الأخبار

«كيس الزبالة» بالنسبة لـ«محمد»

 

127

جسد نحيل وبشرة يغطيهما الطين، منزوياً فى أحد الأركان أسفل كوبرى أكتوبر على بُعد أمتار من محطة السكة الحديد، ينام «محمد» فى سُبات عميق، متخذاً من شوال القمامة الذى يحمله ليلاً ونهاراً بين ذراعيه، وسادة ينام عليها لبضع دقائق، قبل أن يعاود الكرة فى الفجر، متجولاً بين الشوارع والأرصفة بحثاً عن قوت يومه.

لا يعرف عن نفسه سوى اسمه، لا يتذكر أهله أو أقاربه، كل ما يمتلكه من الحياة «كيس زبالة» يعتبره مصدر دخله وراحة، ومن بقايا الطعام التى بداخله يُحضر وجبة يتغذى عليها طوال اليوم، يمشى متباطئاً فى خطواته، تقرحات وتشققات قدميه حائل بينه وبين السير لمسافات طويلة «رجلى بتوجعنى، بانام وأريح» بلهجة أقرب للطفولة يئن الشاب الثلاثينى وجعاً دون أن يدرى أو يشعر به أحد حاله كغيره من المتسولين، لكن «محمد» حالة خاصة فهو يجهل الشهور والأيام، صائماً بالإكراه «مش معايا فلوس» السبب الذى أسنده الشاب الثلاثينى لعجزه عن تأجير غرفة أو حتى تأمين وظيفة «بدل المرمطة».

لا يقترب منه المارة خشية من الطين الذى يكسوه من قمة رأسه إلى أخمص قدميه، وأظافره غير المهذبة التى تعطيه هيئة أشبه بالمجاذيب، لا يعلم من يمر إلى جواره أن قدرته العقلية لا تستوعب أكثر من خوفه على «كيس القمامة» من السرقة فهو خلاصه الوحيد من الدنيا فهو «الأكلة والنومة والشغلة» التى لا يعرف سواها، وإن فُقد منه، ضاعت حياته، فهى جزء لا ينفصل من ذلك الكيس.

الوطن

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى