الأخبار

«كان نفسنا نكبر ونعمرها»

64

 

 

بين الأثاث والفراش المتجمع والمتراكم على الأرض داخل المنازل تتناثر كتب وحقائب مدرسية لأطفال صغار هنا وهناك، فداخل كل منزل فى رفح أطفال فى مراحل التعليم المختلفة، لدى كل طفل منهم حلم يعيش لأجله، وحياة يتمنى أن يحقق أحلامه فيها.

على ركام أحد المنازل المهدمة يجلس الطفل الصغير مبتسماً تارة، وأخرى مستغرباً، لم يعد لديه مدرسة يذهب إليها ولا حلم يتعلق به، يشرد بحاله، ناظراً إلى ما يجرى من حوله، ففى ذلك التوقيت كان يوجد داخل فصله بالمدرسة يتلقى دروسه، متطلعاً إلى مستقبل يحلم به، لكن الحلم هدمه الواقع الأليم الذى أصبح يعيش فيه.

يقول أحمد على، الطفل الصغير الذى يبلغ من العمر 9 أعوام، إنه يدرس بالمرحلة الابتدائية، لكنه منذ عدة أيام لم يعد يذهب إلى المدرسة التى تم إغلاقها، حينما تم الإعلان عن بدء تنفيذ قرار بإخلاء الأهالى لمنازلهم.

يروى «أحمد» أنه كان يتمنى أن يصبح مهندساً، فهو لديه حلم أن يعمر الأرض التى تكسوها الرمال، متمنياً أن تصبح أرضاً خضراء، كما تعلم فى مدرسته، وأن بلاده تصبح فى مكانة أفضل مما هى عليه الآن: «أنا نفسى أبقى مهندس وأزرع أرضنا».

أما أسماء محمد، ذات الثلاثة عشر عاماً، التى تدرس فى الصف الثانى الإعدادى، فتقول إن مدير المدرسة التى تدرس فيها قال لهم منذ يومين: «مفيش حد ييجى المدرسة خلاص هتتقفل»، مشيرة إلى أن المدير نفسه سوف يتم هدم بيته، فترك المكان، وقام بإخلاء بيته ورحل عن المدينة.

تضيف «أسماء»، التى تحلم بأن تصبح طبيبة فى يوم من الأيام، أنها لا تعلم إلى أين تذهب هى وأسرتها، فجميع حياتهم توقفت، التعليم التى كانت تأمل من خلاله أن يكون لها مستقبل ليس لديها أمل فيه، فالمعيشة بعيداً عن أرضها التى تربت عليها جعلتها خائفة من مستقبل غير معلوم حاله، قائلة: «أنا كان نفسى أبقى دكتورة، لكن للأسف مبقاش فيه أحلام فى رفح».

فيما تروى عايشة نبيل، التى تدرس فى الصف الثالث الإعدادى، أنها لم تعد تذهب إلى المدرسة، فكل يوم نسمع أصوات انفجار جديد لأحد المنازل، ومنازلهم من الداخل لم تعد بصورتها التى كانت عليها، حتى الدروس التى كانت تذهب إليها توقفت نتيجة حظر التجوال الذى يبدأ فى الخامسة مساءً.

تقول «عايشة» إنها أصبحت خائفة من الخروج، حتى والدها لم يعد يذهب إلى المحل الذى يتاجر فيه، بينما هى وإخوتها وأصحابها يجلسون فى منازلهم بعدما كان يملأ الأمل طموحاتهم وآمالهم فى أن يكون لهم مستقبل، فالمدرسة التى يمكن أن نذهب إليها تبعد كثيراً عن البيت، وهو ما يخاف منه والدى.

الوطن

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى