محمد الباز يكتب : قطر تبتز مصر لاحتلال قناة السويس

حجبت المساعدات.. ورفضت تصدير الغاز.. وماطلت فى تنفيذ الاستثمارات
الخبر لم يكن مفاجأة بالنسبة لنا على الأقل.
مجلس الوزراء ناقش نتائج زيارة وزير البترول لقطر، وهى الزيارة التى رفضت خلالها الدولة الصغيرة – معنى ومبنى – توقيع عقود مباشرة لتصدير الغاز إلى مصر.
الوزير عرض فى اجتماع مجلس الوزراء تقريرا مفصلا عن نتائج مباحثاته مع الجانب القطرى.. ليخرج المسئولون بعد باحتمال للتفاوض مع السعودية لتوفير احتياجات مصر العاجلة من المنتجات البترولية لتأمين متطلبات الاستهلاك.. ورغم أن هناك محاولة للتفاوض مع القطاع الخاص القطرى لتصدير الغاز للقطاع الخاص المصرى بعيدا عن الحكومات، إلا أن هناك من يشير إلى احتمالية فشل هذه المحاولة.
هل يعنى هذا الخبر شيئا؟
بالطبع يعنى الكثير، فبعد شهور قليلة من الثورة كنت قد كشفت عبر مصدر مقرب من الدوائر القطرية، أن الإمارة الصغيرة عرضت على قيادات فى جماعة الإخوان المسلمين مشروعا ضخما تتراوح تكلفته بين 80 و100مليار دولار، يقوم على إقامة مناطق حرة على جانبى قناة السويس، وأهم شروط تنفيذ المشروع هو أن يكون هناك امتياز لقطر تصل مدته إلى 99 عاما.
منحت قيادات جماعة الإخوان – كان خيرت على رأسهم – موافقتها ووعدت أنه بمجرد وصولهم للحكم سينفذون المشروع، وأشرت وقتها إلى أن المشروع بصورته التى عرضته أو تتخيله قطر ليس إلا محاولة احتلال جديدة، على غرار شرط الامتياز الذى حصلت عليه بريطانيا فى قناة السويس.. ولم تخرج منها إلا بعد تأميمها.
وقتها أكد الأمير القطرى لخيرت الشاطر أن قطر لن تدفع تكلفة المشروع كلها، لكنها ستعتمد على تمويل من عدة دول أخرى، وكشف له أن دولة الإمارات ترفض أن تدخل فى أى مشروعات مع الإخوان المسلمين.
بعد أن أصبحت الورقة مكشوفة.. اجتهد خيرت الشاطر نفسه لنفى أى يكون هناك مشروع بهذا الشكل، أحد المصادر قال لى إن خيرت الشاطر فى إحدى جلساته كاد أن يجزم بالطلاق أنه ليس هناك مشروع قطرى لاستغلال قناة السويس، ربما لأن المشروع بالشكل الذى كان سيتم به عار كامل على كل من يرتبط به.
نفى الشاطر لم يصمد طويلا أمام تأكيد قيادى إخوانى بأن مشروع قناة السويس كان قائما بالفعل، لكن ليس بالصورة التى عرض بها، ولكن كان ضمن مشروع الصكوك الإسلامية، الذى يقضى بأن يتم رهن أصل المشروع مقابل الاستثمار، وهو ما يعنى أن قناة السويس بمقتضى هذا المشروع كان سيتم رهنها لقطر.
وصل الإخوان المسلمون إلى السلطة، وأصبح محمد مرسى رئيسا، لكن المشروع تعطل بسبب اعتراضات جهات سيادية يتعلق عملها بالأمن القومى، وهو ما استفز قطر التى بدأت خطة يمكن أن نطلق عليها تركيع مصر.
الخطة التركيع بدأت برفض تصدير الغاز القطرى إلى القاهرة، وهو الأمر الذى يبدو مستفزا جدا، لكنه فى النهاية حدث بالفعل، لكن ما ترى قطر أنه يمكن من خلاله أن تصل إلى ما تريده.. كان حجب المساعدات عن مصر وتعطيل كل الاستثمارات التى تحدثت عنها بعد الثورة المصرية، التى لم تخف قطر أنها شاركت فيها ودعمتها من أجل الإطاحة بنظام مبارك.
كانت قطر قد وعدت بأنها ستقوم باستثمار 10 مليارات دولار فى مجال الإسكان، كما أنها ستضخ استثمارات أخرى فى مجالات مختلفة، لكنها وضعت شرطا لضخ هذه الأموال، وهو أن يكون هناك رئيس شرعى منتخب، وأن تكون هناك حكومة يختارها الرئيس بنفسه.
بعد الـ10 مليارات أعلنت قطر أنها ستضخ 18 مليار دولار فى مجالات السياحة وتطوير الساحل الشمالى والبترول، هذا غير مشروعات قناة السويس، وأكد وزير الشباب أن قطر ستدعم مشروعات الشباب بمليار دولار.
الواقع فعلا أن قطر لم تقدم شيئا من هذه الاستثمارات على الإطلاق، كل ما جرى أنها وعندما زار الشيخ حمد مصر أعلن عن وديعة مقدارها 2 مليار دولار، وأثناء التفويض على الشكل الذى سيتم الوديعة من خلاله، فوجئ المفاوضون المصريون أن الجانب القطرى قرر أن يضع 500 مليون دولار، وكل عام توضع 500 مليار، بحجة أنه لا توجد أموال كاش فى قطر.. وقد دفعت الإمارة الصغيرة بالفعل الـ500 دولار الأولى، وتنتظر الحكومة المصرية الـ500 دولار الثانية هذا الشهر.
معنى هذا أن كل ما قدمته قطر، وكان ذلك خلال الثورة مجرد 500 مليون دولار- دعما للموازنة.. ويمكن أن نرى هزال ما قدمته قطر، بالمقارنة بما دفعته السعودية فقد قدمت مليارًا ونصف المليار دولار دعما للموازنة المصرية.
حتى الآن لم يتم شىء على الإطلاق.. تتعمد قطر ألا تفعل شيئا إلا بعد أن تحصل على كل ما تريده، ورغم أن الإخوان المسلمين يتحفظون جدا فى الحديث عن علاقاتهم بقطر، إلا أنه وفى حوار مطول أجرته جريدة الأهرام مع حسن مالك – الذى كان ولا يزال وزيرا لمالية الجماعة – قال : قطر لم تساند الإخوان والدعم الاقتصادى لا يعنى التأثير فى القرار السياسى، وكأنه يريد أن يغلق هذا الباب الذى تأتى منه الريح عاصفة فى تجاه الإخوان.
السؤال الذى يمكن أن نواجهه به هو: ولماذا تريد قطر وبكل هذا الحرص أن تسيطر على قناة السويس، وهى السيطرة التى يمكن أن تصل إلى حد الاحتلال الكامل؟
سيطرة قطر على قناة السويس ليس لها معنى إلا سيطرة أمريكا ومن ورائها إسرائيل، وهو ما يعنى أنها ستكون متحكمة وبشكل أساسى فيمن يمر ومن لا يمر فى قناة السويس، بما يعنى أن قرار ضرب إيران مثلا أو أى دولة غيرها يمكن أن يكون أمرا ميسورا.
لن أتطرق إلى العلاقة النفسية التى تربط قطر بمصر، وأن الأمير الذى يشعر بتقزم شديد تجاه الدولة الكبيرة تاريخا وحاضرا، يريد أن يمد نفوذه إلى كل شىء فى مصر، ولكن أتوقف عند شىء واحد، وهو أن قطر التى ارتضت أن تعمل سمسارا سياسيا لأمريكا تنفذ لها كل أهدافها بالجملة.. لن تتردد أن تحصل على مفاتيح مصر، وتجعلها فى يدها وحدها.. ومن أجل ذلك بدأت قطر ابتزازها الاقتصادى والسياسى الذى أعتقد لن يكون سهلا بالمرة.. ولن تتخلص منه مصر بسهولة.
الفجر

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى