القضاء الإداري بالإسكندرية يطالب مرسي بإلغاء قرار جمهوري مخالف القانون الدولي. .
كتب محمد البديوى
كشفت محكمة القضاء الإدارى بالإسكندرية، عن قرار جمهورى أسبق يخالف قواعد القانون الدولى العام، فى سابقة لم تحدث من رئيس أى دولة فى العالم، حيث كان الرئيس محمد السادات، قرر عام 1974 منح الحصانة الدبلوماسية للموظفين بالأكاديمية العربية للعلوم والتكنولوجيا والنقل البحرى، ويعتبرهم موظفون دوليون، ومنح الأكاديمية صفة المنظمة الدولية، وأضفى على مبانيها وأموالها الحصانة الدبلوماسية.
وكانت إحدى الموظفات بالأكاديمية العربية للعلوم والتكنولوجيا، والنقل البحرى، لجأت لمحكمة القضاء الإدارى بالإسكندرية، وطالبت المحكمة بإلزام الأكاديمية، بأن تدفع لها 300 ألف جنيه تعويضا عن الأضرار التى لحقتها من تعسف الأكاديمية معها عام 2009، فضلا عن استرداد مبلغ 11 ألف جنيه، وألفين دولار أخذتها الأداة من راتبها، حيث كانت تشغل وظيفة مسئولة القبول والتسجيل وشئون الطلبة للدبلومة الأمريكية، ببرنامج التعليم الدولى منذ عام 2006.
وحكمت المحكمة بعد اختصاصها ولائيا بنظر الدعوى لما نصت عليه المادة 61 من لائحة النظام الأساسى، لموظفى الأكاديمية العربية للنقل البحرى، بأن المحكمة الإدارية لجامعة الدول العربية هى المختصة بنظر تلك المنازعات التى تثور بين موظفيها وبينها، وذلك دون أن تتمكن محكمة القضاء الإدارى بالاسكندرية، من أن تحيل الدعوى إلى المحكمة الإدارية لجامعة الدول العربية، لكونها خارجة عن جهات القضاء التابعة لجمهورية مصر العربية.
وأشارت المحكمة، برئاسة المستشار الدكتور محمد عبد الوهاب خفاجى نائب رئيس مجلس الدولة، ورئيس المحكمة وعضوية المستشارين عوض الملهطانى، وأحمد درويش، وعبد الوهاب السيد، نواب الرئيس إلى أنها ملزمة بتطبيق نصوص القرار الجمهورى، الصادر من الرئيس الراحل أنور السادات، رقم 532 لسنة 1974 فى هذا الخصوص، والذى جعل بموجب المادة الأولى منه الأكاديمية العربية للنقل البحرى، منظمة عربية متخصصة ومنحها الشخصية القانونية المستقلة، كما جعل بموجب المادة 12 من ذات القرار الجمهورى أموال وموجودات ومبانى الأكاديمية وممثلو الأعضاء والخبراء والموظفين، تتمتع بالمزايا والحصانات الدبلوماسية.
واستدركت المحكمة، مؤكدة أنها لا تستطيع أن تغض الطرف بحسبان أن لها الهيمنة الكاملة على الدعوى عن تبصير أول رئيس لجمهورية مصر العربية منتخب من الشعب، إثر ثورته المجيدة فى 25 يناير 2011، للقضاء على كل مظاهر الفساد، ليكون القانون هو السيد الأعلى للبلاد، ليجرى رئيس الجمهورية سلطاته الدستورية والقانونية، نحو دراسة القرار الجمهورى المذكور، وتداركه إن شاء لمخالفته الجسيمة لقواعد القانون الدولى العام.
وأوضحت أنه وفقا لتلك القواعد فإن أى منظمة دولية أو إقليمية، لا تنشأ بموجب قرار جمهورى، وأنه لا يستطيع أى رئيس دولة، ولو كانت أكبر دولة فى العالم أن ينشئ ثمة منظمة إقليمية بقرار منه، وإنما هى تنشأ بموجب معاهدة دولية وفقا للشروط والأوضاع التى اتفق عليها أطرافها، لافتة إلى أن المعاهدة المنشئة للمنظمة، تخضع فى عملية إبرامها للقواعد العامة التى تحكم المعاهدات الدولية بوجه عام.
وأفادت المحكمة، أن جميع المنظمات الإقليمية تنشأ بموجب معاهدات دولية لا بموجب قرار جمهورى، وأن الأكاديمية العربية للعلوم والتكنولوجيا والنقل البحرى، لا تعدو فى حقيقة دورها سوى أن تكون معهدا أكاديميا يتقاضى من الطلاب العرب مبالغ باهظة فى مقابل تقديم خدمة التعليم، ويمنحهم شهادات التخرج، وأنه بهذه المثابة يضحى القرار الجمهورى الصادر بإضفاء صفة المنظمة الإقليمية على تلك الأكاديمية، مخالفا لقواعد القانون الدولى العام، وأنه فيه مخالفة جسيمة.
وأضافت، أنه من ناحية اخرى انطوى القرار الجمهورى سالف الذكر على مخالفة أخرى جسيمة لقواعد القانون الدولى، إذ قررت المادة 12 منه تمتع أموال وموجودات ومبانى الأكاديمية وممثلو الأعضاء والخبراء والموظفين بالمزايا والحصانة الدبلوماسية، والموظفين بالأكاديمية المذكورة ومنهم المدعية لا ينطبق عليهم صفة الموظف الدولى، حيث استقر الفقه الدولى على أن الموظف الدولى هو كل شخص يعمل باسم المنظمة ولحسابها، على سبيل التفرغ والاستمرار، ويقومون بوظيفة دولية بقصد تحقيق صالح المنظمة وتحت إشرافها، فى حين أن الموظفين بالأكاديمية لا يقوموا بثمة وظيفة دولية، وينحسر عنهم صفة الموظف الدولى.
واختتمت المحكمة حكمها بقولها “إن المحكمة وإن تشير إلى المخالفتين المذكورتين لقواعد القانون الدولى العام، إنما تدرك خطورة الآثار المترتبة على منح تلك الأكاديمية صفة المنظمة، ومنح الموظفين فيها صفة الموظف الدولى، ومنها إعفائها من الضرائب وبعض الرسوم كالرسوم الجمركية، ولا تخضع لما تفرضه الدولة من قيود على حرية انتقال الأموال من إقليمها وإليه، ومنحهم الحصانات الدبلوماسية، بحيث يمتنع التفتيش عليها أو اقتحام مقارها دون إذن منها، وأهمها عدم خضوعها للقواعد الوطنية، ولا لاختصاص المحاكم المصرية الوطنية مثل الدعوى الماثلة التى انحسر عنها اختصاص المحكمة.
يذكر أنه فى حكم سابق للمحكمة الإدارية العليا دائرة توحيد المبادئ، انتهت إلى خضوع الجامعة الأمريكية للقضاء المصرى، وهى على الأرض المصرية فى المنازعات التى تدور بينها وبين موظفيها وطلابها وأساتذتها وهى التى يتولى إدارتها أمريكيون، وليس مصريين وجميع مناهجها أمريكية الأصل، ولم يمنحهم أحد أية حصانة دبلوماسية أو مبانيها أو أموالها.
اليوم السابع