الأخبار

وفاة العشرات صعقا بالكهرباء

98

أعلنت وزارة الصحة العراقية، أن69 شخصا لقوا مصرعهم في البلاد على مدار الأسبوعين الماضيين، إما بسبب شبكة الكهرباء الرديئة أو الأمطار الغزيرة التي غمرت منظومة الصرف أو كليهما.

وأضافت الوزارة، أن كثيرين توفوا في منازلهم، بينما كانوا يخوضون في المياه التي أغرقت الطوابق الأولى للمنازل، فيما تعرض آخرون، بينهم الشقيقتان القريشي، للصعق بالكهرباء في شوارع المدينة، حيث سقطت أسلاك الكهرباء الرديئة، التي تم مدها على عجل، بينما كانت مرتبطة بمحطة الكهرباء البلدية وشبكة من المولدات.

يقول شقيق الفتاتين الأكبر محمد القريشي، أنه بحث في شريط مصور لدائرة تلفزيونية مغلقة، ليجد ما وقع عند الساعة 12:30 من 31 أكتوبر الماضي، حيث ظهرت شقيقتاه في الشريط، وهن يحملن أكياس القمامة عبر الحديقة إلى الشارع.

فاطمة (14 عاما) كانت ترتدي فستانا أزرق اللون، ورسل (15 عاما) كانت ترتدي ملابس فيروزية اللون، وعند زاوية من بيتهما فيما كانتا يسرن في الشارع الذي غمرته مياه الأمطار ببغداد، حتى صعقهن التيار الكهربائي وتوفين في الحال، فاطمة أولا ومن ثم رسل التي هرعت لإنقاذ شقيقتها.

يضيف القريشي: “هاتان هما شهادتا وفاتهما”، حاملا ورقتين رقيقتين تشيران إلى أن سبب الوفاة هو الصعق بالكهرباء، لكن “السبب الحقيقي للوفاة هو وزارة الكهرباء والمجلس البلدي”، على حد قوله.

تصل الكهرباء إلى معظم شوارع بغداد لفترة تمتد من 9 إلى 14 ساعة يوميا، وبينما بدأ فصل الشتاء المطير في العراق للتو، ازدادت حصيلة القتلى جراء الطقس بالفعل عن حصيلة العام الماضي، حينما قتل أقل من 60 شخصا صعقا بالكهرباء، وسط أمطار غزيرة على نطاق واسع.

وقال مسؤول في بلدية بغداد -تحدث شريطة التكتم على هويته كونه غير مخول بالحديث إلى الإعلام-: “لا نتوقع مزيدا من القتلى بسبب الصعق بالكهرباء، نتخذ التدابير اللازمة للسيطرة على الأمطار وتحسين البنية التحتية”.

كانت البنية التحتية غير الملائمة، أحد أسباب الاحتجاجات واسعة النطاق التي اجتاحت البلاد الصيف الماضي، ونجحت في الضغط على رئيس الوزراء حيدر العبادي لاقتراح إصلاحات ساحقة، لكن في الأشهر التي تلت الاحتجاجات، تعثرت إصلاحات حكومية كثيرة في البرلمان، فيما تراجعت وتيرة الاحتجاجات، لكن غضب الرأي العام لم يتراجع.

ومع انتشار أنباء وفاة فاطمة ورسل في مواقع التواصل الاجتماعي، تبع ذلك مشاعر مفعمة بالتعاطف والغضب، حيث كتب أحد سكان بغداد في تعليق ساخرا: “عندما كان الناس يعانون من حرارة الصيف، كانت الحكومة لا تمدنا بالكهرباء، وعندما وفرتها قتلتنا”.

وقال محمد وعائلته، إنهم يعرفون حالات أخرى لأشخاص صعقوا بالكهرباء بعد هطول أمطار غزيرة، وأنهم سمعوا تحذيرات، لكنهم لم يكونوا يأخذونها على محمل الجد.

واضطرت الأسرة إلى مغادرة منزلها في حي الغزالية شمالي بغداد، بعد تلقي تهديد بخطف أحد أبنائها عام 2010، وفي منزلهم الجديد بحي الكرادة، بدأوا يتلقون تهديدات بالقتل من ميليشيا محلية قبل نحو عام، وكان ذلك بعدما ثبت محمد كاميرات أمنية حول منزله، ولم يكن يتخيل أنها ستكون أداة لوثيق مقتل ابنتيه.

وقال محمد، وهو طبيب متخصص في أمراض الدم، إن حادث وفاة ابنتيه جعله يفكر للمرة الأولى في مغادرة العراق، مضيفا “نحن لا نقتل على أيدي (داعش) فقط، الحكومة أيضا تقتل شعبها”.

وفي غرفة نوم فاطمة ورسل، لا تزال كتبهما مكدسة على مكتب صغير في زاوية، حيث كانا يسجلان جداول الحصص المدرسية الأسبوعية على الجدران، وأمسكت نغم، شقيقتهما الأكبر سنا، برزمة من الورق وهي تتحدث، وقالت: “كانتا تحبان المدرسة أكثر منا، كانت رسل تريد أن تصبح طبيبة، بينما طمحت فاطمة في أن تكون معلمة.” وأضافت “كانت فاطمة تقول إنها ستملأ فصلين دراسيين كاملين بالطلاب”.

وفي غرفة معيشة العائلة، جلس محمد على أريكة أسفل صورتي ابنتيه، وقال: “تجولت في المنطقة الخضراء في نفس يوم وفاتهما، لم أر ولو كمية قليلة من الماء في أي مكان، هل ستفعل الحكومة شيئا لو مات ابن العبادي؟”.

الوطن

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى