طارق الشناوي يكتب: مصر مبارك = مصر مرسى !

 

أسوأ ما أسمعه الآن يتردد بقوة هو الله يرحم أيام مبارك. من الذى أوصلنا إلى الحائط الصد؟ إنها ممارسات الرئيس وخلفه من يُمسك الريموت ويصنع القرار فى مكتب الإرشاد ليحرّك صاحب القرار فى الاتحادية. نعم هناك من يسعى لزرع هذا الإحساس لدى قطاع لا يمكن الاستهانة به من المصريين، ولكن المناخ الذى صنعه مرسى ومكتب الإرشاد هو الذى أوصلنا إلى أن نستجير بالنار من الرمضاء.

فلول كلنا نراها وقد صار بعضها يقف الآن فى طليعة الثوار، رغم أننا نعرف جيدا كم كانوا متورطين فى دفاعهم عن مبارك والتوريث، فهم يرتبطون بحبل سُرّى مع العائلة الفاسدة.

مبارك بالطبع لن يعود ودولته زائلة بكل ما تعنيه من ظلم وظلام، ولكن عندما يشعر الناس أن الثورة سُرقت لصالح فصيل انتهازى يلعب سياسة بغشومية، تتجسد كل مشاعر الكراهية ضد هذا الفصيل الذى يريد أن يغتال روح مصر. لم تكن مصر دولة مدنية فى عهد مبارك، بل كانت تعبر عن ديكتاتورية عائلة أحالت مصر إلى دكان، وهى تحتفظ فقط بالمفتاح وتمنح أصحاب الحظوة من الأربعين حرامى شيئا من الذهب والزمرد والمرجان المخبأ فى مغارة حسنى بابا.

عندما تشير التوقعات إلى أن الاستفتاء بـ«نعم» قد يصل إلى 60% ألا نعتبرها هزيمة لأصحاب اللحى الذين صدّروا للبسطاء أن «نعم» تساوى الله ورسوله، بينما «لا» هى الكفر والإلحاد. هناك من يعتقد أن الهدوء فى الشارع سوف يجلب له الخير وأن إقرار الدستور بـ«نعم» هو الطريق لكى يكسب رزقه. ولكن من قال إن إقرار الدستور على هذا النحو سوف يجلب الهدوء. الهدف الآن لم يعد إسقاط الدستور، ولكن إسقاط ما يمثله مرسى من شبح دولة دينية تُطل علينا بأنيابها الحادة وعيونها التى تقطر غلًّا. لا شىء من الممكن أن يشعرك بالاطمئنان على القادم بعد أن أصبحنا شطرين، كل منهما يرى الحياة فى اختفاء الآخر.

التليفزيون المحاصَر من الوزير الإخوانى فضحه العاملون فى ماسبيرو، وبينهم رئيس التليفزيون المستقيل عصام الأمير وعدد من المذيعين، ممارسات الوزير تتسم بالغشومية، إذ يكفى أن صار دوره هو أن يتأكد فى كل مرة أن يتوفر فى البرنامج، ممثلين لحزب الحرية والعدالة، هؤلاء أيضا صاروا مفروضين على الفضائيات، ولأن ماسبيرو لا يدفع فلقد توجهوا صوب الفضائيات العربية، ولهذا اضطر ماسبيرو إلى أن يستعين بالفرز الثانى والثالث من «الحرية والعدالة» وهؤلاء ليس لديهم ثقافة ولا حجّة، ورأيى الشخصى أن قرار عبد المقصود هو الذى فضح التوجه الإخوانى وجعله عاريا أمامنا، حيث شاهدنا مجموعة من الذين تمت برمجتهم فى اتجاه لا يعبّر إلا عن السمع والطاعة للمرشد. إنهم يذكّروننى بنبيل لوقا بباوى الذى كان من المعروف أنه ينتقل من برنامج إلى آخر، مشيدا بمبارك وإنجازاته ومدافعا عن توريث الحكم، وكان لوقا هو الوحيد الذى يصدّق لوقا.

كانت عائلة فاسدة تحكم وهناك من يقاوم، والاتهام الذى يطول الناس إثارة البلبلة والقلاقل والسخرية من رئيس الجمهورية. كل ذلك مهما حمل من عنف وقسوة إلا أنه على الجانب الآخر يتيح إمكانية أن تتحداه وتواجهه، ولكن ماذا تفعل عندما تجد رجال الدين الذين كان بعضهم فى أثناء الثورة يحلل خروج الناس على الحاكم الظالم يعتبرون أن الخروج على مرسى كُفر ومعصية يتحمل وزرها أمام الله، مَن يطالب بإسقاط رئيس نكص بوعده لنا بمدنية الدولة؟

تبدو مصر الآن، كما قال الكاتب توماس فريدمان فى مقال أخير له، حائرة بين أن تتوجه إلى سكة الندامة مثل باكستان، أو تتحول إلى سكة السلامة كالهند التى تضم أقلية 12% من المسلمين، ولكن الهندوسية استوعبت أصحاب كل الديانات مسيحيين وسيخًا وليس فقط مسلمين، بينما تطل على بعد خطوات النصف الثانى من الهند قبل عام 49 الذى شهد قسمة الوطن بين مسلمين وهندوس. حيث إن باكستان المسلمة لم تنعم أبدا بالديمقراطية. كنا نقارن بين نموذجين أمام مصر إيران أو تركيا، أصبحنا أقرب إلى مقارنة من نوع آخر، باكستان أم الهند.

من يرى مصر أفضل قبل الثورة ويترحم على أيام المخلوع نقول له إن روح الثورة هى التى ستحول دون أن تصبح مصر «إيران» أو «باكستان» أو مبارك أو مرسى.

 

 

 

الدستور الاصلي

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى