من هنا خرج تكليف الهجوم على الجامعة

«قسم الطلبة» داخل جماعة الإخوان المسلمين يحظى بمكانة خاصة جدا داخل التنظيم منذ نشأته، لدرجة وصلت إلى أن  المرشد العام السابق للجماعة مهدى عاكف كان يشرف عليه بنفسه ويتابع أعماله ويلتقى المسؤولين عنه فى المحافظات بشكل دورى، للاتفاق على سيناريوهات محددة لخطة العمل والاحتجاجات بالجامعات ضد النظام.

الإشراف على قسم الطلبة داخل جماعة الإخوان يخضع لأحد أعضاء مكتب الإرشاد، ويشترط فيه أن يكون أستاذا جامعيا أو أحد الكوادر التنظيمية النشطة فى العمل الميدانى.

عبد المنعم أبو الفتوح المرشح الرئاسى السابق، كان هو المسؤول عن قسم الطلبة لفترة طويلة، وبعد خروجه من تنظيم الإخوان تولى الدكتور رشاد البيومى نائب المرشد العام للجماعة مسؤولية الإشراف على القسم، وكان معه الدكتور محمد وهدان عضو مكتب الإرشاد أيضا إضافة إلى عدد من الأساتذة من أعضاء مجلس شورى التنظيم، وقد حرص بيومى على إحكام سيطرته على القسم طوال مدة إشرافه عليه، كما أعاد مشروع التدريبات العسكرية مرة أخرى بعد أن انتهى تماما فى عهد إشراف أبو الفتوح.

قسم الطلاب داخل التنظيم المحظور يتميز بأنه ذو هيكل تنظيمى خاص به، يقف على رأسه المشرف العام على القسم وهو أحد أعضاء مكتب الإرشاد، يليه عدد من الأعضاء المسؤولين عن القسم وهم أقل منه فى الرتبة التنظيمية، وفى كل محافظة يتم تعيين مسؤول خاص لقسم الطلاب يتم اختياره من بين الكوادر الأكثر نشاطا وطاعة وإخلاصا للتنظيم، ويتولى مسؤولية استقطاب الأعضاء وتجنيدهم وتأهيلهم نفسيا وتدريبهم رياضيا وعسكريا، ويتم تدريبهم أيضا على حمل السلاح والتعامل مع الأمن.

القسم يختص أيضا باجتماعات خاصة بعيدا عن اجتماعات الشُعب والأُسر، ويتم تقسيمه من الداخل إلى عدد من القطاعات، منها قطاع الطلبة الأول ويضم طلاب الإعدادى ما بين 11 و14 عاما، ويكون له مناهج خاصة وطرق خاصة فى التعامل والتأهيل النفسى والجسمانى، والقسم الآخر يختص بطلبة الجامعات وهو أنشط من سابقه وأكثر تأثيرا فى مجريات الأمور، باعتباره القسم المؤهَّل للتعامل مع المظاهرات والمشاركة فى الحياة السياسية، وتنظيم التظاهرات والدعوة للجماعة داخل أروقة الحرم الجامعى.

وفى ظل غياب قيادات الإخوان المسلمين من أعضاء مكتب الإرشاد وقيادات الصف الأول من على الساحة، يتولى مسؤولية قسم الطلاب عدد من قيادات الصف الثانى والمسؤولون المباشرون عن القسم فى المحافظات وداخل الجامعات، ويضع القسم خطة متكاملة تم إبلاغهم بها مع بداية العام الدراسى بتنظيم تظاهرات حاشدة فى كل الجامعات دون توقف مهما حدث، إلا إذا صدرت أوامر مباشرة من القيادات المسؤولة، وأيضا تصعيد حدة الاحتجاجات مع الوقت للتعبير عن الغضب جراء تجاهل السلطة للمطالب التى يرفعها الطلاب.

قسم الطلبة بدأ داخل الإخوان على يد حسن البنا الذى أولى له اهتماما خاصا عندما دشن خمسة من الأعضاء المنتمين للتنظيم وقتها من طلبة الجامعات وهم:  محمد عبد الحميد أحمد (كلية الآداب)، وإبراهيم أبو النجا الجزار (كلية الطب)، وأحمد مصطفى (مدرسة التجارة العليا)، ومحمد جمال الفندى (كلية العلوم)، ومحمد رشاد الهوارى (كلية الحقوق)، ومحمد صبرى (الزراعة العليا)  رابطة أطلقوا عليها «شباب الإسلام»، وحاولوا الاتصال بالشخصيات الإسلامية والوطنية وعلم بنشاطهم حسن البنا فقرر إنشاء «هيئة الإخوان المسلمين بالمدارس العليا»، وفى 19 من ذى الحجة 1356هـ الموافق 20 من فبراير 1938 م؛ وعُقد أول مؤتمر لطلبة الإخوان المسلمين.

البنا ألقى كلمة عليهم قال فيها: «أيها الشباب.. إنما تنجح الفكرة إذا قَوِى الإيمان بها، وتوفَّر الإخلاص فى سبيلها، وازدادت الحماسة لها، ووُجد الاستعداد الذى يحمل على التضحية، والعمل لتحقيقها، وتكاد تكون تلك الأركان الأربعة من: الإيمان، والإخلاص، والحماسة، والعمل؛ من خصائص الشباب؛ لأن أساس الإيمان القلب الذكى، وأساس الإخلاص الفؤاد النقى، وأساس الحماسة الشعور القوى، وأساس العمل العزم الفتى، وهذه كلها لا تكون إلا للشباب».

يتكون قسم الطلبة من عدد من اللجان والفروع هى:

‌أ- اللجنة العامة (للقسم أو المنطقة) من مندوبى الكليات والمعاهد والمدارس المختلفة، وتكون بمنزلة مجلس إدارى ومجلس تشاور، ومهمتها بحث السياسة التوجيهية والإرشادية التى يتقدم بها القسم إلى المرشد العام، أو تتقدم بها المنطقة إلى القسم، وتعقد اجتماعاتها مرة كل أسبوع، ممثلةً فى هيئة تنفيذية تُختار من بين أعضائها.

ب- لجنة الاتصال بالطلاب المسلمين وهى تختص بتكليف الطلاب بأوامر مكتب الإرشاد والمظاهرات والاحتجاجات.

ج- لجنة الثقافة الإسلامية والنشر.. ومهمتها تأليف وطبع ونشر فصول إسلامية تاريخية وأدبية ورسائل خاصة للشباب والطلاب، لإيصال دعوة الإخوان المسلمين إلى قلوبهم.

د- لجنة الزيارات والدعاية.. ومهمتها زيارة الطلاب وغيرهم ممن لم تصل إليهم دعوة الإخوان المسلمين، وإبلاغها لهم بشتى الطرق ومختلف الصور، ودعوتهم لزيارة المركز العام والشعب، وتنظيم الدعاية التى تتطلَّبها هذه الناحية.

هـ- لجنة البر بالطلاب المسلمين الفقراء.. ومهمتها بحث حالات الفقراء من الطلاب، وتقديم المعونة الممكنة فى المسكن أو الملبس أو المأكل أو شراء الكتب اللازمة، أو غير ذلك مما تمليه الظروف المختلفة، وعمل هذه اللجنة سرٌّ لا يطَّلع عليه غير المندوب العام والمرشد العام. ‌ و- لجنة التفتيش.. ومهمتها زيارة أقسام الطلاب فى المناطق والشعب، وتعرُّف مدى نشاطهم، وإبلاغهم رغبات القسم، ومراجعة حساباتهم وسجلاتهم، وتقديم التقارير للقسم.

سامح عيد القيادى الإخوانى المنشق عن التنظيم والباحث فى شؤون الحركة الإسلامية، قال  لـ«التحرير» إن قسم الطلبة من أهم وأنشط الأقسام داخل جماعة الإخوان المسلمين، ومن أكثر الأقسام التى تعول عليها الجماعة فى الشارع، نظرا لأن أعضاءه من الشباب هم وقود المظاهرات سواء التى تنظمها الجماعة داخل الجامعة أو فى الشارع، موضحا أن معظم المنتمين لذلك القسم داخل الجماعة من الأعضاء المحبين لهم والذين لم يبلغوا السن المحددة وهى 30 عاما ليتم إدراجهم ضمن الأعضاء التنظيميين داخل الجماعة.

عيد أوضح أن الجماعة تجند عددا من كوادرها فى المحافظات لاستقطاب الشباب من كل الفئات العمرية، ويتم تنظيم جلسات معهم لإقناعهم بالدخول تحت عباءة التنظيم ويتولى مسؤول القسم بكل محافظة مسؤولية تأهيلهم من الناحية النفسية وغرس مبادئ العزلة الاجتماعية داخلهم، وبناء عدد من الأفكار القطبية المرتبطة بالمجتمع الجاهلى والحاكمية وغيرها مما ورد فى مقدسات سيد قطب كما يدعوها الإخوان، وبعد ضمان ولائهم للتنظيم يتم ضمهم للأعضاء القدامى لحضور الاجتماعات التنظيمية  بشكل دورى وتنفيذ الأوامر التى يتم نقلها إليهم عن طريق عدد من القيادات.

الباحث فى شؤون الحركة الإسلامية، أكد أيضا أن الجماعة تخصص ميزانية شاملة للإنفاق على قسم الطلبة، وأن تلك الميزانية قد تصل إلى ضعف نظيرتها المحددة لباقى الأقسام، موضحا أن أهم المحافظات التى تعرف بنشاط ذلك القسم محافظات الوجه البحرى والشرقية تحديدا، نظرا لأنها معقل لعدد كبير من قيادات الإخوان، والدقهلية وهى موطن خيرت الشاطر، وكان يشرف على عمل قسم الطلبة داخل المحافظة بنفسه، والبحيرة وبنى سويف نظرا لأن مرشد الإخوان بديع كان مقيما بها وكان يشرف أيضا على القسم ويلتقى أعضاءه بشكل دورى. وأوضح عيد أن عددا كبيرا من الطلاب تم تدريبهم عسكريا، وظهر ذلك فى أثناء استعراضات القوة التى نظمها شباب الإخوان فى رابعة العدوية والعمليات القتالية التى قاموا بها أمام قصر الاتحادية، موضحا أن الجماعة تسند مسألة حماية المظاهرات والاعتصامات لقسم الشباب لأنه مؤهل ومدرب على الألعاب العنيفة.

التحرير