مرسى بحاجة للاظوغلى

158

اقتربت ذكرى 25 يناير, و يُحكى أن محمد علي باشا, بدأ حكمه طيبًا, صابرًا على الأذى, الجنود الألبان – حرسه الرسمي-  حاولوا قتله, وبقايا النظام الممثل بالمماليك, يتآمرون ضده.. قدم محمد علي تنازلات, وأنفق الأموال هدايا ومكافآت, بين  رِشا, أو  إتاوات.. و لم يلبث في عرشه, حتى جاءه طلب البيت العالي بتجهيز جيش  للحرب بصحراء الحجاز.. المؤامرات في الداخل, والصداع من الخارج.. والوالي الجديد, لا يكاد يثق فيمن حوله…

   انتهز محمد علي فرصة احتفال تكريم الجيش الذاهب للجزيرة العربية.. أرسل لكل أعدائه المبتسمين نهارًا  والماكرين بالليل.. أعد  وليمة لأربعمائة وسبعين مملوكًا وقائدًا وسياسيًا.. أغلق بوابات القلعة.. أمر بفتح النار.. لم ينج  غير ثلاثة.. إبراهيم بك الذي تأخر وعلم بالخبر وهو في طرة.. فهرب للسودان.. وعلي السلانكلي, ومراد بك الذي قفز بحصانه من فوق سور القلعة.. وهرب للشام.. هدأت مصر.. أصبحت مصر التي إن أرادت. كان لها ما تريد.. بدأت النهضة.. نهضة شابها قليل من التغريب وكثير من الحزم.. مصر قوية.. ترعب  أوروبا.. وتستكشف منابع النيل..

      التاريخ مدرسة القادة.. من أراد التعلم فليفتح قناة التاريخ وليغلق قناة الإسفاف.. ليس لدينا قناة تاريخ.. لكن لدينا شوارع تفوح بالتاريخ.. لو مر الرئيس مرسي, وأكيد أنه مر, والمؤكد أنه  قِيد ليلًا وفات بجوار تمثال لاظوغلي.. لاظوغلي باشا هو تاريخ مؤامرات الحكم.. هو من أشار على محمد علي بمذبحة القلعة.. و اللاظوغليون والمماليك, لا يزالون  يتآمرون..

      القوة لا تنفع وحدها, ما لم تُتوّج بدهاء.. لا أدعو بالطبع لمذبحة قلعة, فالزمان تغير, والقلعة صارت تحفة أثرية تعجب الزوار الأجانب, وتغيظ كل من يكره مصر, لا أدعو لمذبحة القلعة, وإنما أدعو لتطهير على نار هادئة.. لابد من تفتيت أعدائك.. أكبر الأخطاء أن نقوم بفعل يُوحد الأعداء, هم يكرهون بعضهم ويحملون أحقادًا تكفي لغليان نهر النيل.. والخطأ الذي لا يمكن السماح به هو تقريب العدو..

واحد عظيم اسمه ابن حزم, قال مرة: “من يقرب عدوه هو قاتل نفسه”.. أقول هذا, لأني, لا أرى لاظوغلي بنسخة مخلصة بين مستشاري الرئيس.. بل أغلبهم مماليك, اعترضنا في صمت يوم اختيارهم, وتأسفنا يوم اعتذارهم –أعني طقم المستشارين- ولا يجب أن يفوتنا الدرس العظيم.. “معلهش.. ما حدش بيتعلم ببلاش”.

المصريون

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى