الأخبار

أول طفل عربى من 3 آباء

ترى ما رأى الدين عندما تحرم الأم والأب من الإنجاب لخلل فى جينات الأم ويلجأ الوالدان إلى التلقيح عبر جينات أم متبرعة ؟

هذا الموضوع كان مثار جدل كبير بعد أن قام أبوان أردنيان مهاجران إلى المكسيك باللجوء إلى التلقيح الصناعى بواسطة جينات أم متبرعة وليس بواسطة بويضاتها، كما أنها لم تحمل الجنين وبالتالى يصير حال الأم المستفيدة أشبه بمن تلقى تبرعا بالدم، وبالفعل أسفرالتلقيح عن ولادة أول طفل عربى من ثلاثة آباء .

كشفت مجلة، «newscientist»، عن أول طفل مولود من 3 فصائل DNAمختلفة أى من 3 أشخاص مختلفين، «أبوين ومتبرعة»، وهو ما وصفه ديسكو إيلك، عالم الأجنة بجامعة كينجز كوليدج فى لندن بالعمل الثورى.

تعود القصة إلى زوجين أردنيين، حاولا إنجاب أطفال على مدار 20 عامًا، وبعد هذه المدة الطويلة حملت الزوجة بالفعل، لكنها تعرضت للإجهاض 4 مرات، إلى أن أنجبت طفلتها الأولى التى فارقت الحياة بعد 6 سنوات من ميلادها لإصابتها بمتلازمة «لى»، وهى المتلازمة التى تؤثر فى الدماغ والعضلات وأعصاب الأطفال.

تناسى الزوجان حزنهما مع ولادة طفلهما الثانى، قبل أن تصيبهما صدمة شديدة بموته بعد 8 أشهر، ما جعلهما يبحثان فى طبيعة الجينات الخاصة بهما، وعندها اكتشف الأطباء أن الأم مصابة بطفرة جينية فى «المتيوكوندريا»، تنقل المرض لأطفالها قبل ولادتهم.

هنا فكّر الأطباء فى إدخال تعديلات على الميتوكوندريا، من خلال إخراج الجين المسئول عن المرض، وحقن الميتوكوندريا بجين جديد سليم مأخوذ من أم أخرى، ومن ثم إعادة البويضة للأم مرة أخرى، لتلد طفلها سليمًا معافىً من دون أمراض، وهو ما تم بالفعل فى 6 أبريل عام 2016، إذ استقبل العالم أول طفل بهذه الطريقة من دون أى علامة من علامات المرض المحتمل.

هذه التقنية المثيرة للجدل، التى تسمح للآباء بالحصول على أبناء أصحاء، أصبحت قانونية تمامًا فى المملكة المتحدة، وأمريكا، وما زالت مثيرة للجدل بالمكسيك، وعدد من الدول الأخرى.

تقنية جديدة

ويقول عالم الأجنة ديسكو إيلك، إن والدة الصبى حملت جينات المتلازمة لى، وهو اضطراب مميت يصيب الجهاز العصبى، وجينات المرض تكمن فى الحمض النووى وتحديدًا فى الميتوكوندريا، والمسؤولة عن توفر الطاقة للخلايا، والتى تحمل 37 جينًا آخر تنقلهم الأم للطفل، وغالبًا ما تكون منفصلة عن الحمض النووى الذى يقع فى نواة كل خلية.

وسعى الوالدان مع الطبيب الأمريكى من أصل صينى جون تشانج وفريقه فى مركز «أمل جديد للخصوبة فى مدينة نيويورك»، إلى التخلص من ربع الميتوكوندريا المتسببة فى الطفرة المرضية فى حين أن الباقى منها صحيح.

ودأب الطبيب على التغلب على أمراض الميتوكوندريا باستخدام ما يسمى بـ»تقنية ثلاثية الآباء»، ومن الناحية النظرية فهناك عدد قليل من الطرق تمكنه من القيام بهذه العملية، التى تعتمد على نقل نواة الحيوان المنوى، أو البويضة، خلال عملية التخصيب «التسميد المعتمد على كل من بويضة الأم والبويضات المانحة مع الحيوانات المنوية للأب».

وقبل أن تبدأ البويضة الملقحة تقسيمها إلى الأجنة فى مرحلة مبكرة، يتم إزالة كل نواة، ويتم تجاهل النواة من بويضة المتبرع «المخصبة»، التى تحل محلها البويضة المخصبة من الأم، أى نأخذ نصف الكروموسومات من الأم والأب فى البويضة المخصبة، والجزء الآخر «السليم» من المتبرعة.

هذه التقنية لم تكن مناسبة لزوجين مسلمين، فهما يعارضان تدمير اثنين من الأجنة للحصول على جنينهما، وبالتالى أخذ تشانج نهجًا مختلفًا، يدعى «نقل المعزل النووى»، أى إزالة نواة من أحد بويضات الأم وإدراجها داخل البويضة المانحة، التى كان قد أزال جزءًا من نواتها مسبقًا، من ثم جاءت البويضة المخصبة مع الحيوانات المنوية للأب «البويضة الناتجة» من الحامض النووى للأم والمتبرع.

وسافر تشانج إلى المكسيك للقيام بهذا الإجراء لأنه لا توجد هناك قوانين تحظر ذلك، الأسلوب الذى يأخذ كل الحمض النووى الحيوى من بويضة الأم بالإضافة إلى الميتوكوندريا السليمة من بويضات المتبرع لتكوين بويضة جديدة سليمة يمكن إخصابها بالحيوانات المنوية للأب.

وتكون النتيجة هى أن يحمل الطفل 0.1 فى المئة من حمضه النووى من المتبرع (الحمض النووى للميتوكوندريا) وجميع الشفرة الوراثية لصفات مثل الشعر ولون العين من الأم والأب.

وأكد خبراء أن هذه الخطوة تبشر بعهد جديد فى الطب ويمكن أن تساعد الأسر الأخرى ذات الحالات الوراثية النادرة.

نهج فريق تشانج مستخدمًا تلك التقنية لخلق خمسة أجنة واحدة منها فقط وضعت بشكل طبيعى، وولد الجنين المزروع بالأم بعد تسعة أشهر، بصحة جيدة، وهى الأنباء المثيرة جدًا فى علم الأجنة.

وجاء الطفل باستخدام تقنية الخصوبة حاملا الحمض النووى الطبيعى لأمه وأبيه، بالإضافة إلى قدر قليل من الشفرة الوراثية للمتبرعة .

ويبلغ الطفل من العمر سبعة أشهر ويتمتع بصحة جيدة وهو لأسرة أردنية مهاجرة فى المكسيك.

تداخل الحلال والحرام

وفى هذا السياق، أكد الدكتور حامد أبو طالب عضو مجمع البحوث الإسلامية بالأزهر، فى فتواه أن الإنجاب بهذه التقنية الحديثة قضية مستحدثة ولم يسبق للفقهاء مناقشتها، ولهذا فإن حكم الشرع لا بد أن يكون بعرضها على المجامع الفقهية التى تضم فقهاء وأطباء يقومون بمناقشة القضية بمختلف تفاصيلها حتى يتم الوصول إلى الحكم الشرعى السليم، الذى يستند بشكل أساسى على ما يشرحه الأطباء لتفاصيل العلاج الطبى الجديد باعتبارهم أهل التخصص الذين أمرنا الله تعالى بسؤالهم فى القضايا الطبية التى لا نعلم تفاصيلها الدقيقة فى قوله تعالى: “وَمَا أَرْسَلْنَا مِن قَبْلِكَ إِلَّا رِجَالًا نُّوحِى إِلَيْهِمْ فَاسْأَلُوا أَهْلَ الذِّكْرِ إِن كُنتُمْ لَا تَعْلَمُونَ” (آية 43 سورة النحل).

وأشار أبو طالب إلى أن “القضية شائكة ويتداخل فيها الحلال والحرام، فالحلال هو تحقيق رغبة الوالدين فى التداوى والإنجاب تنفيذاً لقول رسول الله صلى الله عليه وسلم: “إِنَّ اللَّهَ أَنْزَلَ الدَّاءَ وَالدَّوَاءَ وَجَعَلَ لِكُلِّ دَاءٍ دَوَاءً، فَتَدَاوَوْا وَلاَ تَدَاوَوْا بِحَرَامٍ”. وكذلك قوله صلى الله عليه وسلم: “لِكُلِّ دَاءٍ دَوَاءٌ، فَإِذَا أُصِيبَ دَوَاءُ الدَّاءِ بَرَأَ بِإِذْنِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ”.

وتابع: “أما الجانب الحرام فهو وجود طرف ثالث فى الإنجاب وهو المتبرع ولو بنسبة ضئيلة جدا، مما يعنى أن عملية الإنجاب ثلاثية وليست ثنائية من أب وأم وهذا أمر عليه محاذير شرعية”.

وأوضح الدكتور حامد أبو طالب أن القضية ذات أوجه عديدة ويختلط فيها الحلال بالحرام ولهذا يجب عرضها على المجامع الفقهية لإصدار فتوى بناء على اجتهاد فقهى جماعى مستند إلى شرح طبى لتكون الفتوى فيها بالحلال باعتبار أنها ضرورة قصوى والضرورات تبيح المحظورات، إلا أن دخول طرف ثالث بأى شكل أمر مرفوض شرعا محافظة على نقاء الأنساب تماما وعدم السماح بأى تداخل ولو بنسبة صغيرة جدا”.

وأنهى عضو الأزهر توضيحه، مؤكداً أنه “طالما هناك شبهة شرعية فإننى أرى تجنبها”، وذلك لقول رسول الله صلى الله عليه وسلم: “الْحَلالُ بَيِّنٌ، وَالْحَرَامُ بَيِّنٌ، وَبَيْنَهُمَا مُشَبَّهَاتٌ لا يَعْلَمُهَا كَثِيرٌ مِنَ النَّاسِ، فَمَنِ اتَّقَى الْمُشَبَّهَاتِ اسْتَبْرَأَ لِدِينِهِ وَعِرْضِهِ، وَمَنْ وَقَعَ فِى الشُّبُهَاتِ كَرَاعٍ يَرْعَى حَوْلَ الْحِمَى يُوشِكُ أَنْ يُوَاقِعَهُ، أَلا وَإِنَّ لِكُلِّ مَلِكٍ حِمًى أَلا إِنَّ حِمَى اللَّهِ فِى أَرْضِهِ مَحَارِمُهُ، أَلا وَإِنَّ فِى الْجَسَدِ مُضْغَةً إِذَا صَلَحَتْ صَلَحَ الْجَسَدُ كُلُّهُ، وَإِذَا فَسَدَتْ فَسَدَ الْجَسَدُ كُلُّهُ ، أَلا وَهِيَ الْقَلْبُ”. وقوله كذلك “دع ما يريبك إلى ما لا يريبك”.

وختم قائلاً: “مع احترامنا الشديد لمشاعر الأمومة والأبوة وجهود الأطباء، ومع هذا فالرأى النهائى يكون من خلال الاجتهاد الجماعى للمجامع الف

نصف الدنيا

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى