عرض «مولانا» ينجح

 

34

 

«وهل هذا يبقى شيخا، هذا موظف بدرجة شيخ، عارف أنا إيه يا بابا، أنا تاجر علم!».. بهذه الجملة وصف حاتم الشناوى بطل رواية «مولانا» نفسه لأبيه الذى قال عنه إنه حافظ للقرآن وتاليه، وإمام الناس فى الصلاة وخطيبهم، وحافظ للفتاوى ومفتٍ، وعنده من العلم بقصص السيرة ما يضعه فى مصاف المشايخ، مضيفا أن نجاحه مع الناس يضعه فى مقدمتهم. هذا الحوار الذى تحكمه دهشة واستغراب طرفيه هما أحد مفاتيح الشخصية «حاتم الشناوى بطل رواية إبراهيم عيسى (مولانا)»، المأخوذ عنها العرض المسرحى الذى حمل الاسم نفسه وانطلق على مسرح الجمهورية «الثلاثاء» الماضى، واستخدمه المخرج والمدير الفنى لفرقة الرقص المسرحى الحديث، نضال عنتر، أيضا، ليكون المفتاح فى عرضه، الذى اختتم أول من أمس الخميس على خشبة مسرح الجمهورية بالقاهرة، ويعرض بالإسكندرية على مسرح سيد درويش يومى 5، و6 يناير. وانقسم العرض إلى قسمين، الأول سيطر عليه الأداء الحركى وتخلله بعض العبارات الحوارية المستوحاة من الرواية، حيث كان مأخوذا بنصه فى أوقات، ويتعامل مع روح الرواية فى أوقات أخرى، وعبرت عنه الرقصات أكثر الوقت، تصحبها موسيقى وأغنيات تراثية تعبر عن ثقافات مجموعة من الدول الإسلامية، وتأتى اختيارات فريق العمل للأغانى الروحية التى جاءت من الهند أحيانا ومن الصعيد الجوانى أحيانا أخرى للدلالة على دولية القضية وعدم اقتصارها على مصر فقط التى تدور فيها أحداث الرواية.

 

وقد حرص الراقصون على إبراز الصراع النفسى الذى تعيشه شخصية حاتم، فتبدو بعض الرقصات، كأن حاتم يصارع أفكاره ويشتبك بل ويتشاجر معها، يمنع بعضها من الظهور ويسمح لأخرى أن تنطلق، وأحيانا أخرى يصارع حاتم باقى شخصيات الرواية. أباه تارة، وجهاز أمن الدولة والعائلة الحاكمة تارة أخرى.

 

بساطه الديكور هى أول ما قد يلفت نظر مشاهد العرض، لكن على الرغم من بساطته، فإنه حمل ملمحا مهما من شخصيات الرواية والعرض وهو أنه لا يوجد شكل كامل والجميع يخطئ وتحمل نفسه الكثير من العيوب، تنظر إلى الأشكال الزخرفية الهندسية التى تميز الفن الإسلامى وأيقوناته الشهيرة، لتجدها متراصة وتتكرر بشكل منتظم ودقيق.

 

الإضاءة كان عليها عامل كبير أيضا فى إبراز الانفعالات والأحداث، تارة خضراء سالمة تدلل على السلام النفسى وتارة أخرى بيضاء كاشفة لما خفى فى شخصية حاتم وأسراره، وأحيانا حمراء مع الخطر، لكن استغلالها الأمثل جاء مع النهاية، حيث غمر حاتم الضوء الأحمر الذى يحبه ويشعره بالقوة، والسيطرة، والشهرة، والسبب فى ذلك هو الإضاءة الحمراء التى تعلو الكاميرا إيذانا ببدء بث البرنامج التليفزيونى، الذى يكون هو بطله الأوحد.

 

الطائفيه والإرهاب أيضا طلا من الرواية إلى خشبة المسرح، عبرت عنهما رقصة، تصارع فيها حاتم مع حسن ابن العائلة الحاكمة المدلل، وسقط حاتم على أثر هذا الصراع ضحية البعد عن الضوء الأحمر الذى يعلو كاميرا التصوير والذى اعتاد عليه حاتم وأدمنه.

 

الدستور الاصلى

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى