من “الماريناب” إلى مينا دانيال.. ذكرى شهداء ماسبيرو ويوم الغضب القبطي
مرعام علي أحداث ماسبيرو أو أحداث الأحد الدامي الأسود كما أطلق عليها البعض، تلك الأحداث التي يتذكرها الأقباط بكل ألم، حين خرجوا ليدافعوا عن حق لهم فعادوا بمأساة حفرها التاريخ بدماء شهدائهم.
البداية كانت هدم كنيسة الماريناب بدعوي عدم وجود ترخيص لها.. الزمان: الأحد 9 اكتوبر (بعد 9 أشهر من قيام ثورة 25 يناير) يوم الغضب القبطي.. المكان والحدث: مسيرة سلمية وصلت أمام مبني الإذاعة والتليفزيون “ماسبيرو”.
يومها خرج الأقباط للاحتجاج علي مايحدث في كنائسهم.. وأسفرت أحداث الأحد الدامي عن فقدان مصر 26 شهيدًا من المواطنين المسيحيين، وفقًا لبيانات وزارة الصحة والسكان آنذاك، أشهرهم علي الاطلاق مينا دانيال.
ترجع الأحداث إلي قرار هدم كنيسة الماريناب بأسوان، وقيام المحافظ بإصدار تصريحات إعلامية استفزت الأقباط واعتبروها مهينة لهم، وعليه أعلن مايقرب من 800 شخص الاعتصام أمام مبني ماسبيرو، واندلعت المظاهرات أمام المبني ثم محاولة لفض الاعتصام وتفريق المتظاهرين بالقوة مساء الثلاثاء 4 أكتوبر 2011.
ولعل أشهر المعتدي عليهم وقت ذلك “رائف” الشاب القبطي الذي اتهم قوات الشرطة العسكرية بسحله، كان ماحدث هو أهم أسباب خروج مظاهرة الأحد 9 أكتوبر التي تم الدعوة إليها والاعلان عنها وإخطار الجهات المختصة من قبل اتحاد شباب ماسبيرو في يوم الثلاثاء 4 أكتوبر تحت عنوان “يوم الغضب القبطي”، ليخرج مايقرب من 50 ألف قبطي يشاركهم مسلمون.
في هذا اليوم خرج المتظاهرون من منطقة دوران شبرا في الساعة الرابعة متجهين إلي ماسبيرو ليصلوا إلي هناك بعد حوالي ساعتين، وتزامنت مع تلك المسيرة عدة وقفات احتجاجية قبطية بمحافظات أسوان وأسيوط والمنيا والسويس والإسكندرية للتضامن فى “يوم الغضب القبطى”، ضد ما وصفوه بتجاهل الدولة لمطالب الأقباط بعد ثورة 25 يناير.
خرج المسيحيون في تظاهرة سلمية يحملون الصلبان ولافتات تندد بهدم الكنائس وتطالب بقانون موحد لبناء دور العبادة، هاتفين (شعارنا واحد غيره مفيش إحنا نموت كنايسنا تعيش – يا طنطاوى ليه مش سامع الكنيسة زى الجامع – أى ملة وأى دين مصر لكل المصريين – من أسوان لاسكندرية الأقباط دايما ضحية – مصريين مسيحيين مصر بلدنا ليوم الدين – قالوا علينا الكفار إحنا المصريين الأحرار – مصر دولة مدنية مش إمارة إسلامية – ياللا يا مصرى انزل من دارك لسه فيه مليون مبارك – يارب – كيرياليسون أي يارب ارحم باللغة القبطية القديمة).
وعند وصول المتظاهرين أمام ماسبيرو حدثت الاشتباكات بينهم وبين قوات الشرطة العسكرية، واستمرت حالة من الكر والفر بين الطرفين في محيط مبني الإذاعة والتليفزيون ليسقط المتظاهرون بين قتيل ومصاب بعد إطلاق أعيرة نارية حية.
ازدادت الأحداث حدة بعدما أعلن التليفزيون المصري اعتداء الأقباط علي الجيش المصري وسقوط ضحايا عسكريين، لينضم إلي الجيش مواطنين عاديين إثر هذا الإعلان، وتتطور الأحداث سريعًا ووصلت إلى تعرض المتظاهرين للدهس تحت الدبابات.
بعد ذلك عقد المجلس الأعلي للقوات المسلحة مؤتمرًا لتفسير أحداث ماسبيرو نافيًا تمامًا إطلاق النار علي المتظاهرين، وأنه لو سمح باستخدام السلاح لكانت النتائج كارثية، مؤكدًا أنه صاحب تجمع الأقباط في شبرا بعض التهديدات والتحريض علي اقتحام ماسبيرو وبرروا ما حدث بأنهم يأخذون أي تهديد بشأن مبني الإذاعة والتليفزيون مأخذ الجد لكونه هدفًا استراتيجيًا.
وحول دهس المتظاهرين، وقتها صرح اللواء محمد العصار، عضو المجلس الأعلى للقوات المسلحة في لقاء تليفزيوني، تصريحه الشهير قائلا إن الجندي الذي قاد المدرعة ودهس المتظاهرين شاهد مدرعة أخرى تحترق وزميل آخر يسحب من داخل المدرعة ويتم الاعتداء عليه فحاول الهرب، وأثناء ارتباكه دهس المتظاهرين، متحدثًا وفقًا لمنطقه أن لو عسكري من القوات المسلحة تعمد دهس المتظاهرين في هذا الحشد، سيدهس مالايقل عن ٢٠٠- ٣٠٠ واحد، ولكن لأن عدد الذين دهسوا أقل من ذلك بكثير، فالعسكري لم يكن يقصد، لتخرج بعد ذلك دعوات تنادي بعدم الخروج الآمن للعسكر ومحاسبتهم، ولتتعالي الصيحات المناهضة لحكم العسكر.
عام مر علي مذبحة ماسبيرو أو أحداث الأحد الدامي، يوم خرج الأقباط فيه ليعترضوا علي اضطهادهم بعد الثورة، فعادوا يحملون إخوانهم في كفن، وجرح غائر في أرواحهم يبقي ثابتًا كالوشم.
الأهرام