الأخبار

تركيا.. الملاذ الآمن للمضطهدين عبر العصور

203

كانت الدولة العثمانية عبر مختلف العصور والحقب التاريخية، ملاذًا آمنًا للشعوب التي أجبرت على ترك أوطانها، بسبب تعرضها للقمع والاضطهاد، وفي يومنا هذا، تواصل تركيا القيام بالدور ذاته، من خلال مدها يد العون للاجئين من جميع أنحاء العالم، مقدمة لهم ما تستطيع من كرم الضيافة.

وبنظرة سريعة للتاريخ نجد أن الأتراك فتحوا أبواب بلادهم أمام جميع الهجرات التي نتجت عن سياسات القمع والاضطهاد على مر التاريخ.

يهود إسبانيا

ففي عام 1492، استقبلت الدولة العثمانية اليهود الهاربين من الفظائع التي شهدتها إسبانيا آنذاك، وأصدر السلطان العثماني “بايزيد الثاني بن محمد الفاتح” فرمانًا (مرسومًا) متعلقًا باليهود الذين لجأوا إلى الدولة العثمانية للنجاة بأرواحهم من الاضطهاد الإسباني لعل أبرز ما جاء فيه: “على الجميع استقبال اللاجئين بكل رحابة صدر، وعلى كل شخص يصدر عنه سلوكٌ مخالفٌ لهذا (الأمر)، أو يصدر عنه تعامل سيء تجاه اللاجئين، أو يتسبب لهم بأي ضرر، أن يعلم بأن عقابه سيكون الموت، ناهيكم عن أن قضية إعادة اليهود الذين لجأوا إلينا من إسبانيا، هي قضية مرفوضة ولن تخضع للنقاش”.

 

أتخلى عن مُلكي، ولا أسلّم لاجئًا احتمى بدولتي

ولعل رفض السلطاني العثماني “عبد المجيد الأول” تسليم اللاجئين المجر والبولنديين – الذين فروا من بلادهم بسبب القمع والاضطهاد واحتموا بالدولة العثمانية – إلى روسيا والنمسا، يعتبر من الأمثلة التاريخية المهمة، التي تظهر مدى حرص الدولة العثمانية على القيام بحماية من احتمى بها ولجأ إليها.

وفى الوقت الذي سعت فيه كل من روسيا والنمسا إلى ممارسة مختلف أنواع الضغوط على الدولة العثمانية من أجل إعادة اللاجئين، إلا أن السلطان عبد المجيد وضع حدًّا لجميع تلك الضغوط قائلًا: “إن تسليم تاجي ومُلكي لأهون علي من أن أسلم شخصًا واحدًا احتمى ببلدي”.

وسرعان ما انتشرت جملة السلطان عبد المجيد تلك، انتشار النار في الهشيم بين شعوب العالم التي تعاني من الاضطهاد، كما كان لتلك الكلمات وقع خاص وتأثير كبير في بريطانيا وفرنسا والولايات المتحدة.

 

الحرب أهون عليّ من انتهاك العادات والأعراف التركية

ومن تلك الأمثلة أيضًا، رفض السلطان العثماني “بايزيد يلدرم” (الصاعقة) تسليم كل من حاكم بغداد السلطان أحمد بن أويس الجلايري، وأمير دولة القره قويونلو “قره يوسف” وعائلاتهم، للقائد التتاري “تيمورلنك”، وفضّل السلطان العثماني، الدخول بحرب مع تيمورلنك، عرفت باسم “معركة أنقرة” (1402 م)، والوقوع في الأسر، على أن يسلم من لجأ إلى دولته.

 

تركيا على خطى الدولة العثمانية

وعلى خطى ونهج الدولة العثمانية صارت تركيا، وفتحت أبوابها أمام كل المظلومين والمضطهدين حول العالم، حيث أصبحت تركيا إحدى الوجهات الرئيسية التي توجه إليها اليهود الهاربين من ظلم النازية، وفتح مؤسس الجمهورية التركية “مصطفى كمال أتاتورك” أبواب تركيا عام 1933 أمام اليهود، وسمح لهم باللجوء إلى تركيا، ووجه دعوات لعدد كبير من العلماء الذين هم من أصل يهودي، للتوجه إلى تركيا، لإنقاذ حياتهم من مجازر النازيين.

كذلك كانت سياسة تركيا، تجاه أتراك الأيغور الذين تعرضوا ولا زالوا يتعرضون للاضطهاد من قبل الصين، التي تحتل بلادهم تركستان الشرقية منذ أربعينيات القرن الماضي، وتجاه اللاجئين الإيرانيين الذين أجبروا على ترك بلادهم عقب ثورة الخميني عام 1979، حيث هاجر إبان الثورة الإيرانية نحو مليون مواطن إيراني إلى تركيا، التي فتحت أبوابها في وجههم وسعت لتلبية احتياجاتهم.

كما فتحت تركيا أبوابها أيضًا في وجه اللاجئين من أكراد العراق، حيث استقبلت نحو 50 ألف كردي عراقي عام 1988، أي في المرحلة التي تلت ارتكاب نظام الرئيس الراحل صدام حسين مجزرة الكيماوي ضد مواطنيه الأكراد في مدينة “حلبجة”.

 

تركيا تفتح أبوابها أمام السوريين

ووقفت تركيا منذ بداية الأزمة في سوريا عام 2011، إلى جانب الشعب السوري، وفتحت أبوابها أمام اللاجئين الذين هربوا من هول المجازر التي وقعت في بلادهم، ممارسةً سياسة “الباب المفتوح”، تلك السياسة التي كانت بمثابة شريان الحياة للشعب السوري، حيث وصل عدد اللاجئين السوريين المقيمين في تركيا إلى 2 مليون لاجئ، سعت تركيا لتلبية احتياجاتهم، وتوفير الأمن لهم، في خضم ما تشهده المنطقة من أزمات وحروب.

وعلى الرغم من النظر إلى قضية اللاجئين السوريين في السنوات الأولى من الحرب في سوريا على أنها قضية مؤقتة وقصيرة الأمد، إلا أن الأيام أثبتت عكس ذلك، حيث تبين أنها ستصبح قضيةً دائمة، لذا قررت تركيا اتخاذ خطوات جديدة، تجاه السوريين الذين لن يستطيعوا العودة إلى بلادهم، بسبب الحرب المستمرة والتي لا بوادر لانتهائها في القريب العاجل، بسبب السياسات الدولية التي يتم تطبيقها على المنطقة.

وكالة الاناضول للانباء

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى