الأخبار

أزمة كل «عيد»

69

 

فى أشد ساعات اليوم ارتفاعاً للحرارة، وقت الظهيرة، يتوافد الركاب على موقف عبود، يخرجون من محطة مترو الأنفاق، ويستقلون عربات «ميكروباص» صغيرة، توصلهم فى دفعات إلى الموقف، وهناك يتفرق الركاب على الأبواب المختلفة، كلٌ يعرف طريقه، يتوجهون إلى عربات «الميكروباص» التى تحمل 14 راكباً، أو «البيجو» التى تحمل 7 ركاب فقط، ويستقلونها بعدما يسألون عن الأجرة المعتادة، يرفعون حقائبهم ويربطونها، بينما يكتفى البعض بوضع الحقائب على أقدامهم، يجلسون على كراسى ضيقة داخل العربات، وينتظرون توافد باقى الركاب، حتى تمتلئ العربة، ربما يقضون نصف ساعة فى الانتظار، وهم يسمعون المنادى ينادى على الركاب، يفكرون فى عائلاتهم وفى الإجازة التى سيقضونها معهم، ليهون عليهم مرارة الانتظار، والجلسة غير المريحة، وصخب الموقف، وتحمل ارتفاع الحرارة فى نهار رمضان، الذى سيودعونه قريباً، كما يودعون القاهرة، المدينة المزدحمة دائماً بالوافدين، سيتركونها فى إجازة العيد فارغة على عروشها لأهلها.

مدير الموقف: نحقق فى شكاوى الركاب.. ومنعنا زيادة الأجرة.. وأتواجد بشكل مستمر لرصد سير العمل.. و«تباع»: «الموقف بلا أمن صناعى.. ولو عربية واحدة اتحرقت العربيات كلها هتولع»

عدد من المسافرين يحملون عوامات أطفالهم، وألعاب مبهجة الألوان بالإضافة لعدد من الحقائب، ويتوجهون إلى لافتة مكتوب عليها «رأس البر»، ويقول نسيم فريد، الرجل الأربعينى، إنه اعتاد قضاء إجازة العيد مع أسرته فى مصيف رأس البر، كى يهربوا من «خنقة» القاهرة على حد وصفه، وأضاف قائلا: أعرف خدع السفر جيداً، ولذلك أسافر فى ذلك الموعد قبل الإفطار، وقبل ليلة العيد، أسرتى سبقتنى إلى المصيف، وتأكدت من وصولهم بالسلامة، ولم يكن من الصعب علىّ أن أتحرك اليوم، لأنى أعمل «عمل حر»، صاحب متجر، ولذلك لا أرتبط بالإجازات الرسمية التى تبدأ يوم الجمعة، أما الطريق إلى رأس البر، فيكون مفتوحاً على الدوام، أى لا يوجد أى زحام مرورى، ولكن ما ننتظره الآن، أن يتقدم مزيد من الركاب، حتى يكتمل العدد، ونبدأ فى التحرك. وختم نسيم كلامه قائلاً «ربنا يعين الناس على السفر والصيام». أحمد محمد، 28 سنة، سائق ميكروباص، يقول فى نبرة شديدة الغضب: «الحال واقف، بسبب العربيات اللى بتحمل من أى حتة، لسه العربيات بتشتغل فى رمسيس وبتطلع بالركاب من الشوارع الجانبية، يعنى اللى يمشى سليم فى البلد دى ما يقدرش يعيش»، وأضاف أحمد مؤكداً أنه قضى ليلته فى الموقف، حتى صبيحة اليوم التالى، وكل ذلك الانتظار حتى يأخذ دوره فى تحميل عربته الميكروباص ولكى يخرج بها من الموقف، وبالرغم من أن ذلك موسم، وينتظره كل عام حتى يعود بأموال وهدايا لأسرته، ولكنه تفاجأ بأن الرزق قليل، وبأن أغلب الناس يركبون عربات غير تابعة لأى موقف، تتحرك بهم من جوار محطة مترو كلية الزراعة، حيث يفضل الركاب استقلال تلك العربات، لأن موقف عبود يعتبر بعيداً بالنسبة لهم، حيث يصعد الركاب من محطة المترو، ويضطرون لركوب مواصلة ثانية، لتوصلهم أمام الموقف. بينما قاطعه عم محمد، التباع 58 سنة، قال إنه يعمل فى الموقف منذ 22 سنة، مرت عليه مواسم سعيدة، حافلة بالركاب والمسافرين. هذا العالم يعرفه جيداً، فقد قضى فيه معظم حياته، ولكنه يشتكى الآن من أن الحال واقف على غير المعتاد، وأنه يقضى نهاره ينادى على الركاب، ولكن جاءت شكواه الأهم قائلاً: «مفيش أى أمن صناعى موجود فى الموقف، ولا أى حماية من الحريق، يعنى لو عربية واحدة ولّعت، كل العربيات دى هتولع ورا بعضها، وهتبقى مصيبة، المفروض يهتموا بالأمن الصناعى، لأن ده حماية للناس من الأذى والكوارث»، وختم كلامه قائلاً: إحنا مستنيين ليلة العيد، وإن شاء الله ربنا هيفرجها علينا على الآخر، ومش هنلاحق من كتر الركاب».

ويقول النقيب رضا محمد فضل، مدير موقف عبود: «عملنا على توفير كافة العربات، لتلبية حاجات المسافرين، ونقلهم بالسلامة لقضاء إجازة العيد مع أقاربهم وذويهم، كما فتحنا الباب لدخول عربات من خارج الموقف، تناسباً مع موسم الأعياد، وسفر الناس بأعداد كبيرة، وتحسباً لوجود أى زحام مرورى على الطريق، فيجب أن نتفادى ذلك بتوفير عربات بصفة مستمرة للركاب، كما أملينا على أصحاب تلك العربات، اللوائح وكافة الشروط، من توحيد سعر أجرة الراكب، والالتزام بأخلاقيات الموقف، والتعامل الجيد مع الركاب، والحصول على كافة بيانات تلك العربات، لأن نقل الناس والحفاظ على متعلقاتهم مسئولية، كما نتوقع توافد عدد أكبر من الركاب يوم وقفة العيد، وخاصة فى توقيت بعد الإفطار، حيث تبدأ إجازة العيد الرسمية، أما طبيعة الركاب المتوافدين على الموقف خلال اليومين قبل العيد، فهم ركاب أغلبهم يعملون فى القاهرة ويعودون فى إجازة إلى ذويهم فى كافة المحافظات، أو رحلات صيفية حيث يتوجه عدد من الأسر والأهالى إلى المصايف، خاصة أن إجازة العيد جاءت فى أشد الشهور ارتفاعاً فى الحرارة فى فصل الصيف هذا العام، فتتحرك العربات إلى رأس البر وجمصة وغيرها من المصايف».

أما من حيث التعامل مع تجاوزات أى من السائقين، يقول النقيب رضا: «أوجد بشكل مستمر، لرصد سير العمل فى الموقف، والوقوف عند أى تجاوز، بالإضافة لاستقبال شكاوى أى من المواطنين، وأنصح الركاب والمواطنين بعدم الاشتباك مع السائق لفظياً تحت أى بند، وليس على المواطن سوى أن يتقدم بشكواه، ويرفقها برقم العربة، وسأقوم بكافة الإجراءات اللازمة بلا تردد، على سبيل المثال أخبرنى أحد الركاب أن سائقاً رفع سعر الأجرة المتفق عليه بـ3 جنيه، وطالب الركاب بدفعها بعدما قاموا بتحميل السيارة 14 راكب، أقل جزاء له هو غرامة تبدأ من 100 جنيه، وتنتهى ب500 جنيه، على ذلك التجاوز وفقاً للوائح، فإذا حاول أن يتكسب نحو 50 جنيهاً بطريقة غير منضبطة أو مشروعة سيدفع غرامة تتصاعد تدريجياً، تبدأ بـ100 جنيه، وعندما يكرر تلك الفعلة أضاعف الغرامة، وإذا كررها للمرة الثالثة أضاعفها مرة أخرى.

 

 

 

 

 

 

الوطن

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى