مصر على خطى اليونان فى التقشف.. والاحتجاجات

تقشف بلا عدالة، مفهوم يطرحه النظام الحالى متشبها بسابقه البائد، تجربة قد تتسبب فى اندلاع احتجاجات واسعة تعصف بالاستقرار -حسب خبراء- طرحها قنديل أثناء اجتماعه بالجالية المصرية بالجزائر، واستخدمها قبله عبدالناصر فى خطابه الشهير «مستعدين نقلل استهلاكنا فى الشاى، مستعدين نقلل استهلاكنا فى البن، عشان نحافظ على استقلالنا» قالها الزعيم واستقبلها الشعب بالتصفيق، ولكن المصريين الذين حاولوا «شد الحزام» مع عبدالناصر ثاروا على السادات عندما حاول رفع الدعم عن 31 سلعة أهمها الخبز والسكر والزيت فكانت «انتفاضة الخبز» التى أسماها بطل الحرب والسلام «انتفاضة الحرامية».

 

«التقشف سياسة انكماشية تقوم على تقليل الحكومة للنفقات أو ارتفاع معدلات الضرائب أو الاثنين معاً» ترفض د. عالية المهدى العميد السابق لكلية الاقتصاد والعلوم السياسية جامعة القاهرة تطبيق مثل هذه السياسات فى مصر، مؤكدة أن هذه السياسة يجب أن تطبق فى البلدان ذات النمو الاقتصادى السريع «فى مصر نحتاج لسياسة توسعية وارتفاع لمعدلات الاستثمار مش خفض الإنتاج».

 

مخاطر التقشف تطرحها «كريستين لاغارد» مديرة صندوق النقد الدولى فى اجتماع لوزراء المالية مطلع العام الحالى «التضحية بالنمو من أجل التقشف يعرض الاقتصاد العالمى للخطر، لذا يجب مضاعفة الجهود فى المستوى المتوسط من أجل خفض معدلات الدين وإعادة العاطلين إلى العمل، فالتباطؤ فى تنفيذ الإصلاحات اللازمة سيؤدى إلى تفاقم الأزمة المالية فى المستقبل».

 

نائل السودة: أسمع هتافات 1977 وأرى السنوات العجاف تزحف على مصر

 

سياسة التقشف ليست حكراً على مصر، فأزمة اليونان تلقى بظلالها على الواقع المصرى، عندما بدأت بلاد الإغريق فى الاقتراض بدافع حدوث الأزمة العالمية تورط الجهاز المصرفى بها وانهارت الدولة حين وصلت قيمة الدين الخارجى لها 400 مليار دولار وحاولت الدول الأوروبية السيطرة على الأزمة وفرض البنك الدولى بعض الشروط عليها لإعطائها قروضا وألزمها بالتقشف، ورغم سياسات اليونان التقشفية لم تنجح فى حل أزمة الدين لديها بدليل وجودها على رأس قائمة الدول غير القادرة على سداد ديونها السيادية بنسبة 90.7% وتأتى مصر على القائمة نفسها محتلة المركز العاشر بـ 23.3%.

 

تؤكد د. يمنى الحماقى -أستاذ الاقتصاد بجامعة عين شمس- اختلاف موقف مصر المالى عن اليونان «إحنا مش محتاجين تقشف.. إحنا محتاجين ترشيد فى الاستهلاك الحكومى، ومش الشطارة إنى أقول بصرف على التعليم والصحة.. المصاريف لازم تعود بفايدة على المواطن المصرى وليس العكس»، وتشير إلى وجود بصيص من الأمل لحل الأزمة اليونانية عند إنشاء صندوق لمواجهة الأزمة برعاية ألمانية يعمل على شراء سندات يونانية وفق شروط معينة، وعند شرائها ستتمكن اليونان من شحن نفسها وإعادة قدراتها على تحسين اقتصادها، «لكن إحنا مين يساعدنا؟».

 

تفعيل دور وزارة التخطيط مع «المالية» لتحديد أوجه المصروفات هو أحد أهم الشروط التى تضعها د. يمنى حتى تنتهى الأزمة «أزمة مصر مش زى اليونان والتقشف سيؤدى لنتيجة عكسية لأن فيه حاجات كتير مقدرش أشد فيها الحزام زى المعاشات والتأمينات لأنها مشدودة على الآخر» وتقول: «تشجيع الدولة للمشروعات الصغيرة وتخفيض الشروط على الاستثمار مع عدم الاستجابة للمطالب الفئوية ورفع الدعم عن بنزين 92 و95 وتوفير 90 و80 هى السبيل الوحيد لخروج مصر من المطب الاقتصادى الراهن، ويجب تصحيح العجز فى الموازنة لمواجهة متطلبات المرحلة المقبلة بأى ثمن».

 

يمنى الحماقى: الحزام مشدود على الآخر.. وكل ما نحتاجه مجرد ترشيد

 

د. جودة عبدالخالق -وزير التضامن الاجتماعى السابق- يرى أن التقشف مفهوم مرتبط بالعدالة الاجتماعية مشدداً على عدم قدرة المواطن العادى على التقشف «لأنه متقشف فعلاً» ويتساءل عن واضع السياسات «الغبية» -على حد وصفه- «لماذا يصرون على تطبيق هذه السياسات اللى حطها يوسف بطرس غالى عشان ينكد على الناس ويمص دم الفقراء؟» مؤكداً أن إصلاح النظام الضريبى وتطبيق التقشف على الأغنياء هو المعنى الحقيقى الذى قامت من أجله ثورة 25 يناير «لو المواطن العادى شاف إن الأغنياء بيتقشفوا، كان هو كمان تقشف».

 

فقر الأفكار وعدم القدرة على الإبداع هما سمة الدكتور هشام قنديل المميزة، حسب د. نائل السودة أستاذ علم الاجتماع بقناة السويس «أنا سامع الناس بتهتف بشعارات 77، يا ساكنين القصور الناس عايشة فى القبور وهو بيلبس آخر موضة وإحنا بنسكن عشرة فى أوضة» مصر على وشك دخول سنوات عجاف ولكن دون يوسف الصديق.

جريده الوطن

 

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى