أساتذة علم نفس واجتماع يرفضون دعوة وزير التعليم لعودة الضرب غير المبرح للمدارس

أثارت دعوة الدكتور إبراهيم أحمد غنيم، وزير التربية والتعليم، إلى تفعيل أسلوب العقاب عن طريق “الضرب” فى المدارس، بشرط أن يكون بشكل غير مبرح، ردود فعل معارضة لهذا الرأى، حيث يرى العديد من أساتذة علم النفس والاجتماع أنه لا ضمان لأن يطبق المعلم أسلوب الضرب التربوى العلمى الأبوى فى المدارس، فضلا عن أن الضرب فى مدارسنا غالبا ما يتحول إلى عنف، ووسيلة إرهاب للطالب، ينتج عنه إنسان خائف وجبان لا يستطيع الدفاع عن نفسه.

فى هذا الصدد يقول الدكتور محمد عادل الحديدى، أستاذ الطب النفسى بكلية الطب جامعة المنصورة، إن هناك وسائل عديدة ترتبط بتغيير السلوك، وأهم هذه الوسائل الثواب، لافتاً إلى أهمية تحفيز الطلاب تجاه السلوك السوى بالجوائز والمدح والاهتمام.

ويوضح الحديدى لـ”اليوم السابع” أنه فى حال إذا فشلت وسيلة الثواب، فمن الممكن وقتها اللجوء إلى تفعيل وسائل العقاب، والتى تضم العقاب النفسى والبدنى، مشيراً إلى أن من طرق العقاب النفسى سحب ميزة ما من الطالب، أو توجيه إزاء نفسى له كالتوبيخ أو التجاهل أو عدم الاهتمام به.

ويؤكد أستاذ الطب النفسى أن العقاب البدنى، والذى يتجسد فى “الضرب” يعتبر أسوأ وسيلة لتقويم سلوك الطالب، لافتا إلى أن تفعيل العقاب بالضرب فى المدارس قد يفتح الباب أمام بعض المعلمين غير المؤهلين نفسياً لإخراج غضبهم وعنفهم على الطلاب، ومن ثم يكره الطالب أو الطالبة هذا المعلم، وتكون النتيجة تدهور حالة التعليم.

من جهتها، ترفض هالة عبد الحق، عضو هيئة التدريس فى الجامعة الأمريكية قسم علم النفس، دعوة وزير التربية والتعليم لتفعيل العقاب بالضرب فى المدارس حتى لو كان غير مبرح، مشيرة إلى أن الضرب وسيلة قمعية ترهب الطلاب، وتخيفهم، ولهذه الأسباب تم منعه فى الكثير من دول العالم.

ولفتت عبد الحق إلى أن العنف تجاه الطفل أو الطالب له مساوئ كثيرة، حيث ينتج إنسانا خائفا وجبانا، لا يستطيع الدفاع عن نفسه، ويخلق لدى الطالب عنف يدخره بداخله حتى يخرجه فى وقت ما تجاه شخص ما.

ونوهت أستاذة الجامعة الأمريكية إلى أن دور المعلم فى تربية الطالب، وتحسين سلوكه يتطلب منه أن يرشد التلميذ إلى السلوكيات السوية، ويفهمه خطأه حتى لا يكرره التلميذ مرة أخرى.

وطالبت عبد الحق بضرورة سن قوانين داخل المدارس لا تهاون فيها للحد من العنف الذى يظهر من المعلمين تجاه الطلاب، موضحة أن ضرب الطالب بقسوة يمكن أن يترتب عليه إحداث إصابات جسدية متعمدة للطالب، كما أن الضرب يؤثر سلبا على سلوك الأطفال وعلى تطورهم النفسى، حيث يؤدى بهم إلى الانعزالية أو العدوانية مع وجود سلوكيات متطرفة، والخوف الشديد، والقلق من التعامل مع الآخرين، والرغبة فى البقاء خارج المدرسة أطول فترة ممكنة، والهروب المستمر بسبب الخوف من العودة للمدرسة.

فيما اعتبرت الأستاذ الدكتور عزة كريم، أستاذ علم الاجتماع بالمركز القومى للبحوث الاجتماعية والجنائية، أن الضرب فى أماكن معينة خلال مرحلة عمرية محددة يساهم فى توجيه الطالب إيجابا مستشهدة على ذلك بالحديث الشريف الذى يبيح ضرب الطفل إن لم يقدم على الصلاة فى سن السابعة.

كما ترفض “أ.د. كريم” الضرب فى المدارس، من منطلق أنه لا أحد يضمن أن المدرس سيقوم بضرب طلابه بالشكل العلمى التربوى الأبوى، مشيرة إلى أن فترة الستينيات والسبعينيات كان الضرب مباحاً فى المدارس، لكن لم يكن هناك إيذاء فى الضرب؛ لأن المدرس كان بمثابة الأب لكل التلاميذ.

وأشارت أستاذ علم الاجتماع إلى أنه ليس هناك أسلوب أو وسيلة يخاف منها المدرس والتلميذ أيضاً، لذلك هناك نسبة كبيرة من التلاميذ يتعدون باللفظ على مدرسيهم، فلا بد من وجود قدر من الخوف حتى يلتزم التلميذ تجاه معلميه ومدرسته وواجباته.

وترى د. كريم، أن تغيير المنظومة التعليمية سيسهم بشكل كبير فى تغيير أسلوب التعامل بين التلميذ والمدرس، مشيرة إلى أن التغيير فى المنظومة يجب أن يتضمن منع الدروس الخصوصية، وتوفير راتب مجزٍ للمدرس يعوضه عن تلك الدروس، وتقليل تعداد الفصول الدراسية حتى يستطيع المعلم السيطرة على الفصل الدراسى، بالإضافة إلى حذف 50% من المناهج الدراسية، حتى يستطيع المعلم توصيل المعلومة لتلاميذه بشكل سلس ومفهوم.

اليوم السابع

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى