الأخبار

خلايا إرهابية تسللت إلى القاهرة

 

10

 

لقد مرت العلاقات الأمريكية – المصرية بأشهر صعبة منذ 30 يونيو وسقوط الرئيس محمد مرسى والإخوان المسلمين. لكن التوتر فى العلاقات لا يبدو أنه قلّص التعاون بين أجهزة الاستخبارات فى البلدين.

قال الجنرال محمد فريد التهامى، مدير جهاز المخابرات العامة إنه لم يحدث «أى تغيير» فى علاقة الجهاز الذى يديره بأجهزة الاستخبارات الأمريكية، على رغم تأجيل بعض صفقات السلاح الأمريكية إلى الجيش المصرى والحديث عن اتصالات بين الجيش المصرى وروسيا.

قال التهامى، «التعاون بين الأجهزة الصديقة هو قناة مختلفة تماما عن القناة السياسية.. أنا على اتصال دائم بجون برينان، مدير الاستخبارات المركزية (سى آى أيه) ومدير وحدة الاستخبارات الداخلية، أكثر من أى جهاز استخبارات آخر فى أنحاء العالم».

إن علاقة الصداقة الأخوية هذه بين الاستخبارات الأمريكية والمصرية تعود إلى الروابط التى نشأت فى عهد الرئيس حسنى مبارك. فى ذلك الوقت، كان صاحب الكاريزما، عمر سليمان، مديرا للاستخبارات هنا، وكان ثمة تركيز متبادل على قضايا مكافحة الإرهاب التى يدفع البعض بأنها أسهمت فى انفصال مبارك عن شعبه، وجعلت الولايات المتحدة فى صدمة من الانتفاضة التى أطاحت به فى فبراير من العام 2011.

التهامى رجل نحيل، أصلع الرأس، له عينان غائرتان وملامح صارمة، وطريقة متحفظة شكلتها سنوات حياته فى الظل. تحدث التهامى، صاحب الوجه النحيل وهو يضع نظارة من دون إطار معدنى، عبر مترجم، وهو يشعل السيجارة تلو الأخرى فى الكثير من عمر المقابلة، حيث كان يتحدث بصوت خفيض.

استخدم التهامى ما قال إنها كانت أول مقابلة صحفية يجريها على الإطلاق ليقدم بعض النقاط الأساسية عن كيفية عمل الاستخبارات فى مصر تحت قيادة الجنرال عبد الفتاح السيسى، وزير الدفاع الذى أطاح بمرسى فى يونيو. يقال إن التهامى كان واحدا من موجهى السيسى عندما خدم الاثنان فى المخابرات الحربية؛ وقد كانت أول خطوة اتخذها السيسى بعد 30 يونيو أن أعاد التهامى من تقاعده ليتولى منصب مدير جهاز المخابرات، خلفًا لمديرها السابق الذى عينه مرسى. كان هذ الجانب من «العودة إلى المستقبل» بالنسبة إلى مصر الجديدة، وكان واضحا كذلك فى قول التهامى إن وزارة الداخلية قد «استعادت بعضا من قدراتها الاحترافية التى كانت تمتلكها» عبر الاستعانة بالمسؤولين السابقين الذين كان مرسى قد أقالهم.

فى عهد مبارك، كان التهامى يتولى منصبا حساسًا، حيث كان يدير هيئة الرقابة الإدارية، وهى جهاز لمكافحة الفساد، جعله على اطلاع بأكثر أسرار النظام حساسية. ويقول منتقدوه إنه من خلال ذلك الدور، أسهم فى دفن المخالفات المالية التى تورطت فيها الدائرة الداخلية لمبارك، وهى تهمة ينفيها مؤيدو التهامى.

سألت التهامى عن الخطر الكامن فى أن يتسبب القمع الدموى للإخوان المسلمين فى دفع أعضائها للعمل تحت الأرض فى نسخ جديدة من المنظمات الإرهابية، التى خرجت القاعدة من عباءتها منذ نحو جيل. أجاب بأن بعض الخلايا التى تربطها صلة فضفاضة بالقاعدة هى فى حقيقة الأمر، تحاول أن تضرب بجذورها الآن فى شبه جزيرة سيناء. استشهد بجماعة تسمى «أنصار بيت المقدس» بوصفها واحدة من الجماعات التى تدَّعى ارتباطها بالقاعدة. لكنه قال إنه لا يوجد دليل على أن الجماعة لديها «اتصال مباشر» بالتنظيم الأساسى للقاعدة أو زعيمها، المصرى المولد، أيمن الظواهرى. بدلا من هذا، فإن التواصل يتم عبر مواقع على الإنترنت ومواقع التواصل الاجتماعى. قال إن «القاعدة تمثل فكرا أيديولوجيا، أكثر من كونها تنظيما» اليوم.

وتابع التهامى بالقول إنه، على الرغم من البنية الفضفاضة لهذه الكيانات المحتمل ارتباطها بالقاعدة، فإن «استئصال خلاياها فى سيناء يمكن أن يستغرق بعض الوقت». وقال إن الجيش، الذى يقوم بعمليات فى سيناء، حققت بالفعل «نتائج طيبة» لكنه لم يقدم تفاصيلا. وأضاف أن بعض الخلايا الجهادية تسللت إلى القاهرة، والدلتا وصعيد مصر، لكنه قال إن وزارة الداخلية تتعقبهم.

وقال التهامى إن الهجمات الإرهابية من المرجح أن تستهدف موارد الدخل الأساسية لمصر: السياحة وقناة السويس والاستثمار الأجنبى. لهذا السبب، قال إن الجيش وأجهزة الأمن لا بد أن يوفروا حماية خاصة لهذه القطاعات.

سألت التهامى ما إذا كان سيسمح لأنصار الإخوان بالمشاركة فى الحياة السياسية عبر «حزب الحرية والعدالة»، ومن ثم يكون لديهم بديل عن ممارسة العنف. رد قائلا إنه فى ظل «خارطة الطريق» المصرية لاستعادة الديمقراطية المدنية «لن يتم إقصاء أى قوة من العملية السياسية». وعندما ضغطت عليه بشأن حزب الحرية والعدالة، قال: «من يريد أن ينخرط فى العملية السياسية فأهلا به».

وفى حالة كانت مصر مستعدة فعلا للسماح بصوت سياسى يمثل الإسلاميين، فسيكون واحدا من الاختبارات الأساسية للحكومة الجديدة. لذا كان لافتا أن مدير المخابرات، وهو ربما الوجه الأكثر حدة فى النظام الجديد، كان مستعدا لدعم الفكرة.

وبالنظر إلى خارج حدود مصر، عبّر التهامى عن قلق عميق بشأن حالة عدم الاستقرار فى جارتين عربيتين، هما ليبيا وسوريا. وقال إن هناك «فراغا أمنيا هائلا فى ليبيا» فى ظل السلطة التى تملكها الميليشيات القبلية والجماعات المتشددة. وتابع أن انهيار السلطة المركزية (فى ليبيا) كان «مشابها للعراق بالضبط» وإن الاستقرار لن يعود من دون مساعدة قوى خارجية على «إعادة بناء الجيش الليبى والحكومة المركزية». وحذر من أن «الخطر الأكبر يكمن فى تقسيم البلد»، بحيث تنشطر ليبيا إلى قطعتين أو أكثر.

وبالنسبة إلى سوريا، فقد قال التهامى إن الجهود المبذولة لدعم المعارضة المعتدلة بالسلاح والأموال جاءت بمردود عكسى، بأن عززت بدلا من ذلك، جبهة النصرة، وهى جماعة مرتبطة بالقاعدة، مضيفا: «أن جبهة النصرة كانت أكثر قوة، فقد استحوزت على الأسلحة». ودفع بأن الحل الوحيد بالنسبة إلى سوريا هو تسوية يتم التوصل إليها عبر المفاوضات وتفضى إلى تشكيل حكومة جديدة قوية وتمثل قاعدة واسعة بما يكفى لأن تواجه مقاتلى القاعدة.

وحذر من أنه «بقدر ما ستطول فترة التعامل مع هذه المسألة فى سوريا، بقدر ما ستزيد التوابع السيئة».

 

التحرير

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى