، وفقا للجارديان.

وقالت الصحيفة البريطانية إن هذا مثالا على الطريقة التي أنقذت بها مؤسسات المجتمع المدني والتي تعمل تحت حكم القانون، رجلا يبدو في أغلب الأحيان تهديدا لها.

وأضافت أن الناس الذين اندفعوا إلى الشوارع لهزيمة القوات الانقلابية لم تكن كلها تدافع عن أردوغان. كثيرون كانوا هناك ليدافعوا عن الديمقراطية نفسها.

ولفتت الجارديان إلى أن تدفق المحتجين كان مرتفعا في مدن مثل إزمير، حيث حضور حزب العدالة والتنمية ضعيف. كما أن كل الأحزاب السياسية، حتى حزب الشعوب الديمقراطية الذي يهمين عليه الأكراد، احتشدت وراء الديمقراطية دون أي تردد.

كان السبب أكبر من الرئيس، تقول الصحيفة. وسؤال المستقبل يكمن فيما إن كان أردوغان يدرك ذلك الأمر أم لا، فالمستقبل يتطلب تواضعا من الحكومة المنتصرة، واحترام حقوق الإنسان وتأكيد حكم القانون، فتلك الأمور لا تميز حكم أردوغان حتى الآن، لكن تركيا أكثر حاجة إليها.

 

مصراوى

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى