الأخبار

أحمد البرعى نائب «حزب الدستور»: أنا مشفق على مرسى من ورطة «المائة يوم»

ضحى الجندى

 

«مخضرم».. وصف يليق بالرجل.. كان فى صفوف الحكومة وزيرا.. واليوم يحتل موقعه فى مقاعد المعارضة.. نجح فى إدارة ملف « شائك وملغوم» تعلق بالحريات النقابية، فى ظل «تنامى الاحتجاجات الفئوية» ــ إن جاز التعبير ــ ليرتفع بالحد الأدنى للأجور إلى 700 جنيه، ويحد من تنامى الإضرابات والاحتجاجات.

 

إنه وزير القوى العاملة السابق أحمد حسن البرعى، الذى جعل من منزله «مجلس قيادة المعارضة»، حين استضاف ما يجوز أن نطلق عليه «لقاء الفرقاء»، لتوحيد الصف فى مواجهة «الاستئثار بصياغة دستور مصر».

البرعى الذى يحتل موقع  نائب رئيس حزب الدستور، يحل ضيفا على «الشروق» فى حوار تناول خلاله «آخر ما تم التوصل له بشأن تحالف القوى المدنية فى وجه الجمعية التأسيسية والقوى الإسلامية، وتقييمه لأداء الرئيس محمد مرسى، وحكومة هشام قنديل، وكذلك التحالفات والاندماجات المقبل عليها حزبه، علاوة على استعداده للانتخابات البرلمانية المقبلة.. فإلى نص الحوار.

●حدثت سلسلة من اللقاءات قادها الدكتور د.محمد البرادعى منذ فترة، انتهت إلى إصدار بيان تدعون فيه لمقاطعة أعمال الجمعية التأسيسية والانسحاب الفورى منها، لماذا بدأتم التحرك فى هذا التوقيت تحديدا؟

– مصر تمر بمرحلة دقيقة جدا من تاريخها، وهى مرحلة انتقالية ما بعد الثورة، ولا أحد يستطيع أن يجزم متى ستنتهى هذه المرحلة التى تخللها الكثير من التقلبات والخلافات والاتفاقات.. نحن بالتالى فى مرحلة ترتيب البيت، ونحن فى حزب الدستور مؤمنون أن هذا لا يتم من طرف واحد، بل يجب أن يتم من جميع الأطراف، فقررنا فتح حوار مع كل القوى السياسية حول القضايا المهمة فى مصر، وطبعا أول هذه القضايا كانت الدستور، والجمعية التأسيسية، وواضح من الرأى العام ومن بعض الموجودين داخل اللجنة التأسيسية أننا على حق حين أثرنا مشكلة اللجنة التى لا تمثل كل طوائف مصر.. اعتراضنا على الجمعية التأسيسية ليس سياسيا فقط، لكنه سياسى وفنى، إذ إنه لم يتوافر فى الجمعية جميع الخبرات اللازمة، ولم يكن باستطاعة طرف واحد أن يقول هذا الكلام، وكان يجب أن تقوله كل الأطراف، وهذا ما جعلنا نجمع كل الأطراف السياسية حتى نتناقش فى هذا الأمر.. نحن فى التشكيل الأول للجمعية قلنا إنه باطل، والقضاء قال «معكم حق».

المرة الثانية عاد نفس التشكيل الباطل، ومازال القضاء ينظر الأمر، لكن ما جعلنا نتجمع سياسيا بعدما كنا سنكتفى بالجانب القانونى، إن المنتج الخارج من الجمعية فيه كثير من الافتئات على الحريات العامة، وبالتالى تخوفنا أن يخرج دستور مصر بهذا الشكل، فحاولنا التنبيه إلى ضرورة التوافق حول الدستور، وهذا هو هدفنا بالضبط.

● هل وجهت الدعوة لكل الأطراف لحضور تلك الاجتماعات بما فيها حزب الحرية والعدالة على سبيل المثال؟

ــ ليس هناك ما يمنع أن ندعو حزب الحرية والعدالة، فهو حزب من الأحزاب القوية فى مصر، وهو حزب الرئيس، لكن لم يكن ممكنا أن ندعو كل الناس.. نحن جمعنا مجموعة من الأحزاب التى تتفق معنا فى الرؤى فى مجموعة من القضايا.

 

● وماذا عن أبوالفتوح؟

ــ من المعروف فى الساحة السياسية أن هناك أناسا يكونون أكثر قربا، وآخرين يكونون أكثر بعدا، وأحيانا ترتيب اتفاق أو لقاء سياسى يقتضى مراعاة عدم وجود أى خلافات بين تلك المجموعات.. ودكتور أبوالفتوح لما تفضل وجاء لمقابلة البرادعى فى مكتبى، كانت وجهات نظرنا متقاربة إلى حد بعيد.. ربما تكون بعض المواقف غير متقاربة، ولكن ليس بيننا خلاف.

● وما رأيك فى حالة «الاستقطاب» السائدة حاليا بين التيارات السياسية؟

ــ حالة الاستقطاب لا تخيفنى لسبب بسيط.. متى كانت لدينا حياة سياسية فى مصر خلال الستين عاما الماضية؟ لم تكن لدينا حياة سياسية فى مصر، كان هناك حزب واحد يحكم والرئيس هو الذى يحكم الحزب.

أذكر قصة عندما التقى أعضاء حزب مصر الرئيس الراحل أنور السادات وقالوا له «إنت جبت واحد معين وعينته رئيس للمجلس، وكانوا يقصدون حينها الراحل رفعت المحجوب، فكان رد السادات «ما انتم كلكم معينون».. اليوم الحياة السياسية بدأت تتشكل، وحدوث بعض الاستقطاب خلالها هو أمر أرى أنه طبيعى جدا فى أعقاب ثورة قامت بعد فراغ سياسى طويل، وحتى تعمل «ماكينة» العملية السياسية يجب أن نأخذ وقتا.. فهل من المتخيل إن الثورة تقوم وتهدأ وترحل المجموعة التى كانت تحكم، فنجد الحياة السياسية منظمة؟ هذا ليس ممكنا.. بعد فراغ سياسى دام 60 سنة يجب أن نتوقع أننا سنرى بعض المظاهر السياسية التى لا تتوافق مع الزمن الحديث، لكن هذا نتيجة أن الديمقراطية غابت عن مصر منذ تلك الفترة.

● كيف ترى عودة المنسحبين من الجمعية التأسيسية إليها وشروطهم التى طرحوها للعدول عن موقفهم؟

ــ أنا لا أملك ولا أستطيع أن أعقب على قرار العائدين، لأن كل واحد منهم قيمة كبيرة، ولكن ما أقوله إنهم برجعوهم واشتراطاتهم يكاد موقفهم يكون مساندا لنا، وليس ضدنا، لأنهم وهم عائدون طالبوا بتعديل فى تشكيل اللجنة التأسيسية، وطالبوا بأن يكون لهم أصوات، وهذا يدل على شعورهم بخلل فى تركيبة اللجنة، وهذا الخلل هو ما نهاجمه.. فلا يتخيل أو يتصور أن بلدا بعد ثورة شارك فيها جميع فئات الشعب المصرى أن ينفرد جزء من الشعب بوضع دستوره، يجب أن يكون الكل مشاركا.. نحن لجأنا للقضاء وكنا سنكتفى به ولكن لما وجدنا إن المنتج فيه بعض المشاكل قولنا لا يمكننا الانتظار.

 

● بالنسبة للتحالفات الانتخابية، أين حزب الدستور منها؟

ــ نحن حزب يمثل مصر، وهذه هى المشكلة الأساسية التى يمكنها أن توقع خلافا بيننا وبين أى شخص يميل إلى التطرف، لأن مصر كانت دائما وسطية، أزهرها وسطى، وشعبها وسطى، وممثلوها وسطيون، فنحن حزب الوسط المفتوح، والذى لن يقوم بأى صد أو رد لأى تيار سياسى آخر يأتى يتعاون معنا على أرضية مبادئ «الدستور»، وبالتالى نحن مستعدون للحديث مع أى فريق سياسى، لا نقصى أحدا، ولا نستهين بأحد ــ لأن الاستهانة خطأ سياسى، ومستعدون للكلام مع كل الناس.. حزبنا إذا كان له وصف، فهو حزب الثورة، لأننا استطعنا فى هذا الحزب أن ننتقل من حملة البرادعى ومن شباب البرادعى إلى حزب الدستور الذى يضم كل شباب الثورة، وبالتالى لا يمكن أن يكون لدينا أى مبادئ غير ثلاثة، «عيش.. حرية.. عدالة اجتماعية».

● لكن ألا ترى أن هذا لا يختلف كثيرا عن مبادئ الحزب المصرى الديمقراطى الاجتماعى؟

ــ نعم ونحن نرتبط معه بعلاقة قوية، وننسق مع بعضنا البعض فى إطار الدستور، وقريبا سنبدأ فى بحث قانون الانتخابات، وكل القضايا الكبرى.. قريبا جدا سيتفرع مننا بحث فى مستقبل مصر الاقتصادى، ومادام توحدت وجهات النظر حول هذه القضايا الأساسية فإنه من الطبيعى أن نجد أنفسنا فى نهاية المطاف «داخلين الانتخابات مع بعض»، لكننا إذا فعلنا ذلك لن نقول إننا مجتمعون ضد أحد، ولا مع أحد.. فنحن مجموعة من الأحزاب، تقاربت أفكارنا ونحب أن نمثّل كما ينبغى فى البرلمان، وهذا طبيعى جدا بالنسبة للأحزاب.

● إذن كيف يستعد حزب الدستور لخوض الانتخابات؟

ــ لا أستطيع أن أقول إلا بعد الانتهاء من وضع الدستور، وفتح باب الانتخابات، وما سيسفر عنه ذلك من لقاءات الأحزاب التى ستقبل أن تخوض مع بعضها الانتخابات، فضلا على أن التنظيم الداخلى للحزب مازال فى بدايته، وأنا أتعشم أننا فى خلال شهر من الآن نكون قد استكملنا البنيان الداخلى للحزب.

 

● ما الجديد فى خطوات اندماج حزبى العدل ومصر الحرية فى «الدستور»؟

ــ هناك محادثات بيننا وبين مجموعة من أعضاء حزب العدل، وعلى وشك أن تنتهى وأن يعلن الاندماج رسميا، وبالنسبة لحزب مصر الحرية، بدأت بعض المحادثات لكنها لم تنتهِ بعد.

 

● باعتبارك وزيرا سابقا فى حكومة عصام شرف، ولديك دراية بأوضاع البلاد.. ما رأيك ورؤية حزبك فى أداء حكومة هشام قنديل، فى ظل انتقادكم لأداء الرئيس مرسى؟

ــ أولا أريد أن أصحح أمرا، لم يحدث أن انتقدنا الرئيس محمد مرسى ولو لمرة واحدة، لكن أن نختلف مع الحكومة فى رؤيتها فهذا قائم، وذلك لأن هناك مجموعة من الموضوعات أعتقد أن علاجها لا يسير على الوجه اللازم، أول شىء نحن نتمنى للحكومة أن يوفقها الله فى مهمتها، ونحن نعلم أنه فى نهاية 2010 وبداية 2011، وبعد الثورة أصبحت الأوضاع صعبة جدا، ليس بسبب الثورة ولكن من قبلها.. الخلاف السياسى نحن نفهمه لأننا أصبحنا فى دولة تسعى للديمقراطية، فالطبيعى أن يكون هناك عدة فصائل سياسية كل منها يؤمن بمجموعة من الأفكار، ويرى أنها أولى بالتطبيق من أفكار الآخرين، لكن القضية التى تؤرقنا أننا نلاحظ أن حكومة هشام قنديل غير واعية تماما للبعد الاجتماعى للثورة، لأن هذه الثورة كانت سياسية فى ظاهرها، لكن من الممكن أن نقول عليها إنها كانت تخفى فى داخلها ثورة اجتماعية.. اليوم الثورة السياسية بدأت الإجراءات السياسية تعالجها، لكن على الصعيد الاجتماعى «مفيش علاج»، وأنا سأدلل على ذلك بالوزارة التى كنت مسئولا عنها.. فقد نجحنا فى أن يكون الحد الأدنى للأجر فى القطاع الخاص 700 جنيه، وبعدما تركنا الوزارة لم يحاول أحد أن يستكمل المشاور ويزيد الـ700 إلى 800 بعد مرور عام مثلما كان القرار، ونحن فى الوزارة كذلك قمنا بعمل برنامج التدريب من أجل التشغيل، وكان يشمل تدريب المصريين حتى يحلوا محل العمال الأجانب الموجودين، ولاحظنا أنه بعد خروجنا من الوزارة لم يستكمل أحد ذلك البرنامج.. فكرة الثقافة العمالية التى تشمل توعية أصحاب الأعمال والعمال بطبيعة المرحلة المقبلة، وهذا ترتب عليه أنه تزامنا مع شهر مارس عام 2011 سادت مصر «هوجة» من الإضرابات كبيرة جدا، لكن الحمد لله، من شهر مارس إلى أغسطس كنا نجحنا فى احتواء أكبر هذه الإضرابات وبدأت الأمور تهدأ، إنما الحكومات التى جاءت بعدنا نسيت هذا الأمر، وأصبحت اليوم الإضرابات أكثر مما كانت عليه فى بداية الثورة.

● هل تقدم حزب الدستور بمقترحات للحكومة لحل الأزمات الراهنة؟

ــ حتى نشارك بالرأى يجب أن تكون هناك دعوة للمشاركة، فنحن لسنا من نحكم، اليوم هناك حكومة تحكم ولم تحاول التواصل مع أى من القوى السياسية.. عندنا مثل بلدى يقول «القفة اللى بودنين لازم يشيلوها اتنين».. الوضع صعب جدا أن يتحمله فصيل سياسى واحد، وأعتقد أنه لا يستطيع فصيل سياسى واحد أن يتحمله أيضا، فبالتالى كنت أعتقد أن المشورة ستكون وسيلة من وسائل الحكم، لكن فى الحقيقة هذا لم يحدث.

 

● ما تقييمك لخطة المائة يوم التى وضعها الرئيس محمد مرسى وهل ترى أنه نجح فى تحقيق وعوده خلالها؟

ــ أتذكر هنا البرادعى عندما تراجع عن مشاركته فى الانتخابات، وقال حينها: «يفترض ألا نشارك فى الانتخابات إلا إذا علمنا ما هى اختصاصات الرئيس»، وهذا هو موقف البرادعى منذ أن عاد من الخارج، وعندما حدثت الثورة، وطلبت القوات المسلحة أن يشارك فى الحكم قال لهم إن الخطوات الرئيسية هى الدستور أولا، انتخابات مجلس الشعب ثانيا، ثم انتخابات رئيس الجمهورية ثالثا، والبرادعى مازال على موقفه حتى الآن، وأنا أعتقد أن هذا الموقف صحيح من الناحية السياسية.. وبالتالى فإن عدم وجود دستور يحدد سلطات الرئيس يمثل عائق بالنسبة للرئيس، ثانيا سيادة الرئيس عندما تم انتخابه هو من وضع برنامجه للمائة يوم، وهو الذى حدد المدة، وأنا شخصيا عندما سمعته كمواطن أشفقت على الرئيس من هذا البرنامج، لأن الموضوعات التى تحدث عنها الرئيس تقتضى تنظيم قوى، فلا يكفى مثلا بالنسبة للقمامة أن أقوم بإزالتها، لكن الأصل أن أعرف كيف أمنع تراكمها فيما بعد.. المرور كان ينبغى أن نفكر فى حلول، وحلول المرور تقتضى وقت طويل.. مشكلة الخبز صعبة لأنها من بقايا نظام حسنى مبارك، وقبل الثورة أكم من أشخاص سقطوا قتلى فى طوابير العيش.

● بالتزامن مع انتهاء خطة المائة اليوم تنظم القوى السياسية مليونية لتقديم كشف حساب للرئيس هل سيشارك حزبكم فيها؟

ـ سنعرض الأمر على الهيئة العليا للحزب.

 

بوابة الشروق

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى