الأخبار

دولة الخلافة الرقمية يكشف خبايا “داعش”

 

25

 

في إطار انشغال العالم بتنظيم داعش وأفعاله الإرهابية يأتي هذا الكتاب للصحفي العربي عبدالباري عطوان رئيس تحرير القدس العربي وصاحب العلاقات الوثيقة التي تمكنه من تقديم الكثير من التفاصيل والحقائق بشأن التنظيم بعيداً عن الاستنتاجات التي يصل إليها. وتقوم مادة الكتاب، الذي يصدر الشهر الجاري في لندن عن دار الساقي، على جهد بحثي ولقاءات مختلفة عقدها المؤلف مع قادة من تنظيم الدولة الإسلامية خلال زياراته لمنطقة الحدود السورية التركية، إلى جانب لقاءات عبر شبكة الإنترنت مع عدد من القادة ممن يطلق عليهم القادة الجهاديين.

ومن خلال الغوص في بنية التنظيم يقدم لنا عطوان، وفق المراجعة التي تقدم لكتابه في مجلة «نيويورك ريفيو أوف بوكس» الكثير من المعلومات بشأن نمط قيادة التنظيم وكذلك استراتيجياته وتكتيكاته وأساليبه المختلفة في تجنيد أعضائه من مختلف بقاع العالم. ويتتبع عطوان من خلال الكتاب جذور تفكير أعضاء تنظيم الدولة الإسلامية ومدى ارتباطه بالفكر الجهادي والسلفي والاختلافات الفكرية والأيديولوجية مع تنظيم القاعدة والمنافسة الشرسة والمميتة التي برزت إلى السطح بين أعضاء تلك التنظيمات.

وإذا كانت التوقعات تشير إلى أن أيمن الظواهري يعتبر الخليفة الطبيعي لبن لادن في قيادة تنظيم القاعدة، فإن عطوان يذهب إلى العكس، حيث ظهر حسبه قائداً جديداً خليفة لبن لادن ولكن في تنظيم آخر وهو أبو بكر البغدادي الذي لقب نفسه بأمير المؤمنين.

في تفسيره لأبعاد الازدهار والانتشار الكبير الذي حظي به تنظيم الدولة الإسلامية يشير عطوان إلى أن ذلك جاء بفعل ثورة وسائل التواصل الاجتماعي والتي يجيد أعضاء التنظيم استخدامها بشكل كبير واستطاعوا من خلالها الترويج لفكرهم وتجنيد العديد من الأعضاء بطرق مختلفة. وأما السبب الثاني الذي يقدمه عطوان فهو كبر المساحة التي يسيطر عليها التنظيم والتي تقترب من مساحة بريطانيا وتمتد من شرقي سوريا إلى غربي العراق.

وفي وصفه للتنظيم يقول عطوان إنه بالغ المركزية ومغرق في الحفاظ على النظام، حيث يتمتع الخليفة –الذي يعتبر خليفة للنبي– بسلطات كبيرة وللبغدادي نائبين كان قد شغلا من قبل مناصب في حزب البعث العراقي، إلى جانب مجلس شورى، وإن كان لا يحظى بنفس القوة التي يتمتع بها مجلس الشريعة الذي يصدر الأحكام وخاصة في جرائم الحدود إلى جانب التعزيز بالنسبة لبعض الجرائم. ويشير عطوان إلى أن التنظيم أقام شرطة خاصة لمتابعة تطبيق الشريعة على غرار تلك الموجودة في السعودية –جماعة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر. وينقل عطوان رواية لأحد المواطنين من سكان منطقة تخضع لسيطرة داعش، دون أن يذكر اسمه، أن الجريمة الآن في أدنى معدلاتها بسبب الحسم الذي يتبعه التنظيم في تطبيق العقوبات، وإن لم يقدم المؤلف ما يشير إلى أن ذلك يأتي بسبب خوف من يقدم شهادته أم أن الأمر يعبر عن رؤية حقيقية للأمر على أرض الواقع. ويقدم عطوان رؤية مخالفة من الصعب مناقشته فيها إلا بناء على حقائق تناقض ما يقول حيث يذكر أنه على عكس ما تنشره بعض وسائل الإعلام، فإن الفتيات في ظل حكم داعش لا يتم حرمانهم من التعليم، بل إن المرأة، حسب الكتاب، غير محرومة من قيادة السيارات، حسبما هو معمول به في السعودية.

ويشير «عطوان» إلى الفظائع التي يرتكبها التنظيم ويبثها على شبكة الإنترنت قائلاً إن ذلك يأتي كجزء من رؤى التنظيمات المتشددة التي تنطلق من فكر ديني بامتداد العالم الإسلامي، مشيراً إلى بعض كتابات قياديين في تنظيم القاعدة مضيفاً أنهم في ذلك يتبعون تعليمات الفقيه الإسلامي ابن تيمية الذي كان له تأثير كبير على محمد بن عبدالوهاب وما تبعه من ازدهار الفكر الوهابي المتشدد، حسب رؤية المؤلف.

الكتاب يمثل إضافة مهمة، حيث يقوم على عمل ميداني ويعكس الصلات الواسعة لمؤلفه وإن كانت بعض رؤاه ينبغي أن تخضع للتمحيص والأخذ والرد.

 

 

الوفد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى