الأخبار

زيارة السيسي تؤكد حرية صانع القرار المصري

 

 

 

38

فصل جديد في مسيرة العلاقات القائمة بين القاهرة وموسكو، حيث يصل الرئيس عبد الفتاح السيسى إلى روسيا، فى زيارة تستغرق يومين، يلتقى خلالها الرئيس الروسى فلادمير بوتين، فى مدينة سوتشى الروسية الواقعة على البحر الأسود.

وتعتبر زيارة الرئيس عبد الفتاح السيسي إلى موسكو بمثابة إرساء لحجر الزاوية لبدء مرحلة جديدة من العلاقات بين الجانبين على أساس تنوع أوجه التعاون على كافة المستويات، وأن تسهم الزيارة في مشاركة روسيا في دعم مشروع محور قناة السويس، وإمداد القاهرة بما يحتاجه المشروع من معدات ضخمة واستثمارات، خاصة أن مصر اعتمدت على السلاح والتكنولوجيا الروسية لسنوات طويلة في الصناعات الثقيلة وبناء السد العالي، وكذلك التعاون فى ميدان الطاقة الذرية واستكمال مشروع الضبعة لحل أزمة الطاقة فى مصر.

 2014-635434390566670896-667

وأنه من المقرر أن تشهد الزيارة مباحثات بين الرئيسين بشأن مجمل الأوضاع الإقليمية فى منطقة الشرق الأوسط، وفى مقدمتها العدوان على قطاع غزة، والمبادرة المصرية لوقف إطلاق النار، فضلاً عن ليبيا، اتصالاً بالتداعيات السلبية لتردى الأوضاع السياسية والأمنية على الحدود المصرية الغربية، إلى جانب الأوضاع فى العراق، خاصة أن الشرق الأوسط يمر بمرحلة من الصعود والهبوط لبعض القوى، وظهور لاعبين جدد مثل بعض المنظمات الإرهابية كـ “داعش”، وبالتالي فقد أصبح الإرهاب يطل بوجهه القبيح ليهدد الجميع، وضرورة الحفاظ على وحدته الإقليمية، وكذا الأزمة السورية، وأهمية التوصل إلى تسوية تحفظ وحدتها الإقليمية وتصون أرواح مواطنيها.

 قصف غزة

70 عامًا علاقات دبلوماسية بين القاهرة وموسكو، بدأت فى العهد الملكى 1943، وبلغت الذروة خلال عقدى الخمسينيات والستينيات فى عصره الذهبى عهد الزعيم الراحل جمال عبدالناصر، فى مجالات التنمية، بناء السد العالى ومصانع الحديد والصلب والألومنيوم، وترسانة الإسكندرية، والتسليح، ثم تراجعت لأربعين عاما، لتعود قوية راسخة بعد ثورة 30 يونيو.

بعد ثورة 30 يونيو وموقف الولايات المتحدة منها ورفضها الإعتراف بها إلى وقت قريب، ساعد ذلك على التقارب بين مصر وروسيا وظهرت موسكو فى الصورة بقوة، وكانت من أوائل الدول المؤيدة لثورة 30 يونيو وأبدت استعدادها للتعاون الإقتصادى والعسكرى مع مصر، ورأى خبراء فى موسكو بديل قوى لواشنطن.

وبالفعل تمت زيارة وزيري خارجية ودفاع روسيا إلي القاهرة في نوفمبر الماضي (2013).. كما زار المشير السيسي، وزير الدفاع، ونبيل فهمي وزير الخارجية وقتها، موسكو، وتم الاتفاق خلال الزيارتين علي إمداد روسيا مصر بصفقة أسلحة تزيد قيمتها علي ملياري دولار، ويمكن أن تصل إلي 2.5 مليار دولار تتضمن أنواعا متعددة من التسليح من بينها الصواريخ المضادة للطائرات والدروع وغيرها من الأسلحة والمعدات العسكرية.

 لكن أهم ما فيها طائرات (ميج 29) القاذفة المقاتلة المتطورة، وطائرات الهليوكوبتر الهجومية من طرازي (مي25) و(مي28) التي تمثل بديلا لطائرات الاباتشي التي تتلكأ واشنطن في تسليمها، وهي ضرورية للغاية في عمليات مكافحة الإرهاب ومطاردة عناصره، ونتوقع أن تشهد زيارة السيسي إلي موسكو الاتفاق بشكل نهائي علي تفاصيل الصفقة والبدء في توريدها، كما أن التطور المتسارع للأحداث في المنطقة لا يترك مجالا لإضاعة الوقت، وقد تجلي إدراك موسكو لهذه الحقيقة في صفقة الأسلحة الروسية للعراق منذ نحو أسبوعين.

 مي 28

الأباتشى

وصف الخبراء زيارة السيسى لموسكو، بأنها تأتى فى توقيت مناسب ويصب فى دعم المصالح المصرية الوطنية، وتمثل تطورا له دلالاته وانعكاساته فى السياسة الخارجية المصرية، حيث إنه فى الوقت الذى أعلنت فيه مصر أنها لا تستبدل علاقة روسيا بعلاقة أمريكا، فإن الزيارة تؤكد على حرية صانع القرار المصرى فى تشكيل تحالفاته الاستراتيجية وعلاقاته الدولية، وهو الأمر الذى يخدم فى النهاية متطلبات الأمن القومى فى معناه الشامل ويحرر القرار والإرادة المصرية من الضغوط وممارسات الابتزاز.

وويتوقع أن يزيد حجم التعاون الذى سيترتب على المباحثات المصرية – الروسية، لينقل العلاقات إلى مستوى أعلى، خصوصًا وأن هناك حديثًا عن التعاون فى مجال الأغذية الزراعية وبحوث الفضاء والطاقة، كما أنها يمكن أن تكون مجالا مشتركا للتعاون فيما يتعلق بالتطورات فى المشرق العربى، والتحركات المرتبكة لبعض القوى الإقليمية فى المنطقة خاصة تركيا.

 ?????????????????????????????????

وستفتح الزيارة آفاقا كبيرة للتعاون الاقتصادى، خاصة فيما يتعلق بتطوير القدرات المصرية فى مجال استخراج الغاز والبترول، حيث تعد شركة بروم الروسية من كبرى الشركات العالمية فى هذا المجال، كما تم انجاز 97 مشروعاً صناعياً بمساهمة الاتحاد السوفيتى فى الفترة السابقة.

وقال سيرجى شوتيوك، نائب رئيس الاتحاد الوطنى الروسى للسكك الحديدية، وعضو لجنة غرفة التجارة التابعة للاتحاد الروسى للنقل والشحن، إن موسكو لديها إمكانيات لتصدير الحديد والصلب لمصر لصناعة السكك الحديدية وصيانتها مضيفا: “ينبغى أن تبنى العلاقات المصرية الروسية على أساس المنفعة المتبادلة”.

وأوضح شوتيوك أن الاتحاد الوطنى للسكة الحديد التابع للاتحاد الروسى، سيشترك فى حل مثل هذه المشاكل بالإضافة إلى أن روسيا لديها إمكانات كبيرة فى هندسة النقل وبناء السكك الحديدية، ونعمل على إنشاء منتدى عام واحد لمناقشة جميع مشاكل السكك الحديدية.

وأشار شوتيوك إلى أن روسيا يمكنها استقبال الطلاب المصريين لتعليمهم فى الجامعات الروسية حيث إنه يوجد فى موسكو الجامعات التقنية والمختصة فى السكك الحديدية ولكن التعليم وحده لا يكفى حيث يحتاج المختصون إلى التدريب بعد التخرج والممارسة فى هذه الأعمال.

 داعش41

وتعكف القاهرة على صياغة حزمة تشريعية جديدة لتحسين مناخ الاستثمار، وجذب الاستثمارات الأجنبية، ومن بينها الروسية بطبيعة الحال، فضلاً عن تطوير التعاون فى المجال السياحى، بالنظر إلى كون روسيا من أكبر الدول المصدرة للسياحة إلى مصر، وكذا التعاون الثقافى والعلمى والتكنولوجى.

ولايزال موضوع إقامة المدينة الصناعية الروسية في برج العرب يحتاج إلي دفعة قوية، ومد المرافق إليه… وهو مجال واعد للغاية فيما يتصل بتوطين تكنولوجيا الصناعات الهندسية والالكترونية وغيرها من التكنولوجيات المتقدمة، وبمشاركة أساسية من الاستثمارات الروسية حسب الخطة المقترحة.

واحتياج المصانع المصرية ذات التكنولوجيا السوفيتية (الروسية) للإحلال والتجديد مثل مصنع الحديد والصلب ومجمع الألومنيوم بنجع حمادي وغيرها، ومن المرجح أن يتم اتخاذ خطوات إيجابية في هذا الصدد.

 سفير روسيا في مصر

وهناك أيضا إمكانات كبيرة لتطوير صادرات الخضر والفاكهة والصناعات الغذائية المصرية إلي روسيا، أصبحت متاحة بعد أن اتخذت موسكو قرارا بحظر استيراد الخضر والفاكهة والسلع الغذائية من أوكرانيا وعدد من دول الاتحاد الإوروبي ردا علي العقوبات الأوروبية ضدها بسبب الصراع في أوكرانيا، ومطلوب من منتجينا ومصدرينا أن يتعاملوا بجدية وسرعة لملء الفراغ الكبير الناشئ في هذه السوق.

فالتحالف المصرى الروسى الممتد يرجع لقوة البلدين وتأثيرهما فى مجريات الأمور السياسية والعسكرية على السياحة الدولية،  كما تكتسب مصر أهمية استثنائية لروسيا كحليف بديل لعلاقته المتأرجحة مع الغرب وتحديداً الولايات المتحدة الأمريكية نتيجة المواقف السياسية، وبالنسبة لمصر فهى تحتاج إلى روسيا لتوقيع اتفاقيات إقتصادية تساعدها على تعافى إقتصادها.

وقد وصلت العلاقة بين مصر وروسيا لذروتها فى قترة حكم الرئيس الأسبق «جمال عبد الناصر» وتوترت العلاقات بشكل كبير فى عهد «أنور السادات»، تعود فاترة بعض الشىء فى عهد «مبارك» ولم تفلح محاولات «مرسى» فى التقارب مع الدب الروسى وبدا ذلك واضحاً فى زيارته الوحيدة لموسكو، التى لم تستغرق بضع ساعات، لم تحقق تلك الزيارة شىء يذكر ووصفها البعض بالمهينة، ومن جديد عادت العلاقة بين البلدين لذروتها مرة أخرى عقب ثورة 30 يونيو، بعدما أعلنت روسيا دعمها لها وسلطت الأضواء على زيارة «السيسى» الشهيرة لموسكو.

 0122

شهدت العلاقات بين مصر وروسيا تطورات متلاحقة بعد ثورة يوليو 1952، واتسمت بالتقارب والانسجام، وتشكلت علاقة وطيدة ومميزة بين الرئيس جمال عبد الناصر ونظيره جوزيف تيتو، حيث قدم الاتحاد السوفيتى لمصر المساعدة عند بناء السد العالى، وبلغت العلاقات الثنائية ذروتها فى فترة الخمسينيات – الستينيات من القرن العشرين حين ساعد آلاف الخبراء السوفيت مصر فى انشاء المؤسسات ومصنع الحديد والصلب فى حلوان ومد الخطوط الكهربائية أسوان – الإسكندرية.

بعد وفاة الرئيس الراحل جمال عبد الناصر وتولى السادات الحكم بدأت العلاقات المصرية – الروسية مرحلة جديدة، وشهدت حالة من الفتور حتى انقطعت تماماً في مرحلة لاحقة من عهد السادات.

فقبل أكتوبر 1973 كانت العلاقات تسير بشكل طبيعى وكان السادات يعمل على استكمال مسيرة ناصر في العلاقات بين البلدين، ولكن ثمة توتر ما شاب العلاقات بينهما، وكان من شواهد هذا التوتر طرد الخبراء الروس الذين بلغ عددهم آنذاك 15 ألف خبير روسي.

 وقال السادات عبارته الشهيرة «نريد أن تكون المعركة معركتنا»، وتم قطع العلاقات المصرية السوفيتية نهائياً عام 1976، وظلت العلاقات المصرية السوفيتية مبتورة حتي عام 1981.

 السادا مع الرئيس الروسى

بدأت العلاقات بين مصر وروسيا فى التحسن التدريجى فى عهد الرئيس مبارك، وتم توقيع معاهدات وبروتوكولات تعاون فى 17 مجال.

 وكانت مصر فى طليعة الدول التى أقامت العلاقات الدبلوماسية مع روسيا الاتحادية، بعد انهيار الاتحاد السوفيتى عام 1991. وتطورت العلاقات السياسية على مستوى رئيسى الدولتين والمستويين الحكومى والبرلمانى.

 وجاءت الزيارة الرسمية الأولى للرئيس مبارك إلى روسيا الاتحادية فى سبتمبر 1997، وقع خلالها البيان المصرى الروسى المشترك وسبع اتفاقيات تعاون، وقام حسنى مبارك بزيارتين إلى روسيا عام 2001 و2006 وأعدت خلالهما البرامج الطويلة الأمد للتعاون فى كل المجالات والبيان حول مبادئ علاقات الصداقة والتعاون.

وقد قام الرئيس فلاديمير بوتين بزيارة عمل إلى القاهرة فى 27 أبريل عام 2005، وصدر فى ختام المباحثات الثنائية التى جرت فى القاهرة البيان المشترك حول تعميق علاقات الصداقة والشراكة بين روسيا الاتحادية وجمهورية مصر العربية، والذى يؤكد طبيعتها الاستراتيجية، واتخذت دورة مجلس جامعة الدول العربية فى سبتمبر عام 2005 للمرة الأولى فى تاريخها قرارا باعتماد سفير روسيا فى جمهورية مصر العربية بصفته مفوضا مخولا لدى جامعة الدول العربية.

التحرير

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى