منوعات

بين غياب «الرقابة» وجشع «التجار»

 

 

بين نارين، يجد المواطن نفسه مغلوباً على أمره، رقابة غائبة من ناحية، لا تحميه ولا يشعر بها، وتجار وسماسرة جشعون، يستغلون «الموسم» لرفع السعر وابتزاز الزبون، حتى لو كان هذا الموسم هو فصل الصيف، يوليو وأغسطس، بحرارتهما العالية ورطوبتهما التى تجبر الناس على أن «تهج» من زنازين البيوت، قاصدة «براح» البحر أو «نسمات» النيل أو مجرد «قعدة طراوة» فى أى مكان مفتوح، لكنهم بين كل هذه الاختيارات يكون الابتزاز فى انتظارهم دائماً، والاستغلال هو الشىء الذين يودون الهروب منه دون جدوى، إلا بالمقاطعة والتزام المنزل.

خبراء يتهمون الأجهزة الرقابية بالتقاعس عن حماية المواطنين.. ويؤكدون: «المقاطعة» هى الحل لإجبار أصحاب المصالح على تخفيض الأسعار

عدد الجهات الرقابية بمختلف مهامها ووظائفها يصل إلى 73 جهة فى مصر، لكن مع ذلك لا يشعر المواطنون بوجود أى رقابة على أرض الواقع، الدكتور حمدى عرفة، خبير الإدارة المحلية، أشار إلى أن هناك العديد من الأسباب وراء هذه المفارقة الكبيرة، على رأسها تداخل مهام الأجهزة الرقابية، إضافة إلى البيروقراطية الشديدة التى تعمل تحت مظلتها: «التداخل، والبيروقراطية عائقان كبيران، مابيخلوش حد يشتغل بالطريقة المظبوطة، ولا ثمار حقيقية للرقابة تظهر على أرض الواقع»، يرى «عرفة» أن المشكلة بالأساس تتعلق بالجهاز الإدارى للدولة، وعدم قدرته على القيام بوظائفه، نظراً لحالة الترهل التى يعانى منها، فالحل من وجهة نظره هو العمل من خارج الصندوق: «محتاجين إعادة هيكلة هذا الجهاز، وتعريف أدواره واختصاصات هيئاته، وإلى جانب ذلك يتم العمل من خارج الصندوق بآليات مبتكرة وسريعة تحت إشراف الرئاسة مباشرة أو مجلس النواب، تستطيع أن تتعامل مع مشكلة الأسعار واستغلال المواطن بسرعة وكفاءة أكثر فعالية مما نشاهده حالياً».

صحيح أن هناك أزمة اقتصادية تتسبب فى رفع الأسعار، لكن ليس بهذه الصورة التى تشهدها الأسواق بحسب مصطفى عبدالسلام، الخبير الاقتصادى، الذى أكد تعرض مصر لتعثرات اقتصادية على مدى الـ5 سنوات الماضية أدت لأزمات كبيرة، إلا أن حالة الجشع والسعار الموجودة بين التجار والسماسرة تؤجج من تلك التعثرات، وتزيد من أعباء المواطن: «هناك موجة ارتفاع فى جميع الأسعار فى مصر، ولا أحد يستطيع أن ينكر ذلك، فالدولة تعرضت لأزمة سياسية أمنية خلقت على مدى السنوات الماضية فوضى فى السوق وتدهوراً فى الاقتصاد وتراجعاً فى قيمة العملة»، يطالب «عبدالسلام» أجهزة الدولة أن تكون أكثر جدية وفعالية فى التعامل مع الأسعار على أرض الواقع، وألا تترك السوق حرة بهذا الشكل، لأن ذلك سيرفع «الفاتورة السياسية»، حسب قوله، فيما ناشد المواطنين أيضاً أن يكونوا جزءاً من علاج الأزمة من خلال إجراءين: «الأول هو ترشيد الاستهلاك والاستخدام، أما الإجراء الثانى فهو المقاطعة، ما يجبر التاجر على تخفيض السعر والاستجابة لرغبة المواطنين ومراعاة ظروف البلد»، مستشهداً بالعديد من الحملات الشعبية التى دعت للمقاطعة، ونجحت فى تحقيق نتائج إيجابية وإجبار التجار وأصحاب المحلات على تخفيض الأسعار، مثل حملتى «بلاها لحمة»، و«ثورة الإنترنت» اللتين حققتا ضغوطاً واسعة.

الوطن

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى