الأخبار

أزمة فى «الضانى»..

  • 174

«يا فتاح يا عليم يا رزاق يا كريم».. كلمات استهل بها عدد من تجار الماشية بداية موسم عيد الأضحى. نصبوا شوادرهم وافترشوا الشوارع بالخِراف، آملين فى تحقيق مكاسب كل عام، ومتجاهلين فى الوقت نفسه الأصوات المرتعشة التى تنذر بخسائر وشيكة ستلحق بهم فى حال استمرار حملة مقاطعة اللحوم، وعزوف المواطنين عن تناول «الضانى» أيضاً.

«الأسعار مش غالية، والناس هتشترى»، هو ما أكده ناصر رمضان، تاجر «مواشى» وجزار فى منطقة المهندسين، فاللحم المذبوح هو ما يصعب على المواطن شراؤه، حيث يصل إلى 80 جنيهاً لكيلو الضانى فى بعض الأماكن، بينما كيلو الخروف الحى بـ37 جنيهاً وأرخص من الموجود فى سلاسل المحلات الشهيرة.

«ناصر»: الخروف يكلفنا 10 جنيهات يومياً «ذرة وعلف» وألف جنيه مواصلات لنقل 30 رأساً.. والجلود سعرها فى الأرض

«إحنا مالنا ومال المقاطعة، ده عيد والأضحية سُنة على القادرين، عشان كده الناس هتشترى ومش هتقاطع»، حسب «ناصر» الذى يرى أن الجزار مظلوم ولا يجب اتهامه بالجشع: «كنا زمان بنكسب كتير فى الراس الواحدة، دلوقتى المكسب محدود، وفى الأعياد والمواسم بيقل كمان، ولولا أننا مش عاوزين نزعل زباينا منا كنا مانبيعش أصلاً».

منظومة اللحوم بأكملها هى السبب فى المشهد الحالى وليس الجزار: «بنستورد الذرة والعلف من الخارج وسعرهم بقى غالى على التاجر، يعنى الخروف الواحد بيكلفنى حوالى 10 جنيه فى اليوم ذرة وعلف وتبن، ده غير رسوم النقل، بادفع للعربية الواحدة ألف جنيه عشان أنقل 30 خروف على عربية من الصعيد أو الشرقية للقاهرة، ومع كده أسعار الضانى مش بتزيد كتير، تقريباً من 5 لـ10 جنيه كل سنة».

جلود الأضاحى كانت سبباً فى مكاسب كبيرة للتجار، ولم تعد كالسابق فى السنوات الـ7 الأخيرة، حسب «ناصر»: «كنا بنبيع الحتة الواحدة بـ50 و60 جنيه، دلوقتى بنبيعها 10 جنيه إذا اتباعت أصلاً، وده طبعاً لأن مفيش تصدير والحال واقف».

«عيد»: الموسم باين من أوله السنة اللى فاتت فى الوقت ده بعت 10 خرفان دلوقتى مابعتش ولا خروف

يتعجب «ناصر» من الغش الذى يمارسه بعض التجار لتخفيض سعر الكيلو ومن ثم إرضاء الزبائن: «دى مهنة الرسول إزاى نغشها، للأسف فيه حيل كتير بتتعمل فى الأضحية والزبون صعب يكشفها، أولها الغش فى الميزان، وكتير بيأكّلوا الغنم زبالة عشان يوفروا تمن الذرة والعلف، ده غير أنهم بيشربوها ميه كتير ويضيفوا للميه والأكل ملح عشان تتنفخ وتزيد على الميزان».

«ناصر» يرى أيضاً أن حملة المقاطعة ربما تؤدى إلى ارتفاع أكبر فى أسعار اللحوم: «لو الناس مشترتش واتجهت للمستورد هتكتشف الفرق، وترجع تانى للجزار البلدى.. دى اللحمة المستوردة ملهاش فايدة وبتسود بعد السوا، لكن البلدى لا يعلى عليه إحنا أنضف مرعى على مستوى العالم»، بخلاف ارتفاع أسعار الأسماك والدواجن، بما يعنى أن المواطن لن يجد بديلاً ملائماً لظروفه إذا قاطع اللحوم الحمراء.

أكثر من مقترح طرحه «ناصر» لحل أزمة اللحوم، منها زيادة الرقعة الزراعية، لإنتاج ذرة وأعلاف محلية بالكمية المطلوبة ووقف المستورد منها غالى الثمن، وعدم ذبح البتلو لمدة عام، ما سيوفر كمية كبيرة من اللحوم، إلى جانب قيام القوات المسلحة باستيراد عجول وتسمينها فى المزارع التابعة لها، وضخها فى الأسواق على جميع محال الجزارة وفى مختلف المناطق، بدلاً من المنافذ المحدودة التى تطرح فيها منتجاتها ولا يستفيد منها عدد كبير من المواطنين.

يختلف «عيد مصطفى»، تاجر أغنام فى منطقة هضبة الأهرام، مع الرأى السابق فى نواحٍ كثيرة، حيث يخشى من تكبد خسائر كبيرة فى بيع الأضاحى خلال موسم العيد بسبب حملة مقاطعة اللحوم: «زى دلوقتى السنة اللى فاتت كنا بايعين حوالى 10 رؤوس وبتزيد كل ما يقرب العيد، لكن دلوقتى إحنا مابعناش ولا خروف من أول ما فرشنا».

يلوم «عيد» على مسئولى الدولة مطاردتهم للتجار والمربين بدلاً من دعمهم وحل مشاكل منظومة اللحوم: «عشان أفرش هنا فى الخلاء باضطر أدفع إكراميات كتير.. واخدين منى لحد دلوقتى 3 خرفان يساووا كتير، ده غير مصاريف بندفعها للفلاح اللى بنشترى منه الغنم وفلوس المواصلات، وأجرة العمالة والكهرباء، وفى الآخر ييجى الزبون ويفاصل معانا»، الأمر الذى دفع تجار كتير وجزارين لترك المهنة: «ناس كتير أعرفهم سابوا المهنة وفتحوا محلات سباكة».

وفيما يتعلق بالأسعار، يتراوح سعر كيلو الضانى لدى «عيد» من 38 إلى 39 جنيهاً، كما يتراوح وزن الخروف متوسط الحجم «الأكثر مبيعاً» من 45 إلى 50 كيلوجراماً، مشيراً إلى اتجاه بعض المواطنين إلى شراء الجديان لأنها أقل وزناً من الخروف وبالتالى أرخص.

«حتى لو لم يستجب الناس للمقاطعة إحنا كده كده بنخسر»، قالها شعبان فتحى، تاجر أغنام و«مواشى» فى منطقة فيصل: «الناس فى كل الأحوال بتشترى، لكن طبعاً أحوال السوق بتنعكس علينا، لما بتكون اللحمة غالية الحال بيقف، ولما بترخص بنبيع كتير ونشتغل كويس، خاصة إن الناس بقت ناصحة وبتفاصل سواء كانت اللحمة رخيصة أو غالية».

يحذر «شعبان» من شراء الأضاحى من تجار ليسوا أهل ثقة، حتى لا يقعوا فريسة لعملية غش تجارى: «كل من هب ودب لامم شوية خرفان وبيبيعهم فى شارع ولاّ منور، وللأسف ناس كتير كل اللى يفرق معاهم السعر، ولا يعرفوا الغنم ده واكل وشارب إيه، ويمكن يكون عيان وينخدع إن شكله الخارجى كويس ومستحمى».

أما «محمد مصطفى»، تاجر غنم فى الهرم، فأكد أنه يصعب الحكم على مدى استجابة الناس للمقاطعة فى العيد من عدمه الآن، حيث أن مبيعات الخراف والجديان تزداد فى الأسبوع الأخير قبل العيد، وبالتالى فانخفاض المبيعات فى بداية الموسم ليس مؤشراً حقيقياً على تأثر الأضاحى بالمقاطعة.

«محمد» يرى أيضاً أن من اعتاد على شراء الأضحية كل عام، سيصر على شرائها هذا العام: «أصله هيعاند مين.. الدولة ولا التاجر؟ دى حاجة سُنة ورايحة لله، عشان كده ممكن يستلف عشان يشترى خروف ويفرح عياله».

الوطن

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى