الأخبار

“اجتهادات” تثير مخاوف المقيمين في السعودية

5

فلنترك المجاملات والمزايدات في حب السعودية جانباً، بات واضحاً أن الأخيرة ملّت من “الكلام المعسول” وتبحث عن أفعال لبنانية تعالج “الخطأ” الذي ارتكب بالخروج عن الاجماع العربي، ولتبتعد وسائل الاعلام عن “الاجتهادات والتوقعات” بما يمكن أن تقدم عليه السعودية من قرارات تصاعدية جديدة، طالما أن المملكة نفسها لم تتحدث بعد عن أي من الغاء تحويلات أو سحب الودائع المصرفية أو وقف رحلات سعودية أو طرد سفير، فكل ذلك فرض قلقاً لدى اللبنانيين المقيمين في هذه المملكة والخليج عموماً.

“نعم هناك غلطة ارتكبت ومن حق السعودية أن تغضب” جملة صريحة قالها رئيس الحكومة تمام سلام في مقابلة تلفزيونية ويرفض الاعتراف بها وزير الخارجية جبران باسيل ووزراء قوى “8 آذار” ويضاف إليهم وزير الاقتصاد آلان حكيم الذي أثار موقفه الأخير “لبنان لم يخطىء ليعتذر” تساؤلات لدى مصادر لبنانية معنية في السعودية.
وبعد كل ما قامت به قوى “14 آذار” من اجتماعات ومواقف تصاعدية داعمة للسعودية ودول الخليج وعلى الرغم من اجتماع مجلس الوزراء الاستثاني لطوال 7 ساعات لصياغة بضعة اسطر “لا تشفي الغليل”، وعلى الرغم من الزيارات المتواصلة إلى السفارة السعودية في بيروت، يبدو أن قيادة المملكة غير راضية، ما يدفع البعض إلى السؤال: ما المطلوب لتعود المياه إلى مجاريها؟
اعتذار من باسيل؟
“لا تراجع عن القرارات المتخذة التي يمكن أن تتصاعد إلا بتغير ملموس من الحكومة اللبنانية”، هذا ما أكدته المصادر المعنية بعدما لاحظت أن “كلام المحبة والتصريحات الاعتذارية لم تعد ترضي السعودية بل تريد أمراً ملموساً، كزيارة إلى السفارة السعودية، في شكل اعتذار رسمي أو بتغيير قرارات معينة ربما”. هذه المعطيات تؤكد أن الحديث عن زيارة لا تعني اللبنانيين المتمسكين بالعلاقات مع #السعودية أو الذين زاروها خلال الايام الثلاثة الماضية، بل يبدو أن التصويب هو على شخص وزير الخارجية جبران باسيل، خصوصاً أن المملكة لا تحمل رئيس الحكومة المسؤولية فهو لم يترك فرصة إعلامية إلا وعبر فيها عن “ارتكاب الخطأ” وعن دعمه للمملكة.
ما هو المطلوب؟ سؤال طرحته “النهار” على رئيس مجلس العمل والاستثمار في السعودية محمد شاهين فقال: “حصلت اساءة كبيرة وخيبة أمل، بأن بلداً اجنبياً اعتدى على البلد العربي السعودي ولم يقف لبنان الشقيق مع المملكة أمام المحافل الدولية بل ضدها، علما أن حكام ايران أنفسهم أدانوا الاعتداء على السفارة السعودية، لهذا يجب أن نحدد المسؤولية بشخص وزير الخارجية، أما رئيس الحكومة فيرأس 24 رئيس جمهورية”، ويضيف: “المطلوب اعتذار من باسيل ويمكن ترتيب زيارة إلى مقر جامعة الدول العربية يقدم منها اعتذاره علناً إلى السعودية، وهذا ليس ضعفاً بل رجولة وبطولة بالاعتراف بالخطأ”، وتوجه إلى باسيل بالقول: “يا وزيرنا، انت وزير الخارجية والمغتربين ونحن المغتربون، انت مسؤول عن ابعاد الضرر عما يسيء لوزارتك ونحن جزء منها وعندما يصلنا الضرر فيعني  انه يطال وزارتك فلتقدم على ما هو صحيح”.
تأثير نفسي كبير
وتؤكد المصادر اللبنانية في السعودية أن “كل ما تم التداول به من قرارات سواء في شأن سحب الودائع أو ايقاف الرحلات والاستثمارات والتحويلات، سمعنا بها كما سمع بها اللبنانيون ولم يتبلغ أي لبناني بها، وليس هناك حديث بين الاوساط السعودية عن ترحيل لبنانيين ولم تصل أي اشارة رسمية لأي لبناني في شأن ذلك، خصوصاً أن القرار الأول جاء على لسان مصدر مسؤول”.
ولا تخفي امتعاضها من “استغلال القضية سياسياً”، مؤكدة “وجود مخاوف بين اللبنانيين لم يشعروا بها سابقاً”، لافتة إلى “الغلط الواقع في عدد اللبنانيين في الخليج، فعددهم لا يتجاوز 500 ألف لبناني في الخليج ككل، أما في السعودية فيتراوح بين 250 و300 ألف”، وتقول ان “الجالية اللبنانية واقعة تحت تأثير نفسي كبير، منها لاعتبارات جدية ومنطقية وأخرى بسبب الافراط الاعلامي، لكن في شكل عام الامور جدية وتستدعي تصرفاً فعلياً من لبنان”.
وعن امكانية طرد السفير اللبنانية من الرياض تجيب: “كل الأمور واردة، فكل ما يتم التداول به يندرج ضمن تدابير تأخذها الدول بين بعضها عندما تريد أن تعبر عن استيائها”.

3.5 مليارات من السعودية إلى لبنان
يؤكد رئيس مجلس العمل والاستثمار  أن “5 مليارات دولار هي قيمة التحويلات السنوية إلى لبنان من المقيمين في دول الخليج، و3.5 مليارات منها فقط من السعودية وفق احصائيات المصرف المركزي”، مضيفاً ان “اللبنانيين في الخليج لا يمثلون أنفسهم فحسب فهم يمثلون أيضاً عائلاتهم، وبالتالي فإن أي ضرر سيؤثر على ربع أو ثلث اللبنانيين وليس 500 ألف فحسب”.
وفي شأن أي قرارات جديدة، يقول شاهين: “لا أحد يعلم ماذا سيصدر من قرارات إلا الجهات الرسمية السعودية نفسها، وما ذكر في وسائل الاعلام ليس سوى اجتهادات وتوقعات فلا يمكن معرفة القرار إلا بعد صدوره”.

النهار

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى