الأخبار

الأوروبيين يركزون على ما يحدث فى الشارع

111

 

فى صالة كبار الزوار فى مطار أمستردام سألت وزير الخارجية نبيل فهمى: الآن انتهت جولتكم الأوروبية فى «إيطاليا وألمانيا وهولندا»، فكيف يمكن تقييمها بصورة ملموسة؟ وقلت له: لنفترض أن هناك مقياسا من عشر درجات، فعلى أى درجة تقف هذه العلاقات الآن؟ الوزير ــ وبعد تفكير بسيط ــ رد بالقول إنها عند الدرجة السادسة، شارحا أن الوضع تحسن من درجة الصفر بعد فض اعتصام رابعة ليصل إلى نحو 60%، وكلما أوشكنا على عودة العلاقات لطبيعتها أو إلى الكمال يكون المسار أصعب وأبطأ.

الوزير الهادئ والمبتسم دائما، ليست لديه أحلام وردية بشأن العلاقات الدولية، هو يتحدث دائما عن الصعاب والمشكلات قبل الوعود والأمنيات، ويؤكد دائما أن الأوروبيين خصوصا فى «القارة العجوز» عمليون، لكنهم حساسون جدا فيما يتعلق بقضايا حقوق الإنسان والحريات خصوصا الصحفية.

الوزير ــ الذى يعرف العقلية الأوروبية والأمريكية جيدا ــ يدرك أيضا أن العلاقة مع الخارج لا تتوقف على إكمال استحقاقات خريطة الطريق فقط، بل وعلى ما يحدث فى الشارع بالأساس، وكلما كان الوضع الميدانى هادئا استعادت مصر دورها الإقليمى والدولى بسرعة.

نبيل فهمى متفائل لكن بحساب، واستمع إلى كلمات ووعود طيبة خلال مباحثاته المكثفة والكثيرة فى العواصم الأوروبية الثلاث.. وعود قد تتصادم مع ما يقال فى وسائل الإعلام وبيانات وتوصيات الاجتماعات العامة، لكنه يؤكد دائما أن الكرة فى ملعبنا نحن، وكلما كان البناء الداخلى مستقرا، زاد تفاعل العالم معنا.

وإلى نص الحوار الذى جرى بصورة متقطعة على مدى خمسة أيام ما بين مطارات القاهرة وروما وبرلين وأمستردام.

• بعد نهاية زيارتكم الأوروبية الحالية.. ما هى المحصلة؟

ــ هناك تطور إيجابى ونحتاج إلى مزيد من الجهد، ومع كل استحقاق فى خريطة الطريق وكلما كان هناك التفاف شعبى حوله، نجد أن القبول يتزايد.

هم يتحدثون عن الصحفيين الأجانب باستمرار الذين تم القبض عليهم. وأكرر معظم الأوروبيين بدأ يقل كلامه عن الإخوان، ومن يتحدث عنهم فإنه يقول: لماذا لا تفتحون الباب للذين لم تتلطخ أيديهم بدماء العنف والإرهاب، وقلت لهم اقرأوا الدستور الذى لا يمنع أحدا من المشاركة.

كما لايزال هناك اهتمام غربى بأن يتم استيعاب التيار الإسلامى السلمى. ونقول لهم دائما إن هذا التيار الإسلامى لا يعنى الإخوان فقط، وإن هناك اهتماما بالسعى لاستيعاب من يلتزم بالسلمية فى المرحلة المقبلة.

وأشعر بأننا حققنا الكثير لأن هناك قناعة بأن الغالبية العظمى من الشعب مع خريطة الطريق وتريد المضى فى تنفيذها. والتيار المعارض لها مرفوض شعبيا وليس حكوميا فقط. والمهم أن هناك التزاما أوروبيا واضحا بأن نجاح التجربة الأوروبية فى مصلحتهم.

لكن، ولنكون واضحين فإن هناك جهدا مطلوبا وكبيرا لجهة ما يرتبط بالحريات الشخصية والإعلام، باعتبار أنها من أساسيات الديمقراطية الغربية ومن أهم مجالات التقييم عندهم. الألمان كما تعلم لاتزال قضية منظمة كوزاد اديناور تؤثر فيهم ولا يستطيعون نسيانها بسهولة،ورغم ذلك علاقتنا تتطور معهم.. مرة أخرى هناك اقتناع أقوى بالواقع الجديد، واقتناع بأن إقرار الدستور إنجاز وهناك قلق من التوترات الإرهابية والسياسية فى المنطقة.

• إلى أين وصلت قضية الصحفيين الأجانب المتهمين بتسريب المعلومات لوسائل إعلام أجنبية؟

ــ القضية انتقلت من النائب العام إلى قاضى التحقيق وسنحترم هذا الطريق وفى الوقت نفسه نقدر تماما بيان هيئة الاستعلامات الذى يؤكد احترام مصر للصحافة والمهنية.

• هل هناك وعود بمساعدات أو برامج تعاون محددة؟

ــ التقيت مجموعة من رجال الأعمال الإيطاليين وشعرت بأنهم يتفهمون تحديات المرحلة المقبلة واستعدادهم للتوسع فى استثماراتهم اذا توافرت مصادر الطاقة لأنها تمثل لكثير منهم مشكلة كبيرة. وبشأن المساعدات الحكومية فهى معلقة لأنها إما مرتبطة بالظروف السياسية وإما مرتبطة باتفاق مع صندوق النقد الدولى ومن ضمنها موارد تصل إلى ٥٠٠ مليون دولار لكن الجديد والإيجابى الآن أن هناك استعدادا أكثر لتفعيلها. هناك ايضا مشروعات إيطالية للتدريب المهنى ودعم برامج الغذاء فى المدارس من خلال الاتحاد الأوروبى.

• لنفترض أن هناك مقياسا افتراضيا من عشر نقاط.. فإلى أى درجة وصلت العلاقات المصرية الأوروبية الآن؟

ــ لو افترضنا أنهم ابتعدوا عنا بمقدار عشر درجات بعد فض اعتصام رابعة فإننا على الدرجة الرابعة الآن أى أن النتيجة وصلت إلى ستين فى المائة وكلما أوشكنا على الوصول إلى الكمال كان الأمر أصعب وأبطأ.

• هل هناك تعهد بأى إفراج عن محتجزين أجانب أو تسويات قضائية؟

ــ لا تفاوض إطلاقا تم على حالات قضائية وما التزمنا به هو الأمر الواقع.. القضاء مستقل وعادل، وقاضى التحقيق مهمته أن يخبرنا هل هناك أدلة كافية أم لا. وقلت للأوروبيين إن القانون سوف يسرى بالعدل دون إجحاف بأحد. ولم يطلب منى شىء ولم أستطع أن أعد بالتدخل فى شئون القضاء. وبالطبع شعرت فى هولندا بمدى الاهتمام بقضية الصحفية الهولندية، حيث قالوا لى إنها تحب مصر جدا.

• هل هناك وعود اقتصادية جديدة؟

ــ لا توجد وعود محددة، لكن هناك استئنافا لحديث عن اتفاقيات وتعهدات سابقة، وهم لايزالون منفتحين على علاقات واسعة ليس فقط اقتصاديا بل حتى فى المجال الأمنى والدفاعى كما حدث فى إيطاليا.

• هل تشعرون بأن علاقتنا معهم بدأت تتحسن؟

ــ نعم هناك حلحلة، وبعضها بدأ قبل إنجاز الدستور. تعليماتهم بوقف قدوم السائحين انتهت بل بدأت بعض الدول الأوروبية فى استئناف تصدير الأسلحة الخفيفة المتعلقة بمواجهة الشغب الداخلى التى كان قد تم وقفها بعد فض اعتصام رابعة.

قرار الاتحاد الأوروبى وقتها كان مرنا وترك التطبيق لكل دولة على حدة ولذلك هم الآن فى مرحلة متابعة ومراجعة. بعض الدول رأت أن هناك حراكا سياسيا يتم فى مصر، والبعض الآخر لايزال متمسكا بموقفه، والتوجه العام عندهم أن إقرار الدستور كان فى الاتجاه السليم.

• إذن أين تكمن المشكلة بالضبط معهم؟

ــ هناك بعض الدول تعبر عن قلقها مما تعتبره مخالفات بشأن حقوق الإنسان وكذلك مواجهة المتظاهرين وأيضا التعامل مع الصحفيين، ومن جانبنا شرحنا لهم حقيقة الموقف وقلنا لهم إن التظاهر السلمى لايزال مكفولا، وإن الاستقطاب الموجود ليس بين فصيل سياسى معين والحكومة بل بين هذا الفصيل والمواطن المصرى.

• كيف تفسر التردد الأوروبى تجاه مصر؟.

ــ الموقف الأوروبى الراهن مرتبط بتطورات الأحداث على الأرض ولم يعد مرتبطا بصورة كاملة بخريطة الطريق. هم تقبلوا خريطة الطريق لكنهم قلقون من تزايد العنف.

• هل تصلكم حتى الآن رسائل من الغرب بضرورة إشراك الإخوان فى العملية السياسية؟

ــ نعم الغرب يريد إشراك الإخوان وقلنا ونقول إن الإخوان كان لهم طوال الفترة الماضية حق المشاركة السياسية لكنهم هم الذين رفضوا المشاركة، ووضعوا أنفسهم فى مواجهة المجتمع بأكمله. وإذا لم يكونوا وراء التفجيرات الأخيرة فعلا فعليهم إثبات ذلك عمليا والقيام بإجراءات حقيقية على الأرض عبر وقف التحريص والعنف وقطع الطرق. هذا هو النقاش الذى يدور مع الأوروبيين فى هذا الصدد وننقل لهم ايضا ما قاله وكرره رئيس الجمهورية عدلى منصور بأنه صار لدينا وثيقة قومية هى الدستور لا تقصى أحدا سواء كان مواطنا أو تيارا مادام ملتزما بالقانون والدستور.

• الزائرون الأوروبيون هل ما زالوا يطلبون مقابلة الإخوان أو ممثلى التحالف المناصر لهم؟

ــ كما هو معروف كانت كاثرين أشتون والأفارقة والأمريكيون يطلبون ذلك وقابلوا مرسى وقادة الإخوان باعتبار أن هناك طرفين فى المعادلة السياسية. الآن بات واضحا وجود طرف إرهابى على يده دم، كما يوجد تيار اسلامى آخر غير الإخوان يشارك فى العملية السياسية مثل حزب النور. باختصار الوضع مع الأوروبيين اختلف لكنه لم يكتمل.

• إذن هل توقفت كل الاتصالات الخارجية مع الإخوان؟

ــ صعب أن أقول ذلك لأننى لا أتابع اتصالات كل المبعوثين الأجانب لمصر لكن هناك عددا من الصحفيين والإعلاميين الأجانب يسعون طوال الوقت لمقابلة قيادات الإخوان أو بعض المتهمين فى جرائم معينة. لكن علينا ملاحظة أن أشتون لم تلتق قيادات الإخوان فى آخر زيارتين لها إلى مصر.

• هل لايزال الأوروبيون يطلبون من الحكومة إشراك الإخوان فى العملية السياسية؟

ــ نعم هناك البعض لايزال يفعل ذلك وينقله الينا. هذا التوجه يقول بأن فتح الباب لكل التيارات السياسية يحد من احتمالات التطرف. ونرد على هؤلاء بأننا لم نغلق الباب أمام أى توجه سياسى سلمى يلتزم بالقانون مثلما أكد الرئيس عدلى منصور أكثر من مرة. وقلنا لهم أيضا أن المشاركة لابد أن يكون لها ضوابط تطبق على الجميع.

ما يثير الخارج الآن هو ما يحدث فى الشارع المصرى. وصارت هناك إدانة اكثر قوة للأعمال الارهابية عما كان فى الماضى من تحفظ وهو تحول مهم ونراه إيجابيا.

• وما هو مدى تقبل الغرب لهذه الردود المصرية؟

ــ ما نقوم به أولا هو شرح السياق السياسى الذى تشهده مصر ويحكم قراراتها. قلنا لهم أيضا إننا لم نكن نتربص بالإخوان وإن قرار الحكومة بإعلان الجماعة إرهابية جاء بعد خمسة أشهر من بدء خريطة الطريق ولم يكن خطوة تلقائية.

وثانيا نعطى للأوروبيين وغيرهم أمثلة من واقع تاريخ بلدانهم وأنهم مروا بظروف استثنائية ووضعوا خلالها قيودا على نشاط بعض الأحزاب. فهل يجوز أن نصفكم بأنكم لم تكونوا ديمقراطيين وقتها. وثالثا نؤكد دائما لهم أن القرار فى النهاية مصرى خالص.

• وما هو تقديرك للموقف الراهن؟.

ــ إذا نظرنا للسنوات الثلاث الماضية فسوف نكتشف وجود حالة تفاؤل مفرطة، ثم بدأت مرحلة إحباط واستقطاب فى نهاية عهد محمد مرسى. ثورة ٣٠ يونيو كانت استثنائية وفيها استجابت القوات المسلحة لرغبة الشعب مثلما فعلت فى ٢٥ يناير. ما فعله الجيش كان وضعا استثنائيا. هذا الأمر أثار تساؤلات البعض فى الخارج وقالوا لنا: لماذا لم تستكملوا ثورة ٢٠١١ ولماذا لم تتركوا محمد مرسى يكمل فترته الانتخابية؟

قلنا لهم إن الإخوان كانوا يحاولون تغيير هوية مصر بأكملها. البعض تشكك فى ذلك لكن فى النهاية معظمهم اقتنع بوجهة نظرنا، خصوصا بشأن جدل «هل هى ثورة أم انقلاب؟». ثم بدأنا نتحرك فى خارطة الطريق ووصلت معظم العواصم الغربية إلى قناعة مفادها أن المصريين عازمون على المضى قدما فيها. الصورة بدأت تتغير للأحسن وقوبل إقرار الدستور بتأييد غالبية الدول وإن كان البعض تحفظ على ارتفاع حجم التأييد للدستور وهؤلاء سألوا: أين الرأى الآخر؟

• مرة ثانية.. كيف كان رد الفعل الغربى على التطورات الأخيرة؟

ــ يزيد تفاعل الغرب عندما يخف التوتر فى الشارع. أما فى حالة تجدد المواجهات فإننا نحتاج إلى مزيد من الشرح، لكن الجديد أنه صارت هناك قناعة متزايدة لدى الغرب بأنه ليس كل التظاهر سلميا، وأن بعض التيارات الإسلامية ــ خصوصا الإخوان ــ تحاول استغلال الشباب.

هذه القناعة تعززت مع ظهور أعمال إرهابية نوعية مثل اغتيال اللواءين محمد مبروك ومحمد السعيد وقبلهما محاولة اغتيال وزير الداخلية اللواء محمد إبراهيم.

هم فى الغرب صاروا يدركون أن مصر تتعرص لأعمال إرهابية واسعة. كان بعضهم فى السابق يعتقد أن بعض الممارسات الرسمية هى التى تزيد العنف،الآن تغير كل ذلك. ثم إننا قلنا لهم أيضا إن هناك العديد من القوانين سوف تتغير لكى تصبح متوافقة مع الدستور الجديد.

• هل معنى ذلك أن لجوء الإخوان إلى العنف كان مفيدا لهم لأنه يظهرهم كضحايا ويجلب تعاطف الغرب معهم؟

ــ استغلال الإخوان للعنف كان مفيدا فى البداية، الآن تغير الوضع ولم يعد ذلك مقنعا بل كما قلت سابقا فإن غالبية المجتمع الدولى صار أكثر يقينا بأن ما نشهده هو إرهاب وليس تظاهرا سلميا.

• هل هناك نتائج إيجابية قريبا؟

ــ تلقينا معلومات وردودا محددة إيجابية من دول كثيرة وفى هذا الصدد يمكن مراجعة تصريحات الدول الغربية وحديثها الصريح عن تأييدها لخريطة الطريق.

• قلتم إن نتائج زيارتكم لإيطاليا فاقت ما كنتم تتوقعونه هل هناك تفاصيل؟.

ــ الموقف الإيطالى يعكس ما وصل إليه التفكير الأوروبى من احترام الأمر الواقع ومن احترام خريطة الطريق مع التمسك باحترام حقوق الإنسان والحريات المدنية.

هذا ما سمعته من الايطاليين خلال مباحثاتى معهم وهو ما سمعته من كاثرين أشتون فى دافوس مؤخرا. وليس فى كل ما قيل ما يتنافى مع ما نستهدفه فى مصر، ودليل ذلك ــ على سبيل المثال ــ دعوة الرئيس منصور للحوار مع الشباب. وهناك ايضا اهمية متزايدة لمواجهة التطرف والإرهاب فى المشرق العربى وشمال إفريقيا وتداعياته على الامن الأوروبى. هناك أيضا اهتمام بالغ فى إيطاليا وألمانيا بتفعيل المنظومة الاقتصادية المصرية لخلق موارد وفرص عمل جديدة لمواجهة تحديات المرحلة المقبلة.

• كيف تنظر إلى المرحلة المقبلة من زاوية علاقتنا بالخارج؟

ــ أنا مقتنع بأننا سننجح بتطبيق خريطة الطريق وكل خطوة سنخطوها للأمام سوف تسهل لنا جهودنا فى الخارج وفى كل الأحوال سوف نجد من يحاول تعكير صفو السير.

• هل الأداء الأمنى على الأرض يؤثر أحيانا على مناقشاتكم فى الخارج؟.

ــ لا أريد الدخول فى تفاصيل أداء وزارات أخرى، لكن علينا إدراك أن المجتمع الدولى صار يعيش فى شفافية كاملة وما يدور فى أى مكان ينتشر بسرعة دوليا، وكلما سارت الامور بهدوء كانت صورتنا أفضل. أما إذا كانت هناك مواجهة فإن ذلك يصعب وضعنا الخارجى، كما أنه يسهل إقناع العالم بمنطقنا عندما تكون المواجهة مع الإرهابيين أو الخارجين على القانون، فى حين أنه ينبغى وجود حالة من ضبط النفس والمهنية الكاملة عندما يتم التعامل مع التظاهر السلمى أو مع الطلاب. مطلوب منا ان ننشر بسرعة كل المعلومات أولا بأول عن الأحداث لنضمن توصيلها بشكل سليم بدلا من الرد على أكاذيب الغير.

وتقديرى أنه فى حالة وجود أخطاء أو تجاوزات فيجب أن نحقق فيها بسرعة بما يعكس الجدية فى عدم تكرار الأخطاء ما أمكننا ذلك.

• متى سيتوقف الأوروبيون عن نقد الحكومة المصرية؟

ــ الأوروبيون رحبوا من البداية بخريطة الطريق لكنهم انتقدوا أكثر من مرة آليات تنفيذها، ويريدون ممارسة أفضل، وكان الأمر يتطلب منا أن نقدم مزيدا من الشرح لهذه الخريطة ومثال ذلك أن الأوروبيين لم يعترضوا على نتيجة الدستور والأغلبية الكاسحة التى صوتت بالموافقة بل كان تساؤل بعضهم أن النتيجة لا تعكس الرأى الآخر المعارض. وأتصور أن هذا الموقف الأوروبى المتردد نوعا ما سوف يستمر حتى تنتهى استحقاقات خريطة الطريق.

أستطيع أن أتفهم الموقف الأوروبى حتى لو لم أقبله لكن أرجو من يريد منهم المتابعة أن يفعل، لكن عليه تقدير التحديات التى تواجهنا خصوصا التطرف والإرهاب أو أن ينقلوا لنا أى نصائح أو دعم لكن يتركوا التقييم الأخير للمواطن المصرى. فتلك هى قواعد الديمقراطية.

• هل توقعتم أن يستمر موقف الاتحاد الإفريقى متصلبا بشأن استمرار تعليق عضوية مصر؟

ــ قرار التجميد من البداية كان خاطئا ومبنيا على فرضية أساسها أنه تم تغيير رئيس منتخب بغير طريق الصندوق ولا يريدون تصديق أن التغيير كان شعبيا. وكلما تأخر اتخاذ قرار بتعديل الوضع شعرت بأن هناك غبنا فى تعامل الاتحاد الإفريقى معنا. وبعد إقرار الدستور كانت هناك فرصة للاتحاد أن يصحح خطأه خصوصا أن مبرر تعليق العضوية استند إلى وجود خلل دستورى. ونتيجة لمواقف بعض الدول الإفريقية فلم نتوقع أن يتم اتخاذ القرار سريعا رغم الجهد المبذول من جهات كثيرة خصوصا رئيس الجمهوررية. وتزامن إقرار الدستور مع اجتماع القمة الإفريقية جعل من الصعب اتخاذ قرار وقف تعليق العضوية.

• هل تعهد الأفارقة مثلا بأنه بعد انتخاب الرئيس أو مجلس النواب سيتم وقف تجميد العضوية؟.

ــ لم يحدث ذلك ولم يذكر أى طرف معادلة أو معيارا معينا. لكن من المهم أن الجميع تحدثوا بإيجابية عن مصر.. ومعظم اتصالاتى أنا شخصيا تكاد تكون موجهة لإفريقيا.

علينا أن نفهم أن توقيت اتخاذ القرار تدخل فيه حسابات إفريقية مفهومة، وبعض المواقف السياسية التى حاولت انتهاز فرص ما جرى فى الساحة المصرية لمصلحتها الخاصة.

• هل هناك من جديد بشأن إثيوبيا؟

ــ قضية المياه قضية وجود بالنسبة لنا لأن 85٪ من مياهنا تأتى من إفريقيا، ولن نتهاون فيها. نحن نتفهم احتياجات إثيوبيا للتنمية ومستعدون لاحترام ودعم ذلك وكذلك ما تحتاجه السودان من استقرار فى معدلات المياه، لكن كل ما هو مطلوب ترتيبات وتوافقات لتأمين احتياجاتنا المائية. وهذا يعنى استكمال الدراسات الفنية بشأن حجم سد النهضة ومستوى أمانه ومعدلات البناء، وملء الحوض، والأهم ضمانات عدم المساس بحق أى طرف.

• أين تكمن المشكلة بالضبط؟

ــ المشكلة هى أنه بقدر ما هناك تقدير متبادل لأهمية الطرف الآخر، فإن هناك خلفية من الشكوك لم نتخطاها، حتى الآن، تؤدى إلى عدم التقدير الكافى لأهمية المياه لمصر، وكذلك شك إثيوبيا فى جديتنا لدعم احتياجاتها من التنمية.

• ما هى الاحتمالات المتوقعة؟

ــ ممكن بالطبع أن تصل إلى أقصى مجال للتعاون أو تصل إلى مستوى من الاحتقان الشديد والخطير، هذه ليست مسألة بدائل، بل مسألة وجود، وسنبذل جهودا ثنائية وثلاثية. هذا هو المسار المباشر، لكن سنحمى حقوقنا بمختلف الوسائل المتاحة إقليميا ودوليا ووزير الرى المصرى سوف يزور إثيوبيا هذه الأيام، وأنا أرسلت رسائل متعددة لوزير الخارجية الإثيوبى لزيارة مصر، وسنظل على اتصال بطبيعة الحال مع السودان.

• هل صحيح أن هناك توترا مكتوما مع السودان؟

ــ مصر والسودان يعتقدان جيدا أنهما بحاجة لبعضهما البعض، ومن الطبيعى أن التطورات السياسية الداخلية تؤثر أحيانا فى التوجهات. هذا يضع نوعا من السحابة على الحوار، لكن هناك انفتاحا مع كل سحابة، وقد ذهبت إلى السودان فى أول محطة خارجية لى، لأنه باب الأمن القومى لمصر. والشخصية السودانية التى تتميز بعزة النفس قدرت هذه اللفتة، وتم استقبالى جيدا.

• بوضوح هل كان هناك نوع من الود بين الإخوان وحكومة البشير؟

ــ إلى حد ما كان هناك ذلك لكنهم يعرفون أن العلاقات السياسية لا تدار بهذه الطريقة فقط.

• هل تحدثتم مع الخرطوم بشأن الهاربين المصريين عبر البوابة السودانية؟

ــ نعم حدث ذلك بالفعل والأجهزة الأمنية تثير هذا الأمر دائما وتتابعه.

 

الموجز

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى