مفتي «الإخوان»: تهنئة الأقباط وحضور تجليس البابا «بر لم ينهنا الله عنه»
قال الدكتور عبد الرحمن البر، مفتي جماعة الإخوان المسلمين، وعضو مكتب إرشاد الجماعة، إن حضور حفل تنصيب البابا أو تهنئة الأقباط بأعيادهم ومناسباتهم «ليس حَراما»، مشيرا إلى أنه «نوع من البر الذي لم ينهنا الله عنه، طالما لم تكن هذه التهنئة على حساب ديننا»، مؤكدا أنه رفض الوقوف أثناء تلاوة بعض الترانيم.
وقال «البر» في بيان له على الصفحة الرسمية لجماعة الإخوان المسلمين على «فيس بوك»، الأربعاء: «كثرت الأسئلة عن ذهابي إلى الكاتدرائية الأرثوذكسية في حفل تنصيب أو تجليس البابا الجديد تواضروس الثاني، وقد لمست مسحة عتاب في حديث كثير ممن هاتفوني أو كلموني، وتطور هذا العتاب إلى تأنيب ولوم عند كثير من الذين كتبوا إليَّ على موقع فيس بوك».
وأضاف: «وفقا لما جاء في القرآن الكريم في سورة الممتحنة، لم أجد حرجا في الاستجابة للدعوة التي تلقيتها من الكنيسة لحضور حفل التنصيب، فإن الحضور في حفل تنصيب أو تجليس البابا مثله مثل التهنئة بأعيادهم التي أرى أنها من البر الذي لم ينهنا الله عنه، طالما لم تكن هذه التهنئة على حساب ديننا، ولم يشتمل الحضور شفاهة أو كتابة على التلفظ بشعارات أو عبارات دينية تتعارض مع مبادئ الإسلام، ولا على أي إقرار لهم على دينهم، أو رضا بذلك، أو مشاركة في صلواتهم ( وقد كنت حريصا على عدم الوقوف لدى قيامهم بتلاوة بعض الترانيم أو دعوتهم للوقوف لدى سماع بعض النصوص، وبقيت جالسا لا أشارك في شيء من ذلك على الإطلاق) إنما هي كلمات من المجاملة العادية التي تعارف عليها الناس، لا تحتوي على أي مخالفات شرعية، وقد عدُّ كثير من أهل العلم ذلك كله من قَبيل المُجاملة لهم والمحاسَنة في معاشرتهم، ومن باب حسن الأخلاق التي أمرنا الله بها، ولونًا من ألوان الدعوة إلى الله عزَّ وجلَّ بالحكمة والموعظة الحسنة، وهو ما يتوافقً مع قواعد الشريعة وأصولها، التي دعت إلى الإحسان في كلِّ شيء، وإلى مكافأة الإحسان بالإحسان، ومخاطبة الناس (كل الناس) بالقول الحسن، بل دفع السيئة بالحسنة».
وتابع: «القول بأن الحضور في حفل التنصيب أو التهنئة بأعيادهم ومناسباتهم حَرام، باعتبارها ذات عَلاقة بعقيدتِهم في ألوهيّة عيسى عليه السلام أو بنوته لله (تعالى الله عن ذلك علوًا كبيرًا) هو محض خطأ، فعقيدتنا هي عقيدتنا التي نتعبد الله بها، ولا نغير ولا نبدل بفضل الله في شيء منها، ونحن نكرر ما حكاه الله على لسان عيسى عليه السلام ﴿ قَالَ إِنِّي عَبْدُ اللَّهِ آتَانِي الْكِتَابَ وَجَعَلَنِي نَبِيًّا.وجعلني مباركا أينما كنت وأوصاني بالصلاة والزكاة ما دمت حيا.وبرا بوالدتي ولم يحعلني حبارا شقيا. وَالسَّلامُ عَلَيَّ يَوْمَ وُلِدْتُ وَيَوْمَ أَمُوتُ وَيَوْمَ أُبْعَثُ حَيًّا . ذَلِكَ عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ قَوْلَ الْحَقِّ الَّذِي فِيهِ يَمْتَرُونَ . مَا كَانَ لِلَّهِ أَنْ يَتَّخِذَ مِنْ وَلَدٍ سُبْحَانَهُ إِذَا قَضَى أَمْرًا فَإِنَّمَا يَقُولُ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ.وَإِنَّ اللَّهَ رَبِّي وَرَبُّكُمْ فَاعْبُدُوهُ هَذَا صِرَاطٌ مُسْتَقِيمٌ﴾، كما أن الحضور والتهنئة لا تعني اعتناق عقيدتهم أو الرضا بها، أو الدخول في دينهم، وإنما هي نوع من البر الذي سبق الحديث عنه».
وأشار إلى أن «المنقول عن الإمامين ابن تيمية وابن القيم من ادعاء الاتفاق على تحريم تهنئة غير المسلمين فأمر محل نظر، وهي فتوى فقهية، قد تصلح لعصرهما الذي كان مليئًا بالحروب الصليبية والغزو التتاري، حيث كان أي تهاون يعني الرضا بالمحتل، ومن ثم فربما كان اختيارهما الفقهي هو الذي يحفظ للمسلمين عقيدتهم أمام الأعداء، أما في هذا العصر، وفي مصر بالذات حيث العيش المشترك في وطن واحد يجمعنا فالأمر مختلف».
وقال إنه متعجب من يقول بحرمة الحضور أو تهنئة الأقباط وفي نفس الوقت يدعون إلى حماية الكنائس ويعلنون استعدادهم لذلك.
واختتم فتواه قائلا: «القول بجواز الحضور في مناسباتهم والتهنئة، الذي أرجحه، هو الذي يلتقي مع مبادئ الإسلام وسماحته، فضلا عن أنه أقرب في مدِّ جسور العلاقات الإيجابية مع شركاء الوطن، وفي إظهار روح التعامل الإسلامية القادرة على استيعاب الاختلاف الذي هو سنة كونية قدرية».
وحضر مراسم التنصيب عدد كبير من الشخصيات العامة من بينهم الدكتور هشام قنديل، رئيس مجلس الوزراء، واللواء أحمد جمال الدين، وزير الداخلية، واللواء أحمد زكي عابدين، وزير التنمية المحلية، والدكتور محمد البرادعي، وكيل مؤسسي حزب الدستور، والدكتور سمير مرقس، مساعد الرئيس لشؤون التحول الديمقراطي، والدكتور عصام شرف، رئيس الوزراء الأسبق، والدكتور حازم الببلاوي، نائب رئيس الوزراء الأسبق، وعمرو موسى، الأمين العام السابق لجامعة الدول العربية، والدكتور مصطفى الفقي، ومنير فخري عبد النور، وزير السياحة السابق، وأسامة هيكل، وزير الإعلام السابق، والدكتور عبدالرحمن البر، عضو مكتب إرشاد جماعة الإخوان المسلمين، وعدد من الوزراء السابقين والحاليين.
المصري اليوم