الأخبار

تفاصيل صفقات الإخوان للمصالحة مع رجال أعمال الوطنى المنحل

23

كتبت – منى ضياء تصوير – صلاح سعيد

أمل عبدالوهاب الباحث القانونى بوزارة المالية، عمل مع الجماعة بوزارة المالية فى العديد من الملفات «الرسمية وغير الرسمية»، وكان صاحب فكرة المصالحة مع رجال الأعمال بنظام الرئيس الأسبق حسنى مبارك، بهدف تشجيع الاستثمار، وهى الفكرة التى انقلبت لمساومات بين رجلى الجماعة حسن مالك و خيرت الشاطر، وهو يقول لـ«اليوم السابع»: إن البداية كانت بمقترح شخصى منه لعمل مصالحات مع رجال الأعمال من قيادات الحزب الوطنى المنحل، خاصة ممن لديهم صناعات ضخمة وعمالة كبيرة لتشجيع الاستثمار، وهو المقترح الذى تقدم به لمصطفى نصر، مستشار رئيس الجمهورية المعزول محمد مرسى – وكان يمارس عمله من مقر وزارة المالية بصورة يومية وغير رسمية – على الرغم من أن هذا الملف لا يتعلق بعمل وزارة المالية وإنما بوزارة الاستثمار.

ويتابع: إن أول المستهدفين كان رجل الأعمال محمد أبو العينين، باعتباره مالك صرح عملاق يعمل به أكثر من 30 ألف عامل، وتسريح هذه العمالة كان سيمثل كارثة كبرى، مشيرا إلى أنه تم تحديد موعد للقاء نصر مع أبوالعينين، وهو اللقاء الذى تم بعد حوالى شهرين من الموقف الذى تعرض له رجل الأعمال، عندما قام عدد من عمال مصنعه بالعين السخنة بحبسه فى مكتبه، اعتراضا على فصل اثنين من العاملين، والمطالبة بزيادة أجورهم، «وهى المطالب التى ضغط أيضا أعضاء البرلمان المنحل من قيادات الجماعة لتنفيذها»، لافتا إلى أن قيادى الإخوان حسن مالك رفض التدخل فى هذه الأزمة، باعتبار أن أبوالعينين لا ينتمى لجماعة الإخوان، ويقول عبدالوهاب: «أبوالعينين لم يعترض على اللقاء مع الإخوان، ولكنه اشترط ألا يكون ذلك اللقاء بهدف مساومته على شركته أو ابتزازه بدفع أموال».

ويتابع عبدالوهاب: بالفعل تم هذا اللقاء بفندق سيتى ستارز، وحضره كل من أبو العينين ومصطفى نصر وأنا، وقدم أبوالعينين خلال اللقاء ملفا كاملا بجميع الأراضى التى حصل عليها من الدولة وماذا فعل بها، وأوضح أيضا المعوقات التى تواجهه فى ذلك التوقيت، وهى منعه من السفر والتحفظ على أمواله بقرار من النائب العام، مبديا تعجبه من القرار، لأنه لم يستدع للتحقيق حتى توقيت صدور القرار، فى الوقت الذى تعتمد أعمال شركته على التصدير، مشيرا إلى أن القرار تسبب فى وقف هذه الأعمال.

واستطرد عبدالوهاب قائلا: إن أبوالعينين تحدث عن موضوع أرض السخنة، وبرر أحقيته فى تملكها، مشيرا إلى أنه عقد اتفاقات مع رجلى الأعمال نجيب ساويرس وهشام طلعت لعمل مشروعات ضخمة بالمنطقة تستوعب تشغيل 30 ألف عامل، وذلك مقابل تملكه الأرض وإلغاء قرار منعه من السفر.
وأوضح عبدالوهاب أن مصطفى نصر عرض على الرئيس المعزول محمد مرسى نتائج اللقاء، واقتراح أبوالعينين بتنظيم وتحمل تكاليف مؤتمر اقتصادى دولى وحشد جميع السفراء ورجال الأعمال الدوليين والوزراء الاقتصاديين السابقين، على أن يخرج المؤتمر بتوصيات كبداية لمصر الجديدة، ويقول عبدالوهاب:

هذا العرض السخى لم ينل إعجاب رجل الأعمال الإخوانى حسن مالك الذى تدخل رافضا تقديم أبوالعينين مرة أخرى للمجتمع، وطلب من مصطفى نصر إغلاق هذا الملف تماما وعدم التدخل فيه، لافتا إلى أنه فى الوقت الذى جرى فيه هذا التعنت كان هناك اهتمام كبير بإنهاء مشاكل وزير التجارة الأسبق، رشيد محمد رشيد، من قبل حسن مالك «وهو ما لم يعرف مبرره حتى الآن».

ويشير إلى أن المبادرة الثانية كانت خاصة برجل الأعمال المحبوس على ذمة قضية جنائية، هشام طلعت مصطفى، موضحا أنه طرح على مستشار الرئيس المعزول عمل مبادرة للإفراج الصحى عن هشام طلعت، مقابل تبرعه لخزانة الدولة بمبلغ 2 مليار جنيه، لسد عجز الموازنة العامة وإنعاش الاقتصاد القومى، مضيفا: اتصلت بأبوالعينين وسألته عن إمكانية قبول هشام طلعت مثل هذه المبادرة، وهو ما أجاب عنه بالتأكيد بل وعرض وساطته والتدخل لحل أى مشكلة مع رجال أعمال آخرين للخروج من الأزمة الاقتصادية، موضحا: «رئاسة الجمهورية رفضت من جانبها هذه المبادرة، وعرفت فيما بعد أن خيرت الشاطر زار هشام طلعت بالمستشفى، وعرض عليه التنازل عن نصف شركاته مقابل العفو عنه دون أن أعلم، ورفض هشام هذا العرض، وقال ممكن أدفع 2 مليار جنيه للخزانة العامة» مشيرا إلى أن هذه الواقعة جرت قبل ثورة يونيو بنحو الشهرين.

وفسر عبدالوهاب هذا التحول فى المبادرة من جانب الإخوان إلى أنهم لم تتم استفادتهم، عندما يدفع هشام للخزانة العامة أى أموال، مهما كان حجمها، ولكن الاستفادة تأتى من حصولهم على جزء من شركاته، مؤكدا أن الإخوان حاولوا استغلال سلطتهم فى السيطرة وشراء شركات رجال أعمال الحزب الوطنى المنحل ممن لهم مشاكل أمنية.

وعن أزمات رجال الأعمال مع قضايا التهرب الضريبى فى فترة حكم الإخوان، يؤكد عبدالوهاب أن ملفى شركة أوراسكوم للإنشاء ورجل الأعمال محمد الأمين، تمت إحالتهما لقطاع مكافحة التهرب الضريبى قبل قدوم مرسى رئيسا للجمهورية، ولكن حديث الرئيس المعزول عن هذه القضايا فى خطاباته الشهيرة عقد الموضوع، وتم اعتباره تصفية حسابات ، مشددا على أن الملف الأول لم يكن به تعنت، وأن الوزير الأسبق المرسى حجازى، كان خائفا بشدة من هذا الملف، بعكس خلفه فياض عبدالمنعم الذى كانت لديه الجرأة لإنهائه بالوصول لاتفاق نهائى بين الشركة ومصلحة الضرائب بدفع 7.1 مليار جنيه للخزانة العامة.

ويؤكد عبدالوهاب أنه لم تكن هناك مبادرات خاصة بالتصالح مع رجل الأعمال المحبوس على ذمة عدد من القضايا أحمد عز، فيما يكشف عن مفاجأة تتمثل فى أن مصطفى نصر مستشار رئيس الجمهورية كان يعمل محاسبا قانونيا لدى رجل الأعمال أحمد عز، وهو أيضا المحاسب الخاص لشركات كل من رجلى الأعمال الإخوانيين خيرت الشاطر وحسن مالك، والمحاسب الخاص لوزير التجارة الأسبق رشيد محمد رشيد، موضحا أنه لذلك كان نصر دائم التأكيد على أن الملف الضريبى لرجل الأعمال المحبوس أحمد عز «ليس به غلطة، وأنه فقط تم تسييس القضية»، وكان يقول: إنه لم يتحدث فى هذا الأمر رسميا «لاعتبارات سياسية».

ويشير إلى أن «المالية» دخلت فى مفاوضات مع رجل الأعمال أحمد الريان – قبيل وفاته – حيث إنه مدين للدولة بمبلغ 380 مليون جنيه، فى حين أن حجم العقارات المتحفظ عليها بجهاز تصفية الحراسات التابع للوزارة يزيد ثمنه على مليار جنيه، وبالتالى كان هناك سعى لعمل مقايضة بهذه المبالغ، ولكن وفاته أوقفت المفاوضات الجارية فى هذا الإطار.

قرب الباحث القانونى أمل عبدالوهاب من جماعة الإخوان إبان فترة حكمهم، أتاح له الاطلاع على تفاصيل عدد من ملفات الفساد بالوزارة، وهى الملفات التى تسببت فى إقصائه عن العمل بقطاع مكتب وزير المالية بعد ثورة 30 يونيو، على اعتبار أنه أحد أعضاء الجماعة – المصنفة إرهابية – وإلغاء ندبه وعودته للعمل بجهته الأصلية «مصلحة الضرائب العقارية»، وهو يؤكد أنه قدم للرقابة الإدارية العديد من الملفات ولم تتحرك فيها خطوة.

عبدالوهاب يشير إلى أنه اقترح على «المالية» إنشاء «لجنة للحفاظ على المال العام»، وأن هذه اللجنة تشكلت بالفعل برئاسة وليد شرابى، المستشار القانونى السابق للوزارة من جماعة الإخوان، ولكن تم استبعاده منها، رغم أنه صاحب المقترح، لكونه لا ينتمى لجماعة الإخوان.

وكشفت أعمال اللجنة وجود محاضر مزورة لعدد من مجالس إدارات الشركات، تؤكد أن الشركة رابحة، فى حين أنها فى الواقع تحقق خسائر سنوية، وذلك حتى يحصل العضو الممثل للمال العام على مكافآته السنوية والشهرية المعتادة دون أى تغيير.

وأكد عبدالوهاب أن المستشار الإخوانى وليد شرابى، لديه العديد من الملفات المهمة عن وقائع فساد كبرى بالدولة، قام بتهريبها من وزارة المالية وقت الثورة تدين قيادات بالدولة، مشيرا إلى أنه زار اعتصام رابعة أكثر من مرة فى محاولة للحصول على هذه المستندات من شرابى، إلا أنه رفض إعطاءه أيا منها.

اليوم السابع

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى