فى مذبحة بورسعيد.. دفاع قائد قطاع الأمن المركزى: الثورة أخرجت أسوء ما فى الشعب وكسرت هيبة الشرطة.. ومدير الأمن العام كان “نائم”
كتب محمد عبد الرازق
واصلت محكمة جنايات بورسعيد، المنعقدة بأكاديمية الشرطة، اليوم الثلاثاء، برئاسة المستشار صبحى عبد المجيد، الاستماع إلى مرافعة دفاع المتهمين فى قضية “مذبحة إستاد بورسعيد”، والمتهم فيها 73 متهما، من جماهير النادى المصرى، بينهم 9 من مسئولى الأمن، و3 من مسئولى النادى المصرى، والتى راح ضحيتها 72 قتيلا، من جماهير ألتراس الأهلى، عقب المباراة التى جمعت الفريقين مطلع فبراير الماضى.
بدأت الجلسة فى تمام العاشرة والربع صباحا، وتحدث بالدكتور أشرف رمضان، دفاع المتهم الثالث والستين، اللواء عبد العزيز فهمى قائد قطاع الأمن المركزى بمدن القناة، وبدأ بالحديث القدسى، “يا عبادى إنى حرمت الظلم على نفسى، وجعلته عليكم محرما”، وحديث النبى صلى الله عليه وسلم “إذا جلس القاضى مجلسه أحاط به ملكان يصوبانه ويسددانه”، ثم أكد المحامى أن هناك حقائق تنطق بها الأوراق، تتمثل فى أن الثورة المصرية، كما أخرجت أحلى ما فى المصريين خلال 18 يوما، فإنها أيضا أخرجت أسوأ ما فيهم، بأن قتلت روح التسامح والقيم التى اعتدنا عليها.
وأشار الدفاع أن الثورة تسببت للأسف فى كسر هيبة الشرطة، والتى لا تزال حتى الآن ليس لها أى شخصية، مما تسبب فى خشية رجالها من الاحتكاك بأى مواطنين، لأنه أصبح لديهم عقيدة، أنهم سيزج بهم وراء القضبان، ولن يرحمهم الإعلام، وأضاف أنه بعد فاجعة مجزرة بورسعيد التى راح ضحيتها شباب لا ناقة لهم ولا جمل، لم تجر مباراة واحدة فى الدورى المصرى، وتجمد النشاط الرياضى، وهو ما يفسر بأن الشرطة عاجزة عن تأمين المباريات، ولو كان هؤلاء الضباط الموجودين فى القفص فى استطاعتهم تأمين المباراة، ما تراجع وزير الداخلية فى إعادة النشاط الرياضى بالكامل من أجل الاستثمار والسياحة وغيرهما.
و أضاف الدفاع، أن مباراة الأهلى التى لعبت فى كأس السوبر دون جمهور تم تأمينها بـ 6 مناطق أمن مركزى كاملة، خوفا من الألتراس ولو كان لدى جهاز الشرطة قوة وهيبة لما حدث ذلك، ووصف المحامى الألتراس بأنهم “فكر دخيل” على المجتمع المصرى، مثل طباع أخرى دخلت عليه، وأن مبادئهم جعلتهم يحاولون الهروب والفرار حتى لا يتم الاستيلاء على ملابس الرابطة أو اللافتات الخاصة بها، لأنهم يعتبروها شرفهم.
وأضاف الدفاع، أن دور الأمن المركزى تغير بعد الثورة، فبعد أن كان يصعد للمدرجات، ويقوم بعمل خطة “المربع الناقص ضلع”، ويحتضن الجمهور لحمايته، أصبحت مهمته قاصرة على تأمين الملعب والفريقين والحكام، وتم الاكتفاء برجال المباحث لتأمين المدرجات، وذلك بعد أن قام الألتراس بتكرار قذف رجال الأمن المركزى بالبول والحجارة.
ووجه الدفاع حديثه للواء سامى سيدهم، مساعد وزير الداخلية للأمن، قائلا “أنت مدير أمن عام نايم”، وأوضح أنه قال إن الخطة كانت ناقصة، وأنه لا يعلم طبيعة مهام الأمن المركزى التى تغيرت بالأوراق.
وقال الدفاع، إن هناك شهوة انتقام وطغيان من القائمين على الحكم “الإخوان المسلمين”، وأشار إلى أن لجنة تقصى الحقائق والدكتور أكرم الشاعر، “كذابون أشرون”، هدفهم الزج برجال الشرطة فى القضية، لأنهم يعلمون أنهم لن يتعاونوا مع الألتراس، واعتقدوا أن رجال الشرطة مصلحتهم فقط مع النظام البائد، كما أضاف أنه يكن كل التقدير للنائب العام لكنه يجب التعقيب على أعماله، فعندما عرضت عليه التحقيقات لم يدر بخلد النيابة العامة، بعد أن تأكدت أن الضباط لم يكن لهم علاقة بالجريمة، وكانوا يسألون على سبيل الاستدلال، أنها تقوم بعدها بتوجيه الاتهام لهم وحبسهم، لتهدئة الرأى العام، وخوفا من اقتحام مكتب النائب العام، مشيرا إلى أن ما يضيع مصر الآن هو خضوع وخنوع الساسة والقادة، لكن الأمل الوحيد يبقى فى القضاء المصرى.
وأكد الدفاع، أنه مرتاح الضمير، وهو يؤدى رسالته “بالدفاع المقدس” عن المتهمين، خاصة بعد أن قامت الدولة بتعويضهم ماديا، مؤكدا أن الدفاع لا يريد إهداء دم الشهداء، مطالبا أسرهم بألا يأخذوا بالشبهة، فقد يكون هناك سيناريو آخر للأحداث.
ودفع المحامى ببطلان التحقيقات التى أجرتها النيابة، لفقدان مجريها الحياد والتجرد، ولبنائها على إجراء باطل، وأن التحقيقات شابها التزوير المعنوى، كما دفع بعد انطباق مواد الاتهام على الواقعة المنسوبة للمتهم، لعدم معرفة القانون للاشتراك بطريق الترك، وتوافر المانع المادى، وانتفاء الجريمة من حق المتهم، لانتفاء المساعدة والرابطة الذهنية ونية التداخل، أو قصد الاشتراك، فضلا عن انتفاء القصد الجنائى لدى المتهم وعدم علمه بالواقعة، وعدم الاعتماد على أن علمه بوجود احتقان بين الجمهوريين دليلا، لأن هذا الاحتقان يعلمه الجميع وقطع به الحاكم العسكرى فى شهادته، ولاعبى وإداريى الفريقين، ورئيس اتحاد الكرة وقتها، بالإضافة إلى أن حالة التعدى بالشماريخ والصواريخ والسباب، أو حتى الإشارة على الرقبة بالذبح، كلها أمور عادية تحدث فى المباريات.
ودفع محامى المتهم أيضا بانتفاء سبق الإصرار والترصد بالنسبة للمتهم، وانتفاء المسئولية الجنائية لتوافر القوة القاهرة، والحادث المفاجئ بسبب لا دخل له فيه، ولم يقدر على التصدى له، لأن الأعداد كانت ضخمة، مستدلا بما حدث فى مباراة الزمالك والصفاقسى التونسى، وأن اتحاد الكرة أكد وقتها أن الشرطة لم تكن قادرة على التصدى للجماهير الغفيرة التى نزلت الملعب.
وأكد الدفاع على خلو الأوراق من ثمة دليل على المتهم، وقال إن قوات الأمن المركزى تعاملت مع الحدث فور طلب ذلك منها وقبل إطفاء الأنوار، كما قامت الشرطة بلفتة إنسانية بتخصيص سياراتها، لنقل جمهور الأهلى، على الرغم من تعرضها للخطر فى ذلك التوقيت، وطلب من المحكمة عدم الاعتداد بأقوال الشهود.
وأشار الدفاع إلى أن المستشار سامى عديلة، قاضى التحقيق حرر المحضر بناء على رؤيته للأحداث كشاهد، وهو ما أكدته المحكمة فى معاينتها أن من يجلس بالمقصورة يشاهد جميع جنبات الإستاد والمدرجات، مؤكدا أن النائب العام قال إن النيابة العامة بدأت التحقيقات دون إخطار، بينما قال المستشار سامى عديلة، إنه تم إخطاره ولم يقدم صورة الإخطار فى التحقيقات، وأكد بأن النيابة العامة فقدت حياديتها منذ عام 1952، لأنها تجمع بين سلطتى الاتهام والتحقيق، ولذلك عندما تكون هناك واقعة تتطلب حيادية يتم انتداب قاضى تحقيق لنظرها، لتجرده وحياديته وخلوه من الضغوط.
ووصف المحامى مساعد الوزير للأمن المركزى، بـ”مقاول الأنفار”، وأنه يرسل رجاله إلى المكان المطلوب، ويقومون بمهمتهم من خلال التدريبات التى يحصلون عليها، وكان يتعين صدور أوامر قبل أو أثناء المباراة بالتعامل مع الجمهور والشغب بالعصى على الأقل، إلا أن اللواء سامى سيدهم، الذى كان يشاهد المباراة من على “أنتريه فاخر بمنزله” على حد وصف المحامى رفض، وقال التعامل بأجساد المجندين فقط وهو ما تسبب فى تعرضهم للإصابات، وعدم تمكنهم من السيطرة على الأمور.
من جانبه قال عادل شفيق، محامى اللواء عصام سمك، مدير أمن بورسعيد السابق، أنه لم يغادر الإستاد أثناء المباراة، وقال إنه عرض صورا تثبت تواجده خلال الأحداث، ومحاولة التصدى لها، لكن من غادر الإستاد لحضور أسرته هو العقيد بهى الدين زغلول، مفتش الأمن العام ببورسعيد.
اليوم السابع