الأخبار

المالكي طالب بحماية وإعفائه من الملاحقات القانونية

1

حتى الساعة التاسعة من مساء أول من أمس لم يكن نوري المالكي، رئيس الحكومة العراقية السابق، قد كتب بيانا أو خطاب انسحابه من منصبه، مصرا على البقاء فيه لولاية ثالثة، لكن الأخبار كانت قد تسربت من معاونيه وبعض المقربين منه بأن نهاية شوط حكمه ستنتهي في الليلة نفسها (أول من أمس)، وبأنه سحب بالفعل شكواه للمحكمة الاتحادية بشرعية ترشحه وعدم دستورية تكليف حيدر العبادي من قبل رئيس الجمهورية فؤاد معصوم بتشكيل الحكومة، خاصة بعد أن وصلته رسائل شخصية من المحكمة الاتحادية تفيد بأنها غير مهتمة بهذه الشكوى من جهة، وأن الموضوع سياسي وليس قضائيا. ثم جاء السفر المفاجئ لرئيس المحكمة مدحت المحمود إلى خارج العراق، تلك السفرة التي قال عنها أحد النواب من التحالف الوطني بأنها كانت بتدبير أو نصيحة من السفارة الأميركية.
وفيما إذا كان المالكي قد طالب بضمانات قبيل انسحابه الذي أجبر عليه، فإن كل الدلائل تؤكد أنه طالب بضمانات كبيرة، وهذا ما أكده لـ«الشرق الأوسط» في عمان، مثال الألوسي النائب عن تيار التحالف المدني الديمقراطي، وهو تيار مستقل له ستة أعضاء في البرلمان العراقي، قائلا إن «المالكي طالب بضمانات لا يمكن قبولها من قبل أي جهة أو كتلة بما فيها التحالف الوطني»، مشيرا إلى أن «هذه الضمانات تعفيه من أي ملاحقات قانونية مستقبلية هو وعائلته والمقربين منه، وتمنحه امتيازات مادية وعسكرية».
ولدى سؤال الألوسي عما إذا كانت هناك ملاحقات قانونية ستجري بحق المالكي أم لا؟ أجاب قائلا: «بالتأكيد، سيتحمل المالكي وباعتباره كان المسؤول التنفيذي الأول في العراق، ومثلما كان يؤكد باستمرار، ما جرى من عمليات قتل وتهجير وقصف المدن ودخول داعش وضياع مليارات الدولارات التي تصرف بها من دون أي تفسير قانوني»، مشيرا إلى أن «هناك الآن ثلاث دعاوى في محكمة العدل ضد المالكي تتعلق بجرائم إبادة ضد الإنسانية، إضافة إلى الدعاوى التي سنرفعها ضده أمام القضاء العراقي». وأضاف النائب عن التيار المدني الديمقراطي، قائلا إن «المالكي مزق وحدة البلد وهمش الجميع وتصرف بصورة فردية، وهو أول من خرق الدستور الذي يتحدث عنه وتشبث به من أجل البقاء لولاية ثالثة»، منبها إلى أن «نهاية حقبة المالكي تعني اختتام فترة الانهيار والعبث وبداية فترة جديدة من الأمل خاصة للشباب العراقي الذي كاد يفقد فرصته في العمل والطموح، هذا فيما يتعلق بالوضع الداخلي، أما ما يتعلق بالسياسة الخارجية فهناك تأييد دولي وإقليمي للعراق اليوم، وهذا التأييد يعني عودة العراق إلى الساحة الدولية بعد أن ضاع البلد بسبب تخبط السياسات الخارجية التي كان ينتهجها رئيس الحكومة السابق».
وبدا الألوسي متفائلا برحيل المالكي؛ «فهذا يعني بداية جديدة، ويعني أن التحالف الوطني الذي اتخذ قرارا جريئا وعى مسؤوليته تجاه العراق، وأن هناك آلية عمل جديدة ستجري في الحكومة ومجلس النواب، كما أن الأكراد والسنة يشعرون اليوم بأن هناك بارقة أمل جديدة في مشاركتهم وبقوة في القرار السياسي والأمني».
وفي العودة إلى تفاصيل الضمانات التي كان المالكي قد طلبها قبيل انسحابه من السلطة، قال نائب عن التحالف الوطني، فضل عدم نشر اسمه، لـ«الشرق الأوسط»، إن «أعضاء في التحالف كانوا قد عرضوا على المالكي بعض الضمانات قبل أسبوعين، وفي أغلبها ضمانات تكفل أمنه وأمن عائلته، إضافة إلى ضمانات مادية دون التطرق إلى ضمانات تحميه من الملاحقات القانونية كونها مسألة لا تتعلق بالتحالف الوطني، فنحن لا نستطيع أن نجبر الكتل الأخرى على منحه مثل هذه الضمانات»، مشيرا إلى أن «المالكي، ومن معه، رفضوا هذه الضمانات، بل إن فريقه المقرب سخر منها وعدها إهانة له ولائتلاف دولة القانون صاحب الحق الدستوري بتشكيل الحكومة وحصريا من قبل المالكي».
وقال: «لو كانوا قد قبلوا بهذه الضمانات كانت ستجد قبولا إقليميا ودوليا، لكنه (المالكي) ضيع عليه هذه الفرصة».
وأضاف أن «المالكي كان الوحيد الذي لم يفهم رسائل المرجعية التي جاءت من قبل آية الله علي السيستاني، وكانت رسالة السيستاني قوية وهي أحد أهم عوامل إجباره على الانسحاب، ومن قبل بقية الكتل وكذلك الإصرار الإقليمي والدولي على عدم مقبولية بقائه في السلطة للمرة الثالثة، بل على العكس من ذلك كان متيقنا من أنه باق وليس هناك من حل آخر، بل تحدى كل هذه الجهات وخاصة المرجعية عندما دعاها إلى عدم التدخل في الشأن السياسي».
وفيما إذا كان هناك تدخل مؤثر من قبل الإدارة الأميركية في موضوع تنحي المالكي وانسحابه، قال عضو التحالف الوطني: «نعم وبالتأكيد، كان هناك تدخل مباشر في هذا الموضوع، وقد تم إبلاغ المالكي علنا وسرا بضرورة انسحابه وإلا فإنه سيجري عزله سواء شاء أم أبى»، مشيرا إلى أن «إجراءات أمنية طبقتها السفارة الأميركية في المنطقة الخضراء لحفظ الأوضاع هناك وحماية بعض المسؤولين والقادة السياسيين داخل المنطقة الخضراء وفي بغداد بعدما كان نجله أحمد المالكي قد ألغى بطاقات دخول بعض المسؤولين إلى المنطقة الخضراء بحجة أنها مزورة، وكان في مقدمة اهتمام السفارة الأميركية حياة الرئيس العراقي فؤاد معصوم وأمنه، وقد تم توفير وضع آمن له للوصول إلى المنطقة الخضراء يوم تكليف حيدر العبادي بتشكيل الحكومة».
الضمانات التي طالب بها المالكي قبيل انسحابه من الترشيح لرئاسة الحكومة، وحسب النائب عن التحالف الوطني، كانت تتضمن «عدم الملاحقة القانونية للمالكي وأفراد عائلته وكل من عمل معه، إضافة إلى تخصيص قوة مكونة من 2500 عسكري، أي ما يعادل تشكيل لواء في الجيش العراقي ومن أفراد الأجهزة الأمنية يوضعون تحت تصرفه وهو من يختارهم ومن دون أن يقدم قوائم بأسمائهم للحكومة الجديدة، وضمان بقائه في قصره وامتيازاته لأربع سنوات أخرى، وأن توضع تحت تصرفه ميزانية ضخمة»، مشيرا إلى أن «أي جهة لن توافق على مثل هذه الطلبات وهي بمثابة تشكيل دولة سرية داخل الدولة العراقية».
ونبه النائب عن التحالف الوطني إلى «الموقف الشجاع والقوي للسيدين مقتدى الصدر، زعيم التيار الصدري، وعمار الحكيم، زعيم المجلس الأعلى الإسلامي، بالوقوف بشدة ضد مبدأ الولاية الثالثة للمالكي وقيادة قرار التحالف الوطني بهذا الاتجاه، إضافة طبعا إلى موقف القيادة الكردية المتمثل بالسيد مسعود بارزاني، ورئيس إقليم كردستان العراق، وموقف الكتل السنية وائتلاف الوطنية بزعامة الدكتور إياد علاوي»، مشيرا إلى «أننا اليوم ننظر إلى المستقبل ونعد حقبة المالكي في الماضي وعلينا تحقيق الإنجازات لبلدنا ولأبناء شعبنا».

 

الشرق الاوسط

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى