الأخبار

أخشى عدم قدرة الدولة على الوفاء بالتزاماتها الخارجية

 

89

 

أبدى الدكتور ممتاز السعيد، وزير المالية السابق، قلقه حيال ارتفاع إجمالى الدين العام المحلى، ليتجاوز 2.259 تريليون جنيه بنهاية سبتمبر الماضى، وقال «السعيد» فى حوار لـ«الوطن»، إن تجاوز الدين العام لحاجز الـ2 تريليون جنيه أمر مُقلق وتخطى الخطوط الحمراء، بالإضافة إلى أنه «يمثل عبئاً جديداً على الموازنة العامة للدولة تتحمله الأجيال المقبلة، وينذر بتخلف الدولة عن الوفاء بالتزاماتها الخارجية»، وطالب وزير المالية السابق الحكومة بعدم التوسع فى الاقتراض الداخلى من البنوك، وتوجيه الإنفاق للمشروعات القومية والصغيرة والمتوسطة، بالإضافة إلى ضرورة العمل على ضم الاقتصاد غير الرسمى للمنظومة الضريبية.. وإلى نص الحوار:

وزير المالية السابق: تجاوز الدين العام لحاجز 2 تريليون جنيه تعدى الخطوط الحمراء

■ بداية.. كم يبلغ حجم إجمالى الدين العام المحلى؟

– وفقاً لأحدث تقارير البنك المركزى المصرى الأسبوع الماضى، فإن إجمالى الدين العام المحلى ارتفع إلى 2.25 تريليون جنيه فى نهاية سبتمبر الماضى، مقابل 2.11 تريليون جنيه، فى نهاية يونيو 2015، مسجلاً ارتفاعاً قيمته 143 مليار جنيه، وهذا الدين موزع على 89% مستحق على الحكومة، و0.6% على الهيئات الاقتصادية العامة، و10.4% على بنك الاستثمار القومى.

■ وماذا عن الدين الخارجى؟

– الدين الخارجى لمصر بلغ 46.1 مليار دولار فى نهاية سبتمبر 2015، مقابل نحو 48.1 مليار دولار فى يونيو من نفس العام، ویتكون الدین الخارجى من ثلاثة فروع، الأول المدیونیة الخارجیة متوسطة وطویلة الأجل التى تتحملها الحكومة مباشرة أو مضمونة من قبل الحكومة، والثانى الدیون الخارجیة للقطاع الخاص متوسطة وطویلة الأجل غیر المضمونة، والفرع الثالث من الدين يتمثل فى الدیون الخارجیة قصیرة الأجل.

■ وما أسباب ارتفاع حجم الدين المحلى إلى هذا الحد؟

– لجوء الحكومة إلى الاقتراض من البنوك لسد عجز الموازنة العامة هو السبب فى ارتفاع الدين العام المحلى، خاصة أن الحكومة لا تسدد ما تقترضه، ولذلك فإن إجمالى الدين العام المحلى يرتفع من عام لآخر حتى وصل إلى مستوى قياسى زاد فيه على تريليونى جنيه، ليعادل 91% من إجمالى حجم الناتج القومى.

■ ومنذ متى بدأت أزمة الدين المحلى؟

– أزمة الدين المحلى بدأت تتفاقم منذ عام 2005، وزادت بعد أحداث ثورة 25 يناير 2011، بطرح سندات الخزانة من قبل الحكومة.

■ ما خطورة تفاقم هذا الدين؟

– الأمر مقلق جداً، ويمثل خطورة كبيرة على الأجيال المقبلة، حيث إن استمرار هذا الوضع بمثابة كارثة، وتخطى الخطوط الحمراء، ويمهد لعدم قدرة الدولة على سداد التزاماتها الخارجية للدول والمؤسسات المالية الدولية، فاتجاه الحكومة للاقتراض بالشكل الحالى التوسعى يعد أمراً مقلقاً جداً، إذ إنها تقترض فقط لمجرد سد العجز، والخطر الكبير يتمثل فى مصروفات فوائد الدين العام المقدرة بحوالى 244 مليار جنيه، أى ما يمثل حوالى 28% من إجمالى الإنفاق العام، وتفاقم الدين العام فى مصر لأكثر من 95% حالياً يعنى أن الدولة لن تستطيع الوفاء بالتزاماتها، نظراً لسوء أوضاعها الاقتصادية، فالموازنة متخمة بالأعباء، خصوصاً أن أكثر من 26% من نفقاتها توجه للأجور و28% لخدمة الدين وفوائده، وأكثر من 25% للدعم، مما يعنى أن جزءاً ضئيلاً للغايه يوجه لكافة النفقات الأخرى شاملة الاستثمارات.

■ هل ضم الاقتصاد غير الرسمى كفيل بحل الأزمة؟

– بالطبع، ولو تم حصره وفرضت عليه الضرائب سيسهم ذلك فى تقليل عجز الموازنة العامة، وعلى الحكومة الاعتماد على الشعب المصرى فى تخفيض الدين المحلى.

■ وما الحل من وجهة نظرك؟

– الاقتصاد فى حاجة لزيادة معدلات الإيرادات، واستغلال سندات الخزانة فى الاستثمارات وزيادة معدلات الإنتاج بدلاً من اقتصار دورها على سد العجز فى الموازنة، ويجب على الحكومة التركيز على تحصيل المتأخرات الضريبية المستحقة على الجهات الحكومية، مثل قناة السويس والبنك المركزى وغيرهما، وكذلك العمل على زيادة وتنويع الإيرادات، حتى لا يتم تحميل الأعباء على المواطنين، وتحديداً الفئات الفقيرة ذات الدخل المنخفض، واتخاذ تدابير وإجراءات تقشفية والعمل على زيادة الإيرادات وترشيد النفقات، والتوزيع العادل للضرائب، وقد آن الأوان لضم الاقتصاد غير الرسمى إلى الدولة، فهناك أكثر من 60% من النشاط الاقتصادى فى مصر غير مسجل، وبناء على ذلك لا يوجد على أصحابه أى التزامات تجاه الدولة، وأدعو الحكومة للعمل على ترشيد النفقات العامة وزيادة الإيرادات، للحد من ارتفاع فاتورة الدين العام فى مصر، لأن استمرار ارتفاع الدين العام الخارجى والداخلى فى الاقتصاد القومى لا يمكن استمراره، خصوصاً أنه إرث ثقيل يمكن تركه للأجيال المقبلة دون أن يكون له دخل فيه، ثانياً أن تخضع الموازنة العامة وقانونها المنظم لإعادة نظر، لأن ارتفاع الدين العام يؤثر على الطبقات الفقيرة بشكل مباشر ورئيسى، ثالثاً توجيه الأموال المقترضة للإنفاق لتمويل المشروعات القومية، بما يساعد على دوران رؤوس الأموال وزيادة معدلات النمو وتراجع البطالة وتحسين مستوى معيشة الأفراد، وكذلك توجيه أموال القطاع المصرفى لتنمية المشروعات الصغيرة والمتوسطة مع الإصلاح التدريجى للتشريعات لجذب الاستثمارات وتفعيل مبادئ الحوكمة وإلزام وزارة المالية بالإفصاح والشفافية عن بيانات الموازنة العامة، وحل مشكلات الاختلالات الهيكلية وتفعيل دور الرقابة عليها، وأخيراً ضرورة إجراء إصلاحات ضريبية شاملة وتفعيل ضريبة القيمة المضافة للحد من ظاهرة التهرب الضريبى وزيادة الإيرادات العامة للخزانة الحكومية.

سندات وأذون الخزانة

السبب الرئيسى فى ارتفاع فاتورة الدين العام إلى أكثر من 2 تريليون جنيه، هو توسع وزارة المالية فى إصدار سندات وأذون الخزانة لحل أزمة عجز الموازنة العامة، وتلك الخطوة تعد بمثابة مزاحمة للقطاع الخاص فى الحصول على أموال البنوك وتوجيهها لسداد العجز، بدلاً من الاقتراض بهدف الاستثمار وإقامة المشروعات، وذلك النوع من الاقتراض بغرض الاستهلاك وليس الإنتاج، مما يعد عبئاً على الموازنة العامة للدولة ويزيد من حجم عجزها.

الوطن

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى