الأخبار

ملامح السينما المصرية في عام نصر أكتوبر

35

كانت السينما في عام الحرب 1973 تعيش في معزل تام عن المجتمع وعن الحالة المسيطرة على البلد وقتها، فبعد نكسة 1967 أصيبت جميع المؤسسات بالشلل ورغم ذلك كان هناك إنتاج وفير من الأفلام خاصة أن دور العرض كانت في حاجة إلى العمل والاستمرار حيث تواجد في مصر وقتها ما يقرب من 250 دار عرض، وهو عدد كبير وقتها بالنسبة لعدد السكان الذي كان يصل إلى 35 مليون نسمة تقريبا.

اتسمت هذه الفترة بالحرية في تناول الأفلام لأى موضوعات أو قضايا باستثناء السياسية فلم تجرؤ الأفلام أن تقتحم عالم السياسة بسبب تعقيداتها والصورة الضبابية التي كانت عليها وبسبب ملاحقة الرقابة من جانب آخر، حيث وضعت خطوطا حمراء يجب أن تتوقف عندها الأفلام، وكانت خاصة بالسياسة بخلاف ذلك لم يكن المجتمع مهيأ لاستقبال هذه النوعية من الأفلام كما هو الحال عليه الآن، فسيطرة السياسة على المشهد لوقت طويل منذ اندلاع الحرب أدت إلى حالة نفور مجتمعى من السياسة خاصة في الأعمال الترفيهية، علما بأن الأفلام التي تنتقد النظام أو تتعرض للصراع العربى الإسرائيلى ستتعرض للمنع فتعامل السينمائيون مع الوضع العام بطريقة «الباب اللى يجيلك منه الريح.. سده واستريح».

أفلام السينما المصرية فى عام النصر

شهدت هذه الفترة إقبالا من السينمائيين على تقديم الموضوعات الرومانسية والكوميدية وكان معظمها يعتمد على الإيحاءات والمشاهد الجنسية الصريحة، مثل أفلام «ذئاب لا تأكل اللحم» بطولة ناهد شريف وعزت العلايلى وتأليف وإخراج سمير خورى وهو الفيلم الذي تم تصويره في الكويت وظهرت فيه ناهد شريف عارية تماما في أحد المشاهد وقد تصدر أفيش الفيلم لقطة لناهد وهى تجلس على السرير بجانب عزت العلايلى.

ومن أفلام العام أيضا «امراة سيئة السمعة» لشمس البارودى ومحمود ياسين وإخراج هنرى بركات وهو الفيلم الذي تصدر أفيشه قبلة حارة بين بطلى الفيلم كنوع من الترويج له وأيضا لقطة لبطل الفيلم وهو عار ويجلس على السرير.

ومنها «ملكة الحب» لحسين فهمى وعادل أدهم وناهد يسرى وإخراج روميو لحود وقد تصدر أفيشه صورة للبطلة وهى تبرز جزءا من صدرها، وفيلم «نساء الليل» بطولة ناهد شريف ونيللى وحسن يوسف وكمال الشناوى وإخراج حلمى رفلة، وفيلم «المراة التي غلبت الشيطان» إخراج يحيى العلمى وبطولة شمس البارودى ونور الشريف وعادل أدهم، وفيلم «بنات آخر زمن» بطولة إيهاب نافع ونادية أرسلان.

أفلام السينما المصرية فى عام النصر

هذا الأسلوب السينمائى لم يكن نوعا من الإفلاس وفقط، لكنه كان وسيلة لجذب الجمهور لدور العرض واستغلال حالة المجتمع وقتها وكانت معظم الأفلام التي تعتمد على الجنس تحمل أسماء بعض المخرجين اللبنانيين وكانت تصور أيضا خارج البلاد خاصة أن السوق كانت مفتوحة أمام هذه الأفلام وكان تصويرها يجرى دون رقابة حيث تم تصوير معظمها ما بين بيروت وتركيا حتى إن انحسار السوق المصرية وتراجع بعض المؤسسات عن الإنتاج مثل مؤسسة السينما التي توقفت عام 1971 أدى إلى تشتت عدد من صناع السينما وهروبهم إلى قبرص واليونان ولبنان للتعاقد مع شركات أجنبية وتقديم هذه النوعية من الأفلام، ومن هؤلاء النجوم حسين فهمى وعزت العلايلى وناهد شريف وناهد يسرى وشمس البارودى ونبيلة عبيد والكاتب عبدالحى أديب وآخرين للبحث عن لقمة رزق خارج حدود البلاد وقد حققت هذه الأفلام نجاحا كبيرا على مستوى شرائط الفيديو، خاصة أن بعضها كان يواجه تقطيعا قبل عرضه سينمائيا وكانت هذه الأفلام تمثل نوعا من التخدير للشعب الذي يبحث عن المتعة في أي مكان ووصل حجم الإنتاج السينمائى عام 1973 45 فيلما تقريبا واستطاعت بعض هذه الأفلام أن تحقق إيرادات جيدة ومنها «البحث عن فضيحة» لعادل إمام وسمير صبرى وميرفت أمين وضمت قائمة أفلام هذه الفترة فيلم «أبوربيع» لفريد شوقى و«شلة المراهقين» بطولة ميرفت أمين وإخراج نيازى مصطفى و«شلة المشاغبين» إخراج محمد سلمان وبطولة عادل إمام وسعيد صالح ويونس شلبى، و«شلة المحتالين» وإخراج حلمى رفلة وبطولة فؤاد المهندس ومحمد عوض، و«شمس وضباب» بطولة زبيدة ثروت ومحمود المليجى، و«عاشق الروح» إخراج أحمد ضياء الدين بطولة نجلاء فتحى وحسين فهمى، «غرباء» لسعد عرفة وبطولة سعاد حسنى وشكرى سرحان إضافة إلى «مدرسة المراهقين» و«مدرسة المشاغبين» و«أبناء للبيع» لنيازى مصطفى، وكان آخر عمل يشارك فيه إسماعيل ياسين وعرض قبل الحرب مباشرة وبالتحديد في 17 سبتمبر من العام نفسه.

وفى المقابل لم تلتفت السينما إلى الحرب وتقترب منها إلا بعد نجاح الجيش المصرى في حسمها خلال الساعات الست الأولى وعبور قواتنا المسلحة للقناة واقتحام خط بارليف وبعدها بعامين قدمت أعمالا نجح القليل منها في تقديم صور وموضوعات من جبهة القتال مثل أبناء الصمت لمحمد راضى والرصاصة لا تزال في جيبى لحسام الدين مصطفى والوفاء العظيم وبدور لنادر جلال والعمر لحظة لمحمد راضى أيضا ورغم محاولات مضنية بذلها عدد من السينمائيين لتقديم موضوعات جديدة معاصرة يؤرخون بها لانتصارات أكتوبر لكن حتى الآن لم يظهر عمل نجح في تقديم صورة حقيقية عن ملحمة النصر الخالدة.

 

المصرى اليوم

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى