الأخبار

ظهور “أول تحرش جماعي” في مصر

143

 

في أكتوبر 2006 كان الشعب المصري على موعد مع انتهاء كلمة “معاكسات”، تعبيرًا عن إطلاق بعض الشباب كلمات غزل تجاه الفتيات أو كلمات أخرى بذيئة، إلى ما هو أكثر من ذلك ووصول الأمر إلى التلامس، فأضحت كلمة “تحرش” التي قيلت قبل ذلك على استحياء، أساسية في كل المناسبات والإجازات الرسمية حتى أصبحت اعتيادية طوال العام.

قبل هذا الموعد، كان للإجازات الرسمية والأعياد وقعها الخاص على الأسر المصرية والأصدقاء، باعتبارها وقت التجمع الرسمي وانتهاء الأعمال، ويتفنن الكثيرون في كيفية قضاء هذه العطلة قبل العودة لدوامة العمل أو الدراسة والمشاغل اليومية، ولكن بتزامن هذا التاريخ مع أول أيام عيد الفطر المبارك آنذاك، كانت أول واقعة “تحرش” في العيد تُسلط عليها الأضواء، وتفجر سيل التحليلات النفسية والاجتماعية، وطرق باب انفلات أخلاقي لم يُفتح هكذا من قبل.

المكان: شارع طلعت حرب في منطقة وسط البلد، الحدث: اتفقت الراقصة دينا مع أبطال فيلم “عليا الطرب بالتلاتة” أن تصنع دعاية للفيلم على طريقتها الخاصة، ورقصت أمام دار العرض، حيث عُرض الفيلم في إحدى الصالات السينمائية بالمول التجاري الكبير، بمصاحبة الأبطال سعد الصغير وريكو، فتجمع مئات الشباب حولها وهى ترقص بالشارع، وقال آخرون إنها كانت عند صالة العرض بالداخل، ولكن الـ”بودي جارد” التفوا حولها، وبعدها بدقائق حدث ما سُمي حينها بـ”الهياج الجنسي” أو “السعار الجنسي” حينما تحرش الكثير من الشباب بالفتيات بأسلوب كان الأول من نوعه في المجتمع المصري من خلال لمس أجسادهن.

وتلت الواقعة حوادث تحرش جنسي قامت بها أعداد كبيرة من الشباب في شوارع وسط القاهرة، مساء أول وثاني أيام عيد الفطر نفسه، ونشر مالك مصطفى، صاحب مدونة “مالكوم إكس”، أول تدوينة تحدثت عن التحرش بالنساء في وسط القاهرة، مصحوبة بالصور، وأطلقت بعض صحف المعارضة على هذه الواقعة “السعار الجنسي في منطقة وسط البلد”.

وأصدر مركز الجنوبي لحقوق الإنسان حينها، بيانًا منددًا بما حدث، وأكد أن المركز رصد انتهاكات للحق في الحرية والأمان الشخصي طوال أيام عيد الفطر في أماكن مختلفة من وسط القاهرة، “حيث تم التحرش وانتهاك أعراض العديد من الفتيات في مناطق مختلفة من عاصمة مصر المحروسة، وبالتحديد في منطقة وسط البلد أمام سينما مترو وشارع عدلي وميدان طلعت حرب وكورنيش النيل أمام ميدان عبدالمنعم رياض في ظل غياب أمني”.

ورصد مركز الجنوب “قيام مجموعات كبيرة من الشباب بالتحرش بالفتيات والنساء بالمخالفة للقانون في ظل تخاذل أمني، حيث توافرت معلومات لدى المركز بقيام مجموعات كبيرة من الشباب بتهديد وملاحقة والاعتداء على الفتيات خلال أول وثاني أيام عيد الفطر بصورة وحشية وصلت إلى تجريد بعضهن من الملابس تحت سمع ومرأى من أفراد الأمن المحدودة في المنطقة”.

وألقى مركز الجنوب لحقوق الإنسان باللوم بشكل كامل على مسؤولي وزارة الداخلية وعلى رأسها وزير الداخلية ومسؤولي أمن محافظة القاهرة في عدم قيامهم بواجبهم في الحفاظ على أمن المواطنين وحماية الفتيات والنساء من الانتهاك والتحرش، كما طالب بالتحقيق الفوري في أحداث الاعتداءات التي تمت في أيام العيد في منطقة من أهم مناطق العاصمة وهي وسط البلد، والعمل على عدم تكرار ظاهرة إفلات الجناة من العقاب.

وأعلنت حينها، لجنة الحريات بنقابة الصحفيين بالتعاون مع مجموعة من المدونات المصريات، وقفة نسائية متشحة بالسواد احتجاجًا على أحداث التحرش الجنسي في وسط المدينة.

وأذاعت قناة “أوربت” وقتها تقريرًا مصورًا مع شهود العيان من أصحاب المحال والعاملين وموظفي أمن العقارات في شارع طلعت حرب، الذين أكدوا تجمع الشباب والهجوم على الفتيات، وأن رقص الفنانة دينا أثَّر فيما حدث من ناحية تجمع الشباب، وأوضحوا أن هذه أول سنة تظهر هذه النسبة من التحرش، وأن الأعوام الماضية شهدت “معاكسات” لم تصل لهذا الحد، وساهم المدون وائل عباس في نشر ما يثبت ذلك

الوطن

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى